يحرمون ذلك، ولو في عملية جراحية خطيرة.
في إحدى المرات كانت ابنة صغيرة في حاجة إلى نقل دم وإلا فإنها تموت. فقال والدها"فلتمت، ولتكن مشيئة الله، ولا نكسر الشريعة!
في الأول كان القضاء الأمريكي ضدهم، حرصًا على أرواح الناس. أما الآن فهناك أحكام كثيرة في صالحهم. حيث يقول القضاة إن الإنسان هو سيد جسده. ويمكنه إن كان سليم العقل أن يمنع بشكل صريح إجراء عملية جراحية له بقصد إنقاذ حياته. والطبيب عندهم لا يرغم المريض على نقل دم له في عملية جراحية، وإلا يقع تحت حكم القضاء. وهناك رأى أعلنته المحكمة العليا في كانساس بأمريكا: بأن القانون لا يسمح للطبيب أن يفرض رأيه بدلًا من رأى المريض بأي شكل من أشكال المكر والخداع. فلا يخدع المريض وينقل له دمًا وهو تحت المخدر. بل رأى الطبيب خاضع لرأى المريض.
والعجيب في رفضهم لنقل الدم أنهم يدعون إن هذه هي تعاليم الكتاب المقدس! بينما كل الآيات التي يعتمدون عليها، إنما تمنع أكل الدم (أي شربه)، وليس نقل الدم عن طريق الأوردة (بالحقن مثلًا).
يعتمدون على قول الرب في (تك 9: 3) بعد رسو الفلك:
"كل دابة حية تكون لكم طعامًا. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع. غير أن لحمًا بحياته دمه، لا تأكلوه".
ومعنى هذا أن الإنسان لا يأكل لحمًا نيئًا فيه دمه، وكذلك لا يشرب الدم كما كان يفعل الهيبز والبيتلز Hippies & Beatles. فشرب أو أكل الدم يقود إلى الوحشية.
يأخذون بعد ذلك ما ورد في (لا 17: 10-14) حيث كُتب:
"كُل إنسان... في وسطكم يأكل دمًا، أجعل وجهي ضد النفس الآكلة الدم وأقطعها من شعبها، لأن نفس الجسد هي في الدم. فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفسكم... وكل إنسان يصطاد صيدًا، وحشًا أو طائرًا يؤكل، يسفك دمه ويغطيه بالتراب... لا تأكلوا دم جسد ما".
وطبعًا كل هذا عن دم الحيوان أو الطير الذي يُقدم ذبيحة لله، أو الذي يؤكل. يمنع الله أكل الدم. ولكن لم ترد وصية عن نقل الدم طبيًا.
كذلك يعتمدون على ما ورد في (لا 3: 17) "لا تأكلوا شيئًا من الشحم ولا من الدم". ولكنهم لا يحرمون أكل الشحم...
ويذكرون ما ورد في (تث 12: 23، 24) "احترز أن لا تأكل الدم... لا تأكله. على الأرض تسفكه كالماء".
وأيضًا ما ورد في (1 صم 14: 32، 34)، حينما أكل الشعب من الغنيمة دمًا مع اللحم. فأخطأوا إلى الرب بأكلهم على الدم.
أضافوا ما ورد في العهد الجديد في (أع 15: 28، 29) عن الوصايا التي يلتزم بها الداخلون إلى الإيمان من الأمم "أن يمتنعوا عما ذُبح للأصنام، وعن الدم والمخنوق والزنا". وقالوا تعليقًا على ذلك أن أكل الدم تساوى مع ذبائح الأصنام والزنا...
وتطور شهود يهوه فقالوا "إن إعطاء الدم في الوريد لم يكن يمارس آنذاك. ولكن مع أن الكتاب لم يناقش مباشرة الأساليب التقنية الطبية العصرية المتعلقة بالدم، فقد توقعها وعالجها في الواقع من حيث المبدأ (!!) إلى أن قالوا إنه لا يوجد ما يميز أخذ الدم عن طريق الفم، وأخذه عن طريق الأوعية الدموية (!!)
وقالوا إن الشخص يمكن إطعامه بواسطة الفم أو الوريد، فيغذونه بالمحاليل مثلًا، ويدخلون إليه الجلوكوز عن طريق الوريد.
وهكذا يرون أن إدخال الدم إلى الجسم -عن طريق الفم أو الأوردة- هو كسر للشريعة الإلهية، حتى لو أدى عدم نقل الدم إلى الموت لهم أو لأولادهم. ولا مانع من أن يموتوا من أجل تنفيذ الوصية. وهنا يشبهون أنفسهم بالشهداء! ويدينون أي طبيب أو مدير مستشفى أو أي شخص آخر ينقل لهم الدم ويحمل مسئوليتهم أمام الله. ويقولون في ذلك:
"يجب على الطبيب أن يعالج المريض وفق ما يمليه دين المريض، ولا يفرض اقتناعاته الخاصة على المريض".
ولا مانع عندهم أن يوقعوا على وثائق قانونية تريح الهيئة الطبية المعالجة من أي قلق، ويقبلون مسئوليتهم الشخصية في ما يتعلق بموقفهم من الدم... ويحمل معظمهم بطاقة موقعة منهم تطلب "لا نقل دم". وهذه الوثيقة تعترف بأن الموقع عليها يدرك ويقبل مضمون رفض الدم. وهكذا إذا كان ليس في وعيه عند نقله إلى المستشفى (في حادث مثلًا)، فإن هذه البطاقة الموقع عليها توضح موقفه الثابت. وقبول شهود يهوه طوعًا لهذه المسئولية يعفى الأطباء قانونيًا أو أدبيًا.
ويعتمد شهود يهوه على الحق البشري في تقرير المصير.
والوثيقة التي يوقعونها بعدم نقل الدم يطلبون فيها عدم نقل دم أو مشتقاته في أثناء الاستشفاء مهما كانت هذه المعالجة تعتبر ضرورية في رأى الطبيب المعالج أو مساعديه لحفظ الحياة أو لتعزيز الشفاء.
ويقولون فيها "أعفى (أو نعفى) الطبيب المعالج أو مساعديه بالمستشفى ومستخدميه من أية نتائج عن رفضي (أو رفضنا) باستعمال الدم أو مشتقاته".. وهذه الوثيقة يجب تأريخها وتوقيعها من المريض والشهود الحاضرين، والقريب اللصيق كرفيق، كالزوج أو أحد الوالدين...
وكما قال رئيس محكمة أمريكي أنه بهذه الوثيقة تكون "إمكانية التهمة الجنائية بعيدة عن الطبيب".
ويقولون "إنه أمر غير أدبي أن الطبيب يخدع المريض، وينقل إليه دمًا بغير رغبته"، "حتى لو كان الدافع هو منفعة المريض".
ويقولون: "إن نقل الدم ضد رغبات المريض، يمكن أن يجعل الطبيب مهددًا بتهم الاعتداء مع الإكراه البدني... أو بسوء السلوك المهني" "وإن ذلك مستقبح جدًا أخلاقيًا: أن يخدع أحدًا ولو لمنفعته" "إن الطبيب له علاقة ائتمانية مؤسسة على ثقة المريض به، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وهو مدين بالتزام مطلق ألا يضلل المريض أبدًا، ولا بالكلمات ولا بالصمت فيما يتعلق بطبيعة ونوع الإجراء الطبي الذي يأخذه على عاتقه.
ويقولون أيضًا: إن رفض المريض قبول نقل الدم، يجب أن لا يستخدم كعذر للتخلي من قبل أصحاب المهن الطبية.
فإن كان الطبيب يرى أن نقل الدم ضروري جدًا لإجراء العملية الجراحية، بينما يرفض المريض ذلك. فلا يجوز في هذه الحالة أن يتخلى الطبيب عنه، بل يبذل كل جهده في علاجه. ويستخدم كل الطرق البديلة... وهم يقترحون بعض نقاط بديلة عن نقل الدم... ومع أن البعض يتهمونهم بمحاولة الانتحار، حينما يكون نقل الدم لازمًا جدًا لعلاجهم بينما يرفضون هم ذلك.
إلا أنهم ينفون عن أنفسهم تهمة الانتحار، قائلين أنهم لا يريدون الموت بدليل قبولهم أية بدائل لنقل الدم... بينما الأطباء لا يجدون بدائل أخرى تغنى عن نقل الدم. ويبقى ذلك مجالًا لدراسة طبية في ما هي تلك البدائل ومدى نفعها للعلاج...
هم يقولون أيضًا أن الإنسان هو سيد جسده، وله الحرية أن يقبل العلاج بنقل الدم أو لا يقبل.
ولكننا نرد على ذلك بأن الإنسان ليس كامل الحرية في التصرف بجسده، فلا يتلفه بالمخدرات أو التدخين أو الكحوليات، ولا يجوز له أيضًا أن يضر جسده بمخالفة القواعد الصحية أو عدم الوقاية من الأمراض بشتى الوسائل المتاحة. كما أن أجسادنا هي وزنة أو وديعة المفروض بنا أن نمجد بها الله كما قال الرسول "مجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 20).
كذلك بالنسبة إلى الأبناء، أجسادهم أمانة في أيدي والديهم.
فمنع نقل الدم إلى ابن مريض -وقد يؤدى ذلك إلى وفاته- لا يستطيع الأب أن يقول: أنا سيد جسد ابني، وأنا حرّ أن أتصرف فيه! أو لي بالنسبة إليه "حرية تقرير المصير"!!
شهود يهوه أيضًا في كراستهم عن الدم، يذكرون المخاطر الصحية التي تنتج عن نقل دم ربما يكون ناقلًا للعدوى.
ويذكرون مثلًا عدوى مرض الالتهاب الكبدي عن طريق فيروس C، أو نقل مرض الإيدز بطريق نقل الدم.
والمفروض طبعًا أن يجرى تحليل دقيق للدم قبل نقله إلى جسد إنسان مريض، وإلا تكون هذه مسئولية الطبيب ومسئولية المستشفى. وهل يمكن بمنطق شهود يهوه أن يمتنع الناس عن معالجة أسنانهم، على اعتبار أن أمراضًا تنتقل بنقل الدم أثناء علاج الأسنان، إن كانت الأجهزة المستخدمة ملوثة لقدمها أو عدم تعقيمها تعقيمًا سليمًا..!
أما عن الآيات الكتابية التي اعتمد عليها شهود يهوه، فهي ليست عن نقل الدم واستبقاء الحياة. ولا يجوز أن نأخذ وصية الله بطريقة حرفية، بل ندخل إلى روح الوصية.
وعلى الرغم من أن الحرف لا يسند معتقدهم إطلاقًا، إلا أن الكتاب يقول "لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيى" (2 كو 3: 6). والكتاب يقول "أريد رحمة لا ذبيحة" (مت 9: 13). وليس من الرحمة أن نعرض إنسان للموت وأن نشكك الناس في علاجهم الطبي ونبلبل أفكارهم من أجل عبارة "لا تأكلوا الدم" بينما هم لا يفعلون ذلك في علاجهم. ولكنه تفسير شهود يهوه الذي يخرج حتى عن الحرف والنص.
· عقيدتهم في رفض نقل الدم وردت أولًا في مقال لهم نُشر في مجلتهم Awake في 22 مايو 1951.
· ثم ظهر لهم كتاب صغير باسم [شهود يهوه ومسألة الدم].
· ونشروا أيضًا كراسة ملونة بعنوان:
[كيف يمكن للدم أن ينقذ حياتكم]
وآراؤهم الموجودة في هذا المقال مأخوذة عن هذين المصدرين الأخيرين.
ونحن نعرض الموضوع على القراء ويسرنا تلقي تعليقاتهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/watchtower/blood.html
تقصير الرابط:
tak.la/dz4r26d