يجب أن يعتني الإنسان بوالديه، يعولهما ويهتم بهما، ولا سيما في فترات الشيخوخة أو الضعف أو المرض أو العوز.
لقد وبخ السيد المسيح جماعة الكتبة والفريسيين الذين كانوا يقصرون في إكرام الوالدين بحجة تقديم قربان للهيكل! فقال لهم: "وأنتم لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم. فإن الله أوصي قائلًا إكرام أباك وأمك، ومن يشتم أبًا أو أمًا موتًا يموت. وأما أنتم فتقولون: من قال لأبيه أو أمه قربان هو الذي تنتفع به مني، فلا يكرم أباه وأمه، فقد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم" (مت3:15-6). وهكذا أظهر السيد الرب أن إكرامك أباك وأمك بمالك - حين يحتاجون إليه، أهم من تقديمه قربانًا للمذبح.
وهناك آية قوية جدًا تتعلق بهذا الموضوع وردت في رسالة بولس الرسول الأولى تلميذه تيموثيئوس إذ يقول: "إن كان أحد لا يعتني بخاصته - ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان، وهو شر من غير المؤمن" (1تي8:5).
إذن فكما أهتم بك والداك في صغرك، يجب أن تهتم بهما عندما يكبران، خاصة أن الأب كلما تمر به الأيام، تزيد أعباؤه. كان عنده قديمًا طفل أو طفلان. أما الآن، فقد كثر أولاده، وأصبح عنده أبناء في الجامعة، وبنات يستعد لتجهيزهن للزواج...
وإذ كثرت النفقات، ينبغي أن يتعاون كل أفراد الأسرة من أجل القيام بمصروفات البيت، ولست أقصد بهذا التعاون أنه كلما يتوظف أبن جديد تزداد العناصر الترفيهية في البيت، ويكثر شراء الكماليات وأمور ليس فقط لا لزوم لها، بل قد تكون سببًا لخطية. إنما نقصد بالإعالة الاهتمام الحقيقي بحاجيات الوالدين وحاجيات الأسرة، برًا بهم، وردًا للجميل الكبير الذي لاقاه الابن في تربيته والعناية به حتى أصبح ذا مورد وإيراد.
إن السيد المسيح -حتى وهو على الصليب- لم ينس أمه، فعهد بها إلي تلميذه يوحنا الحبيب، قال له: "هوذا أمك". ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلي خاصته (يو27:19). فمن الواجب إذن أن يعتني الابن بوالديه ويعولهم.
في سني الجوع لم ينس يوسف الصديق أباه وهو أرض بعيدة، بل أرسل إليه يقول: "هكذا يقول أبنك يوسف: إنزل إلي. لا تقف. فتسكن في أرض جاسان، وتكون قريبًا مني أنت وبنوك وبنوبنيك وغنمك وبقرك وكل مالك. وأعولك هناك، لأنه يكون أيضًا خمس سنين جوعًا، لئلا تفتقر.."(تك 45: 9-11).
سمعت قصة وأنا فتى صغير، تروي أن رجلًا كان له أب عجوز، وكان يعتني به ولكن هذا الأب نظرًا لشيخوخته كانت تقع منه أطباق الأكل أحيانًا فتنكسر. فضاق به ابنه وصنع له أطباقًا من خشب حتى لا تنكسر، وكان يضع له فيها طعامه.
وكان لهذا الرجل ابن صغير "حفيد للأب العجوز". وكان يذهب أحيانًا إلي جده فيجد يأكل في أطباق من خشب. فسأل أباه عن السبب. ولما عرفه قال لأبيه في بساطه: "حافظ يا بابا على الطبق الخشب دا كويس، علشان لما تكبر وتبقي زي جدي، أبقي أحط لك الأكل فيه"!! لقد ظن هذا الابن الطفل أن هذا هو النظام المتبع مع الكبار...
حقًا إنه حسبما يكرم الإنسان والديه، سيكرمه أبناؤه فيما بعد.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
قرأت قصة أخرى مؤداها أنه في إحدى المرات غزا جيش الأعداد بلدًا من البلاد وقتل الجنود كل من فيها، وكان هناك في تلك البلدة اثنان من الشبان على معرفة بقائد الجيش الذي غزا المدينة. وكانا قد فعلا جميلًا من قبل أراد أن يرده لهما. فقال لهما: "احملا أثمن ما عندكما واهربا من البلد بسرعة، وأنا أضمن سلامتكم".
فدخل الشابان إلي بيتهما ليحملا أثمن ما عندهما. فحمل الشاب أباه، وحمل الشاب الثاني أمه، وتركا المدينة. كان هذان الوالدان هما أثمن ما عندهما في هذه الدنيا كلها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/tkdqkz5