البعض يتعب وقد ييأس، إن لم تأتِ الخدمة ثِمارها بسرعة. وقد يصفها -طالمًا- بأنها خدمة فاشلة. بينما تحتاج إلى طول بال لتنمو في هدوء... كم من السنين قضى المسيح في خدمة التلاميذ وإعدادهم. وبعد أكثر من ثلاث سنين، أمرهم أن لا يبرحوا أورشليم حتى يلبسوا قوة من الأعالي (لو 24: 49).
تأمل الشجرة كيف أنها لا تعطى ثمرًا إلا بعد سنوات:
والغارس يطيل أناته عليها حتى "تُعطي ثمرها في حينه". وكل شجرة لها طبيعتها. فمنها التي تثمر بعد ثلاث سنوات، والتي تعطى ثمرًا بعد خمس سنوات أو بعد سبع. والغارس في كل ذلك الانتظار لا يقلق، بل يتدرب على طول الأناة.
الطفل هو تدريب آخر في طول الأناة.
المرأة تحبل، وتظل 9 أشهر في انتظار ولادة طفلها. الذي ينمو تدريجيًا في بطنها، حتى يكتمل نموه فيخرج. وقد ترك هذا الأمر تأثيره في القديس يوحنا ذهبي الفم، فقال: إن كان الجنين يأخذ فترة حتى جسديًا، فكم بالأولى الإنسان لينمو روحيًا، يحتاج إلى زمن وطول أناة.
كذلك فالطفل يحتاج إلى فترة حتى يمشى وحتى يتعلم. ونحن لا نطالبه بما هو فوق مستواه، بل نطيل أناتنا عليه. ونفرح بتدرجه في القامة وفي المعرفة.
أيضًا يلزم طول الأناة في الكرازة والخدمة والتعليم.
وكما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "عِظْ بكل أناة وتعليم" (2 تي 4: 2) ذلك لأن الناس قد لا يحتملون أحيانًا الدرجات العالية في الروحيات إن كانوا لم ينضجوا بعد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهكذا قال الرسول لأهل كورنثوس "سقيتكم لبنًا لا طعامًا لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون. بل الآن أيضًا لا تستطيعون. لأنكم بعد جسديون" (1كو 3: 2، 3). وبنفس الأسلوب وطول الأناة، رأى الآباء الرسل "ألا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم. بل يُرسل إليهم أن يمتنعوا عن رجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم" (أع 15: 19، 20).
والسيد المسيح له المجد وبخ الكتبة والفريسيين "لأنهم يحزمون أحمالًا ثقيلة عسرة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس" (مت 23: 4).
لذلك فالمستويات العالية من التعليم، لا تعطى لكل أحد.
وإنما التدرج أو الأناة في التعليم، هو الذي يأتي بنتيجة. وإن لم يستطع البعض أن يمارس تدريبات روحية معينة، فلا تقسوا عليهم ولا تنتهروهم بشدة، إنما اصبروا عليهم وشجعوهم وكما قال الرسول:
شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء. وتأنوا على الجميع" (1تس 5: 14).
فإن خدم خادم فصلًا، ووجد تلاميذ لا يتحسنون بسرعة، فلا ييأس، ولا يتهم نفسه بأنه لا يصلح للخدمة. كما لا يتهم المخدومين بأنه لا فائدة ترجى منهم! كلا، يا أخي، ليس العيب فيك ولا فيهم. إنها طبيعة الخدمة تحتاج إلى وقت وطول بال. لذلك تأن عليهم، ولا تظن أن طباع الناس تتغير فجأة بكلمة أو بنصيحة!
إن الدجاجة تلزمها فترة تحتضن فيها البيض، حتى ينضح وتخرج فراخه. والبذار لابد أن تقضى فترة في الأرض، حتى تخضر وتنمو، وتصير شجرًا وتثمر. وكل هذا يحتاج إلى طول بال وانتظار... فانتظر إذن واصبر. فإن الكتاب يقول:
"من يصبر إلى المنتهى، فهذا يخلص" (مت 10: 22).
ويقول أيضًا "بصبركم تقتنون أنفسكم" (لو 21: 19)
لقد قال داود النبي "انتظرت نفسي الرب، من محرس الصبح حتى الليل" (مز 130 6، 7). يقصد من البداية حتى التمام، بكل طول أناة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fruit-of-the-spirit/forbearance-education-service.html
تقصير الرابط:
tak.la/fdg8cn6