St-Takla.org  >   books  >   iskander-hanna  >   eucharist
 
St-Takla.org  >   books  >   iskander-hanna  >   eucharist

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب سر القربان المقدس - أ. إسكندر حنا

1- مقدمة عن الخصومة بين الله وشعب بني إسرائيل، ثم التصالح معهم

 

أيها الأعزاء:

تقوم الخصومة بين الأفراد وتُعْلَن الحرب بين الدول والشعوب والأمم، فلا تنتهي الخصومة ولا تزول البغضاء ولا تقف رحى الحرب ولا تضع أوزارها إلا عند عقد المُصالحة وإمضاء معاهدات السلام. ولكن قبل ذلك الخصومة ثابتة والعداء مُستحكم والحرب قائمة على قدمٍ وساق، لا تلقي أسلحتها ولا تضع أوزارها.

St-Takla.org Image: The ark of the Testimony: Ark of the Covenant - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: تابوت العهد - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: The ark of the Testimony: Ark of the Covenant - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تابوت العهد - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

واعتاد أفراد الأمم على الاتفاق على عهد خاص يتصالحون به ويحلون السلام محل الخصام. فأفراد العرب وقبائلهم مثلًا قد اتفقوا فيما بينهم على وساطة أو عهد خاص يقيمونه بينهم وبين بعضهم لإحلال السلام محل الخصام، فإذا شاء متخاصمان أن يضعا حدًا لخصامهما يأتيان ببعض الخبز وقليل من الملح، ويشترك الطرفان في الأكل منهما، ولسان حال كلٍ منهما يقر ويعترف أن مَنْ يخون عهد الخبز والملح يُخَان. وبينهم مَثَل أصبح مُشاعًا يتناقلونه ويتكلمون به محققًا لهذه الحقيقة الواقعة، وإعلانًا لهذا الأمر وهو "وَخَائِنُ الْعَيْشِ رَبُّنَا يُعْمِيهِ". وإذا مر أعرابي على آخر ناداه الأخير قائلًا: "تفضل". فان أتى واكل معه أعطاه جانب السلام ولكن إذا مر بدون أن يسمع لدعوته يتخذ منه الحيطة. هذه أمور متفق عليها عرفًا بين بعض أفراد القبائل والأمم - وكذلك تطاحن الممالك والشعوب إبان الحرب، فتطلق مدافعها وتحكم سيوفها في الرقاب، ولا يمكن أن تقف رَحَى هذه الحرب إلا على هُدنة لعمل معاهدة الصلح والسلام. فإذا ما تمت المعاهدة وأصبحت مُعتمدة من الطرفين وَمُوَقَّع عليها من الجانبين، تحولت الحرب إلى سلام وَوُضِعَت اليد في اليد، ورفرف على السلام على هاتين الأمتين.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

على هذا الحال أيها الأعزاء، وعلى هذا المنوال عامَل الله شعبه قديمًا وحديثًا. فاختار الله قديمًا شعبًا مختارًا هو شعب إسرائيل. وقال: "إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ"(1)، وذلك على عهد إبراهيم أب المؤمنين، ومن إبراهيم قام إسحق ومنه جاء يعقوب ومن يعقوب خرج أسباط إسرائيل الاثني عشر. وقد ارتكب هؤلاء الأسباط أي مجموع شعب الله المختار خطية عظيمة وجريمة فظيعة، فأغضبت الله تلك الفعلة الشنعاء؛ إلا وهي ضد أخيهم يوسف. فحكم الله وقضَى على هذا الشعب -القاسي القلب، العاتي الفؤاد، المنزوع الرحمة، الذي لا يخضع لعهد ولا يتبع إرشاد- أن يُذَل إذلالًا - فعذب إسرائيل الجسدي(2) في أرض مصر، وبقى تحت عبودية فرعون أربعمائة عام. ذاق في أثنائها صنوف العذاب وشرب كؤوس العلقم وذاق من المذلة والهوان ألوانًا - الرجال عبيد في الحقول والنساء إماء في البيوت والمنازل. فصرخ الشعب إلى الله فأرسل لهم موسى مُخلصًا ومُنقذًا - وجعل الرب النجدة على يديه كما يعلم سادتي الأفاضل. إذ بذراع قوية صنع المعجزات وعمل العجائب. فتقهقر فرعون من أمامهم. وشق لهم البحر الأحمر وعبد لهم في وسطه طريقًا عبروا فيها، ثم عالهم أربعين سنة في البرية ونصرهم على ممالك أقوَى منهم، وأدخلهم بيوتًا لم يبنوها، وَوَرَّثَهُم كرومًا لم یزرعوها. فكان الرب لهم أبًا وهم له أبناء، لأنهم رجعوا إلى الرب إلههم فرحمهم، ووضع حدًا للخصومة والعداء الذين كانا مُستحكمين بينه، وبينهم وأصبح شعب إسرائيل ابن الله البكر. فقبل أن يسأل يُجَاب. وقبل أن يصرخ يُنْقَذ. وقبل أن يشتهي ينال وَيُعْطَى، لأن عين الله عليه بالرضا والإحسان، ولكن يخاطبهم الله قائلًا: شعبي شعبي، لاحظ ليست حياتك كحياة الأمم ولا سلوكك كسلوكهم ولا فرائضك كفرائض باقي الأمم، ولكن لك شريعة خاصة وأوامر ووصايا خاصة وناموس خاص أعددته لك أنا الرب إلهك، فهل تطيع أوامري؟ وهل تخضع لأحكامي؟ وهل تكون حقًا عند ندائي؟ هل لا تتعدى ناموسي؟ هذا كان سؤال الله إلى إسرائيل الذي هو رمز الكنيسة الطاهرة.

بعد ذلك أيها الأعزاء نذهب إلى سفر الخروج لنرى كيف وضع الله لشعبه عهدًا خاصًا. "فجاء موسى وحدُّث الشعب بجميع أقوال الرب وجميع الأحكام. فأجاب جميع الشعب بصوت واحد وقالوا:" كل الأقوال التي تكلم بها الرب نفعل" (خر 3:24)، نحن نطيعك يا رب - فبدل الخصومة محبة، وبدل العداء سلام. نحن مستعدون أن نقوم بكل الأوامر والأحكام والنواهي والأقوال التي خرجت من بين شفتيك الطاهرتين، نخضع لها ونتممها وتعمل بموجبها.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) إضافة من الموقع: (خر 4: 22).

(2) توضيح من الموقع: ربما يقصد "جسديًّا".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/iskander-hanna/eucharist/reconciliation.html

تقصير الرابط:
tak.la/yz6mca3