 |
اختيار أنبا باخوم خلفًا له
إن اختيار القديس الأنبا باخوم بترونيوس ليكون خلفًا له، جدير بأن يكون وحده مكرمة عظيمة، فهذا التفضيل بين كل هؤلاء الرهبان، ومنهم الأقدم منه، ومنهم الممتازون في الفضيلة، يجعلنا نفترض فيه جدارة غير عادية. وإن في ذلك ما يجعلنا تأسف لصمت المؤرخين بشأن التفاصيل عن أعماله، ولو أن القليل الذي قالوه عنه يبين مقار استحقاقه لإعزاز أبيه القديس له.
لقد تجرد تمامًا من محبة العالم. لدرجة انه لم يدخل بيته أبدًا منذ اعتنق الحياة الرهبانية، وقد جذب أخيرًا كل أفراد عائلته إلى هذه الحياة، إذ أن أباه، وأخوته، وأقاربه، وخدامه اقتفوا أثره وكرسوا أنفسهم لله في جالية طابنيسي، وأيضًا أخواته دخلن دير الراهبات الذي كانت تديره شقيقة القديس أنبا باخوم. وبخلاف ذلك، وهب أبوه، وكان يُسَمَّى "بنسيب" Panche، كل ماله إلى المنظمة الديرية، وبالأخص المكان المدعو "طيبو"(1) Thebeu، حيث أسس القديس أنبا باخوم ديرًا من أديرته. وفي النهاية سعدت كل هذه العائلة التقية بالثبات في القداسة وتنيحوا في الحياة الرهبانية التي عاشوها.
وقد قيل عن بترونيوس انه كان ثابتًا في الإيمان، متواضعًا جدًا في حديثه، حريصًا جدًا في كل أعماله الصالحة. ولم يكن يتهاون أبدًا، حتى أثناء مرضه، وكان دائمًا ساهرًا على نفسه.
وكانت محبته مليئة بالوداعة والشفقة تجاه أخطاء الآخرين، وهذا ما جعله يأخذ على عاتقه تغيير أسلوب حياة "سلفان الممثل" (أوسلوانس) Silvain le Comedien، وقد أراد القديس أنبا باخوم أن يطرده من الدير بسبب عبارات الهزل التي كانت تفلت منه كثيرًا، إذ أنه كان معتادًا على هذا الأسلوب وهو في العالم: وبالفعل أصلح الراهب سلفان نفسه تمامًا، وتغير تغييرًا كاملًا حتى صار موضع إعجاب كل الإخوة.
كان بترونيوس رئيسًا لدير "تسمن"(2) Tismen، عندما قضى الوباء على القديس أنبا باخوم وعلى رهبان آخرين كثيرين.
وكان هو نفسه مصابًا بهذا المرض عندما اقتربت وفاة هذا القديس العظيم، فعَّينه ليكون خلفًا له، وأرسل إليه يستدعيه على وجه السرعة. ومع أن المرض قد أضعفه جدًا، إلا أنه لم يهمل إطاعة أوامر أبيه القديس. وعندما وصل إليه وجده قد تنيح.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقد استخدم كل ما تبقىَّ له من قوة في قيادة الرهبان. وكان يستخدم كلمة الله وذكريات تعاليم أنبا باخوم وقدوته. ولكنه لم يعش سوى ثلاثة عشر يومًا في خدمته. وقبل أن يسلم الروح، جمع الاخوة لكي يعرف منهم من الذي يريدونه خلفًا له. فطلبوا كلهم منه أن يختار بنفسه، كما فعلوا مع أبيهم القديس أنبا باخوم، فعين أورسيسيوس وكان حاضرًا معهم، ثم تنيح، فدفنوه في الجبل بالصلوات والاحتفالات المعتادة.
_____
(1) كانت عزبة بمركز دشنا بمحافظة قنا.
(2) بمركز أخميم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/sts-petronius-horsiesius/successor.html
تقصير الرابط:
tak.la/ak4q53m
