St-Takla.org  >   books  >   iris-habib-elmasry  >   paul-the-apostle
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

39- رسالته إلى أهل رومية

 

37-   رسالته إلى أهل رومية:

+      وأعظم انتاجاته هي رسالته ذات الجلال التي بعث بها إلى أهل رومية. وحين كتب الرسالة لم تكن بتلك كنيسة إذ لم يكن قد وصلها أي رسول. فلقد كان التلاميذ من أهالي اليهودية. وبالطبع لم يكن لديهم وسائل النقل السريعة بل إن معظمهم كان يتنقل على الأقدام، ومن الطبيعي أن يبدأ الإنسان بأهل بيته. فرب المجد نفسه حين أوصى تلاميذه بأن يتلمذوا جميع الأمم قال لهم: " ...وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ "  (أعمال 1: 8) وهم قد نفذوا وصيته هذه فلم يبرحوا أورشليم للكرازة في غيرها إلا بعد أن تشتتوا نتيجة للاضطهاد  (أعمال 8: 1). وهم لم يتشتتوا إلا إلى المدن التي يعيش فيها بنو جنسهم. بل إن الأممي الأول الذي آمن بالسيد المسيح كان في قيصرية (أعمال 10).

St-Takla.org Image: Reading the epistle of Saint Paul to the Romans: Paul to all who are in Rome (Rom 1) - Unknown illustrator صورة في موقع الأنبا تكلا: قراءة رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية: بولس إلى جميع الموجودين في رومية (رومية 1) - لفنان غير معروف

St-Takla.org Image: Reading the epistle of Saint Paul to the Romans: Paul to all who are in Rome (Rom 1) - Unknown illustrator

صورة في موقع الأنبا تكلا: قراءة رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية: بولس إلى جميع الموجودين في رومية (رومية 1) - لفنان غير معروف

        إلا أنه كان في العاصمة الإمبراطورية بعض الأفراد الذين جاءوها للعمل مؤقتًا أو للاستقرار فيها. هذا ما قرره اليهود لبولس حين استدعاهم بعد وصوله إلى رومية بثلاثة أيام(1). ومع عدم وجود كنيسة فقد دفع الاشتعال الروحي ببولس إلى أن يكتب لهؤلاء الأفراد القليلين. فرسالته هذه ليست نتيجة لاحتياج وجده كما هو الحال في رسائله الأخرى، إنما هي رسالة لاهوتية عظمى يعالج فيها موضوع التبرر بالإيمان بيسوع المسيح مقابل التبرر بأعمال الناموس. كان قد خاض هذه المعركة بعنف في رسالته إلى الكورنثيين؛ وحمى وطيسها في رسالته إلى الغلاطيين. أما هنا فيكتب بهدوء لأنه كسب المعركة. والواقع أنها أعمق ما كتب. ونتجنب عمقها العميق لنتبصر المبدأ الجذري الذي يقيم عليه صرحها. ويمكن تلخيصه فيما يلي: أنتم مدركون حاجتكم إلى مخلّص لأن الجميع -يهودًا وأمميين- قد كسروا ناموس الله. وقد يقول قائل إن الأمميين لم يكن لهم ناموس. نعم. كان لهم ناموس الله في ضمائرهم وبما أن الجميع أخطأوا فالجميع تحت الدينونة. وهنا تأتي الأخبار المفرحة من الله. فالآب محب البشر قد هيأ الدواء. ومن جانبه هي عطية مجانية كريمة؛ ومن جانبنا هي تقبّل من غير استحقاق. فلم يعد هناك مجال للمقايضة و لا للاكتفاء الذاتي ولا للكبرياء إذ لا يوجد من يستطيع أن يخلِّص نفسه: "وبأعمال الناموس لا يتبرر كل  ذي جسد". والله لا يفرق بين الناس: اليهود واليونانيين، كبار الخطاة وصغارهم - جميعهم يرحّب بهم ويحتضنهم. ولكل نفس تائبة لا يمنح مغفرته عن الماضي فقط، بل يهبها قوة الروح القدس. ولنلحظ كيف يركز بتوكيد على قوة الروح القدس. ولكي نحظى بهذه المنحة العظمى مات السيد المسيح عنا ونحن خطاة. وليست هناك سلطة يمكنها أن تحول بيننا وبين محبته: "...لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً،  وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رو 8: 38، 39) ثم تأتي بعد ذلك الأصحاحات الخاصة بالأسرار العميقة عن دعوة الله العليا التي كثيرًا ما أسيء فهمها. وهو -فيها- يقدّم الرجاء الخفي لشعب إسرائيل الذي فقد دعوته العليا آنذاك، والذي سيخلص يومًا ما.

+      أما الأصحاح الأخير فشهادة عظمى من ذاك الذي كان فريسيًا ابن فريسي لخدمة المرأة ففيه بعث بسلامه إلى سبعة وعشرين شخصًا تسعة منهم نسوة ويفتتحه بالتوصية على "... فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا" (رو 16: 1، 2). وفي ختام الرسالة يعلن: "كُتب إلى أهل رومية من كورنثوس على يد فيبي خادمة كنيسة كنخريا".

        وبعد هذه التوصية الفائضة بالإعزاز يسلِّم على "... بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي(2)، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ، وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا" (رو 16: 3-5). وعلى الكنيسة التي في بيتهما وليس من شك في أن المؤمنين كانوا يجتمعون في هذه "الكنيسة"، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ومن هذه الجملة نلمح عمل بريسكلا وزوجها في الكرازة. ويجب أن نذكر أيضًا أنهما أخذا أبلوس "وَشَرَحَا لَهُ طَرِيقَ الرَّبِّ بِأَكْثَرِ تَدْقِيق"(أعمال الرسل 18: 26). وكان هذا في أفسس على مرأى ومسمع من بولس الذي كان مقيمًا معهما. وجدير بنا أن نعتزّ بما عملاه مع أبلوس الذي وصفه لوقا البشير بأنه "إِسْكَنْدَرِيُّ الْجِنْسِ، رَجُلٌ فَصِيحٌ مُقْتَدِرٌ فِي الْكُتُبِ"  (أعمال 18: 24). وإننا لنرى في سلام بولس تقديره لحاملي الكلمة.

+      وبعد ذلك يسلم على "مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا"(رو 16: 6) ، يليها السلام على "...تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. .. وعَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ" (رو 16: 12). ثم يسلِّم على أم "رُوفُسَ" التي يدعوها "أُمِّي" (رو 16: 13)... وعلى ".. جُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، ..." (رو 16: 15).  فالذين ذكرهم بالاسم ثمانية عشر رجلًا وتسع نساء ولسنا نعلم كم من النسوة يشملهم كل من بيت "أَرِسْتُوبُولُوسَ" و"أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ" (رو 16: 10، 11). ومن هذا السجل الناطق بعرفانه الكريم للذين "تعبوا من أجله ومن أجل الإنجيل". نرى أن المرأة كان لها نصيب محترم في حمل رسالة السيد المسيح، وهذا يشجعنا على استكمال السعي.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) أنظر ف 31 من هذا الكتاب.

(2) كان هذا في أفسس حين هيج ديمتريوس الصائغ الشعب على بولس.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/paul-the-apostle/romans.html

تقصير الرابط:
tak.la/yncrw5a