الفكر ومُحارباته (ب):
محاربات الفكر كما قلنا إما تأتي من الداخل أو من الخارج.
المحاربات التي من الخارج، هي مثل ما حدث لأمنا حواء:
إنسانة بسيطة وهادئة وبريئة، وأتاها الفكر من الخارج، من الحية. أفكار شك مثل:
"أحقًا قال لكما الله أن لا تأكلا...؟ "كلا، لن تموتا"، "يوم تأكلان من الشجرة، تصيران مثل الله، عارفين الخير والشر"... (تك3).
هذا الفكر الذي أتى إلى حواء من الخارج، أتعبها، وذلك لأنها قبلته.
وانتقل الفكر إلى الحواس، ثم إلى القلب.
انتقل إلى الحواس فنظرت إلى الشجرة، بنظرة ليست كما كانت تراها من قبل. فوجدت أن الشجرة "جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وشهية للنظر" (تك1:2).
القلب تغير من الداخل، وكذلك الحواس من الخارج. ولفكر فقد نقاوته، ودفع الإرادة بعيدًا عن الله.
أما أنت: فإن أتاك فكر خاطئ، قاومه.
وكل فكر خاطئ، يوجد أسلوب تقاومه به. فهناك فكر ترد عليه بآية أو بضع آيات، فيهرب منك. وفكر آخر ترد عليه بمشاعر معينة، فلا يثبت أمامك...
ولنأخذ فكر الكبرياء أو المجد الباطل، كمثال:
هذا الفكر يمكن أن تقاومه بأن تتذكر خطاياك، فيخجل من تذكارها فكر الكبرياء. أو أن تتذكر الدرجات العليا التي وصل إليها القديسون، فتشعر أنك لا شيء إلى جوارها. أو أن تقول لنفسك: لو أنني سرت في هذا الفكر، لتخلت عني النعمة وفارقتني، وحينئذ أسقط في خطايا كثيرة، كما قال الكتاب "قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح (أم18:16) أو انك تقول لفكر الكبرياء: هذا الذي أفتخر به، لم أعمله أنا، إنما عمله الله بواسطتي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فإن نسيته إلى نفسي، فسوف لا يعمل الله معي، لئلا يقودني ذلك إلى الافتخار وبهذا أفشل في أداء أي عمل صالح!! وليس هذا من صالحي... وهكذا تجد إن تذكرك لعمل النعمة فيك، يبعد عنك فكر الكبرياء. وبهذه الطرق وغيرها تتخلص منه...
هناك قديسون تخصصوا في التعامل مع الأفكار...
وكانوا مرشدين في أساليب محاربتها. ومن بين هؤلاء القديس مار أوغريس الذي له ميامر (مقالات) عن حرب الأفكار والرد عليها.
ومن وسائل ذلك الرد على كل فكر بآية من الكتاب.
فإن حاربتك أفكار الغضب مثلًا، تضع أمامها قول الكتاب"... لأن غضب الإنسان لا يصنع بِر الله" (يع20:1).
وإن حاربتك أفكار الزنا، تقول كما قال يوسف الصديق "كيف أصنع هذا الشر العظيم، وأخطئ إلى الله؟!" (تك9:39). أو تتذكر قول القديس بولس الرسول "لا تضلوا.لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور، ولا سارقون... يرثون ملكوت الله" (1كو9:6، 10). وأن حوربت بمحبة العالم، تذكر قول القديس يعقوب الرسول"...لأن محبة العالم عداوة لله" (يع4:4)، وكذلك قول القديس يوحنا الرسول:
"لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم... إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الأب" (1يو15:2).
وهكذا تضع أمام كل فكر آية تطرده. لذلك عليك أن تحفظ آيات ترد بها على الأفكار التي تحاربك، فتصدها بها.
آباؤنا القديسون كانت لهم خبرة في محاربة الأفكار.
ليتنا نتذكر تلك الخبرة في قراءتنا لسيرهم، ونستفيد بذلك... أما أنت فعلى الأقل: لا تقبل أي فكر رديَ، بل أطرده بسرعة. ولتكن أبوابك مغلقة دونه، حسب تعليم الكتاب... كما يجب أن ترد عليه بحزم. وتذكر كيف إن أيوب الصديق، لما عرضت عليه زوجته فكرًا خاطئًا، رد عليها في حزم. وانتهرها قائلًا "تتكلمين كلامًا كإحدى الجاهلات" (أي 10:2). فأسكتها بسلطان، ولم يدعها تتمادَى في الكلام. وهكذا أنت أيضًا: إن راودتك نفسك بأي فكر خاطئ، أسكتها، ولا تجعلها تتمادَى في الفكر. بل قل لها في حزم:"تتكلمين كلامًا كإحدى الجاهلات"...
هناك طريقتان تتخلص بهما من حروب الأفكار، وهما: تنقية القلب والفكر. وأيضًا انشغال القلب والفكر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/man/battles.html
تقصير الرابط:
tak.la/j9cq6n8