بطريق كثيرة، يمكن أن تصل النعمة إليك.
* تصل إليك النعمة عن الطريق الصلاة.
المفروض فيك أن تطلب هذه النعمة. ترفع قلبك إلى الله وتقول له: اعني يا رب نعمة في هذا العمل، لأنك أنت القائل "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5) أعطني يا رب نعمة لكي أنتصر في حروبي. فهوذا الكتاب يقول "الحرب للرب" (1صم 17: 47) والخلاص يا رب هو من عندك. "وليس لديك مانع أن تخلص بالكثير أو بالقليل" (1صم 14: 6)..
صلّ أيضًا وقُل: أعطني يا رب نعمة تقويني. لأنني أصلي دائمًا مع المرتل وأقول "قوتي وتسبحتي هو الرب. وقد صار لي خلاصًا" (مز 118: 14) أعطني يا رب نعمة تطهرني انضح على بزوفاك فأطهر (مز 50) "اغسلني كثيرًا من إثمي، ومن خطيئتي طهرني" (مز 50) "توبني فأتوب" (أر 31: 18).
أعطني يا رب نعمة تجعلني أحبك أكثر من من كل شيء، وأكثر من كل أحد...
* على أن النعمة إن لم تصل إلى الإنسان بصلاته، فقد تأتيه بصلاة القديسين، أو بصلوات الكنيسة.
أنت لست وحدك في جهادك، إنما هناك قديسون كثيرون يصلون من أجلك... سواء من القديسين الأحياء أو الذين رحلوا عن عالمنا الفاني... ولعلني أذكر كمثال صموئيل النبي الذي قال "حاشا لي أن أخطئ إلى الرب، فأكف عن الصلاة من أجلكم" (1صم 12: 23) وكذلك قول القديس بولس الرسول "ذكرى إياكم دائمًا في أدعيتى، مقدمًا الطلبة لأجل جميعكم" (في 1: 3، 4).
كذلك الكنيسة تصلي باستمرار لأجلك في كل احتياجات حياتك وتلب لك النعمة في البركة التي تختم بها كل اجتماع، بقول الأب الكاهن "محبة الله الآب ونعمة ابنه الوحيد، وشركة وموهبة الروح القدس تكون مع جميعكم" (2كو 13: 14).
ولا ننسَ النعمة التي تأتينا عن طريق شفاعة الملائكة وصلواتهم.
* النعمة تصل إلينا أيضًا في كل سرّ من أسرار الكنيسة:
فكل سرّ من أسرار الكنيسة سُمِّيَ سرًا لأنه يحوى نعمة سرية ينالها الإنسان عن طريق الصلاة وعمل الكهنوت.
ففي المعمودية مثلًا ينال نعمة غفران الخطايا، نعمة البنوة لله وللكنيسة، وغير ذلك من النعم السرية التي لا يراها، ولكنها توهب له. فالتبرير الذي يناله، يقول عنه الكتاب "متبررين مجانًا بالنعمة (رو 3: 24).
وفي سر الميرون (المسحة المقدسة) ينال نعمة أخرى هي سُكْنَى الروح القدس فيه. وعن ذلك قال الرسول "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو 3: 16) وطبعًا سكنى الروح فينا هو نعمة سرية لا نراها، وهي أيضًا نعمة مجانًا.
وفي سر التوبة ينال الإنسان نعمة المغفرة.
وفي سر الإفخارستيا ينال المتناول نعمة الثبات في الرب حسب وعده (يو 6: 56)
وفي سر الكهنوت، ينال الكاهن الجديد نعمة أخرى سلطان الحل والربط، وممارسة الأسرار الكنيسة.
وهكذا في باقي الأسرار، ينال ممارسها نعمة خاصة...
لذلك نحن أيضًا نعمد الأطفال، ليس فقط من أجل خلاصهم (مر 16: 16) إنما أيضًا لكي نفتح أمامهم الباب ليقبلوا النعم التي في الأسرار الكنسية.
لماذا نحرم الأطفال من نعمة البنوة، ومن النعم الخاصة بكل سر من الأسرار المقدسة؟! لماذا ننتظر عليهم إلى يكبروا، ويقضوا كل تلك الفترة محرومين من كل تلك النعم، بينما كلها نعم مجانية؟!
نقول أيضًا إن الذي يحرم نفسه من بعض الأسرار المقدسة المتاحة له -كالاعتراف والتناول- إنما يحرم نفسه من نعمة توهب في كل سر...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* النعمة توهَب أيضًا للإنسان -من غير الأسرار، ومن غير أن يطلب- كمجرد عطية من الله محبة الله وعنايته.
الله الذي قيل عنه "من أجل صراخ المساكين وتنهد البائسين الآن أقوم -يقول الرب- أصنع الخلاص علانية" (مز 12: 5) وكما قال الرب لموسى النبي "قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم بسبب مسخريهم. إني علمت أوجاعهم،، فنزلت لأنقذهم.." (خر 3: 7، 8).
مجرد أن الرب رأى مذلة الشعب، وأنه سمع تنهد البائسين حتى دون أن يطلب هؤلاء أو أولئك، يقوم الرب ليخلص ولينقذ... هناك أمثلة أخرى كثيرة في الكتاب فيها النعمة توهب دون طلب:
مثال ذلك أنقاذ إسحق، والسكين مرفوعة عليه:
لا إسحق طلب انقاذه، ولا إبراهيم طلب نجلة ابنه من يده ولكنه النعمة الإلهية تدخلت. وإذا بإبراهيم يسمع ذلك الصوت المملوء حنوًا: لا تمد يدك إلى الغلام، ولا تفعل به شيئًا.." (تك 22: 12) إن نعمة الله هي التي افتقدت إسحق في تلك اللحظة الحرجة، وأنقذته، دون طلب...
وأنت كذلك، في وقت ما، دون جهد منك، تزورك النعمة:
تجد قلبك ملتهبًا نحو الله، ومشتاقًا إلى الحياة. وكأنك تسمع صوت الله في داخلك يدعوك إليه... إنها زيارة من النعمة.
أو في وقت ما، تجد عندك مقاومة للخطية أو كراهية لها لم تكن عندك من قبل، وليست بمجهود منك... بل هبة من النعمة. وعلى رأى القديس باسيليوس الكبير الذي سأله أحدهم عن رأيه في الشخص الذي كان ينوى أن يرتكب خية ولم يرتكبها؟ فقال القديس: لا شك أنه أعين من النعمة.
* ومن الجائز أيضًا أن تأتيك النعمة، من أجل رِضَى الوالدين أو من أجل مساكين قد أنقذتهم أو فقراء اشفقت عليهم.
بسبب بركة الوالدين تأتي النعمة، لأن الأمر بإكرام الوالدين هو أول وصية بوعد (أف 6: 2) فمن أجل إكرامهما يهبك الله نعمة لأن حبهما لك يعمل كشفاعة فيك...
كذلك يقول الكتاب "من يرحم الفقير، يقرض الرب. وعن معروفه يجازيه" (أم 19: 17) وكيف يجازيه؟ لا شك بعمل النعمة فيه. وهكذا في مثل وكيل الظلم، يقول الرب "إصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم" (لو 16: 9) هؤلاء الفقراء الذين أحسنت إليهم بهذا المال الذي كنت قد ظلمتهم قبلا بعدم إعطائهم إياه، يصيرون بإحسانك إليهم أصدقاء لك يشفعون فيك فيرسل إليك الرب نعمته...
بل النعمة أيضًا تأتيك بسبب أي عمل خير قد فعلته. وربما تكون قد نسيته، ولكن الله لم ينسه. الله الذي لا ينسى حتى كأس الماء البارد (مت 10: 42).
* وقد تأتيك النعمة بسبب تواضعك.
وفي ذلك يقول الكتاب إن "الله يقاوم المستكبرين. أما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6) (1بط 5: 5) عجيبة هذه الآية التي اقتبسها أكثر من رسول... على أن الله قد يعطي نعمة بسبب فضيلة أخرى... حتى دون أن تطلب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/grace/how.html
تقصير الرابط:
tak.la/a3977vc