(4)
نسبب الخير الذي نلناه إلى مقدارتنا الشخصية، أو إلى من ساعدنا من الناس! أو إلى الظروف المحيطة. وننسى في كل ذلك أن مقدراتنا هي أيضًا موهبة من الله وأنها وحدها ما كانت تستطيع بدون معونة الله وتدخله. كما أن الذين ساعدونا، وهو الله الذي تكلم في قلوبهم من جهتنا. وكذلك فان الظروف المحيطة بنا، لا يمكن أن نفصلها عن التدبير الإلهي...
(5)
عندما نُصَفِّى حساباتنا، تختفي أمامنا النقط البيضاء التي تحتاج إلى شكر، وتقف أمامنا الضيقات والمتاعب! أو نذكرها، ونبالغ فيها، فنتعب... هناك نوع من الناس -للأسف الشديد- لا يفتكر إلا النقط السوداء في حياته. وهكذا -ليس فقط يفقد الشكر- إنما أيضًا تضغط عليه الكآبة، ويملكه الحزن. انه نوع سوداوي. بعكس الذين يعيشون في فرح ورجاء، يذكرون خير الله ونعمته وبركته، في كل وقت، ويشكرون...
(6)
إن القنوع دائمًا يشكر، مهما كان الذي معه قليلًا. أما غير القنوع، أو المحب للكثرة، فانه مهما أعطاه الله، لا يكتفي ولا يشكر! ولا يرضَى عما هو فيه، باستمرار يريد أكثر لذلك لا يشكر!
قد يتحول الطموح عند إنسان إلى طمع، فيفقده الشكر!
هناك خط رفيع يفصل بين هذه الأمور، يلزم الإنسان أن يعرفه، ويحتاط. قد ينجح طالب بامتياز، ويحصل على 90% فيحزن لأنه كان يريد أن يحصل على 95% على الأقل، أو يكون الأول أو من الخمسة الأوائل. المفروض أنه يفرح ويشكر، لأنه نجح وحصل على امتياز. ولا مانع من الطموح إلى أكثر. ولكن ليس على حساب الفرح والشكر.
(7)
والتذمر قد يتحول عند البعض إلى مرض نفسي. فهو دائمًا يتذمر ويحتج ويشكو، مهما كان حاله! لا يعجبه شيء، ولا يرضَى عن شيء. وبالتالي طبعًا لا يشكر... إنه مرض روحي ونفسي واجتماعي، يحتاج إلى علاج...
بعكس ذلك الذي يتعود الشكر، حتى يصبح طبعًا فيه. يشكر الله، ويشكر الناس، ويشكر على كل شيء.
(8)
غير التذمر، وغير الطمع ومحبة الكثرة والنصيب الأكبر...
أمراض مثل القلق واليأس والكآبة والاضطراب والخوف على المستقبل، والخوف عمومًا، وبعض العقد النفسية الأخرى المصاب بمثل هذه الأمراض، من الصعب أن يشكر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أنه باستمرار مهموم وحائر. وان دعوته إلى حياة الشكر، يقول لك في تعجب وفي ضيق (على أي شيء أشكر؟! أما يكفي ما أنا فيه؟!) مثل هذا الإنسان يحتاج إلى علاج...
إن عدم الشكر يتعب النفس. كما أن تعب النفس يبعد الشكر.
الإنسان الشاكر لا يحتاج إلى حبوب مهدئة ومسكنة. سلامه القلبي يغنيه عن كل هذه... أما غير الشاكر، فان نفسيته باستمرار في تعب. وتعبه النفسي يبعده عن الشكر بالأكثر.
(9)
يأتيهم الخير، فيفرحون به. ويقفون عند هذا الحد يفكرون فيمن أرسل الخير إليهم ليشكروه عليه! إنهم للأسف مركزون حول أنفسهم وحول احتياجاتهم. يهمهم قضاء هذه الاحتياجات. أما من يقضيها لهم فلا يفكرون فيه! أليس في هذا نوع من الذاتية؟ أما أنت فلا تتمركز حول ذاتك. وإنما كلما يأتيك خير، انظر إلى مصدر هذا الخير واشكره. لا تكن مثل العشرة البرص الذين فرحوا بالشفاء ولم يرجعوا ليشكروا (لو 17: 12-18) لا تلتفت فقط إلى العطاء، دون أن تنظر إلى المعطى.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/thankfulness/not.html
تقصير الرابط:
tak.la/82kbbb7