1- الرياء: محب المديح يصير إنسانًا مرائيًا لا يعطى صورة حقيقية عن نفسه. فهو يخفى النقط السوداء التي فيه، ويظهر فقط النقط البيضاء وإخفاء النقط السوداء يتدرج فيه إلى نواح كثيرة وكذلك أظهار النقط البيضاء يتدرج فيه إلى نقط خطيرة وبهذا يقع في عيوب لا تحصى.
2- عدم الاحتمال والغضب: ما دام محب المديح يخفى عيوبه، فبالتالي لا يقبل أن يوجه إليه عيب، فيكون إنسانًا يكره الانتقاد، وإذا أنتقد لا يحتمل. وربما لا يقف فقط عند حد عدم الاحتمال، بل يتطور إلى الغضب والهياج والنرفزة والثورة إلى آخر هذا الطريق، فكيف ينقذه شخص، وكيف يقول عنه كلمة سيئة، وكيف يذكر له عيبًا معينًا؟ ويثور ويضج ويتعب من الداخل ومن الخارج، كما يتعب معه الآخرين أيضًا. وكل هذا بسبب محبة المديح والكرامة. وهنا يجب أن نعلم أن علاج أنواع كثيرة من الغضب، هو إلا يكون الإنسان محبا للمديح ولا للكرامة لان كثيرًا من غضبنا يكون بسبب محبة المديح، إذ لا يحتمل الإنسان كلمة إهانة أو كلمة نقد أو كلمة إساءة.
3- الكراهية: محب المديح يكره من لا يمدحه، وأيضًا يكره من ينتقده، كما يكره من يمدح أمامه غيره.
4- الحسد: محبة المديح والكرامة من الأسباب الأولى الأساسية للحسد. فالحاسد يريد أن يأخذ مركز غيره وهو لا يحب أن يكون غيره أحسن منه.
5- النقد والإدانة والتشنيع والسب للغير: فهو يحب أن يشوه عمل الغير، فيكون جميع الناس أردأ منه وهو فقط الأحسن. أنه يقع في إدانة الآخرين في التشهير بهم كما يقع في السب وما إلى ذلك في انتقاص حقوق الآخرين.
6- وبذلك يخسر محبة الناس: انه لا يحب أحد ولا أحد أيضا يحبه.
7- ومحب المديح يحب المتكآت الأولى: يحب العظمة وهذه المتكآت الأولى يتنازع فيها الناس ويدخل في خصومات وفي مشاكل مع الآخرين. من هو الأول ومن هو الرئيس ومن يكون المتسلط ومن يكون الظاهر، أي إنسان يريد أن يكون هو الظاهر، لابد أن يضعه في الحضيض ويقول عنه رديء.
8- وبذلك يقع في الكذب: لا مانع من كذبه إذا كان الكذب سيوصله إلى الارتفاع والظهور.
9- ويعمل مؤامرات ودسائس: لنزع الظاهرين من طريقة ويبقى هو وحده.
10- ومحبة المديح تؤدى إلى أكثر من هذا:.. تؤدي إلى أن الإنسان يشتهى موت الآخرين لكي يأخذ مكانهم. فيشتهى خراب الآخرين وضياعهم كي يأخذ مركزهم. كأن يكون وكيلًا في عمل وهناك رئيس فيشتهي وظيفة بأية وسيله من الوسائل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فهو يريده أن يخرج من عمله، ويطلب من الرب موته كي يرتقى مكانه، كما يطلب أن يغضب عليه رؤساؤه، أو أن تقال عنه كلمة بطالة، كي يزاح من أمامه فيخلو له المكان. وربما لا يسمح له ضميره أن يضع كلمة في حق هذا الرئيس، ولكنه ينتظر بفارغ الصبر أية كلمة سوء تقال عليه فيسر جدا ويفرح، حتى أو لم يكون منافسه هذا مخطئا، ولا يبرره ولا يدافع عنه مع معرفته عنه أنه غير مخطئ ولا يمكن أن يشهد بالحق الذي في صالحه.
11- ومحبة المديح والكرامة تجعل الإنسان ليس فقط لا يحتمل التأديب والتوبيخ والإهانة، وإنما لا يحتمل كلمة نصح، فكيف ينصحه آخر؟ هل هذا الآخر أفضل منه، أو يفهم أكثر منه، وهو العارف والعالم والناصح والموجه والمرشد؟ بل قد يزداد الأمر فلا يحتمل إنسانًا ينصح آخر أمامه، لان النصح والإرشاد له فقط، فهذه إهانة لكرامته. ويتضايق ويغضب ولا يعرف أحد سببا لذلك، فهو يغلى من الداخل. وإذا سئل عن سبب غضبه، لا يستطيع أن يقول السبب.
وبذلك يكون مشكلة لنفسه للآخرين. وربما إذا سئل غيره في وجوده، أو احترام الناس غيره في وجوده، لدرجة شعر بها أن الاحترام الذي وجه لغيره كان أكثر مما وجه إليه، يتضايق ويتعب في الداخل ولو لسبب بسيط كأن يدخل إنسان ويسلم على غيره باشتياق أكثر أو باحترام أكثر.
فهذا الإنسان محب المديح يصبح متعبا. فهو لا يحتمل الناس، كما أن الناس أيضًا في هذه الحالة لا يحتملونه.
12- ومحبة المديح والكرامة تجعل الإنسان أيضًا غير ثابت: تجعله في وضع متردد لا ثبات له، مبدأ له ولا رأى ولا خطة. لماذا؟ لأنه لا يسير على مبدأ وإنما يسير على هدف المديح فان كان هذا الأمر يأتي بمديح يفعله، وان كان عكسه يأتي بمديح يفعل عكسه.
فهو يتلون مع الناس كيفما كانت صورهم. انه مع الشخص الوقور وقور ومتزن، ومع الشخص المهزار يكون مهزارا. وأين الاتزان الماضي والوقار؟ لقد انتهى، فلكل شيء تحت السماء وقت؟ ومع محب الكلام الكثير يكلمه طول اليوم لكي يمدح، ومع محب الصمت يصمت أيضًا لكي يمدح. وإذًا وجد الحق ودفاعه عنه يعطيه المديح فهو سيدافع عنه. وإذًا كان هذا الدفاع سيغضب الناس فهو لا يقول الحق لئلا يغضبهم فيهرب المديح. أنه يريد المديح وكفى، بأية طريقة وبأية وسيلة، ولا مانع من التلون مع الناس كي يصل إلى المديح. واحد يحب النسك لا يأكل أمامه، وآخر يحب المتعة يقدم له أصنافًا كثيرة على المائدة. يلبس لكل حال لبوسها، ويتخذ لكل إنسان صورة وشكلًا وتصرفًا. أمام إنسان يحب الاتضاع يجلس بوقار في اتضاع ويعمل الأعمال التي يمدح عليها كمتضع، ومع المتكبر يكون في صورته أيضًا لكي يمدح.
هو إنسان ملون لا يثبت على وضع لكي يأخذ المديح. يعيش في شقاء، في تعاسة، يفقد سلامة الداخلي. يشتاق إلى الكرامة. فان لم تأته يتعب ويشقى، وإذا أتته يفرح ويسر. يفرح وقتيًا، ويلازمه الشقاء، لأنه مشتاق إلى كرامة أفضل، ويعيش متعبًا لان الكرامة الأفضل لم تصله. والموضوع لا ينتهي وشقاؤه يظل معه دائما.
13- محب المديح يقع في الغطرسة والعظمة والكبرياء: وهذه تقوده إلى باقي الشرور.
14- وأخيرًا محب المديح يخسر حياته الروحية خسرانًا تامًا: فكل الفضائل التي يعملها تتشوه تشويها كاملًا إذ يدخلها حب المديح فيفسدها. ولا تصبح له فضيلة على الإطلاق، لان كل فضيلة عنده تشوهت بسبب فساد الهدف والدافع إليها هو محبة المديح.
هذا الإنسان مهما تعب ومهما عمل، يقف أمام الله صفر اليدين. ولا جزاء له عند الله، لأنه أخذ أجرته على الأرض إذ يقول له الرب في اليوم الأخير أنك استوفيت خيراتك في حياتك على الأرض من مديح وكرامة وعظمة، ولا تستحق شيئًا عندي في السماء. ما الذي تستحقه؟ هل تعبت وعملت فضيلة؟ ليس من أجل الرب فعلت الفضيلة بل من أجل المديح، من أجل ذاتك، ومن أجل ارتفاعك، فلا جزاء لك عند الله.
وهكذا يخسر هذا الإنسان السماء أيضًا والملكوت الأبدي والله. وفي نزاعه مع الناس ومحبته للكرامة. يخسر الناس أيضًا لأنهم لا يحبون المتغطرس ولا المتعظم ولا المتلون ولا محب المديح بل يتعرض لاحتقارهم وازدرائهم إذا مدح نفسه أمامهم.
قال القديس مار اسحق: من سعى وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها بمعرفة سعت وراءه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/praise/evil.html
تقصير الرابط:
tak.la/7mp8a8r