St-Takla.org  >   books  >   nagy-gayed  >   christian-management
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المفاهيم المسيحية.. والفكر الإداري المتجدد: فلسفة "الإدارة بالمحبة" - أ. ناجي جيد

31- المسيحية.. ومبدأ الكل في واحد

 

رابعًا: المسيحية.. ومبدأ الكل في واحد

إن قيام الكنيسة الأولى كان ترجمة حقيقية للتعاليم الكتابية التي توصي بأن المؤمنين هم أعضاء في جسد واحد. ومن هنا نرى أن نشأة الكنيسة كان يعتمد أساسا على الإيمان الكامل بمبدأ "الكل في واحد".

إن التلاميذ والرسل – أي المبشرين الأوائل – كانوا صيادين بسطاء، لا يملكون من الدنيا أدني مقومات النجاح طبقا للمفاهيم والمعايير الأرضية مثل (المال، والشهرة، والتعليم، والسلطة والنفوذ، والعزوة... إلخ.). ولكنهم في المقابل كانوا يملكون ما هو أهم وأنفع لتأسيس كنيسة طبقا للمعايير الروحية من (إيمان قوى بإله واحد فادى ومخلص، روح قدس معزي ومرشد، سلطان الكهنوت، مواهب وثمار الروح... إلخ.).

St-Takla.org Image: Global giving, symbol, sharing, helping صورة في موقع الأنبا تكلا: رمز العطاء المتبادل، المشاركة، المساعدة

St-Takla.org Image: Global giving, symbol, sharing, helping.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رمز العطاء المتبادل، المشاركة، المساعدة.

إن منهج المشاركة والتكافل الاجتماعي هو الذي أدى إلى تأسيس الكنيسة الأولى، وقد ساعد على سرعة نموها وانتشارها في معظم دول العالم. لأن تمويل الكنيسة كان يعتمد على ما يقدمه المؤمنون إلى (الكنيسة كجماعة مؤمنين)، أي ما يقدمه المؤمنون للمؤمنين أو لبعضهم البعض... ومن هنا ظهر "مبدأ الكل في واحد" الذي اتخذته الكنيسة الأولى. ليس كشعار مرفوع فقط، بل أيضًا كسلوك حقيقى وأسلوب معيشة وحياة... تم نقله عنها ليصبح –عند كتابة الإنجيل– وصية وتعاليم كتابية... الأمر الذي يمكن معه القول بأن: "تطبيق الوصية قد سبق التعليم بها". هذا ما سوف نجده صراحة في أكثر من نص من نصوص الكتاب المقدس، بسفر أعمال الرسل. واليكم بعض هذه النصوص:

"وجميع الذين أمنوا كانوا معًا، وكان عندهم كل شيء مشتركًا. والأملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع، كما يكون لكل واحد احتياج" (أع 2: 44، 45).

"وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة، ولم يكن أحد يقول إن شيئا من اموله له، بل كان عندهم كل شيء مشتركا. وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم، إذا لم يكن فيهم أحد محتاجا، لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها، ويأتون بأثمان المبيعات، ويضعونها عند أرجل الرسل، فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياج" (أع 4: 32 - 35).

توضح الآيات جليا كيف كانت حياة الشركة بين الأفراد في الكنيسة الأولي، وما هو المعنى الحقيقي لمبدأ الكل في واحد. فالمؤمنون باعوا كل ما يملكوا من مقتنيات وأملاك (وليس الفائض لديهم فقط) باختيارهم دون أي ضغط أو إجبار، وقد شكل هذا الاختيار بسبب حبهم للكنيسة (أي لبعضهم البعض) التزام أدبي وأخلاقي يصعب التراجع فيه أو التحايل عليه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

إن الآيات تعلمنا بوضوح، كيفية ترجمة الإيمان بمبدأ التكافل الاجتماعي إلى سلوك عملي وطريقة حياة، وذلك من خلال (أساس التوزيع) الذي تم استخدامه في تقسيم أو توزيع أثمان مبيعات الممتلكات فيما بين المؤمنين. فقد كان هناك أكثر من أساس توزيع منطقى وعادل يمكن إستخدامه. فمثلًا كان يمكن استخدام:

* أساس توزيع يعتمد على (المكانة الروحية أو الاجتماعية أو الوظيفية) الذي يتمتع بها المؤمن.

* أو أساس توزيع يعتمد على (إجمالي مبيعات الممتلكات) التي قدمها كل مؤمن.

* أو أساس توزيع يعتمد على (إجمالي حجم العمل في الخدمة) الذي يقدمه كل مؤمن لأخوته المؤمنين الآخرين.

* أو أساس توزيع يعتمد على (إجمالي عدد أفراد كل أسرة) من أسر المؤمنين.

* أو أساس توزيع يعتمد على (العمر الزمني للمؤمن في الإيمان).

* أو أساس توزيع يعتمد على (المساواة الحسابية فيما يحصل عليه كل مؤمن)، من خلال قسمة إجمالي ثمن ما تم بيعه على إجمالي عدد المؤمنين.

ومع عدالة كل اسس التوزيع السابقة.. فان التلاميذ والرسل لجأوا إلى أساس توزيع لم ولن يستخدم إلاّ من خلال التعاليم المسيحية والكنيسة الأولى فقط. فقد استخدم التلاميذ أو الرسل –كما توضح الآيات– أساس توزيع يعتمد على "درجة احتياج المؤمن". وهو أساس توزيع يحقق درجات إيجابية عالية لأثنين من المُؤشرات يصعب الجمع بينهما، حيث إنه يحقق درجة عالية من "الرحمة والعدل معا". فهو أكثر رحمة وعدلا من كل الأسس الستة السابق الاشارة اليها.. فكيف يكون ذلك؟

فيما يتعلق بالرحمة فأن التوزيع المالي يكون مرتفعا مع أصحاب درجات الاحتياج المرتفعة، ثم يتدرج في الانخفاض مع انخفاض درجات الاحتياج. أما عن العدل فيمكن القول أن اساس التوزيع بهذه الطريقة يحقق درجة من العدالة -قد تكون متأخرة نسبيًا- لأنه يصحح فترات سابقة من عدم العدالة، وكأنه اعتذار رسمي عما سببته الأيام السابقة من الآم العوز والاحتياج لهولاء الأفراد، أي وهم بعيدين عن أحضان الكنيسة قبل دخولهم الإيمان. كما قد يساوى هذا الاساس في التوزيع (في درجة الاحتياج ومن ثم درجة الإشباع أيضًا) فيما بين المؤمنين اليوم. وعليه يكون الاحتمال الأكبر في الغد هو تلاشى حدة الاحتياج من كل المؤمنين طبقًا لهذا الأساس.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-management/one.html

تقصير الرابط:
tak.la/49vg8rc