1- ينبغي أولًا أن يكون لنا الإيمان بوجود الله معنا.
الإيمان بوعوده، والإيمان بعمله.
ولا يجوز لنا أن نقيس وجود الله معنا بالراحة في العالم. فالمشاكل والضيقات ليست علامات للتخلي، وليست دليلًا على عدم وجود الله معك. الله يسمح بها، لتأخذ ما فيها من بركة، ومن أكاليل، ومن فوائد روحية. وهي تصيبك لكي تظهر معدنك الطيب كما حدث لأيوب، ولكي تأخذ منها خبرة في الحياة. وأيضًا لكي تتزكى، ولكي تقويك وتصقلك.
إن أسعد أوقات اللص اليمين، كانت وهو مصلوب مع المسيح.
كن إذن شديدًا في الضيقة. لا تجعل الضيقة. تحطمك، إنما حطمها أنت بإيمانك. إن الزجاجة إذا وقعت على صخرة، لا تحطم الصخرة، وإنما تتحطم الزجاجة. كن إذن صخرة...
2- لا تعتبر وجود الله في حياتك مؤقتًا، بل دائمًا.
إن المسيح لم يكن مع تلاميذه خلال الأربعين يومًا فقط، وإنما "كل الأيام وإلى انقضاء الدهر"..
إن كان معهم الأربعين يومًا بطريقة منظورة، فقد كانت معهم كل الأيام بطريقة غير منظورة. وكانوا يؤمنون بهذا، بل أن بولس الرسول يقول "لكي أحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غل2: 20). إذن كان يؤمن أن المسيح ليس فقط معه، وهو بالأكثر فيه.
لذلك إن حورِبْت بأن الله ليس معك، قُلْ لنفسك: كلا، إنه معي، ولكنني أنا الذي لا أدرك وجوده، كما حدث مع المجدلية... العيب إذن فينا، وليس في عدم وجوده.
3- لذلك ينبغي أن تكون حواسك الروحية مدربة وإن لم تدرك وجوده مباشرة، فستدرك ذلك بالتدريج.
المجدلية لم تدرك وجوده، وظنته البستاني. ولكن الرب عمل فيها فشعرت به أخيرًا، فقالت له "رابوني" أي "يا معلم".
والمولود أعمى ظن أنه إنسان بار، ثم لم يكن إلى نبي. ولما حدثه الرب عن إبن الله، سأل: من هؤلاء ومن به، إذ لم يكن إلى تلك الساعة يعرفه. على أنه عرفه أخيرًا وآمن وسجد له (يو9: 35-38).
السامرية أيضًا عرفته بالتدريج وليس من أول وهلة. والتلاميذ ظنوه أولًا خيالًا أو روحًا، ثم آمنوا أخيرًا (لو24: 37). ولم يؤمنوا فقط، بل نشروا الإيمان في كل مكان. وقالوا عنه: الذي رأيناه وسمعناه ولمسته أيدينا (1يو1: 1، 3).
لا تتضايق إذن إن كان إدراكك ضعيفًا لوجود الله في حياتك. إنما عليك إن تصلي وتقول [أعن يا رب ضعف إيماني] وثق أن قوته في الضعف تكمل (2كو12:9).
ملاحظة أخرى هامة جدًا أقوالها لك، وهي:
4- لا يكفي أن يكون الله معك، إنما يجب بالأكثر أن تكون أنت أيضًا معه... لك معه شركة.
وليتك تأخذ درسًا من ملائكة الكنائس السبع في آسيا لم يكن الرب فقط معهم، وإنما كان أيضًا ممسكًا بهم، وكانوا في يمينه (رؤ2:1). وعلى الرغم من هذا يقول الرب لملاك كنيسة أفسس "عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى. فاذكر من أين سقطت وتب... وإلا فإني آتيك عن قريب، وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب" (رؤ2: 4، 5).. عجيب أنه في يمين الله، وقد سقط، ويحتاج إلى توبة..!
وأخطر من هذا ملاك كنيسة لاودكية الذي يقول له الرب "أنا عارف أعمالك أنك لست حارًا... هكذا أنا مزمع أن أتقيأك من فمي. لأنك تقول إني أنا غني... وليست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان... فكن غيورًا وتب" (رؤ3: 15: 19).
وأخطر من هذين ملاك كنيسة ساردس، الذي يقول له الرب: إن لك اسمًا إنك حي وأنت ميت (رؤ3: 1).. ومع ذلك كان في يمين الله، الرب ممسك به.
إذن لا يكفي بأن يكون الله معك، إنما معك، إنما كن أنت أيضًا معه، بكل القلب والفكر والحواس والإرادة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
5- ولتكن لك المشاعر اللائقة بالوجود في حضرة الله.
ولعل منها الخشوع. فإن يشوع النبي لما أحس أنه أمام رئيس جند الرب، يقول الكتاب "فسقط على وجهه إلى الأرض وسجد. وقال له: بماذا يكلم سيدي عبده" (يش5:15). وخلع نعله من رجليه، لأن المكان الذي كان واقفًا فيه مقدس.
وهكذا فعل موسى النبي أيضًا، حينما ظهر له الرب وكلمه في العليقة التي لا تشتعل (خر3: 5).
وكما يليق الخشوع بالوجود مع الله، كذلك يليق البر.
لأنه "أية شركة للنور مع الظلمة" (2كو6: 14).
ويليق بالوجود مع الله والفرح، فقد التلاميذ لما رأوا الرب (يو20:20). كذلك تليق مشاعر أخرى كثيرة من الحب والسلام... وغيرها.
وسنتكلم عن هذا كله بالتفصيل في المحاضرات المقبلة إن شاء الله.
غير إنني أود أن أختم بملاحظة هامة وهي أن فترة الوجود مع الله هي فترة حب، تليق بها سرية العلاقة الشخصية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/being-with-god/feelings.html
تقصير الرابط:
tak.la/6yp53pq