St-Takla.org  >   books  >   maurice-tawadrous  >   second-coming-judgement-day
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المجيء الثاني والدينونة - موريس تواضروس

10- الفصل الثالث: الحياة المغبوطة التي تنتظر الأبرار

 

نعود فتقول: 

1۔ بلا شك يخلص الأبرار من الغضب الآتي، ومن النتائج المرتبة عليه. وهذا يملأ قلوبهم فرحًا وبهجة لا يعبر عنها. على أن هذا يمثل الجانب السلبي في حياة الغبطة المتوقعة والمنتظرة. وهناك إلى جوار ذلك، جانب آخر إيجابی يتمثل في النعيم الأبدي الذي يحظى به هؤلاء الأبرار. ويرسم العهد الجديد صورة لهذا النعيم الأبدي على النحو التالي:

"من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله" (رؤ 2: 7).

"وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها" (2 كو 4:12).

"أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" (لو 23: 42).

"من يغلب فسأجعله عمودًا في هيكل إلهي ولا يعود يخرج إلى خارج، وأكتب عليه اسم إلهي واسم مدينة إلهي أورشليم الجديدة، النازلة من السماء، من عند إلهي، واسمي الجديد، (رؤ 3: 12).

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ Pantocrator (image 11), ancient icon style - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح الضابط الكل (صورة 11)، بشكل أيقونة أثرية - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ Pantocrator (image 11), ancient icon style - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح الضابط الكل (صورة 11)، بشكل أيقونة أثرية - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

"بل قد أتيتم إلى جبل صهيون، وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية، وإلى ربوات هم محفل الملائكة، وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات، وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين" (عب 12: 23،22).

 "لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ في السماوات لأجلكم. أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير، الذي به تبتهجون" (1بط 1: 4- 6).

"في بيت أبی منازل كثيرة وإلا فإني كنت قد قلت لكم، أنا أمضى لأعد لكم مكانًا، وان مضيت، واعددت لكم مكانًا، آتي أيضًا وأخذكم حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو 14: 2-3). "لأن ليس لنا هنا مدينة باقية لكتنا نطلب العتيدة،"(عب 13: 14).

"ثم يقول الملك للذين عن يمينه، تعالوا يا مباركی أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 24).

"وأقول لكم أني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي" (مت 26: 29).

"ان كنا نصبر فسنملك أيضًا معه" (2 تی 2: 12).

"وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيئة كعروس مزينة لرجلها. وسمعت صوتًا عظيمًا من السماء قائلًا: هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم، وهم يكونون له شعبًا، والله نفسه يكون معهم الهًا لهم. وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم. والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت" (رؤ 21: 2-4).

(اقرأ الأصحاحين الحادي والعشرين والثاني والعشرين من سفر الرؤيا).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2- على أن أهم تحققات هذه الغبطة هو السمو الروحي للإنسان، فإذا كان التجسد يهدف لأن يعود الإنسان إلى ميراث ملكوت الله وإلى الراحة والغبطة الأيدية، فإن الهدف المباشر لهذا التجسد كما أكده الآباء، هو:

 

ان الرب الغني الذي يغني الجميع كل شيء، قد افتقر وأخذ الطبيعة البشرية الفقيرة الضعيفة، لكي يغتني الإنسان ويغني بالسمو الروحي. انظر:

Athanasius: On the incarnation of the Divine Word, 54 (M. 25,192).

 

لقد صار ابن الله انسانًا لكي يصيرنا أبناء للآب، ولكي يصير الناس في أعلى حالات السمو والرفعة. انظر:

Gregory, Nazianzyn: Logos,11 (M, 36,325).

Athanasius: Againest the Arians A 38 (M. 36,92)

 

لقد ذاق ابن الله الموت حتى يشارك أبناء الإنسان في حياة الله. أن هذا الابن الحقيقي الذي هو بالطبيعة ابن الله لبسنا، حتى نلبس نحن جميعنا الله الواحد وانظر:

Athanasius: On the Incarnation of the Divine Word, 8 (M. 26,996,997).

Gregory Nazianzyn; Logos, 40, the Holy Baptism 45 (M. 36,424).

Logos A The Holy Pascha, 5 (M. 35,400).

Logos 38, The Epiphany, 18 (M. 36,333).

Gregory of Nyssa: Contra Apolinarius. (m. 45,1152).

أن السمو بالطبيعة البشرية Thewsis tys Arthrwpinys physews" والسمو بالأبرار يعني أن يصير الأبرار شركاء الطبيعة الإلهية. ولكننا يجب أن لا نغفل، بل يجب أن نؤكد أن الطبيعة البشرية لا تتلاشى ولا تبتلع في الطبيعة الإلهية غير المحدودة ولكن حسب الإمكانية المحدودة للطبيعة البشرية، تشارك في المجد الإلهي الذي لا يمكن الإقتراب منه. ويحتفظ كل من البشر بفرديته التي يرتفع ويسمو بها ليقترب إلى الله، ولكنه يظل على الدوام محدودًا. ولا يحدث مطلقًا أن يتحد الإنسان اتحادًا جوهريًا واقنوميًا مع أي من الأقانيم الثلاثة. أن الإنسان يشارك في الحياة الإلهية والمجد الإلهي ليس بالجوهر بل بالنعمة.

وفي هذا المعنى من المشاركة في المجد الإلهي يقول الكتاب:

"لقد وهب لنا المواعيد العظمى والثمنية لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة، (2 بط 1: 4).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- وعلى ذلك، فعلى الرغم من أن المسيح "الإله المتجسد" فيه اتحدت الطبيعة الإلهية بالطبيعة الناسوتية في طبيعة واحدة، إلا أننا نحن البشر لا نتحد جوهريًا بالمسيح، أن اتحادنا بالمسيح كأعضاء في الكنيسة التي هي جسده (أف 22:1، 23) يبدأ من الآن في الحياة الحاضرة ويتكامل في حياة الغبطة المقبلة التي سوف نعيش فيها.

في الحياة الحاضرة يكون المسيح لنا نبع الحياة الروحية، ومنه يستمد جسده السري الذي هو الكنيسة حياته ونموه الذي فيه كل الجسد مركبًا معًا ومقترنًا بمؤازرة كل مفصل حسب عمل قياس كل جزء يحصل نمو الجسد لبنيانه في المحبة (أف 4: 16) وأما في المستقبل، في حياة الغبطة، فإن الكنيسة تتكامل لتأخذ مجد "العروس امرأة الخروف" (رؤ 21: 9) "لها مجد لله" (رؤ 21: 11).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4- بالنسبة للصورة التي يمكن أن ترسمها للكنيسة في تكاملها - حسب تعاليم الكتاب - يمكننا أن نقول:

أن الكنيسة لا تقتصر فقط على النظر إلى مجد المسيح لكنها تأخذ هذا المجد وتتحول إلى تلك الصورة عينها [10] وسوف تتحقق لنا المعرفة بصورة أعمق وأكمل، وننمو في المعرفة نموًا مطردًا إلى أعمق وإلى أكمل. قال السيد المسيح لتوما: "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بی. لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه، فقال له فيليس: يا سيد ارنا الآب وكفانا. قال له يسوع. أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيليس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الأب. الست تؤمن أني أنا في الآب والأب في" (يو 14: 5-10). كذلك يقول السيد المسيح "كل شيء قد دُفع إلى من أبي وليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت 27:11). وبلا شك، إذا كنا بتشبهنا بالمسيح تكون لنا الإمكانية لنعرف المسيح معرفة أعمق، نراه كما هو، كذلك أيضًا تكون لنا الإمكانية بالمسيح، أن نعرف الله معرفة أعمق. والسيد المسيح يقول: "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3). وبالطبع فليس المقصود هنا، المعرفة النظرية الخالصة بل معرفة الخبرة التي هي نتاج الإشتراك في الحياة الإلهية والتعمق في الكمالات الإلهية. كلما تعمقنا أكثر في هذه الكمالات الإلهية غير المحدودة، كلما تكشفت لنا الأمور بصورة أعمق، وكلما اكتشفنا أمورًا جديدة لا نهاية لها.

وإذا أخذنا في الاعتبار ما يقال عن الملائكة من أنها على الدوام تسبح الله قائلة "قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض"(إش 6: 3)، ولو تصورنا أن الملائكة تكرر هذه التسبحة على وتيرة واحدة، فإن هذا قد يقود إلى الملل. لكن الملائكة لا تمل هذه التسبحة لأنها على الدوام وبغير توقف تتعمق معرفة الله وتتكشف لها أمور جديدة كانت تجهلها من قبل.

ولقد سُمى السيد المسيح، عريس الكنيسة. وسُميت الكنيسة العروس.

ويمكننا أن نتصور أن العلاقة بين الكنيسة وعريسها تزداد قوة وشدة من خلال اللانهائي للأبدية. ونجد في الآيات التالية تعبيرًا عن تعميق هذه العلاقة بين العريس وعروسها، كذلك يلزم أن تتعمق الصلة بين المؤمنين بعضهم ببعض. ولقد طلب السيد المسيح في صلاته للأب فقال:

"ليكون الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الأب في وأنا فيك، ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق. ولست أسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضًا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم.. ليكون الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الأب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني.. أيها الأب أريد أن هؤلاء الذي أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم. أيها الآب البار ان العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوك أنك أنت أرسلتني. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتنى به وأكون أنا فيهم" (يو 21- 26).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بقى لنا أن نتساءل: إذا كان البشر سيعرف بعضهم بعضًا، أليس في هذا شيء من الألم والحزن بالنسبة لمن يعاني أحد من ذوي قرباه من آلام العذاب الأبدي، وبذلك ينتقص الإحساس بالنعيم الأبدي؟

وكذلك ماذا سيكون الأمر بالنسبة لهؤلاء الذين كانوا يعانون بعض العاهات في الحياة الحاضرة مثل فقد البصر؟

نقول أولًا: أن هذه العاهات لن يكون لها وجود فيما بعد. أما من جهة المعرفة فهي بلا شك قائمة، كما عرف الغني لعازر وإبراهيم (أي اننا سنعرف من كنا نعرفهم هنا على الأرض، ولكن كما يحدث في الأرض أن المرء ينفر من التصرفات الرديئة التي تصدر عن أقرب الناس إليه، كأن ينفر الأب من تصرفات أبنه أي أن العلاقات الجسدية يمكن أن تتأثر بسبب سوء التصرف أو سوء المسلك، هكذا الأمر في الحياة الأخرى، فإن العلاقات الجسدية لن يكون لها صدي عميق بالنسبة لمن اساءوا التصرف وأهانوا مجد الله واستحقوا العذاب الأبدي.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[10] انظر كتابنا: الروح القدس في وسائل بولس الرسول ص. 82، 83، 84.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/second-coming-judgement-day/blessed-life-awaits.html

تقصير الرابط:
tak.la/69b2wrc