التسبيح هو عمل السارافيم (اش6).. وهو أرقى درجات الصلاة:
حيث ينسى الإنسان ذاته، ولا يطلب أي طلب، إنما ينشغل بالتغني بصفات الله الجميلة، وينشغل بتمجيده... وهذا دليل على محبة الإنسان لله، كما قال داود أيضًا: "محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي".. فكان المرتل الذي بدأ بطلب الرحمة لنفسه، وطلب لها التطهير والغسيل والتنقية والاستقامة والنجاة من الدماء، ما أن يصل الآن إلى الله، إله خلاصه، حتى تتحول مشاعره من الخوف إلى الابتهاج... وينسى نفسه لكي ينشغل بتسبيح الله الذي صنع معه كل هذا الخلاص.
هل اختبرت في صلواتك عنصر التسبيح؟
هل تدربت كيف تتأمل في صفات الله الجميلة، إلهنا الطويل الروح، الكثير الرحمة الجزيل التحنن... إلهنا القدوس الكامل، غير المحدود... الأزلي الأبدي، الذي لا يحد... حسب كثير من صلوات القداس الغريغوري؟.. أم أنت لا تزال منشغلًا بنفسك، لا تقف أمام الله إلا لتطلب طلبًا..!
هل أنت في صلواتك منشغل بالله وملكوته؟.. أم بنفسك؟
" اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره" (متى33:6) هكذا علمنا الرب... أن الإنسان الذي دخل في نطاق الحب الإلهي، يجعل الله بالنسبة إليه هو الكل في الكل (1كو28:15).. ويقول القديس بولس الرسول "فأحيا -لا أنا- بل المسيح يحيا في" (غل20:2).
هل اختبرت عبارة "لا أنا" في صلاتك؟
إن اختبرتها في صلواتك، فلابد ستختبرها في حياتك، فتقول "أحيا، لا أنا".. وإن اختبرتها في حياتك، لا بُد ستختبرها أيضًا في صلاتك... ابدأ إذن في أن تدرب نفسك على بعض صلوات، ولو قصيرة ولو قليلة، تنسى فيها نفسك، ولا تطلب طلبًا سوى ملكوت الله، وتتغنَّى بصفة أو أكثر من صفات الله، فتحدث الله عن ذاته هو، لا عن ذاتك أنت...
وإن لم تستطع، وكنت ثقيل الفم واللسان في هذه الصلوات، اطلب معونة الرب لتدريبك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقل له في صراحة وفي ضراعة "أفتح يا رب شفتي، فينطق فمي بتسبيحك".
يا ليتك تعمل على تكريس شفتيك لله:
وإذا تكرست شفتاك لله، أعنى للحديث معه والحديث عنه، حينئذ سيتخلص فمك من الأحاديث العالمية ومن أخطاء اللسان، ولا ينطق فمك إلا بكلمة حياة. وحينئذ أيضًا ستنمو في صلواتك، وفي حياة التسبيح. وربما يصمت فمك، ليتكلم قلبك مع الله... يصمت مع الناس، ليتكلم مع الله.
وبتكريس الشفتين للرب، تصل أيضًا إلى تكريس الفكر له.
وتصل إلى تكريس القلب أيضًا. وتستطيع أن تقول كما نقول في التسبحة اليومية: "قلبي ولساني يسبحان القدوس". نعم يشترك القلب واللسان معًا، لأن الله لا يريد الشفتين فقط، بل القلب أولًا... وفي تسبيح فمك، تشترك حواسك أيضًا... تخجل من أن تخطئ في جو هذا التسبيح
وبهذا يتكرس الإنسان كله، فمًا وقلبًا وحواسًا وفكرًا.
أن بدأت بالقلب "من فيض القلب يتكلم اللسان" (متى34:12). وهنا تشترك الشفاه مع القلب وتعبر عن مشاعره. وإن كان القلب لم يصل بعد إلى هذا الكمال، تصرخ الشفاه إلى الله، فيرسل المعونة والنعمة التي تقدس القلب والفكر معًا، وتقدس الروح أيضًا. لأنه الله يريد الإنسان من الداخل، ويقول: "يا ابني أعطني قلبك" (أم26:23). وهكذا يقول المرتل:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/thanksgiving-psalm-50/declare-your-praise.html
تقصير الرابط:
tak.la/64h3xjk