 |
واستكمالا لهذه النعمة الغير مدركة التي أسبغها الله علينا نستمع إلى بطرس الرسول يقول: "ان قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة.... لكي نصير بها شركاء الطبيعة الإلهية" (2بط1: 3، 4) وعلى هذا المثال نتعلم من القداسات بأن المسيح له المجد أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له، نزل إلى هبوطنا ليصعدنا إلى علوه... وغير ذلك من المحاولات الإنسانية لتوضيح العطايا الإلهية اللامنطوق بها. فما معنى هذه كلها؟ ان معناها أن مخلصنا بتجسده صار إنسانًا مثلنا "شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها": ولد ونما وترعرع واشتغل نجارًا. أكل وشرب. تعب ونام. شاركنا طبيعتنا. لماذا؟ ليرتفع بنا إلى مشاركة طبيعته. ويحضرني هنا تعبير رائع لكاتب إنجليزي اسمه سي. اس. لويس وهو أننا لكي نصل إلى شيء من إدراك عملية الفداء يجب أن نتصور إنسانًا استطاع أن يحول دمية من القصدير إلى رجل(48). فالمسيح له المجد بصليبه قد حول الإنسان إلى ابن الله وهذا هو المقصود من قول القديس بطرس اننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية التي بها نهتف "يا أبا الآب" ولست أستطيع أن أتصور أن هناك مسيحيا يستطيع أن يقول ان هذه المشاركة للطبيعة الإلهية قاصرة على الرجال إذ لا يمكن أن يكون هناك مسيحي في مقدوره أن يزعم بأن الخلاص للرجال وحدهم.
إذن فما دام الخلاص قد شمل النسوة فقد أهلهن لأن يكن شريكات الطبيعة الإلهية. فان كانت المرأة قد نالت هي أيضًا حق المشاركة للطبيعة الإلهية وحق البنوة للآب السماوي فمن يستطيع أن يحرمها هذه الحقوق؟ فكما أن الذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. وكما أن الذي ظهره الله لا يدنسه إنسان هكذا الحق الذي منحه الله لا يقدر أن يمنعه إنسان. هي إذن بنت لله بناء على عطية الله، وهي بهذه العطية لها دالة البنوة، وهي بدالة البنوة قد نالت نعمة المشاركة للطبيعة الإلهية، فهي بهذا كله تطهرت وتقدست وتسامت وأصبحت صاحبة الحق في السعي نحو الكمال. إذن فكيف يجرؤ إنسان على أن يصمها بالنجاسة في أي وقت لأسباب فسيولوجية بحته.
_____
(48) وقد نشرت كنيسة السيدة العذراء بالفجالة ترجمة هذا الكتاب بعنوان: "المسيحية كما هي".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/partakers-of-divine-nature.html
تقصير الرابط:
tak.la/whb38b7
