(17)
وَتَصَرَّف الفريسيون بنفس الوقاحة، ولذلك أخذوا من الرب عقوبة مماثلة، بل هي عقوبة مثل عقوبة بعلزبول نفسه الذي تحدثوا عنه، كي يحترقوا معه بنار أبدية.
ولم يكن الرب يقصد بما قاله في الإنجيل أن يقارن بين التجديف الموجه ضده والتجديف الموجه للروح القدس، ولا أشار ولو من بعيد أو بطريق غير مباشر إلى أن الروح القدس أسمَى منه، ولا لأن التجديف على الروح أخطر، نطق الرب بهذه الكلمات -حاشا- لأنه علم من قبل أن كل ما هو للآب فهو للابن، وإن الروح يأخذ من الابن وبذلك يمجد الابن (يوحنا 16: 14-15). والروح لا يعطي الابن بل الابن هو الذي يعطي الروح، وقد أعطاه لتلاميذه وبهم لمن يؤمنون به بواسطتهم. ولم يكن الرب يقارن نفسه بالروح عندما قال هذه الكلمات، كما أنها لا تعني أن الروح أسمَى من الرب، فهذا سوء فهم لكلمات المخلص. والتجديف بنوعيه موجه بالضرورة للروح القدس. والنوع الأول من التجديف مُحتمل، أما النوع الثاني فهو خطير. وقد ارتكب الفريسيون نوعي التجديف لأنهم رأوه إنسانًا فأهانوه بقولهم “من أين له هذه الحكمة” (متى 13: 54). وقولهم: أنت لم تبلغ بعد من العمر ثلاثين سنة فكيف رأيت إبراهيم (يوحنا 8: 57). ورغم أنهم رأوا أعمال الآب فيه إلا أنهم لم يرضوا بألوهيته. وبدلًا من هذا قالوا أن بعلزبول فيه، وإن هذه الأعمال هي أعمال بعلزبول، وبذلك أصبح تجديفهم بنوعية موجه ضده. والنوع الأول أقل خطورة بسبب العذر الواضح وهو إنسانيته، أما النوع الثاني فهو أكثر خطورة لأنه إهانة موجهة إلى ألوهيته. ومثل هذا التجديف الخطير هو الذي استدعى عقوبة عدم المغفرة. ومن الواضح أن الرب كان يشجع التلاميذ عندما قال لهم “إذا كانوا قد دعوا رب البيت بعلزبول” (متى 10: 25) وأكد هنا أنه رب البيت الذي جدف عليه اليهود.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/blasphemy-both.html
تقصير الرابط:
tak.la/7a5sa9w