وبعد تسعة أشهر، جلس الوالي أرمانيوس على المنصة، فاحضروا المسيحيين الذين أرسلهم حاكم بشاتي كلكيانوس. فلما احضروهم إليه قال لهم: "هل صرتم حكماء حريصين ورضيتم ترك إلهكم الذي قتله اليهود مثل فاعل شر، لكي تخدموا الآلهة الحية التي تعطي السلطان للمملوك، وتقدموا لها الذبائح؟".
وحينئذ صرخوا بفم واحد: "نرفض آلهتك والذين يخدمونهم أنا مسيحيون ونقولها بحرية. ملعون أنت وملوكك! أما ملكنا فهو المسيح". فاغتاظ الوالي غيظًا عظيمًا وأمر بقطع رؤوس الأربعين شهيدًا في مكان واحد. ثم خاطب القديس آبا آري قائلًا:
"أيها الرجل الماكر الشرير مهلك النفوس: بسببك هلك هؤلاء الأربعون رجلًا، وكذلك الستمائة الذين قتلهم كلكيانوس فكيف تدافع عن نفسك في هذا؟ حقًا أنك تستحق الموت، ليس فقط لأنك مسيحي، لكن لأنك أيضًا تشجع الآخرين في هذه الشيعة المكروهة".
وبقلب ملؤه المرارة أمر أن يحضروا كبريتًا وشحمًا في مرجِل وتسخينها، ثم أمر بأن يقيدوا القديس بالآلات ويلقوه به. فصلى القديس قائلًا:
"يا رب لقد اتكلت عليك فلا تسمح أبدًا أن أخزَى، ولا أن يستهزئ بي أعدائي، لأن كل الذين ينتظرونك بصبر لا يخزون، ولكن كل الذين يصنعون الشر باطلا يغطيهم الخزي. يا ربي ان الجهلاء يقولون: "لا إله"، فلذلك أرسل من فوق ذراعك لتخلصني وتحيينى. ليعلموا أنك الله في السماء وعلى الأرض، ولا يوجد آخر سواك. لأنهم أهانوا شعبك وأحزنوا ميراثك. اعطوا خدامك وقديسيك طعامًا لطيور السماء ووحوش الأرض الضارية. سكبوا دماءهم مثل الماء حول كل أورشليم، وليس من يدفنهم".
وإذ كان يقول هذه الكلمات ظهر ملاك الرب وسط لهب النار، فأزاحها وهدأ غليان الكبريت والشحم فتحول إلى نسيم ندى بارد من السماء عند الفجر. ولم يشعر القديس بأي ألم، وكان يرتل ويبارك الله. فلما رأى الوالي ذلك، حزن جدًا وقال: "اخرجوه". فأخرجوه ولم يكن به جرح. فقال له الوالي: "علمنى أنا أيضًا هذا الفن السحرى، حتى أستطيع أن أغلب النار" فقال له القديس الكاهن الشهيد آبا آري:
"إذا كنت تعترف بأن يسوع المسيح هو الإله الحقيقي، فسوف تفهم أن اسمه حقًا هو الذي يخلصنا من العذابات المرة كهذه. لأنه سيد كل الخليقة، والعناصر تطيعه بمخافة لكي تخزيك وتدينك. فإن الأشياء التي لا روح لها تعرف باريها، إني أتكلم عن النار والماء والأرض وما تحويه. اما أنت يا من لك روح عاقلة، فإنك لا تعرف سيدك وخالقك، لذلك سوف تلقَى في النار التي لا تطفأ وفي الظلمة الخارجية، وسوف تعلم وتعترف بلسانك المجدف أن يسوع المسيح هو الإله الحقيقي".
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
فلم يستطع الحاكم أن يناقشه بل قال: "أيها العجوز الشرير الذي وخض الشيب رأسك. هلا تخاف أن تتكلم هكذا بوقاحة عن الآلهة، وأنت تقف في المحكمة. لسوف أعلمك كيف ترد على من لهم السلطة. "وأمر أن يشعلوا أتونًا كبيرًا، حتى أن لهبه ارتفعت عاليًا جدًا، وبعد أن أمر بضرب القديس بأعصاب البقر إلى أن فاضت الأرض بدمائه، أمر أن يوثقوا رجليه ويديه ويطرحوه في الأتون ويغلقوه نهارًا وليلًا.
وبينما كان في الأتون، كان الرب يسوع يحفظه غير متألم، وهر له وعزاء ووهبه مواهب عظيمة: موهبة شفاء كل الأمراض، والسلطان على طرد الشياطين واخراج الأرواح النجسة، حتى كان الناس يرددون اسمه في نذورهم لكي ينالوا طلباتهم من الرب، وكانوا ينالونها. وبعض الذين أضيروا حينما شربوا أشربة سحرية سلموا أنفسهم معترفين بإيمانه وخلصوا في الحال.
قال له الرب: "الذين يكتبون كتاب شهادتك بإيمان، ويحفظون وصاياى، سوف أكتب اسماءهم في سفر ملكوت السموات. من أعطى صدقة للفقراء، سوف أذكره حتى جئت في ملكوتي، ثم علاوة على كل هذا، يكون اسمك مباركًا، وسيطلق أهل بلدك اسمك بفرح على أولادهم. وستبقَى ذِكراك في كل الأجيال القادمة. تشجع! فبعد قليل سوف تكون مع كل القديسين في عالم الأحياء". وبعد أن قال المخلص له ذلك اختفى عن ناظريه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/st-ary-of-shatanouf/fire-cauldron.html
تقصير الرابط:
tak.la/n53anda