وليس من شك في أن الإنسان الذي يستهدف الوصول إلى ما أراده الله من خلقه إنما هو الإنسان الذي يبحث عما منح الله من مواهب ويستعمل هذه المواهب (الوزنات) لخدمة الآخرين بالضبط كما علمنا رب المجد في مثل الوزنات. فلو أن العبد الذي أخذ خمس وزنات لم يتاجر إلا بأربع فقط في حين أن الذي أخذ الوزنة الواحدة تاجر بها لامتداح الرب صاحب الوزنة أكثر من امتداحه لصاحب خمس وزنات كما فعل حين رأى الأرملة التي لم تلق غير فلسين في الخزانة(52).
ولقد استكمل بولس توجيهاته في هذا الشأن فبين أن أصحاب القليل لهم قيمة متساوية أمام ذاك الذي منح الجميع هباته المتنوعة فقال: "بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر أضعف هي ضرورية"(53). بينما يهيب ذهب الفم بأصحاب القليل من المواهب أن يشفقوا على أصحاب الكثير بدلا من الشعور بالغيرة منهم إذ يقول بأن كل موهبة ممنوحة من الله هي مسئولية لأنه لا بُد من تقديم الحساب عنها إلى واهبها.
وفي يقيني أن قول الله تعالى "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" يعني انه قد أوجد داخل الإنسان قوى خلاقة: فالإنسان يفكر ويبتكر ويبني ويجدد - وبهذا كله يبرز صورة الله الكائنه في داخله أمام الجميع. أي أنه الإنسان الذي -بعد ما عرف مواهبه الخاصة- سعى إلى استعمالها أو تاجر بها.
_____
(52) (مرقس12: 42).
(53) (1كورنثوس12: 22-24) ومن أرق الأمثلة عن تَفَهُّم الأطفال للحقائق الروحية تَفَهُّمًا باطنيًّا لا واعيًا أن طفلة في الثامنة من عمرها كانت بعد صلاة النوم مباشرة تمسك برجليها الواحدة ثم الثانية وتقبلهما وهي تقول: "أشكرك يا رجلي لأنك شيلتيني طول النهار"، فهذه صورة جميلة لتكريم الأعضاء "الأضعف".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/necessity.html
تقصير الرابط:
tak.la/nc9w95r