ج: 1- موضوع لاهوت المسيح يمثل حجر الزاوية في الإيمان المسيحي، والكنيسة لم تستخلص هذا اللاهوت من خلال آية واحدة أو عدة آيات. بل هو موضوع الكتاب المقدس ككل، ففي كل سفر وكل رسالة تلتقي مع السيد المسيح الإله المتأنس من أجل خلاصنا، والإيمان بألوهية السيد المسيح يعتبر صخرة الإيمان الذي بُنيت عليه الكنيسة، فعندما أعترف بطرس الرسول بلاهوت الابن الوحيد الجنس قائلًا "أنت المسيح ابن الله الحي" طوَّبه رب المجد قائلًا "طوبى لك يا سمعان بن يونا إن لحمًا ودمًا لم يُعلن لك لكن أبي الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضًا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت 16: 17، 18).
2- دُعي الإنسان المسيحي مسيحيًا نسبة للسيد المسيح الإله المتأنس، والحياة الأبدية مرتبطة بالإيمان بابن الله المتجسد من أجل خلاصنا، لذلك قال يوحنا المعمدان " الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 36).. مسكين هو الإنسان الذي ينكر ألوهية الابن، لأنه يسلك في طريق الهلاك بقدميه ويفتح باب الجحيم بيديه.
3- الإيمان بلاهوت السيد المسيح هو إيمان آبائنا الرسل الأطهار الذي تمسكت به الكنيسة منذ ولادتها، ولذلك فإنه رغم اختلاف الطوائف المسيحية في بعض الأمور العقيدية، لكن الجميع يجمعون على الإيمان بلاهوت المسيح سواء كانوا من الأرثوذكس أو الكاثوليك أو البروتستانت، والإنسان المسيحي في أي مكان سواء في مصر أو أمريكا أو أوروبا أو الهند أو أستراليا أو جنوب أفريقيا، فأينما كان فهو يعرف ويصدق ويؤمن أن السيد المسيح هو الله المتأنس.
4- عقيدة ألوهية السيد المسيح ليست عقيدة نظرية عقلانية هامشية الهدف منها تحليل شخصية الإله المتأنس، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. لكنها عقيدة في منتهى الأهمية، فبواسطتها نتعرف على الإله الذي أحبنا فخلقنا، وعندما سقطنا تجسد ليفدينا، وأكمل الفداء وصعد إلى السماء، وقريبًا جدًا سيأتي ليأخذنا لنكون معه إلى لا بُد. كما إن دراسة اللاهوت دراسة ممتعة وشيقة نشبع بها طوال مدة غربتنا على الأرض، فعندما نرى سلطانه على كل شيء تطمئن نفوسنا ونعلم أنه الإله ضابط الكل، وعندما نعرف معنى أسمه عمانوئيل أي الله معنا ونسمعه يقول لنا " ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20) نفرح ونسر لأنه إن كان الله معنا فمن علينا..؟ وهلمَّ جرا.
وما أروع رأي القديس أثناسيوس الرسولي الذي يقول "على إن هذه البراهين التي قدمناها لا تستند إلى مجرد حجج كلامية، ولكن هناك اختبارات عملية تشهد بصحتها. فليذهب من أراد ويعاين دليل العفة في عذارى المسيح والشبان الذين يعيشون حياة العفة المقدسة، أو دليل الثقة في الخلود في ذلك العدد الجم من شهدائه...
فَمَنْ هو المسيح هذا وما أعظمه، الذي -باسمه وحضوره- يطرح كل الأشياء في الظلام ويبيدها، والذي يقوى وحده على الكل والذي ملأ كل العالم بتعاليمه..؟ لأنه لو كان إنسانًا (فقط) فكيف أتيح لإنسان واحد أن يتفوق على قوة من ادعوا في أنفسهم بأنهم آلهة، وأن يفضحهم بقوته ويُظهر بأنهم لا شيء؟ وإن دعوه ساحرًا فكيف يمكن أن يُباد كل سحر على يد ساحر واحد...؟ من هو إذًا؟ فليخبرنا اليونانيون الذين حصروا كل همهم في الاستهزاء. لعلهم يقولون أنه كان ببعلزبول يخرج الشياطين، ومن هنا كانت قوته... كيف يمكن أن يكون هكذا من يطرد الشياطين..؟
وإن كان المخلص ليس مجرد إنسانٍ، ولا ساحرًا، ولا مستخدمًا بعلزبول رئيس الشياطين، ولكنه بلاهوته أباد وطرح في الظلمات: تعاليم الشعراء، وضلالات الشياطين، وحكمة الأمم. فإنه يتضح جليًا ويجب أن يعترف الجميع إن هذا هو ابن الله الحقيقي، كلمة الآب، وحكمته، وقوته" (1).
وكلمة اللاهوت تتكون من مقطعين الله + أوت، ومعنى " أوت " أي طبيعة. إذًا معنى كلمة اللاهوت أي طبيعة الله، فأي مجد لنا أن نتعرف على طبيعة الله... نقترب إليه بالإيمان، والإيمان له تأثيره القوي المباشر على القلب، والقلب له تأثيره على العقل، وبذلك يملك الإيمان كل الكيان البشري، وينتقل الإيمان من الإنسان للعالم المحيط به... حقًا ما أجمل قول أبينا الحبيب القمص يوسف أسعد "ليجعل الإيمان من مسيح قلبي المتربع على عرش حياتي مسيح العالم كله" (2).
_____
(2) محاضرات مبسطة عن لاهوت السيد المسيح ص 12.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/believe.html
تقصير الرابط:
tak.la/22z4dzk