أن البركة مفهوما حقيقيًا نؤمن به جميعًا. وليست فكرة فلسفية يعتنقها البعض. لقد بارك الله الإنسان منذ بدء الخليقة: "فخلق الله الإنسان علي صورته. علي صورة الله خلقه. ذكرًا وانثى خلقهم. وباركهم الله. وقال لهم اثمروا واكثروا واملأوا الأرض" (تك 1: 27، 28). ثم بعد ذلك: "بارك الله نوحًا وبنيه وقال لهم اثمروا واكثروا واملأوا الأرض" (تك 9: 1). ثم بارك الله في إبراهيم ونسله، قائلا: "فأجعل منك أمة عظيمة واباركك واعظم اسمك. وتكون بركة. وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تك 12: 2، 3)... وهكذا نجد أن البركة في كل أسفار الكتاب المقدس بعهديه. وحيث ان الرب هو الذي وعد بالبركة... لذا فهي سوف تستمر وتستمر بمشيئة الرب العلى.
قال المتنيح القمص "يوسف أسعد"، في تعريفه للبركة من الناحية الروحية: "البركة في المعنى واضح جدا أنها شيء خفى روحي يبارك به مستحق البركة من مانح البركة -أو مانع البركة- الله الممجد الذي منه تصدر كل البركة"∙
ولكن ماذا عن البركة من الناحية الدنيوية أو المادية.. والتي ننشغل بها اداريا في هذا الكتاب.
نحن بالإيمان نفهم ونُعمِل العقل. فايماننا ليس عن جهل أو تصديق خرافات، لأن " التابع العدل والرحمة يجد حظا وكرامة" (أم 21: 21).. ولهذا الكتاب المقدس يعلمنا على سبيل المثال لا الحصر: ♦
- أن الرب كان يبارك في كل ما تمتد إليه يد يوسف الصديق: "وكان الرب مع يوسف فكان رجلاُ ناجحًا. وكان في بيت سيده المصري. ورأى سيده أن الرب معه وأن كل ما يصنع كان الرب ينجحه بيده. فوجد يوسف نعمة في عينيه وخدمهُ. فوكّله على بيته ودفع إلى يده كل ما كان له. وكان من حين وكله على بيته وعلى كل ما كان له أن الرب بارك بيت المصري بسبب يوسف. وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت وفي الحقل" (تك 39: 2 - 5).
- أنه في حديث الشيطان عن أيوب مع الله قائلا: "هل مجانا يتقي ايوب الله. أليس انك سيجت حوله وحول بيته وحول كل ماله من كل ناحية. باركت أعمال يديه فانتشرت مواشيه في الأرض" (أي 1: 9، 10).
- أنه عندما تساءل – في المزمور– شعب الله متشككا في قدرة الله على ترتيب مائدة في البرية، فيجيب المرنم في نفس المزمور: "هوذا ضرب الصخرة فجرت المياه وفاضت الأودية" (مز 78: 19، 20).
- أنه عندما أشار الرب يسوع علي تلاميذه قائلًا أدخلوا إلى العمق والقوا شباككم: "ولما فعلوا ذلك امسكوا سمكا كثيرا جدا، فصارت شبكتهم تتخرق. فأشاروا إلى شركائهم الذين في السفينة الأخرى أن يأتوا ويساعدوهم فأتوا وملأوا السفينتين حتى أخذتا في الغرق" (لو 5: 6، 7).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ونتعلم من كل الشواهد السابقة أن البركة يمكن ايضا أن تكون مفهوما دنيويًّا (ماديًّا)، لأن لها قيمة حقيقية نحس ونشعر بها. وحيث أننا يمكن اعتبار الفرق بين (المخرجات والمدخلات، أو الإيرادات والتكاليف) يشتمل على البركة الممنوحة من الرب، وذلك بجانب القيمة المضافة والربح المطلوب تحقيقه.
ولعل هذا ما يعكسه قول سليمان الحكيم: "البركة علي رأس البائع" (أم 11: 26).
ويعتقد المؤلف أن مشكلة عدم الاعتراف العلمي أو الاداري بالبركة كقيمة مادية حقيقية، لا تكمن في انكار وجود البركة أو عدم الإحساس بها.. إنما المشكلة الحقيقية تكمن في صعوبة القياس الكمي للبركة، مثلها مثل مفاهيم تجارية كثيرة نقتنع ونعترف بوجودها ومن ثم نستخدمها في الحياة العملية بالرغم من صعوبة قياسها كالرضا والشهرة التجارية.. إلخ.
وقد تأخذ بعض البركات الأرضية مظاهر أو صور إيجابية يتم التعبير عنها (بالزيادة): في الأسرة والأولاد، عمل اليدين، الأرض والغلة، الصحة، الثديين والرحم، السكن... إلخ. لأن: "الرجل الأمين كثير البركات والمستعجل إلى الغني لا يبرأ" (أم 28: 20). كما قد تأخذ بركات أخري مظاهر ايجابية يتم التعبير عنها (بالنقص) مثل: الحماية من مخاطر السرقات والحرائق والغش... إلخ.. الأمر الذي يتمشى مع المبدأ التجاري القائل: (إن تجنب الخسارة المؤكدة يُعتبر ربحًا، كما أن عدم تحقيق الربح المؤكد يُعتبر خسارة).
ويجدر الإشارة إلى: أنه ليست كل بركة يصاحبها نجاح، حيث قد يصاحب البركة فشلا بالمقاييس الأرضية ونجاحا بالمقاييس الروحية. فيا أخي القارئ... دعنا نقل مع أيوب الصديق عن أي خسائر مادية: "الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركًا" (أي 1: 21). ولنقل أيضا مع بولس الرسول: "ما كان لى ربحا فهذا قد حسبته مع المسيح خسارة" (في 3: 7). لأنه يجب علينا أن نكون: "غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى، بل التي لا تُرى، لأن التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية" (2كو 4: 18).
وأخيرًا.. يمكن
القول أن البركة كمفهوم شامل (روحي ودنيوى) تعتبر درع سمائى وحصن
الهى.. لكل إدارة تؤمن بالبركة التي يمنحها الله، وتعمل بكل الحب
في مخافته وفي ظل وصاياه... وعندها تتحقق الوصية الكتابية "بركة الرب تغنى ولا يزيد معها تعب" (أم 10: 22). ولعل هذا ما جعل
دولة بحجم الولايات المتحدة الامريكية تعترف ببركة الله وعمله
معها، فهي التي ترفع شعار"In
God We Trust"..
من منطلق إيمانها القوي بأن:
"God Bless
America".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-management/bliss.html
تقصير الرابط:
tak.la/sj6gkm5