"واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في فيلادلفيا: هذا يقوله القدوس الحق، الذي له مفتاح داود، الذي يفتح ولا أحد يُغلق، ويُغلق ولا أحد يفتح: أنا عارف أعمالك. هأنذا قد جعلت أمامك بابًا مفتوحًا ولا يستطيع أحد أن يُغلقه، لأن لك قوة يسيرة، وقد حفظت كلمتي ولم تُنكر اسمي. هأنذا أجعل الذين من مَجمع الشيطان، من القائلين إنهم يهود وليسوا يهودًا، بل يكذبون، هأنذا أُصيرهم يأتون ويسجدون أمام رجليك، ويعرفون أنى أنا أحببتك. لأنك حفظت كلمة صبري، أنا أيضًا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله لتُجرب الساكنين على الأرض. ها أنا آتى سريعًا. تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك. مَن يغلب فسأجعله عمودًا في هيكل إلهي، ولا يعود يخرج إلى خارج وأكتب عليه اسم إلهي، واسم مدينة إلهي، أورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند إلهي. واسمي الجديد. من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس". (رؤ3:7 -13).
هي مدينة في المقاطعة الرومانية في آسيا، في الغرب من تركيا الحالية. وقد أخذت فيلادلفيا اسمها من أتاليوس الثاني (159 -138 ق.م)، والذي تَسمى من أخيه أومنيوس بلقب فيلادلفوس. هذه المدينة تقع في وادي" كوجامس" التابع لوادي هرمس من سنة 189 ق.م. تحت حكم أومينوس. وكانت المدينة في قلب برغامس، ولكنها لم تكن مقاطعة حربية لحماية الحدود مثل ثياتيرا، ولكن لوجود المدينة على طريق تجارى مهم، فكان لا بد من حماية هذا الطريق، ولكن الحماية الحربية ومقاومة الغارات كانت مطلوبة أساسًا عند الحدود الشرقية.
تقع فيلادلفيا في نهاية الجزء العلوي من الوادي الواسع الذي ينحدر من ساردس إلى البحر القريب من سميرنا، وتقع أيضًا عند مدخل هضبة خصيبة جدًا، والتي أدت إلى ازدهارها في التجارة.
هذه المنطقة تقع في حزام الزلازل، حيث دمر زلزال شديد المدينة سنة 17 م. وامتد تأثيره إلى سنين طويلة بعد ذلك، إذ كان له توابع كثيرة. فقد كتب "سترابو" أن الزلازل استمرت تحدث يوميًا لمدة سنتين أو ثلاثة، وحوائط المنازل تشققت، وكل يوم كانت منطقة من المدينة تُعانى من الدمار.
هذه التوابع والاهتزازات لمدة طويلة، دفعت بالسكان للحياة خارج المدينة في خيام، وكرسوا أنفسهم لزراعة إقليم فيلادلفيا الخصيب. ولكن القليل من السكان جازفوا بالبقاء في المدينة، ووجهوا اهتمامهم لحركة الأرض وحرسوا الحوائط من السقوط بوضع دعامات لها. وبالطبع فإن كثرة الكوارث والرعب منعوا أي تطور في فيلادلفيا.
ولكن الإمبراطور طيباريوس اهتم بأن يُعيد الرخاء والرفاهية إلى مدن آسيا الاثني عشر، وذلك بإعطائهم منح مادية وإعفائهم من الضرائب.
وسُميت المدينة بعد ذلك" نيو قيصرية"، أي أخذت اسمًا جديدًا. وتحت حكم الإمبراطور فسباسيان أخذت اسم " فيلادلفيا".
المدينة بها عدد من المعابد الوثنية التي يقام فيها الاحتفالات الدينية. تُعتبر مدينة فيلادلفيا مركزًا لملوك برغامس في الدعم والتنظيم والتعليم، فهى مركز الحضارة اليونانية، ووسيلة انتشار اللغة اليونانية في الجزء الشرقي من ليديا وفريجية. إنها كانت مدينة التبشير بالمسيحية من البداية، وعندما تعرضت للهجوم من الأتراك بقيت رافعة علم المسيحية وكانت ثابتة أمام تهديداتهم.
في القرن الرابع عشر الميلادي وقفت وحدها ضد الأتراك، وبقيت المدينة الوحيدة المسيحية في وسط أرض تركيا. ومرة ثانية حوصرت المدينة من جيوش الأتراك، وأناسها كانوا على شفا الموت جوعًا، ولكنهم كانوا قد تعلموا أن يُدافعوا عن أنفسهم، وألا يثقوا في أي ملك غريب أو أي حكومة خارجية، وقاوموا بنجاح إلى النهاية.
وفى الفترة من 1379-1390م. خضغت المدينة لحكم مشترك بين تركيا واليونان، حيث أن الأتراك لم يستطيعوا أن يصمدوا وحدهم أمام المسيحيين هناك. ومنذ ذلك الوقت تحولت فيلادلفيا إلى الإسلام، وسُميت المدينة" الأشهير"، أي المدينة الحمراء"، نسبة إلى التلال المحيطة بها والتي لها اللون البني المحمر.
وفى آخر فترة من حريتها نجحت بصعوبة في الحفاظ على تراثها القديم، وعلى إتباع قوانين الكنيسة عن طريق أساقفة ليديا، والتي كانت تتبع ساردس لأكثر من ثلاثة آلاف سنة.
كنيسة فيلادلفيا، تُعتبر الكنيسة المقدسة بين الكنائس السبع، فقد مدحها الروح مرتين بأنها: "حفظت كلمتي واحتملت الوصية"، لذلك استحقت" تاج الحياة". كنيسة فيلادلفيا كانت لها "قوة يسيرة"، أي إمكانياتهم ضعيفة، وبالرغم من ذلك فإن هذه الكنيسة وكنيسة سميرنا يُحسب لهم أنهم الكنيستين اللتين بقيتا شاهدتين للمسيح وحصن للمسيحية حينما كانوا تحت حكم الأتراك الإسلاميين.
لقد عانتا الكنيستين - فيلادلفيا وسميرنا- من وجود مجموعات يهودية، سواء كانوا سكان متغربين أو يهود المدينة، وقد تعرضت الكنيسة للمقاومة من كراهية اليهود لها وتسببوا في إزعاجها. ولقد عانت هاتين الكنيستين أكثر من الكنائس الأخرى من اليهود، بسبب أن أعداد اليهود فيهم كانت كثيرة، وأيضًا بسبب ضعف وفقر المسيحيين هناك.
حالة فيلادلفيا تشرح معنى الرسالة التي أُرسلت إليها. فإن فيلادلفيا تقع في أقصى الجزء العلوي من وادي طويل، والمفتوح من الخلف على البحر. بعد المرور من فيلادلفيا فإن الطريق من الوادي يرتفع إلى أرض فريجية والهضبة العليا، التي بها أكبر تجمع في آسيا الصغرى. هذا الطريق ممتد من شاطئ سميرنا إلى شمال شرق آسيا الصغرى، وهو طريق مهم مثل الطريق الكبير الذي يربط أفسس بالشرق، وهو أكبر طريق آسيوي تجارى، واستمر إلى القرون الوسطى.
طريق الإمبراطور من روما إلى المقاطعات المختلفة في الشرق والجنوب الشرقي، تلتقي في نقط معينة مع هذا الطريق الآسيوي التجاري، مرورًا بترواس وبرغامس وثياتيرا إلى أن يصل إلى ساردس، ويتحد مع الطريق التجاري في فيلادلفيا إلى وسط فريجية. من خلال هذا الطريق حصل تواصل كبير بين روما عبورًا بفريجية حتى يصل إلى الشرق.
وعلى ذلك فإن فيلادلفيا هي الحصن لمدخل الهضبة، وهذا المدخل أو الباب ما زال مفتوحًا باستمرار أمام الكنيسة، وبالتالي يتمكن المبشرين بأن يحملوا رسالة الإنجيل إلى مدن فريجية. وهذا الباب المفتوح من الرب للكنيسة ليس باطلًا، فالرب قد فعل هذا لكي يكون فرصة متاحة للكرازة. ولكن في الحقيقة أن كل كنيسة من الكنائس السبع كان عندها فرصة الباب المفتوح هذا، لأنهم يقعون على الطريق أيضًا، ولكن ربما أُعطى هذا "الباب المفتوح"، أى الدعوة للكرازة لكنيسة فيلادلفيا بالذات، لأجل ثباتهم وتمسكهم بمسيحيتهم في أحلك الظروف. ولقد زار القديس أغناطيوس هذه المدينة وهو في طريقه للاستشهاد في روما، وأرسل رسالة إلى كنيسة فيلادلفيا.
"الباب المفتوح"، وفكرة الباب المفتوح، تعبير معروف من أيام بولس الرسول، حيث قال:" لكنني أمكث في أفسس إلى يوم الخمسين. لأنه قد انفتح لي باب عظيم فعال. ويوجد مُعاندون كثيرون"(1كو 16: 8- 9). وقال أيضًا:" ولكن لما جئت إلى ترواس. لأجل إنجيل المسيح. وانفتح لى باب في الرب" (2 كو2: 12). وأيضًا طلب من أهل كولوسي الصلاة لكي يفتح له الرب بابًا للكرازة، حيث قال: "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر. مصلين في ذلك لأجلنا نحن أيضًا. ليفتح الرب لنا بابًا للكلام. لنتكلم بسر المسيح"(كو 4: 2-3).
وبالتالي يُفهم معنى "الباب المفتوح" هنا بأنه باب للكرازة والتبشير. ويرى القديس يوحنا ذهبى الفم، أن هذا الباب هو الصليب الذي به يفتح لنا الرب باب الفردوس ويُدخلنا الملكوت، كما يُغلق في وجوهنا الجحيم وجهنم.
ويرى القديس غريغوريوس صانع العجائب أن هذا المفتاح هو الكتاب المقدس وخاصة النبوات، لأن روح المسيح الذي كتب النبوات هو وحده القادر أن يوضحها ويكشفها.
ملاك الكنيسة: "أكتب إلى ملاك الكنيسة التي في فيلادلفيا". قيل أن ملاك الكنيسة هو الأسقف كودرانوس، غير أن القديس ايرونيموس يقول بأن هذا الأب كان أسقفًا على أثينا وليس على فيلادلفيا.
"هذا يقوله القدوس الحق. الذي له مفتاح داود. الذي يفتح ولا أحد يُغلق. ويُغلق ولا أحد يفتح".
*هو القدوس الحق، هو ربنا يسوع المسيح، كما قال بطرس الرسول في عظته عندما تَعجب الشعب من شفاءه للمقعد عند باب الجميل: " أنتم أنكرتم القدوس البار. وطلبتم أن يُوهب لكم رجل قاتل"(أع 3: 14). وقال أيضًا يوحنا الحبيب:" ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية"(1يو 5: 20).
والقدوس الحق، هو الاسم الذي سبًح به السمائيين الرب في سفر الرؤيا: "والأربعة الحيوانات لكل واحد منها ستة أجنحة حولها، ومِن داخل مملوءة عيونًا، ولا تزال نهارًا وليلًا قائلة: قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء، الذي كان والكائن والذي يأتي. وحينما تُعطى الحيوانات مجدًا وكرامة وشكرًا للجالس على العرش، الحي إلى أبد الآبدين، يخُر الأربعة والعشرون شيخًا قدام الجالس على العرش، ويسجدون للحى إلى أبد الآبدين، ويطرحون أكاليلهم أمام العرش قائلين: (أنت مُستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة، لأنك أنت خلقت كل الأشياء، وهى بإرادتك كائنة وخُلِقت"(رؤ 4: 8- 11).
وحينما يُدرك الإنسان قداسة الرب، يلتهب قلبه بالعبادة والخشوع أمام القدوس المستحق لكل مجد وكرامة إلى أبد الآبدين.
*الذي له مفتاح داود: أي الذي بيده مفتاح داود، ويُعطى السلطان لمن يشاء، ويثبته على كرسيه، كما وعد الرب الياقيم بن حلقيا قائلًا: "ويكون في ذلك اليوم أنى أدعو عبدي ألياقيم بن حِلقيا وأُلبسه ثوبك، وأشده بمنطقتك، وأجعل سلطانك في يده. فيكون أبًا لسكان أورشليم ولبيت يهوذا. وأجعل مفتاح بيت داود على كتفه، فيفتح وليس من يُغلق، ويُغلق وليس من يفتح. وأُثبته وتدًا في موضع أمين، ويكون كرسي مجد لبيت أبيه" (أش 22: 20- 23).
وكما جاء على لسان الملاك الذي بشر العذراء بميلاد المسيح -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- بأن مفتاح داود هو كرسي وسلطان داود، حيث قال: " ها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتُسمينه يسوع هذا يكون عظيمًا. وابن العلى يُدعى. ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية"(لو 1: 31-33). وجاء أيضًا أن الرب عرًف نفسه ليوحنا الحبيب في رؤياه: " أنا هو الأول والآخر. والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين. ولى مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ 1: 17- 18). أي أن الذي له مفتاح داود، هو الحي إلى الأبد، وفى يده مفاتيح الهاوية والموت.
الذي قَدم الرسالة إلى كنيسة فيلادلفيا هو الرب يسوع نفسه،" القدوس الحق"، الذي هو وحده الذي يفتح فرصة للكنائس لكي تخدم، وهو الذي يفتح القلوب لكي تقبله ملكًا عليها، وهو الذي يفتح باب الدخول لكي ننضم إلى الكنيسة المنتصرة.
*" لك قوة يسيرة. وقد حفظت كلمتي ولم تُنكر اسمي هأنذا أجعل الذين من مجمع الشيطان. من القائلين أنهم يهود وليسوا يهودًا. بل يكذبون. هأنذا أُصيرهم يأتون ويسجدون أمام رجليك ويعرفون أنى أحببتك"
*يشهد الروح للكنيسة بأنها لها "قوة يسيرة وقد حفظت كلمتي ولم تُنكر اسمي".
فالكنيسة قد عانت من كثرة الزلازل والتشتيت الذي نتج عنها، ولكنها بقيت أمينة لمسيحيتها. كما أنها عانت من اليهود أعداء الكنيسة وحفظت كلمة الرب. كما عانت من الأتراك ولكنها بقيت، لم تُنكر اسم الله.
حقًا الكنيسة لها قوة يسيرة، ولكنها تمسكت بقوة الله، كما قال الكتاب:" لا بالقدرة ولا بالقوة. بل بروحي قال رب الجنود" (زك 4: 6). فالرب ينظر إلى تقدماتنا البسيطة من صلوات وصدقات وأصوام ويباركها ويراها ثمينة جدًا في نظره، فهو"يستجيب لك الرب في يوم الضيق. ليرفعك اسم إله يعقوب. ليرسل لك عونًا من قدسه. ومن صهيون ليُعضدك. ليذكر كل تقدماتك. ويستسمن محرقاتك. ليعطك حسب قلبك. ويتمم كل رأيك" (مز 20: 1- 4). فمن أجل القليل من الأمانة والصلاة والمثابرة يُقدم الرب الكثير لمن حفظ كلمته ولم يُنكر اسمه.
وحتى إن كانت الكنيسة لها قوة يسيرة في الكرازة بالمسيح، فالرب يُعضدها بقوة من عنده، كما يقول بولس الرسول:" ليس أننا كفاة من أنفسنا أن نفتكر شيئًا كأنه من أنفسنا. بل كفايتنا من الله. الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد. لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل ولكن الروح يُحيي"(2كو 3: 5-6). ويقول أيضًا: "لكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية. ليكون فضل القوة لله لا منا"(2كو 4: 7).
لذلك: "هأنذا أجعل الذين من مجمع الشيطان، من القائلين إنهم يهود وليسوا يهودًا. بل يكذبون. هأنذا أُصيرهم يأتون ويسجدون أمام رجليك. ويعرفون أنى أنا أحببتك".
لأجل أمانتهم سوف يُخضِع الرب أعداء الكنيسة لها، هؤلاء الأعداء الذين يوصفون بأنهم يهود ولكنهم بالحقيقة مجمع الشيطان. لكنهم سوف يقتنعون بخطئهم،" ويعرفون أنى أحببتك".
وهذا هو وعد الرب لكل إنسان عاش بالأمانة، فالرب سوف يُخضِع له أعداؤه، وقد جاء هذا الوعد على لسان إشعياء النبي قائلًا:"هكذا قال السيد الرب: ها إنى أرفع إلى الأمم يدي وإلى الشعوب أُقيم رايتي، فيأتون بأولادك في الأحضان، وبناتك على الأكتاف يُحملن. ويكون الملوك حاضنيك وسيداتهم مُرضعاتك. بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك، ويلحسون غبار رجليك، فتعلمين أنى أنا الرب الذي لا يَخزى مُنتظروه" (أش 49: 22- 23). ويؤكد الوعد قائلًا:" وبنو الذين قهروك يسيرون إليك خاضعين، وكل الذين أهانوك يسجدون لدى باطن قدميك ويدعونك مدينة الرب، صهيون قدوس إسرائيل. عوضًا عن كونك مهجورة ومُبغضة بلا عابر بك، أجعلك فخرًا أبديًا فرح دور فدور، وترضعين لبن الأمم، وتَرضعين ثدي ملوك وتعرفين أنى أنا الرب مخلصك ووليك عزيز يعقوب. عِوضًا عن النحاس آتى بالذهب وعِوضًا عن الحديد آتى بالفضة، وعِوضًا عن الخشب بالنحاس، وعِوضًا عن الحجارة بالحديد، وأجعل وُكلاءك سلامًا وَوُلاتك برًا. لا يُسمع بعد ظلم في أرضك، ولا خراب أو سحق في تخومك بل تُسمين أسوارك خلاصًا وأبوابك تسبيحًا. لا تكون لك بعد الشمس نورًا في النهار، ولا القمر يُنير لك مُضيئًا بل الرب يكون لك نورًا أبديًا وإلهك زينتك. لا تغيب بعد شمسك وقمرك لا ينقص، لأن الرب يكون لك نورا أبديًا، وتُكمل أيام نوحك. وشعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض غُصن غَرسي عمل يدي لأتمجد الصغير يصير ألفًا والحقير أُمة قوية، أنا الرب في وقته أسرع به"(أش 60: 14- 22).
ويمتد هذا الوعد، ويكون من نصيب المؤمنين المثابرين والثابتين في محبة الله في الحياة الأبدية، كما أعلن يوحنا الحبيب قائلًا:" ثم رأيت سماء جديدة وأرضًا جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا، والبحر لا يوجد في ما بعد. وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مُهيأة كعروس مُزينة لرجلها. وسمعت صوتًا عظيمًا من السماء قائلًا: هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم، وهم يكونون له شعبًا والله نفسه يكون معهم إلهًا لهم وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديدًا. وقال لى أُكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة. ثم قال لي قد تم أنا هو الألف والياء البداية والنهاية. أنا أُعطى العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا. من يغلب يرث كل شيء وأكون له إلهًا وهو يكون لى ابنًا وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني"(رؤ21:1- 8).
*ويشهد الروح أيضًا للكنيسة،" لأنك حفظت كلمة صبري أنا أيضًا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض".
" لأنك حفظت كلمة صبري"، إنجيل المسيح هو كلمة صبره المقروءة منا، والذين يحفظون الإنجيل في وقت السلم، يحفظهم المسيح في وقت الضيق
لذلك: قد أُعطى الوعد لكنيسة فيلادلفيا أنهم منقذين في وقت التجربة التي على العالم، وإنهم سيكونون ثابتين ولن يحتاجوا إلى الخروج إلى مدن أخرى، إذ أعطاهم الوعد بأنهم سيكونوا عمودًا في هيكل الرب. والعمود هو ما يرتكز عليه البناء كله، وهذا رمزًا للاستقرار. وهذا العمود في هيكل الله، يشهد على أمانتهم وصبرهم وعلى تعضيد الرب لهم، وهى ذكرى لن تزول ولن تُهزم، كما حدث مع أعمدة كثيرة أُقيمت على شرف أباطرة وقادة رومانيين.
وعلى هذه الأعمدة يُكتب اسم الله واسم مدينة أورشليم النازلة من السماء، والاسم الجديد الذي ليسوع المسيح. وهكذا سيظهر جليًا تحت أي لواء تجند هذا المؤمن الغالب، وتحت أي قوة جاهد جهاده الحسن وخرج غالبًا.
وكما أن مدينة فيلادلفيا أخذت أسماء جديدة مختلفة من خلال أباطرتها، فإن الكنيسة سوف تأخذ "اسمًا جديدًا"، عن طريق أعضائها الثابتين في مدينة الإله الحقيقي.
لهذا: دُعي الرسل الأطهار أعمدة:" فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا. المعتبرون أنهم أعمدة. أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم. وأما هم فللختان"(غل 2: 9).
ودًعيت أيضًا الكنيسة: "كنيسة الله الحي. عمود الحق وقاعدته" (1 تى 3: 15).
يطلب الروح من مؤمني الكنيسة: "ها أنا آتى سريعًا. تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك".
وبهذا الرجاء يُحمس بولس الرسول أولاده على ضرورة الجهاد قائلًا هكذا:" ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحدًا يأخذ الجعالة؟ هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يُجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلًا يفنى، وأما نحن فإكليلًا لا يفنى. إذا، أنا أركض هكذا كأنه ليس عن غير يقين. هكذا أُضارب كأني لا أضرب الهواء. بل أقمع جسدي وأستعبده، حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1 كو 9: 24- 27).
يليق بنا أن نتمسك بما عندنا من البركات التي نلناها بالمعمودية، وقوة الغلبة على الخطية، وكيف صرنا هياكل للروح القدس. لئلا في لحظة سهو وتهاون نفقد أكاليلنا كما فعل كثيرون، مثل: يعقوب الذي أخذ بركة عيسو (تك 25)، وأخذ داود إكليل شاول، وأخذ متياس الرسول إكليل يهوذا الإسخريوطي، وأخذ الأمم بركة القبول ضمن شعب الله بعد ما رُفض اليهود.
_____
لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:1- The New Bible Dictionary, 1962, p. 982.
2- W. M. Marsay, “The Letters to the seven Churches of Asia”, p. 391- 412.
3-القمص تادرس يعقوب ملطي، "تفسير سفر الرؤيا" ص 42- 46.
4-متى هنري، "التفسير الكامل للكتاب المقدس" ص 629.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pauline-todary/seven/philadelphia.html
تقصير الرابط:
tak.la/f728kmp