محتويات
لما توفى ابنه المرحوم الدكتور إبراهيم ميخائيل سنة 1956، اشترك مع الآباء الكهنة في الصلاة على جثمانه. وهذه مقدرة عجيبة في ضبط النفس.
ولما ذهبنا إلى المدافن في كفر عبد، وانتهت عملية الدفن، أمر المشيعين بالانتظار قليلًا حتى يرفع شكره لله، وصلى. فجاءني وقتئذ أحد الإخوة الغيورين (الأستاذ/ ميلاد غرباوي) وقال لي:
[لعل الرب سمح بوفاة الدكتور إبراهيم نعم لكي يقدم لنا أبونا ميخائيل هذا الدرس الروحي العميق في كيف يكون القلب ممتلئًا بالسلام حتى في أعنف الظروف]..
كانت الوفاة يوم جمعة. وظنت أنه قد يتعذر عليه الحضور إلى الكنيسة الصلاة القداس يوم الأحد (اليوم الثالث للوفاة)، وعلى الأقل لانشغاله في استقبال المعزين القادمين من القاهرة أو من البلاد. فرجوت أحد الآباء الكهنة الحضور إلى الكنيسة يوم أحد بدلًا من أبينا ميخائيل. وفي نفس الوقت ذكرت هذا لقداسته، لكي يطمئن بأن هناك من سوف يحل محله في خدمة القداس. لكنه رفض. وصلى القداس بنفسه في اليوم الثالث لوفاة ابنه البكر.
أذكر وقت أن انتقل إلى السماء المرحوم الدكتور إبراهيم ميخائيل نجل المتنيح، أن حضر والدي "القس يوحنا شنوده" من البلد (قلوصنا) بمحافظة المنيا، خصيصًا للعزاء. وعند مقابلته للب القمص ميخائيل غلبته العاطفة، فبكى ولم يتفوه بكلمة واحدة. فما كان من الأب القمص إلا أن أسكته قائلًا: [مش إحنا إللي نعمل كده... لو أن أبنى انتدب في بعثة علمية لأمريكا، مش كنت افرح؟ إذا أفرح أكثر لما راح السماء... إحنا إللى نعزى الناس. علشان كده لازم قلوبنا تكون مليانة من العزاء... ولو أن منك نستمد البركة، إلا أني أتجرأ وأقول لك، عليك بركة تسكت، وتبطل بكاء..]. وكانت بنت المرحوم واقفة، وهي طفلة صغيرة، فقال له: [باركها يا أبونا].
وتأثر والدي كثيرًا. وكانت عظة عملية له لم ينسها حتى الآن. وكلما تزعزع من تجربة بسيطة يتذكر تجربة أبينا القمص ميخائيل الشديدة نعم فيتعزى وتهدأ نفسه، ويحل السلام في قلبه.
بولس القس يوحنا
بيت ومجلة مدارس الأحد
لقد شاهدته صامتًا أمام الرب، واضعًا كفيه فوق نعش ابنه... عيناه لا تدمعان. وأما قلبه فقد ارتفع في تسليم كامل، في غير اعتراض أو عتاب...
كان ابنه شابًا في الثلاثين، عريسًا لم يكتمل على زواجه عام واحد، ولدت ابنته وهو أسير في أرض العدو، كضابط طبيب... وشيع جثمانه عسكريًا، تصحبه دموع من عرفوه ومن لم يعرفوه... وكان مجرد سرد القصة سببًا كافيًا لكل فرد كي ينتحب، وإلا الأب..!
إن العيون جميعها تشخص إليه، ثم تعود مطرقة تنهمر منها دموع ساخنة قد ترتفع أحيانًا إلى صوت انتحاب وبكاء...
إلا أنه كان ينظر إلى من حوله وكأنه يعزيهم... فما هو السبب؟
وعند القبر وقف يصلي على جثمان ابنه في خشوع وتعبد. وقال: [أشكرك يا رب لأنك أخذت وديعتك... "الرب أعطى، والرب أخذ. فليكن اسم الرب مباركًا.."
وفى اليوم التالي، خدم القداس كعادته، كأنه لم يحدث شيء. إنه الإيمان العملي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. طوباك ثم طوباك، يا رجل إيمان.
المهندس وليم وليم نجيب سيفين
ذهبنا لزيارته ثاني يوم انتقال ابنه الدكتور إبراهيم. وكنا مجموعة من مدارس أحد العذراء بعياد بك. فقال لنا: [انتو جيتوا تعزوني. تعالوا نشوف الرب يعزينا بإيه؟] وفتح الكتاب.
وكان سفر أيوب، الآية التي تقول: "الرب أعطى، الرب أخذ. فليكن اسم الرب مباركًا "وتعزينا تعزية ليست بقليلة.
لما توفى ابنه البكر، الدكتور إبراهيم، لم أكن في القاهرة. فلما حضرت ذهبت إلى منزلة للتعزية. وفي حجرة الصالون رأيت صورة المرحوم إبراهيم، فظللت أبكى. ولما حضر أبونا ميخائيل ورآني أبكي، ربت على كتفي وقال لي: [مش أنت بتحب إبراهيم يا بطرس؟ ما دام بتحبه، تزعل ليه؟! إبراهيم دلوقتي في السما. ما تزعلشي. وهو الآن يصلي من أجلنا].
اغنسطس عقيد بالمعاش
بطرس صليب بطرس
موقفان كبيران جمعاني به وعلى أصالة الأبوة فيه، وعلى عمق تفهمه لمعنى الحب والتناهي فيه:
أما الموقف الأولى، فحين كان ابنه الدكتور إبراهيم في المستشفى عقب إطلاقه من الأسر بعد حرب 1956 لم يكن يهم هذا الأب العظيم -وقد عرف أن ابنه يعانى من مرض خطير يسير به وئيدا إلى العالم الآخر- إلا أن يطمئن على مصيره الأبدي...
فرأيته في لهفة يسرع إلى أحد الآباء يستدعيه إلى المستشفى ليستمع إلى اعتراف ابنه حتى يأخذ الأسرار المقدسة إليه. فلما أتم هذا كله استراح ضميره.
وحينئذ لم يكن عجبًا أن نراه وقد سار خلف نعش ابنه متعزيًا.
سليمان نسيم
بعد ستة أشهر من استلامه عمله الجديد في ههيا، مرض له ولدان، وتوفيا في يوم واحد، وخرج الصندوقان خلف بعضهما. أمر كان يفتت القلب. فلما علمت بهذا الخبر المزعج، وأنا في مركز بلبيس، سافرت إلى ههيا للعزاء. فلما رأيت "ميخائيل أفندي"، قويت نفسي، أخذت في تعزيته. فقال لي: [أحمدك الله يا أخ كامل إللي لي ولدين في السماء يا ريتني أحصلهم. وأكون معهم في فردوس النعيم].
فبينما أنا كنت مكسوف وزعلان وخجلان بالنسبة إلى الحادث الفظيع، وغير أني لم انطق، وملعثم، إذا هو يجاوبنا بما يفيد انبساطه ورضاه عما حصل، حتى أني انكسفت أن أتكلم بعد ذلك.
كامل عبد الملك
لما كان في ههيا، مرض أحد أبنائه الصغار، وكان يُسَمَّى فليمون، وشاءت إرادة الله أن ينتقل إلى السماء في مساء أحد الأيام وكان ذلك الابن في سن الثامنة تقريبًا. فحمله على ذراعية، وسبح الله قائلًا: "الرب أعطى، والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا".
وجلس مع أفراد أسرته يواسيهم ويعزيهم طوال الليل، بكلمات النعمة التي كانت تتدفق من فمه.
عدلي عبد المسيح
مدرس أول بههيا
في يوم أرسل له المرحوم والدي خطابًا يعزيه لانتقال ولديه: فيلمون (وكان سبيهًا بالملائكة)، وجرجس الذي كان طفلًا صغيرًا. وقد توفيا خلال شهر واحد منذ أكثر من 35 سنة
وكان خطاب والدي في مظروف بحرف اسود. فرد عليه ميخائيل يعاتبه على هذا المظروف، وبخبره أنه مسرور لانتقال ولديه للسماء...
القس يوحنا اسكندر
لا زلت أحتفظ بخطابك الذي أرسلته لي، كي تعزيني في انتقال ابنتي الصغيرة سوسنة إلى السماء، بعد أن علمت بتأثري الشديد لفراقها، ودموعي التي لم تجف... وقلت لي كنيسة مارجرجس [إن لي في السماء ثلاثة أولاد وأمهم، يصلون من أجلي هناك].. والآن وقد صرت معهم في السماء، فصل من أجلنا نحن أيضًا لكي نقضى أيام غربتنا في خوف الله ومرضاته.
القس يوحنا اسكندر
كان أبونا ميخائيل لا يتكلم عن إنسان قد أنتقل، إلا ويقول أن فلان قد وصل... وفي احد الأيام ذهبت إليه منفعلًا وأنا أبكي لانتقال أحد الخدام في الكنيسة، وكان شابًا في كلية الطب، ومحبوبًا من الجميع... فكانت كلمة التعزية من فم أبينا ميخائيل بسيطة، ولكنها أثرت في نفسي كثيرًا... قال: [يا بخته، لقد وصل، عقبالنا..]
د. جورج عطاالله
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fr-mikhail-ibrahim/son.html
تقصير الرابط:
tak.la/3arn7jz