س86: قال السيد المسيح " إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو 20: 17) وقال بولس الرسول عن الله "إله ربنا يسوع المسيح" (أف 1: 17) أليس هذا دليل كافٍ كقول البعض على أن السيد المسيح مجرد عبد مثلنا، ونحن متساوون معه في البنوة والعبودية لله؟
ج: عندما قال السيد المسيح هذا كان يتكلم نيابة عن البشرية جمعاء بعد أن أخذ طبيعتنا وغسلها بالدم وأقامها من موت الخطية وأصعدها إلى السموات لتترأى أمام الله الآب، وليس المعنى المقصود من " أبي وأبيكم " المساواة في البنوة لله، ولو كان المقصود هكذا لأدمج القول وقال "إني أصعد إلى أبينا" (بدلًا من أبي وأبيكم) وإلهنا (بدلًا من إلهي وإلهكم) ولكنه فصل بين أبوة الله له، وأبوة الله لنا، وقال "أبي وأبيكم" لأن أبوة الله للسيد المسيح أبوة بالطبع، فهو " نور من نور... إله حق من إله حق " ولذلك قال "أنا والآب واحد" (يو 10: 30) فهو واحد معه في الجوهر. أما نحن فلسنا واحدًا مع الآب في الجوهر. إنما نحن أبناء بالإيمان " وأمَّا كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه" (يو 1: 12) ونحن أبناء بالتبني " إذا لم تأخذوا روح العبودية أيضًا للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو 8: 15) وهذه البنوة من فضل محبة الله لنا "أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله" (1 يو 3: 1).
ونفس المعنى ينطبق على " إلهي وإلهكم " فالآب هو إله ربنا يسوع المسيح من جهة الناسوت بصفته ابن الإنسان النائب عن البشرية، وهو "إلهنا" لأننا عمل يديه مخلوقين على صورته ومثاله.
وفي نفس الآية نجد الرب يسوع يدعو التلاميذ قائلًا "أخوتي " فقال لمريم المجدلية "أذهبي إلى أخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم " فنحن أخوته وهو أخونا البكر القائم من الأموات بحسب الناسوت وليس بحسب اللاهوت.
ومن الملاحظ أن المعترضين على ألوهية المسيح يتمسكون بالآيات التي تتناول جانب الناسوت تمسك الجائع برغيف الخبز، ولا يلتفتون إلى الآيات التي تُظْهِر ألوهية المسيح، أما نحن فنهتم بهذه وتلك، فمثلًا عندما يقول بولس الرسول عن السيد المسيح أنه " أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس" (في 2: 7) ينصب على الناسوت، فعندما نقول أن السيد المسيح صار عبدًا ودُعي الله إلهه فنحن نفهم وندرك المعنى المقصود من هذا، فلا ننزعج ولا نضطرب ولا يظن أحد أننا خالفنا الإيمان المستقيم وضربنا بالعقل عرض الحائط وصرنا من المجانين!!.. لأنه هو العبد المتألم من أجلنا وهو كلمة الله " وكان الكلمة الله" (يو 1: 1) وهو " الإله الحق والحياة الأبدية" (1 يو 5: 20).
أنظر إلى فكر بولس الرسول العميق الذي يتحدث عن السيد المسيح لاهوتًا وناسوتًا في آن واحد وتأمل "لذلك أنا أيضًا قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا أزال شاكرًا لأجلكم ذاكرًا إيَّاكم في صلواتي. كي يعطيكم إله ربنا يسوع أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته" (أف 1: 15 - 17). فالإيمان الصحيح هو بالله الواحد وحده وبدون إشراك أي كائن مخلوق آخر معه، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فعندما يمدح بولس الرسول أهل أفسس لإيمانهم بالرب يسوع، فذلك لأن السيد المسيح هو الله الواحد المتأنس الذي يحمل الطبيعتين اللاهوتية والناسوتية، ولذلك نجد الإنجيل ينسب له كل ما يخص اللاهوت، وكل ما يخص الناسوت، فيوضح الإنجيل أنه الإله الأزلي، المساوٍ للآب، والحاضر في كل مكان وزمان... إلخ... وأيضًا يوضح أنه جاع وعطش وتعب ونام وبكى وتألم... إلخ.، ونرى السيد المسيح يعلن عن نفسه ابن الله الوحيد الجنس فقال للمولود أعمى بعد شفائه " أتؤمن بابن الله..؟ الذي ستكلم معك هو هو" (يو 9: 35، 37) وأيضًا لم يغفل جانب إنسانية فقال "وأنا إنسان قد كلمكم بالحق" (يو 8: 40) وبطرس يسلك نفس المسلك فيعترف نهارًا جهارًا بالمسيح ابن الله الحي (مت 16: 16) ويقول أيضًا "يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم.." (أع 2: 22).. فعلًا... كثيرًا ما أظهر السيد المسيح حقيقة لاهوته بينما لم يغفل جانب ناسوته، وشرح لليهود هذه وتلك، فقبل اليهود كونه إنسانًا ورفضوا كونه إلهًا، وها معلمنا بولس الرسول يسير على نفس المنوال ففي عبارة وجيزة مكونة من ثلاث كلمات "إله ربنا يسوع" يحدثنا عن لاهوت وناسوت السيد المسيح، فقوله " إله يسوع " إشارة إلى ناسوت السيد المسيح، وقوله "ربنا يسوع" إشارة إلى لاهوته.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/give-glory.html
تقصير الرابط:
tak.la/rfp4gzg