St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   ten-commandments-1-4
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الوصايا العشر (الجزء الأول): الوصايا الأربع الأولى - البابا شنوده الثالث

16- عبادة المرشدين والآباء

 

6- عبادة المرشدين والآباء:

لقد قال لنا الكتاب "أطيعوا مرشديكم واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم" (ع 13: 17). ولكنه لم يقل "أعبدوا مرشديكم".. لأنه ههنا يواجهنا سؤال له خطورته في الحياة الروحية، وهو:

ماذا إذا إنحراف المرشد؟ هل يلزم الخضوع لها؟

St-Takla.org Image: Eutyches the heretic (380-456), was a presbyter and archimandrite at Constantinople - from "History of the Church and Heretics" book, Volume I, by Gottfried Arnold, Romeyn de Hooghe, Sebastiaan Petzold, 1701. صورة في موقع الأنبا تكلا: أوطاخي المهرطق (أوطيخا، يوتيخوس)، راعي ورئيس دير بالقسطنطينية (380-456) - من صور كتاب "تاريخ الكنيسة والهراطقة"، ج1، تأليف: جوتفرايد أرنولد، رومين دي هوغ، سيباستيان بيتزولد، إصدار 1701 م.

St-Takla.org Image: Eutyches the heretic (380-456), was a presbyter and archimandrite at Constantinople - from "History of the Church and Heretics" book, Volume I, by Gottfried Arnold, Romeyn de Hooghe, Sebastiaan Petzold, 1701.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أوطاخي المهرطق (أوطيخا، يوتيخوس)، راعي ورئيس دير بالقسطنطينية (380-456) - من صور كتاب "تاريخ الكنيسة والهراطقة"، ج1، تأليف: جوتفرايد أرنولد، رومين دي هوغ، سيباستيان بيتزولد، إصدار 1701 م.

لأنه قد ينحرف المرشد أو الآب الروحي، إما في عقيدته، كما إنحرف آريوس وكان قسًا، وكما إنحراف كثير من الأساقفة الأريوسيين والنساطرة، وكما إنحرف اوطاخي وكان رئيسًا لدير... ولا بد أن هؤلاء جميعًا كان لهم أبناء في الروح قبل إنحرافهم. فهل كانت تلزم لهم طاعة وهم فيتلك الحلة من الإنحراف العقيدي؟! كلا بلا شك...

هنا تقف أمامنا آية هامة تحسم الموقف وهي:

"ينبغي أن يُطَاع الله اكثر من الناس" (أع 5: 29).

الواجب إذن أن يطيع الإنسان مرشده وأباه الروحي، ولكن لا يطيعه أكثر من الله! لأن كل طاعة روحية هي طاعة داخل طاعة الله وليس خارجها. ولا يجوز استبدال الطاعة الواجبة نحو الله بطاعة لإنسان، مهما كان هذا الإنسان.

ولكي يوضح الكتاب أن الطاعة اللازمة للأبوة هي طاعة داخل طاعة الله، سجل إحتياطًا واضحًا جدًا في قوله:

"أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب" (أف 6: 1)(1).

الواجب على الأب الروحي والآب الجسدي، كليهما، أن يقود أبنائهما إلي الله. فإذا خرجا عن هذا النطاق، لا تكون لهما طاعة. ولا ينطبق هنا جميع الوصايا الخاصة بالطاعة وجميع القصص المتعلقة بها.

إن كان الأب الروحي يربطك بنفسه وليس بالله، لا يكون أبًا حقيقيًا، ولا تلزم له طاعة.

وإن كانت طاعة الأ الروحي تخرجك عن طاعة الله، فأنت غير ملتزم بها، بل هنا يعد الإلترام بهذه الطاعة خطية...

لذلك كن مطيعًا لأبيك، ولك "في الرب". وفي كل إرشاد تأخذه ضع أمامك الوصية الإلهية، وتذكر قول الرسول يوحنا الحبيب:

"إمتحنوا الأرواح: هل هي من الله.." (1 يو 4: 1).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

الطاعة إذن لا تكون طاعة عمياء، إنما بفهم وإفراز لأن فضيلة الحكمة ينبغي أن ترتبط أيضًا بفضيلة الطاعة...

إن تلاميذ القديس أرسانيوس عاتبوا هذا الأب الروحي العظيم وأنبوه، فقبل ذلك منهم في لطف وإتضاع. والقديس تادرس كثيرًا ما كان يأخذ نفس الموقف من أبيه ومعلمه القديس باخوميوس، سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، فكان المعلم القديس يقبل ذلك في محبة وفي تقدير لابنه الروحي... بل الله نفسه قبل من أبينا إبراهيم قول له: "أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا" (تك 18). وقبل من عبده موسى قول له: "إرجع عن حمو غضبك، إندم على الشر" (خر 32: 12، 14).

أما إن كان أبوك الروحي يطالبك بطاعة عمياء، بلا فهم، ويريح ضميرك من جهة إرشاداته -أو أوامره- فإنه في هذه الحالة يكون قد تأله! ويكون أيضًا قد إحتقر إنسانيتك...

وتكون العلاقة به حينئذ هي علاقة عبادة، وليست علاقة "طاعة في الرب"، وبخاصة إذا ضغط الإنسان على ضميره لكي يطيع، وتعود الضغط على هذا الضمير وإسكات صوته!

الله نفسه لم يعامل الإنسان هكذا، مع كونه إلهًا...

فكيف يتطلب المرشد لنفسه هذا الوضع، وهو مجرد إنسان، وهو أيضًا مطالب بالطاعة لله ولأبيه الروحي، ولمن هو أكبر منه، تمامًا مثل ابنه الروحي...

إن الطاعة التي تحطم النفس من الداخل وتجعل الابن في صراع مع عقله وضميره، ليست هي الطاعة التي يتطلبها الله، وقد خلق الإنسان على صورته ومثاله وشبهه...

والأب الروحي لا يجوز له أن يحطم ابنه معنويًا في صراع داخلي كهذا... وليس في شيء من حنان الأبوة...

لهذا أكرر ما قلته قبلًا: "أطيعوا آباءكم" ولكن لا تؤلهوا آباءكم - ولا تعبدهم، ولا تفضلوا طاعتهم على طاعة الله. وبخاصة إذا كانت الوصية الإلهية واضحة وصريحة... والمناقضة لها واضحة أيضًا وصريحة.

أقول هذا لأن الأبوة -حسب مفهومها الروحي- هي معين لحل مشاكل الأبناء، فلا يصح أن تتحول هي ذاتها إلي مشكلة للأبناء..! يتحرون أمامها ويتساءلون: أيهما نطيع: الآباء أو ضمائرنا.

وينطبق على الآباء هنا -روحيين وجسديين- الرؤساء بوجه عام.

ننتقل إلي نقطة أخرى في الوصية الأولى، وهي:

.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) إقرأ عن هذه النقطة بإسهاب في شرحنا للوصية الخامسة (أكرم أباك وأمك)، في الفصل الثاني، والفصل الثالث، والفصل الخامس.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-1-4/worship-of-mentors-fathers.html

تقصير الرابط:
tak.la/492dfdd