St-Takla.org  >   books  >   nagy-gayed  >   christian-economics
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب التعاليم المسيحية.. ومبادئ الفكر الاقتصادي - أ. ناجي جيد

26- خامسًا: المسيحية.. وتناقص المنفعة

 

St-Takla.org Image: A bee in a beehive and honey, by Amgad Wadea صورة في موقع الأنبا تكلا: نحلة في خلية وشمع عسل، رسم أمجد وديع

St-Takla.org Image: A bee in a beehive and honey, by Amgad Wadea

صورة في موقع الأنبا تكلا: نحلة في خلية وشمع عسل، رسم أمجد وديع

ماذا تقول التعاليم المسيحية عن ظاهرة تناقص المنفعة؟

يقول الروح على لسان الحكيم سليمان منذ أكثر من 2500 سنة: "أوجدت عسلًا؟ فكل كفايتك لئلا تُتْخَم فتتقياه" (أم 25: 16).. ولكن ماذا تعنى هذه الآية؟

تعنى هذه الآية طبقًا لتفسيرها الاقتصادي.. أن الإنسان في حالة الجوع الشديد (الاحتياج الكامل)، تكون المنفعة الحدية للوحدة الأولى من عنصر الطعام والممثلة في (لقمة العسل الأولى) غير محددة النفع أو لنقل على أقل تقدير مرتفعة النفع جدًا. بينما تنخفض المنفعة الحدية (للقمة العسل الثانية عن الأولى)، وبالمثل فأنه سوف تنخفض المنفعة الحدية (للقمة العسل الثالثة عن الثانية).. وهكذا.

وبمزيد من تناول الطعام (العسل) فأنه سوف تنخفض المنفعة الحدية للعسل حتى تصل إلى الصفر، أو ما يمكن أن نسميه مرحلة التشبع الكامل (للاحتياج الكامل).. وهنا تعلمنا الآية أنه يجب عند الوصول إلى مرحلة التشبع الكامل أن يكتفي الإنسان بما تناول من طعام، ومن ثم يجب أن يتوقف عن الأكل تمامًا.

أما في حالة عدم التوقف عن أكل العسل بعد مرحلة سد الاحتياج أو التشبع الكامل أو (الكفاية) ستصبح المنفعة الحدية للعسل (بالسالب)، الأمر الذي تعبر عنه الآية بعبارة (لئلا تتخم)، ومع المزيد من الأثر السلبي لأكل العسل (أي المنفعة السالبة) فيما بعد التخمة والألم تأتى مرحلة (القيء). وهنا تكون النتيجة الطبيعية التي يؤكدها سليمان الحكيم أيضًا: "أكل كثير من العسل ليس بحسن" (أم 25: 27).. وفي نفس السياق يحدثنا الحكيم يشوع بن سيراخ، قائلًا: "مَا أَقَلَّ مَا يَكْتَفِي بِهِ الإِنْسَانُ الْمُتَأَدِّبُ، وَمِثْلُ هذَا لاَ تَأْخُذُهُ الْكِظَّةُ عَلَى فِرَاشِهِ. السُّهَادُ وَالْهَيْضَةُ وَالْمَغْصُ لِلْرَّجُلِ الشَّرِهِ" (سى 31: 22، 23).

وقد تفهم الحكيم سليمان المبدأ السابق جيدًا (تناقص المنفعة بزيادة الوحدات المستهلكة من السلعة الواحدة) وهو النبي الذي وهبه الله حكمة أكثر من كل الشعب، الأمر الذي جعله يطلب من الله قائلًا: "اثنتين سألت منك، فلا تمنعهما عنى قبل أن أموت: أبعد عنى الباطل والكذب، ولا تعطني فقرًا ولا غنى. أطعمني خبز فريضتي، لئلا أشبع وأكفر وأقول من هو الرب؟ أو لئلا أفتقر وأسرق وأتخذ أسم إلهي باطلًا" (أم 30: 7 – 9).

والآن. بعد استعراض الرؤية المسيحية – من وجهة نظر المؤلف – لمفهوم المنفعة وتناقصها.. قد يتساءل البعض ماذا أضافت هذه الرؤية لنظرية المنفعة وتناقصها التي تُنسب إلى رجال الاقتصاد الوضعي.. وهنا يرى المؤلف أن السؤال بهذه الوضعية يكون معكوسًا، لأن التعاليم الكتابية أقدم من الفكر الاقتصادي الوضعي بمئات أو آلاف السنين، ولكن المؤلف قد يلتمس العذر لبعض رجال الاقتصاد لتشبعهم غير الإرادي بالتعاليم الكتابية في كتابتهم. ومن جهة أخرى فأن أهمية التعاليم المسيحية في توجيه الأفراد لإشباع حاجتهم الروحية على حساب الحاجات الجسدية، وفي إرساء بعض القيم الأخلاقية الهامة كالقناعة والتقشف الاستهلاكي سنتعرف عليها بعد قليل.

وختامًا. يرى المؤلف أن نظرية تناقص المنفعة الحدية من الحقائق أو النظريات الهامة والأساسية في الفكر الاقتصادي، والتي تستخدم أيضًا في بناء نظريات اقتصادية أخرى تتعلق بتوازن العرض والطلب وتحديد سعر السوق.. إلخ. ولكن الحقيقة الأهم التي يريد أن يؤكدها المؤلف إن العلم لم يتعارض مع الكتاب المقدس.. بل على العكس نجد أن العلم يؤسس كل أو معظم نظرياته طبقًا للنصوص الكتابية أو على أقل تقدير يحاكيها.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-economics/decrease.html

تقصير الرابط:
tak.la/tth52qn