نصيحة للهاربين
لهؤلاء الهاربين أقول كلمتين:
أولًا: مهما هربتم سيبحث الله عنكم، ولن تستطيعوا الهروب.
ثانيًا: إن طريق الله ليس كئيبًا، وليس صعبًا كما تظنون.
صدق داود حينما قال "أين أهرب من روحك؟ ومن وجهك أين أختفى؟!" (مز7:139). لا آدم استطاع أن يهرب، ولا يونان...
أنت تستطيع الهروب، والهروب ليس من صالحك. يجب أن تواجه الواقع، وتواجهه في شجاعة وفي صراحة.
وأول واقع تواجهه هو أبديتك.
هل يتفق طريق الأبدية، وطريقك الحالي؟ إلى إين يوصلك سلوكك الحالي؟ إلى أين، وإلى متى؟ افرض أنك استطعت أن تخدر ضميرك، فهل سيبقى مخدرًا إلى الأبد؟ وعندما يصحو، ماذا تفعل بكل هذا الماضي؟ إذن واجه الواقع...
ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!
لا بُد إذن أن تتقابل مع الله.
ولكي تتقابل مع الله، ينبغي أن تتقابل أولًا مع نفسك.
اجلس مع نفسك أولًا مثلما جلس الابن الضال إلى نفسه وفكر في حالته ووجد الحال... تقابل مع الواقع. كن صريحًا مع نفسك. لا تهرب من الحقيقة، ولا تعط للأمور أسماء غير أسمائها، ولا تخدع نفسك.
لا تظن أن الله مخيف، أو أنه سيرفضك. الابن الضال لما رجع إلى أبيه تلقاه بالأحضان الأبوية، وذبح له العجل المسمن.
مشكلة كبيرة تواجه الناس: وهي كيف سيترك الخطية مع أنه يحبها!!
يظن الشخص أنه سيترك الخطية ويظل بنفس القلب الذي يشتهيها. كلا إن الله سيهب له قلبًا جديدًا وروحًا جديدًا، قلبًا نقيًا لا يحب الخطية بل يرفضها، ولا يجد تعبًا في البعد عنها.
أنت الآن تشعر بثقل الوصية وصعوبتها، لأنك في بداية الطريق، ولم تصل محبة الله بعد. هذا الوضع سوف لا يستمر.
إن الصراع القائم بين الجسد والروح "الروح يشتهي ضد الجسد، والجسد يشتهي ضد الروح" (غل 17:5). هو صراع في أول الطريق، هو جهاد المبتدئين. وإنما فيما بعد، عندما يسمو الجسد ويتطهر ويتقدس، سوف لا يشتهي ضد الروح، وسوف لا يكابد صراعًا، وسيدخل في راحة أولاد الله.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن الباب الضيق الذي دعانا إليه الرب، ليس ضيقًا على الدوام وإنما هو في أوله فقط، ثم ندخل إلى السعة.
ضيقهُ الأول، هو اختبار لإرادتنا. هل نحن مستعدون أن نحتمل من أجل الله أو لا. فإن أظهرنا استعدادنا، وصبرنا، وجاهدنا تفتقدنا النعمة وترفع الثقل عنا. كذلك الصليب، سنحمله في فرح، ونسير به نحو الجلجثة، حتى إن خررنا تحته، سيرسل الله لنا قيروانيًا يحمله عنا في الطريق...
إن الشيطان يحاول أن يخدعك حينما يصور لك صعوبة الطريق وطوله، وصعوبة التوبة واستحالتها.
بالنعمة ما أسرع أن تتحول من خاطئ إلى قديس. ليس من خاطئ إلى تائب، بل إلى قديس. هكذا حدث لمريم القبطية، بيلاجية، وموسى الأسود، وغيرهم. الله سيتكفل بك، وستجد في الوصية لذة، وفي طريق الله متعة...
ولا تظن أن أولاد الله حزانَى، وأولاد العالم في فرح. بل أن أمور العالم في أولها حلوة وآخرها مرارة. وطرق الله في أولها مرارة، وفي آخرها حلوة.
وإن كان أولاد الله سيظهرون تَعَابَى من الخارج، لكنهم سعداء وفرحون في الداخل. كما قال بولس الرسول "كحزانَى. ونحن دائمًا فرحون. كأن لا شيء لنا، ونحن نملك كل شيء"... (2كو10:6).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/god-and-man/advice.html
تقصير الرابط:
tak.la/8tv58ax