محتويات
عشر سنوات قضاها في ههيا، كان خلالها أمين التربية الكنسية، كما كان شماسًا في الكنيسة، وكان قائمًا بخدمة الافتقاد، وكان قائمًا بخدمة الفقراء، وكان مركز كل خدمة روحية بالبلدة، انتقل بعد هذه السنوات إلى القاهرة، ثم سيم كاهنًا بعدها بثلاث سنوات.
كان مدير المديرية في ذلك الوقت (المحافظ) هو نيازى باشا، ومأمور مركز بلبيس: حسنين شريف الدين (والد الصاغ مجدي حسنين الذي كان مسئولًا عن إنشاء مديرية التحرير). وحضر مفتش من الوزارة هو الأميرالاى أبادير أديب، وكان ذلك في يوم السبت، ونَبَّه لدى وصوله بأنه سيقوم بالتفتيش في اليوم التالي (الأحد) الساعة الثامنة صباحًا. وطلب من ضابط المباحث (وهو أنا) التنبيه على كاتب الضبط، وكاتب الإدارة، وكاتب الخفر (ميخائيل أفندي) للاستعداد للتفتيش، وإحضار الدفاتر والسجلات في تمام الساعة الثامنة صباح الأحد.
وفى تمام الساعة الثامنة حضرت أنا وكاتب الضبط وكاتب الإدارة. أما ميخائيل أفندي فلم يحضر، وذهب إلى الكنيسة كعادته...
وعندما سأل عنه الأميرالاى أبادير، قلنا إنه ذهب إلى الكنيسة. فسأل: [وهل نبه عليه أمس؟] فقلت: [نعم، نبهت عليه]. فثار جدًا، وأرسل من يستدعيه من الكنيسة. وذهب الرسول وحضر، وقال: [ميخائيل أفندي في الكنيسة يصلي، ولا يستطيع الحضور]. فأرسل إليه ثانيًا وثالثًا، ولم يحضر. وكان ذلك يسبب له هياجًا أشد. وأخذ يسب ويلعن وهو في مقر التفتيش (مكتب معاون البوليس) المواجه لمكتب المأمور.وصوته المرتفع يسمعه الجميع، ومنه مأمور المركز...
وفى حوالي العشارة، حضر ميخائيل أفندي... وكعادته كل أحد، قبل أن يصل إلى مكتبه، مر على المسيحيين، خصوصًا الذين تغيبوا عن الكنيسة، يسألهم عن عدم ذهابهم، وعن أحوالهم وبيوتهم، ويوزع عليهم لقمة البركة...
فعل ذلك بنفس الهدوء والاطمئنان والسلام الداخلي العجيب، على الرغم من معرفته بوجود مفتش البوليس، واستدعائه له عدة مرات...
ثم دخل إلى مكتبه، وهو يرشم نفسه -كعادته- بعلامة الصليب، وكذلك يرشم مكتبه ودولابه وسجلاته. ثم حمل دوسيهاته وسجلاته، وذهب بها إلى المكتب الموجود به مفتش البوليس، ثم رفع يده بالتحية، بصوته الهادئ المعروف وطريقته الحلوة. وإذا بالمفتش يصرخ فيه: [أنا أرسلت لك عدة مرات، فلماذا لمتحضر؟]. فرد ميخائيل أفندي: [لقد كنت أمام الملك الكبير، ولم يسمح لي بالانصراف إلا الآن... وسعادتك ما تزعلش نفسك. اعمل تحقيق، ووقع على الجزاء الذي تراه]. وإذا بمفتش البوليس يصرخ فيه ثانية ويقول له: [أنت يا راجل تعرف ربنا؟! لو كنت تعرف ربنا صحيح، كنت تعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله].
فابتسم ميخائيل أفندي، وظهرت على وجهه علامات الانشراح. وقال له وهو يشير بيديه كعادته: [أنت يا سعادة البيه عارف ما لقيصر لقيصر وما لله لله؟ النهاردة يا سعادة البيه بتاع ربنا مش بتاع قيصر].
فغضب وهاج عليه، وقال له: [أنت إزاي تكلمني بالطريقة دي وباللهجة دي؟!] ودخل مسرعًا للمكتب المقابل، وهو مكتب المأمور، وكان المأمور سامعًا لكل هذا الحديث. وأمسك بالتليفون، ليتصل بمدير المديرية نيازى باشا، ليعمل تحقيقًا مع ميخائيل أفندي، لمجازاته ونقله. فما كان من المأمور بالرغم من أنه أقل رتبة من الأميرالاى - إلا أنه منعه من التكلم بالتليفون، قال له:
[لا تتصل بالتليفون من مكتبي، لمجازاة ميخائيل أفندي. وإذا أردت الاتصال بالمدير، اذهب وتكلم من عند عامل التليفون]..!
ورفض المفتش إذ وجد في إهانة له. وطلب سيارة للذهاب لمقابلة المدير. فرفض المأمور أن يعطيه سيارة ليستخدمها في مجازاة ميخائيل أفندي. وقال له: [تستطيع أن تذهب وتستأجر سيارة]..!
وفى الحال أخذ المأمور سيارة المركز، وذهب مسرعًا لمقابلة مدير المديرية (المحافظ)، وهو ثائر على الإهانات التي وجهها المفتش، والأسلوب الذي عومل به ميخائيل أفندي...
وقال المأمور للمدير: أنا الذي أعطيت ميخائيل أفندي إذنا أن يحضر كل يوم أحد الساعة العاشرة، باريت كل الناس مثل ميخائيل أفندي في أمانته وطهارة سيرته ونقائه.
وبعد قليل حضر مفتش البوليس، وحدثت مشادة بينه وبين المأمور أمام مدير المديرية وفصل المدير في الأمر بأن قدم حلًا وسطًا، وحتى يرضى المفتش، وهو نقل ميخائيل فندى إلى مركز آخر، ولا يجازى. ولكن هذا التصرف لم يعجب المأمور، وقدم تظلمًا لكي يبقى ميخائيل أفندي، الذي كانت سجلاته أدق سجلات، وعلى أساس دقتها كان العمل منتظمًا بمركز بلبيس...
إلا أن ميخائيل أفندي -وكان صانع سلام- فإنه ترجى المأمور أن يوافق على نقله. وقال له: لا أريد أن أكون سببًا في شجار أو خصام بينكما.
وتحت إلحاح كبير منه، وافق المأمور. وصدر قرار بنقل ميخائيل أفندي إلى ههيا. وكان يقول للجميع: [لا بُد أن الله له حكمة في إرسالي إلى ههيا]. فعلًا كان سبب بركة كبيرة لأهالي ههيا. وله معهم فيها معجزات كثيرة.
أغنسطس، عقيد بالمعاش
بطرس صليب بطرس
هذه مع القطة الخاصة بعدم مجيئه للتفتيش لإشغاله بالصلاة في الكنيسة صباح الأحد: ذكرها أيضًا الأستاذ شفيق إبراهيم وأضاف أن المفتش حاول أن يجد له غلطة في سجلاته، فكانت كلها دقيقة جدًا...
وينقل ميخائيل أفندي إلى ههيا (شرقية)، فتتلقفه النفوس العطشى والطاقات المعطلة، بلهفة شديدة. وكان يرعى شعب ههيا كاهن متقدم في الأيام من أسرة عريقة، تقي فاضل، هو المتنيح القمص فيلبس. وإلى جانبه مرتل الكنيسة المتنيح المعلم صليب عبد السيد، من أفضل أهل زمانه.
وكان كلاهما حجة في الطقس الكنسي. ولكن لم يكن لهما من يشد أزرهما في الخدمة الروحية والتعليمية، فوجدا في ميخائيل أفندي ضالتهما المنشودة:
قرع أبواب شعب الله بابا بابا، بمعاونته زميل له في العمل هو السيد/ فرج جبران، أبقاه الله وهو مقيم الآن بالجيزة. وقد حضر جناز زميلة القديم في الخدمة، القمص ميخائيل إبراهيم، أليف صباه، وشريكه في الجهاد في ههيا.
كانت الخدمة في كنيسة ههيا وثبة تعليمية من فوق المنبر، ووثبة تربوية عن طريق مدارس الأحد، ووثبة طقسية في الألحان الكنسية، بفضل التعاون بين الكاهن والمرتل والخادم الأمين ميخائيل إبراهيم.
وكم من مرة حظيت ببركة الدعوة للخدمة واعظًا، وممتحنًا لتلاميذ مدارس الأحد، وموزعًا للجوائز التي كنت أحار في وسيلة الدعم المالي لها وللكنيسة عامة! وكان ميخائيل أفندي يقول: [إن الله هو العامل والمدبر].
عشر سنوات مباركة، قضاها المتنيح في ههيا، من سنة 1938 إلى سنة 1948، كانت فترة مليئة بالاختبارات الروحية، عادت بالخير والبركات على كنيسة مارجرجس بههيا وعلى شعبها.
كان يعمل كاتب خفر بمركز الشرطة، محبوبًا من رؤسائه ومن مرؤوسيه على السواء. الجميع يستشيرونه ويطلبون إرشاده فيما يصادفهم من مشاكل العمل. وبروح الله كانوا يجدون عنده راحة لنفوسهم...
كان منزله هو البيت المسيحي المثالي: يمتلأ بالصلوات والتسابيح صباحًا ومساءًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. يجمع أفراد أسرته حوله، يقرأون الكتاب المقدس، ويرنمون. ولا ينام أحدهم قبل أن يصلوا جميعًا. وكان الرب حارسًا لأولاده، ولم يسمع أن أحدًا منهم رسب في أية سنة من سني دراستهم طوال وجودهم في ههيا.
يستضيفهم ويكرمهم، ويعاملهم كأفراد أسرته تمامًا. وكان الغرباء يجدون عنده المأوى والملجأ وقضاء احتياجاتهم.
وحتى بعد أن ترك ههيا، ظل على اتصال بإخوته الأرامل والمحتاجين، يتذكرهم دائمًا، حتى عيد الميلاد سنة 1975 (قبيل وفاته).
كان أمينًا لمدارس الأحد في ذلك الوقت. وكان يترك فصول الكبار لإخوته الخدام، مع أنهم كانوا اصغر منه سنًا، ويتولى هو الخدمة أصغر الأطفال.
وكان يحب الأطفال ويحبونه. ويرعاهم ويلاطفهم ويحنو عليهم كأب حنون، وهم يأنسون إليه، ويفتقدونه إذا ما غاب عنهم (وكان ذلك نادرًا).
يصلي دائمًا من أجل الخدمة والخدام والمخدومين، قبل كل اجتماع لمدارس الأحد، طالبًا من معلمنا الصالح أن يعلمنا حتى نستطيع أن نعلم الأطفال. وكان دائمًا يقول: [يجب أن نتعلم نحن من هؤلاء الصغار، ونأخذ عنهم طهارتهم وتسامحهم ومحبتهم].
ومن غرسه الطيب الذي أتمه الرب على يديه كثير من الآباء الكهنة والخدام الناجحين، أمثال القس مينا شنوده بكنيسة العذراء الدمشرية بمصر القديمة، والقس مينا إبراهيم بكنيسة مارمينا بشبرا.
وقد أنشأ أثناء وجوده في ههيا، سجلًا خاصًا بالأسر المسيحية، ومبينًا به أسماء أفراد كل أسرة وعملهم وحياتهم الروحية. وبه أيضًا حالات الميلاد والعماد والزواج، وتواريخ كل منها. كما أنشأ سجلًا للغياب والحضور، للقداسات والاجتماعات، لكل أفراد الشعب.
وكان بنفسه يتفقد الغائبين، يسأل عنهم، ويطمئن على كل الشعب، ويصلي لأجل الكل، ولا ينام طالما هناك مريض أو محتاج أو متألم، إلا إذا عمل على راحته على قدر ما يستطيع...
وكان يفتقد الإخوة الأصاغر والأميين: يجلس إليهم على حصيرة أو بدونها، يحدثهم عن الله وعن ملكوت السموات، ببساطة المؤمن. وكان السعيد هو ذلك الذي يطرق بابه عمى ميخائيل أفندي.
في اجتماعات الصلاة التي كان يدعو إليها، وبخاصة في وقت الشدة، كان الحاضرون يقفون في الخورس الخلفي بعد الغروب وفي ظلام الليل إلا من ضوء قنديل في شرقية الكنيسة داخل الهيكل. أما هو فكان يركع على البلاط، منتصب القامة طوال مدة الصلاة التي كانت تستمر ساعات طوالًا
وكان الجميع لا ينصرفون إلا وقد تحدث كل منهم إلى الله بكلمات بسيطة. وكان يعلمنا كيف نحادث الآب بلغة سهلة دون اصطناع الكلمات أو ترديد عبارات مألوفة بدون عمق. وحقًا كان الجميع يعيشون في الفردوس الأرضي مع الله: نحس ونشعر بوجوده معنا، ونخرج وقد شفيت جراحاتنا وأسعدت أرواحنا. ويذهب كل منها إلى بيته، أما هو فيكمل سعيه في الافتقاد...
كانت لا تفوته ساعة من سواعي (البصخة المقدسة): يعيش في عمله وبيته مع سيده في آلام ساعة بساعة ويومًا بيوم. إلى أن يأتي خميس العهد، فيتناول من الأسرار المقدسة، ويظل صائمًا صومًا انقطاعيًا إلى أن يتناول في قداس سبت الفرح وفجر الأحد. ويظل طوال الثلاثة أيام نشيطًا كما هو بالروح، لدرجة أنه كان يقضي طوال يوم جمعة الصلبوت راكعًا على ركبتيه خلف أيقونة المصلوب ووجهه إلى الهيكل، فتحسبه قديسًا راكعًا تحت الصليب.
وبعد إتمام مراسيم التجنيز والدفن داخل الهيكل وتلاوة المزامير مع إخوته فيبدأ عمى ميخائيل جولة جديدة، مفتقدًا إخوته الأرامل واليتامى والمحتاجين بالبركات التي تكون قد وصلت إليه خلال الصوم المقدس. يطرق أبواب إخوته في ظلام الليل، موزعًا الخيرات، ليسعد الجميع بقيامة الفادي...
في يوم خدمته كشماس في الهيكل، كان مثالًا طيبًا لما يجب أن يكون عليه الخادم من الورع والتقوى والتقوى. وكان قدس الأب القمص فيلبس يتهلل بالروح يوم أن يخدم معه قديسنا الراحل.
وكان من ساعة ارتداء ملابس الخدمة، يمسك بيده اليمنى الصليب، رافعًا إياه فوق رأسه، لا ينزله مطلقًا عن هذا المستوى طوال خدمة القداس.
وكان لا يجلس مطلقًا حتى أثناء تلاوة الرسائل أو عظة الإنجيل، بل يظل واقفًا رافعًا صليبه بأقصى ما يستطيع.
ومما يدعو إلى التعزية حقًا، حادث السرقة الذي تعرضت له كنيسة ههيا عام 1944، فقد سطا أحد اللصوص، وأخذ أواني، الصلبان التي عليه، والصلبان الأخرى الكبيرة والصغيرة. ولم يترك الصليب الذهبي الصغير الذي كان على طيلسانة أبينا الكاهن. فلما اكتشف الحادثة، وكان ذلك عند صلاة عشية أحد السبوت، توجه عمى ميخائيل إلى الأخوة الحدادين، وطلب منه عمل صليب بسيط من الحديد لخدمة المذبح. وأثناء قداس الأحد حمله في يده مرفوعًا كعادته. وأثناء العظة التي ألقاها بعد إنجيل القداس، قال: [لو كنا نستحق الصليب الفضي، لما سمح الله بأن يؤخذ منا. نحن لا نستحق إلا هذا الصليب الحديد]. ثم بكى، وبكى معه الشعب طالبين مراحم الله.
وفى نهاية القداس، كان مع أحد الإخوة الخدام المال اللازم لشراء أواني المذبح وصلبان أكثر ما سرق منا. وذلك من عطايا الشعب الذي ألهب شعوره ذلك القديس ببكائه. وما زال الصليب الحديد على مذبح كنيسة ههيا للآن، تذكارًا لتلك الأيام المجيدة التي رفع فيها الشعب دموعه بنفس واحدة ببركات هذا الرجل.
حدث أثناء عودته مع أحد الخدام من افتقاد بعضًا الأسر، وكان ذلك أثناء صوم الأربعين، أن مرا على مطعم (فول وطعمية). وكان صاحب المطعم وقتها يسوى الطعمية في مقلاته، فاشتم الخادم رائحتها، واشتهى أن يأكل منها، مصارحًا بذلك عمى ميخائيل أفندي.
وبعد أن اشترى الطعمية، دارت مناقشة بين قديسنا والخادم، كان محورها "شهوة الجسد وحكمة الصوم". انتهت هذه المناقشة إلى اقتناع الخادم، فامتنع في تلك الليلة عن أكل الطعمية التي كان يشتهيها. وتعلم درسًا مؤداه أن "الصوم يفقد فائدته بشهوة الطعام حتى لو كان صياميًا".
عدلي عبد المسيح
مدرس أول بههيا
كان عمى ميخائيل يعقد اجتماعًا للشباب في ههيا. كانوا حوالي 14 شابًا. وكانوا يجلسون معه أحيانًا على درجات الكنيسة من الخارج، وهو يذكرهم بكلمة داود النبي: "أحببت أن أجلس على عتبة بيت الرب"..
وقد استمر الاجتماع حوالي سنتين، وكانت عظة الجبل هي موضوع تأمل (عمى ميخائيل) معنا. وكان يقودنا في الترتيل وصلاة المزامير. ثم نقضى فترة روحية حلوة متأملين كلمات الرب.
وبعد الخدمة كان يقول لنا: [تعالوا نتمشَّى معًا]، فنذهب إلى أحد كفور ههيا، لنجمع أموالًا للعائلات الفقيرة فقد كان الرجل بما له من دالة الخدمة والمحبة، يأخذ من القادرين ليعطي المحتاجين، وفي مقدمتهم المعلم صليب، وعم شنوده القرابني، وعم برهومة البواب. وكان اهتمامه بهم يشمل الجانبين الروحي والمادي.
وكان عمى ميخائيل يعطي كل وقته للخدمة: كان يقوم بالافتقاد، والوعظ، والتعليم في مدارس الأحد والشباب. فضلًا عن اهتمامه البالغ بدفن الموتى ولا سيما الفقراء فضلًا عن جهوده المباركة في الصلح بين العائلات وحل مشاكلهم.
كمال عبد الملك
(عن كتاب "رحلة إلى قلوبهم "للأستاذ سليمان نسيم)
وفى كل هذا، كان رجل صلاة وعبادة فالصلاة هي أساس الخدمة، حتى أنه خصص في بيته حجرة للخلوة الروحية: كانت بها صورة للعذراء وكنبتان عاديتان. وبهذه الحجرة كان فصلنا، فصل الشباب، يجتمع معه. فيركع عابدًا، مقدمًا الصلاة من أجل بركة الخدمة ونجاحها.
كمال عبد الملك
(نفس المرجع)
وهكذا أبان الرجل عن حبه الفائق للرب: أنه وهو بسيط، وتحت نير الرسميات والظروف، لم يتأخر عن أن يقدم لإله وكنيسته أقصى ما يستطيع تقديمه. فكانت نعمة الكهنوت مكافأة سماوية له، لأن الأمين في القليل أمين في الكثير. وإذا نحن استخدمنا ما لدينا من نور في إضاءة الطريق أمام الآخرين، زاد الرب هذا النور قوة وإشراقًا.
سليمان نسيم
عندما كان في ههيا، قبل سيامته كاهنًا، نزل عليه في إحدى الليالي بعض (المسايحة)، وهم قوم فقراء يجوبون قرى الوجه البحري، يجمعون التبرعات من المسيحيين
فاستضافهم في منزله، وأحسن وفادتهم. ولكن المسكن كان لا يتسع لجميعهم عند النوم،فاصطحب من لم يسعهم المنزل، وذهب بهم إلى الكنيسة ليبيتوا هناك وسهر معهم حتى الساعة الثانية صباحًا، وعاد إلى منزله ونام.
واستيقظت زوجته البارة فجأة، لتجده نائمًا على الأرض أمام السرير. فدهشت وأيقظته عن السبب في نومه على الأرض. فقال: ما اقدرش أنام على السرير، وإخوتي نايمين على الأرض. لازم أنام زيهم.
ميخائيل جاب الله
لأول مرة تعرفت به في كنيسة الأقباط بههيا في سبتمبر 1941، فوجدت فيه الرجل المثالي في القيام بخدمات الكنيسة.
أما عن علاقته بكبار موظفي المركز والمحكمة والصحة وباقي الموظفين، فقد قام بنشاط كبير ليدعوهم لحضور الكنيسة. كما خصص مكانًا على شاطئ ترعة بحر مويس، أطلق عليه اسم "بيت إيل"، ويجمعهم فيه من الخامسة إلى الثامنة مساء، ويجلو لهم الجلوس على الحشائش يتناقلون أحاديث النعمة من تفاسير واختبارات روحية وسير قديسين. مما جعل الخواجا طناش يكثر من الشكوى، لأن الأستاذ ميخائيل يسحب رواد قهوته.
مسعد تاوضروس جرجس
أجابني أبونا القمص ميخائيل، على سؤال، في لقاء روحي معه:
لقد خدمت الرب شمسًا، وأنا موظف الفراغ كنت أجلس مع زملائي الموظفين قرب السكة الحديد، نتكلم معًا في مختلف الموضوعات الروحية.
وكنا نخصص بكور مرتباتنا للكنيسة. لم يكن بيننا من يسرق حق الله في مرتبه وزرعه...
لقد قال الرب: "هاتوا العشور وجربوني، إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء... وأفيض عليكم حتى تقولوا كفانا". والعكس، فإن الذين لا يعطون الله حقه، تنتقى من بيوتهم البركة...
والله لا يترك نفسه مديونًا أبدأ. انه يعوضنا بطرقه الأبوية. وهو قادر على كل شيء، يعرف احتياجاتنا قبل أن نسأله، ويعطينا فوق ما نسأل أو نفتكر، حسب غناه في المجد...
سليمان نسيم
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fr-mikhail-ibrahim/hehia.html
تقصير الرابط:
tak.la/5rnb5nr