ولكي تلتقي بالرب ينبغي أن تكون لك رغبة في اللقاء.
ولكن هذه ليست قاعدة عامة: فأبونا آدم كان خائفًا من اللقاء مع الله بعد أن أكل من الشجرة، بل اختبأ لأنه كان متحرجًا من مقابلة الرب! ومع ذلك ذهب الله إليه وقابله.
ومن أعجب الأمثلة أيضًا قصة شاول الطرسوسي، الذي كان في طريقة لاضطهاد كنيسة الله، بكل قسوة وعنف يحمل خطابات يجر بها رجالًا ونساء إلى السجن (أع1:9، 2)... ومع ذلك قابله الرب في طريق دمشق... وجذبه إليه، وصيره رسولًا للأمم!!
والمرأة السامرية قابلها الرب عند البئر، وما كانت تعرفه، وإلا كانت مستعدة للقاء ولا للشرب من الماء الحي. ومع ذلك قابلها وتحدث معها، وقادها إلى التوبة، وإلى الإيمان به، ودعوة شعبها إلى الإيمان...
وما أعجب اللقاءات التي التقى فيها الرب مع أبنائه.
التقى مع الثلاثة فتية في أَتُّونِ النَّارِ، وتمشَّى معهم في وسط الأتون. ومنع قوة النار عن إيذائهم. وشعره من رؤوسهم لم تحترق. ولا أتت رائحة النار على ملابسهم (دا25:3-27).
والتقى مع يونان النبي في بطن الحوت، حيث صَلَّى يونان للرب. وسمع الرب صوته. "وأمر الرب الحوت، فقذف يونان إلى البَر" (يون1:2، 10).
التقى الرب مع موسى النبي وبني إسرائيل "في وسط البحر الأحمر... والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم" (خر22:14).
والتقى الرب مع اللص اليمين على الصليب، وقبل منه إيمانه، ووعده أن يكون معه في نفس ذلك اليوم في الفردوس (لو43:23).
لقاءات أخرى عجيبة، لا نستطيع أن نحصرها جميعًا، فيها حب من الله وآيات وأعاجيب. وفيها إيمان من الناس وصلاة...
إن أردت أن تلتقي مع الله، لا تجعل محبة أخرى تشغلك عن محبته.
يقول الكتاب "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب" (1يو15:2). ويقول الكتاب أيضًا "محبة العالم عداوة لله" (يع4:4). ما أجمل قول بطرس الرسول للرب "قد تركنا كل شيء وتبعناك"... فهل أنت أيضًا من أجل الله تركت كل شيء، وصار لك الله هو كل شيء؟ إن فعلت ذلك فسوف يلقاك الله...
إن الله يعمل بنعمته على إخلاء قلبك لتصير له. فيلتقي بك، وأنت به. وهذا الإخلاء يأتي بالتجرد.
تشعر أن كل شيء تافه إلى جوار الله. فتتجرد من كل شهوة ورغبة تعوقك عن اللقاء بالله. ولا يمكن أن تتجرد من العالم وأموره، إلا إذا فقد هذا العالم قيمته في نظرك. وفي ذلك قال القديس بولس الرسول:
"خسرت كل الأشياء، وأنا نفاية، لكي أربح المسيح" (في8:3).
وبهذا لم يربح السيد المسيح فقط، وإنما قال أيضًا "وأوجد فيه"...
أبو الآباء إبراهيم -من أجل الرب- ترك أهله وعشيرته وبيت أبيه، إلى الأرض التي يريه الرب إياها (تك1:12)، لأن هناك يلتقي بالرب ويعيش معه... وكأنه يقول للرب: أنا يا رب ليس لي أهل ولا عشيرة ولا أرض. أنت لي كل شيء، وليس سواك. منذ التقيت بك، لم أعد أعرف أحدًا غيرك...
بهذا يفرغ الإنسان قلبه من كل شيء، ليصير قلبه مسكنًا لله...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
فهل قلبك أنت أيضًا مسكن لله، أم أجرته من الباطن لآخرين؟!
وهل إذا قال لك الرب "يا ابني اعطني قلبك"... تقول له "لقد جئت يا رب متأخرًا!! سبقك آخرون وأخذوه. قلبي أخذه فلان من الناس، وأخذته من شهوات ورغبات. لو كان قلبي شاغرًا، لقدمته لك. ولكنه الأسف مشغول!!
عندما خلق الله الإنسان، كان الله بالنسبة إلى هذا الإنسان، هو الكل. ثم بدأت محبات أخرى تدخل إلى قلب الإنسان وتشغله. ومن ذلك الحين قُلْ التقاؤه بالرب. بل بدأ يهرب من وجه الله!!
يعوزنا إعادة تقييم الأمور، بحيث نشعر بقيمة الحياة من الله. هذه التي من أجلها يمكن أن نتخلى عن كل شيء، لنلتقي بالله.
إن أردت أن تلتقي بالله، يعوزك أن تلتقي به في الهدف والمشيئة.
وعلى رأى المَثَل "من شروط المرافقة الموافقة"... فهل مشيئتك توافق مشيئة الله، أم لك أفكار أخرى واتجاهات؟! حقًا، ما أجمل قول القديس بولس الرسول "أما نحن فلنا فكر المسيح" (1كو16:2). ولذلك نحن نقول للرب باستمرار في الصلاة الربية "لتكن مشيئتك". إننا نلتقي به في هذه المشيئة.
ونحن نلتقي بالله في الصلاة، وقراءة الكتاب.
على شرط أن تكون الصلاة روحية وبحب. لأنه قد يصلي الإنسان ولا يشعر بمتعة. لأنه لا يلتقي بالله في صلاته! أما علامة المتعة باللقاء مع الله في الصلاة، فهي أنك إن صليت تشعر أنك لا تستطيع أن توقف صلاتك. قال مار إسحق عن هؤلاء الذين يلتقون بالله في صلواتهم "من حلاوة اللفظة في أفواههم وقت الصلاة، لا يشاءون أن يتركوها لينشغلوا بلفظة أخرى".
وتلتقي بالله في كتابه: إن كان في ناموس الرب مسرتك. وفي ناموسه تلهج نهارًا وليلًا (مز1).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/how-do-you-meet-god.html
تقصير الرابط:
tak.la/mk47hk4