فيه يسلم الناس بعضهم على البعض، ليس فقط بالأيدي، وإنما بالقلب والنية أيضًا. ويقولون كلمة سلام من عمق قلوبهم ويقصدونها.
وإن كانت بينهم خصومة من قبل، يتصالحون...
وعن هذا قال السيد في عظته على الجبل: "إذا ما قدمت قربانك إلى المذبح. وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح. واذهب أولًا اصطلح مع أخيك" (مت 5: 23، 24). وفي هذا تشترط الكنيسة الصلح قبل التناول...
وفي القداس الإلهي نصلى صلاة الصلح قبل قداس القديسين، وقبل سيامات الإكليروس...
ولأنه قد يبدو من الصعب أن تصطلح مع كثير من الأعداء والمقاومين، ذلك قال الرسول:
"إن كان ممكنًا، فحسب طاقتكم، سالموا جميع الناس" (رو 12: 18).
ذلك لأن البعض لا يمكنك مسالمتهم، إلا إذا اشتركت في الخطأ معهم، أو بسبب شراسة طباعهم، أو لأنهم يحسدونك بسبب نجاحك، أو بسبب تدابير معينة يدبرونها، أو لأن سلوكك الطيب يكشف أخطاءهم، أو لأي سبب آخر... لهذا حسب طاقتك، إن كان ممكنًا لك، سالم جميع الناس. وإلا فعليك بالآتي:
* لا تجعل الخلاف يأتي بسببك.
كن مصلوبًا لا صالبًا. قد يعاكسك الغير. ولكن لا تبدأ أنت بالشر. ثم لا تكن حساسًا جدًا من جهة أخطاء الآخرين.
* كن واسع الصدر حليمًا.
اذكر ما قيل عن موسى النبي "وكان الرجل موسى حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عد 12: 3).
حاول باستمرار أن تحتمل وأن تغفر.
وكما قال الرسول "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء "لا تجازوا أحدًا عن شر بشر" (رو 12: 19، 17). ابعد عن الغضب وعن الاستثارة والانفعال وكما قال الرسول:
"لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" (رو 12: 21).
وأعرف أن الذي يحتمل هو الأقوى، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أما الذي لا يستطيع أن يحتمل فهو الضعيف. لذلك قال الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء، أن نحتمل ضعفات الضعفاء، ولا نرضى أنفسنا" (رو 15: 1).
* لا تطالب الناس بمثاليات. وإنما اقبلهم كما هم، بواقعهم، وليس كما ينبغي أن يكونوا.
إننا نقبل الطبيعة كما هي: الفصل المطير، والفصل العاصِف، والفصل الحار، دون أن نطلب من الطبيعة أن تتغير. فلتكن هكذا معاملتنا لمن نقابلهم من الناس. ليسوا كلهم أبرارًا طيبين. كثير منهم لهم ضعفات، ولهم طباع تسيطر عليهم. إنهم عينات مختلفة، وبعضها مثيرة. فلتأخذ منهم موقف المتفرج، وليس موقف المنفعل. وعاملهم حسب طبيعتهم، بحكمة.
* بالوداعة والتواضع يمكن مسالمة الكثيرين.
إن قيل إنه بالروح الرياضية يمكن أن تكسب الكثيرين وتسالمهم، فكم بالأكثر بالوداعة والاتضاع... وإن كنت في مجال الدفاع عن الحق، فافعل ذلك بهدوء وباتضاع. لك أن تحب الحق، وأن تدافع عن الحق، ولكن ليس لك أن ترغم الناس على السير فيه. إن الله نفسه أعطانا وصايا، ولم يرغمنا على طاعتها.
الاستثناء الوحيد في موضوع المسالمة، هو معاملة الهراطقة والمبتدعين وفاسدي الخلق.
نحن لا نستطيع أن نتجاهل المبتدعين والهراطقة على حساب التفريط في الإيمان. فقد قال القديس يوحنا الحبيب "إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا الإيمان فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2يو 10: 11).
إن أراد أحد أن يبعدك عن الإيمان، فاحترس منه ولا تجامله، ولا تقبله في البيت.
بنفس الوضع يمكن أن تبتعد عمن يحاول أن يفسد خلقك ويقودك إلى الخطية.
واذكر قول الكتاب "لا تضلوا، فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: 33). وأيضًا ما قيل في المزمور الأول "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار. وفي طريق الخطاة لم يقف. وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مز 1).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fruit-of-the-spirit/peace-with-people.html
تقصير الرابط:
tak.la/3pc4x7w