ج: يعد المفهوم السابق طعن في صميم الوحي الإلهي، فالوحي في الكتاب المقدَّس هو وحي مطلق، جميع الأسفار بكل ما جاء فيها هو كلمة الله الموُحى بها والمعصومة من الخطأ. أما لو أخذنا بالمفهوم السابق فإننا سنقع في موقف متناقض، فالنص الواحد قد يؤثر في شخص دون الآخر، فمثلًا قصة الابن الضال قد تؤثر في شخص دون الآخر، فهل تعد كلمة الله لأن شخصًا تأثر بها أم تعد مجرد كلمات بشرية لأن شخصًا آخر لم يتأثر بها؟!
لقد خلط أصحاب النقد بين الكتاب المقدَّس ككلمة الله، وبين عمل الروح القدس في فتح البصيرة الداخلية للإنسان لكيما يدرك ويتفهم كلمة الله، والحقيقة أن الكتاب المقدَّس كله كلمة الله سواء قبلها الإنسان أو رفضها سواء أثرت في الإنسان أو لم تؤثر، فهذا التأثُّر أو عدم التأثُّر ناتج عن استعداد الإنسان وليس بسبب ضعف كلمة الله على الإطلاق.
ويفرق "ج. و. بروميل" بين عمل الروح القدس في الوحي، وبين عمله في الاستنارة الباطنية، فيقول "ولقد أمسك بعض اللاهوتيين المعاصرين موضوع هذه الإنارة كأنها وحي حقيقي، حسب التصوُّر الإصلاحي. أي أن الكتاب المقدَّس مُوحى به فقط بقدر ما يستعمل الروح القدس هذه الفقرة أو تلك لينجز استنارة داخلية في الفرد المسيحي... فالكتاب المقدَّس سجل موحى به لإعلان الله لنفسه، سواء قبل هذا الفرد أو ذاك شهادته، أو لم يقبل. إن الوحي وتسجيله في صورة مكتوبة كليهما عملان ظاهريان. أما الإنارة بواسطة الروح القدس فهي التكملة الباطنية لهذه التأثيرات في داخل الفرد وبغرض خلاصه" (G.W.Bromiley,M.A,ph.D.,L itt )" (37).
_____
(37) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس ج1 ص 17، 18
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/revelation/react.html
تقصير الرابط:
tak.la/45cganb