إن رقم 10 يرمز إلي الكمال، لذلك فالوصايا العشر -مع إنها عشر حرفيًا- إلا أنها ترمز للناموس كله، أي إلي جميع الوصايا.
ولنأخذ بضعة أمثلة تدل على كمال الرقم 10:
ففي مثال العشر العذارى (مت 25: 1) نرى أن هذا الرقم كان يرمز إلي العالم كله، إلي جميع الناس صالحين وأشرارًا. ولعل هذا المثل يشبه أيضًا مثل العبيد الذين تركهم سيدهم يتاجرون حتى يجيء. وفي ذلك يقول الكتب عن السيد أنه: "دعا عشرة عبيد له وأعطاهم عشرة أمناء، وقال لهم تاجروا حتى آتي" (لو 19: 13). فهؤلاء العبيد العشرة يرمزون إلي الكل صالحين وأشرارًا. ومن الطريف أيضًا في هذا المثل الأخير أن أكثر أولئك العبي كمالًا هو الذي قال للسيد: "مناك يا سيد ربح عشرة أمناء". فأصبح بهذا يرمز إلي كمال من يتاجر بوزنته ويربح، وأتنظروا أيضًا إلي كمال مكافأته وعلاقتها بهذا الرقم أيضًا: قال له السيد "كنت أمينًا في القليل، فليكن لك سلطان على عشر مدن".
وكون هذا الرقم يرمز إلي الكمال، نراه أيضًا بوضوح في مثل الدرهم المفقود. إذ يقول الكتاب أن: "إمراة لها عشرة دراهم" (لو 15: 8) أضاعت درهمًا. فكانت الدراهم العشرة ترمز إلي كل ما لها. ولعل من هذا القبيل أتت وصية العشور، مفترض أن كل مال الإنسان هو عشرة أجزاء يعطي لله منها جزءًا.
وهذا الرقم أيضًا نراه في قصة دانيال النبي، إذ يقول لرئيس السقاة: "جرب عبيدك عشرة أيام" (دا 1: 12).. فكان رقم 10 هنا هو كمال المدة التي يحتمل فيها الرجل أن يجربهم. ولعل هذا أيضًا يشبه ما قاله يعقوب لامراتيه عن لابان خاله "وأما أبوكما فغدر بي، وَغَيَّر أجرتي عشر مرات" (تك 31: 7)، ويقصد بذلك مرات كثيرة وصلت إلي الكمال في عددها، وليس من الضروري أن تكون عشر مرات بالحرف، وربما يشبه هذا أيضًا قول أيوب الصديق لأصحابه الثلاثة: "هذه عشر مرات أخزيتموني" (أي 19: 3).. ومن هذا النوع توجد أمثلة كثيرة في الكتاب المقدس.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وما نقوله عن الرقم 10 نقوله أيضًا عن مضاعفاته كالمائة والألف.
ففي مثل الراعي الصالح الذي بحث عن الخروف الضال، رمزت عبارة "مائة خروف" إلي جميع المؤمنين (لو 15: 4). ومثل هذا أيضًا ينطبق على قول بولس الرسول: "أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني لكي أعلم آخرين أيضًا، اكثر من عشرة الآف كلمة بلسان" (1 كو 14: 19). ويقصد بهذا كمال ما يقال في التكلم بألسنة، وليس حرفية رقم 10,000. ولعل هذا يشبه ما ذكره الرب عن: "العبد المديون بعشرة آلاف وزنة" (مت 18: 24). ويقصد الخاطئ الذي فعل أكبر كمية ممكنة من الخطايا.
ما دام الرقم 10 يرمز إلي الكمال، فحسن إذن ما ذكره القديس أوغسطينوس من أن هذا الرقم يرمز إلي الناموس كله الذي تمثله الوصايا العشر(1).
فالوصايا العشر إن تأملناها جيدًا نجدها تشمل جميع الوصايا من جهة تفصيلها. أما من جهة تركيزها، فهي كلها تتركز في وصية واحد هي المحبة، كما سنرى...
_____
(1) St. Augustine: Commentary On St. John 21: 11.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-1-4/number-10.html
تقصير الرابط:
tak.la/9t8gdq9