St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   divinity-of-christ
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول ألوهية المسيح - أ. حلمي القمص يعقوب

115- كيف يكون السيد المسيح مساوٍ للآب، ثم يقول "أبي أعظم مني"؟

 

س76: كيف يكون السيد المسيح مساوٍ للآب، ثم يقول " أبي أعظم مني "؟

 

ج: قال السيد المسيح للتلاميذ " سمعتم إني قلت لكم أنا أذهب ثم آتي إليكم. لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب. لأن أبي أعظم مني" (يو 14: 28).

1- السيد المسيح في حالة تجسده أخلى ذاته من بهاء وعظمة مجده وأخذ صورة وشكل العبد " أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس" (في 2: 7) وتعرض للسخرية والاستهزاء وآلام الصليب من اليهود والرومان فظهر في الصورة أنه أقل من الآب في العظمة. إذًا بحسب المظهر الخارجي يظهر السيد المسيح كإنسان يحمل في جسده ضعفات الجسد البشري ويتعرض للجوع والعطش والتعب ويحس بالألم ويظهر في الصورة الخارجية أقل من الآب في البهاء والعظمة والمجد، فالآب هنا أعظم من الابن في حالة تواضعه وإخلائه، والفارق هنا في الحالة فقط وليس في الجوهر.

 

2- رأى السيد المسيح التلاميذ وقد ملأ الحزن قلوبهم لأنه قال أنه مزمع أن يتركهم " لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم" (يو 16: 6) فأراد أن يعزيهم ويقول لهم كان يجب أن تفرحوا " لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب" (يو 14: 28) وأراد أن يرفع أنظارهم لمجد السماء فقال لهم " لأن أبي أعظم مني " فبعد أن أكملتُ كل ما قد أتيتُ من أجله سأعود إلى ما كنت عليه من المجد والبهاء الذي كان لي عند الآب قبل إنشاء العالم، ونسجل هنا حديث تصوُّري بسيط سجله القس باخوم عبد المسيح بين شخص مرموق مزمع على الرحيل وبين محبيه:

 

"قال الصديق: إني راحل إلى العاصمة الجديدة!

قالوا: كيف يكون هذا؟ ألا تحبنا؟

قال: أجل ّ بل لو لم أكن أحبكم لما أتيت إليكم، والآن وقد أديت مهمتي كاملة، فإني أذهب إلى هناك!

قالوا: ألا تعلم إننا جميعًا نحبك؟!

قال: لو كنتم تحبُّونني لكنتم تفرحون بذهابي إلى أبي.

قالوا: إننا لم نرَ أباك من قبل، فهل هو في نفس الهيئة التي نراك عليها الآن؟

قال: كلاَّ! أنه الآن أعظم مني، فعندما أتيت إليكم كان يتحتم على أن أخلي نفسي من العظمة والمجد والسلطان.

قالوا: وهل من مجيء ثان؟

قال: أنا آتي سريعًا، ولكن حينئذ بقوة ومجد كثير" (129)

 

3- السيد المسيح واحد مع الآب في الجوهر مساوٍ للآب ولا ينبغي أن نغض الطرف عن أقواله الكثيرة التي تُظهِر هذه المساواة " كل ما للآب فهو لي" (يو 16: 15).. " أيها الآب قد أتت الساعة. مجّد ابنك ليمجّدك ابنك أيضًا" (يو 17: 1) (راجع المساواة للآب بالدرس الأول).

 

4- لو إن إنسانًا قال "أبي أعظم مني" فهل يشك أحد إن الابن ليس من طبيعة الأب البشرية؟ أم إن المفهوم الواضح إن الأب أعظم من الابن في حالة معينة مثل الغنى أو السلطة.

 

يقول قداسة البابا شنوده الثالث ردًا على هذا السؤال " هذه الآية لا تدل على إن الآب أعظم من الابن، لأنهما واحد في الجوهر والطبيعة واللاهوت، وأحب أن أبين هنا خطورة استخدام الآية الواحدة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فالذي يريد أن يستخرج عقيدة من الإنجيل يجب أن يفهمه ككل، ولا يأخذ آية واحدة مستقلة عن باقي الكتب، ليستنتج منها مفهومًا خاصًا يتعارض مع روح الإنجيل كله، ويتناقض مع باقي الإنجيل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويكفي هنا أن نسجل ما قاله السيد المسيح:

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantocrator the Almighty, illustration, 2012, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح البانطوكراطور الضابط الكل، رسم توضيحي، 2012، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantocrator the Almighty, illustration, 2012, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح البانطوكراطور الضابط الكل، رسم توضيحي، 2012، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

" أنا والآب واحد" (يو 10: 30) فهو واحد في اللاهوت، وفي الطبيعة، وفي الجوهر، وهذا ما فهمه اليهود من قوله هذا، لأنهم لما سمعوه " أمسكوا حجارة ليرجموه" (يو 10: 31).. وما أكثر العبارات التي قالها عن وحدته مع الآب مثل قوله " من رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9) وقوله للآب " كل ما هو لي فهو لك. وكل ما هو لك فهو لي" (يو 17: 10) وقوله عن هذا لتلاميذه " كل ما للآب هو لي" (يو 16: 15). إذًا فهو ليس أقل من الآب في شيء مادام كل ما للآب هو له...

 

وأيضًا قوله " إني أنا في الآب والآب فيَّ" (يو 14: 11) (يو 10: 37، 38) وقوله للآب " أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك" (يو 17: 21).. وماذا يعني أن الآب فيه؟ يفسر هذا قول الكتاب عن المسيح أن "فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو 2: 9).

 

إذًا ما معنى عبارة " أبي أعظم مني وفي أية مناسبة قد قيلت؟ وما دلالة ذلك؟

قال "أبي أعظم مني " في حالة إخلائه لذاته.

كما ورد في الكتاب " لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله. لكنه أخلى ذاته. آخذًا صورة عبد. صائرًا في شبه الناس.." (في 2: 6، 7).

 

أي إن كونه معادلًا أو مساويًا للآب، لم يكن أمرًا يحسب خلسة. أي يأخذ شيئًا ليس له. بل وهو مساوٍ للآب، أخلى ذاته من هذا المجد، في تجسده، حينما أخذ صورة العبد، وفي إتحاده بالطبيعة البشرية، صار في شبه الناس...

 

فهو على الأرض في صورة تبدو غير ممجَّدة، وغير عظمة الآب الممجد.

على الأرض تعرض لانتقادات الناس وشتائمهم واتهاماتهم، ولم يكن له موضع يسند فيه رأسه (لو 9: 58) وقيل عنه في سفر أشعياء أنه " رجل أوجاع ومختبر الحزن " " محتقر ومخذول من الناس " " لا صورة له ولا جمال. ولا منظر فنشتهيه" (أش 53: 2، 3) وقيل عنه في آلامه أنه " ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه" (أش 53: 7).

 

هذه هي الحالة التي قال عنها "أبي أعظم مني".

لأنه أخذ طبيعتنا التي يمكن أن تتعب وتتألم وتموت. ولكنه أخذها بإرادته لأجل فدائنا، أخذ هذه الطبيعة البشرية التي حجب فيها مجد لاهوته على الناس، لكي يتمكن من القيام بعمل الفداء... على إن احتجاب اللاهوت بالطبيعة البشرية، كان عملًا مؤقتًا انتهى بصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب... ولذلك قبل أن يقول " أبي أعظم مني " قال مباشرة لتلاميذه: "لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب. لأن أبي أعظم مني" (يو 14: 28).

 

أي أنكم حزانى الآن لأني سأصلب وأموت ولكنني بهذا الأسلوب: من جهة سأفدي العالم وأخلصه، ومن جهة أخرى سأترك إخلائي لذاتي، وأعود للمجد الذي أخليت منه نفسي. فلو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون إني ماض للآب... لأن أبي أعظم مني.

 

أي لأن حالة أبي في مجده، أعظم من حالتي في تجسدي.

إذًا هذه العظمة تختص بالمقارنة بين حالة التجسد وحالة ما قبل التجسد، ولا علاقة لها مطلقًا بالجوهر والطبيعة واللاهوت، الأمور التي قال عنها " أنا والآب واحد" (يو 10: 3) فلو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون إن راجع إلى تلك العظمة وذلك المجد الذي كان لي عند الآب قبل كون العالم (يو 17: 5).

 

لذلك قيل عنه في صعوده وجلوسه عن يمين الآب أنه " بعد ما صنع بنفسه تطهيرًا عن خطايانا. جلس في يمين العظمة في الأعالي" (عب 10: 3).

 

وقيل عن مجيئه الثاني أنه سيأتي " بمجده ومجد الآب" (لو 9: 26) ويمكن أن تؤخذ عبارة "أبي أعظم مني" عن مجرد كرامة الأبوة...

 

مع كونهما طبيعة واحدة ولاهوت واحد: فأي ابن يمكن أن يعطي كرامة لأبيه ويقول "أبي أعظم مني" مع أنه من نفسه طبيعته وجوهره. نفس الطبيعة البشرية، وربما نفس الشكل، ونفس فصيلة الدم... نفس الطبيعة البشرية، ونفس الجنس واللون. ومع أنه مساوٍ لأبيه في الطبيعة إلاَّ أنه يقول إكرامًا للأبوة أبي أعظم مني.

 

أي أعظم من جهة الأبوة، وليس من جهة الطبيعة أو الجوهر.

 أنا - في البنوة - في حالة من يطيع.

 وهو - في الأبوة - في حالة من يشاء.

 وفي بنوتي أطعت حتى الموت موت الصليب (في 2: 8)" (130).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(129) سر المسيح ص 28، 29.

(130) أسئلة لاهوتية وعقائدية (أ) ص 38 - 40 .


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/equal-to-the-father.html

تقصير الرابط:
tak.la/t3wpfw5