6- سر مسحة المرضى:
يقول الأخوة الكاثوليك أن سر مسحة المرضى يدعى المسحة الأخيرة، وسر الخارجين لأنه لا يُمنح إلاَّ للمحتضرين والمشرفين على الموت ولمن قربت شمس حياتهم على الغروب لكيما يقويهم ويعضدهم في نزاع الموت فورد في القانون الأول ص 268 من ليكوري أن هذا السر لا يمنح للأطفال ولا المجانين، وفي ص269 " هل يكون هذا السر صحيحًا إذا أعطى لأي مريض كان حتى ولو لم يكن مرضه ثقيلًا؟ أجيب أنه غير جائز حقًا وبرهان ذلك قانون المجمع التريدينتيني جلسة 14 رأس 13 أن هذا الدهن يجب استعماله للمرضى ولاسيما لأولئك الذين يمرضون بنوع خطر هكذا حتى أنهم يُلحظون مجدين في خروج الحياة ولذلك يدعى سر الخارجين " واورد ليكوري مرسوم البابا أوجانيوس الرابع الذي قال "أن هذا السر لا يجب إعطاؤه إلاَّ للمريض الذي يُخشى من موته" (راجع تنوير الأذهان بالبرهان للأسقف ايسيذورس ص121، 122).
وجاء في وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني " الزمن الملائم لقبولها (مسحة المرضي) يحل بنوع أكيد عندما يتعرض المؤمنون لخطر الموت بسبب المرض أو الشيخوخة " (488)
وجاء في قانون 738 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (م.ق.ك.ش) التي أصدرها البابا بولس الثاني في 18 تشرين الأول سنة 1990 م. "بأن تمنح المسحة للمرضى كلما تعرَّض هؤلاء لمرض خطير" (489)
بل والأغرب من هذا أنهم يسمحون للكاهن بمنح السر للإنسان الذي فارق الحياة خلال نصف ساعة لموتى الشيخوخة وحتى مرور ساعتين لموتى الحوادث، فجاء تحت رقم 628 من مختصر اللاهوت الأدبي " لا بُد لقبول المسحة الأخيرة قبولًا صحيحًا من أن يكون القابل حيًّا ومعمدًا ومميزًا وفي خطر الموت بسبب المرض أو وهن الشيخوخة... لك أن تمنح المسحة الأخيرة بعد نصف ساعة تقريبًا من خروج النفس الأخير لمن توفى على أثر مرض طويل، وساعتين أو أكثر بعد ذلك لمن توفى فجأة " (490)
تعليق:
لقد أسَّس الرب يسوع هذا السر عندما وهب تلاميذه إمكانية الشفاء قائلًا لهم "اشفوا مرضى طهّروا برصًا. أقيموا موتى. اخرجوا شياطين. مجانًا أخذتم مجانًا أعطوا" (مت10: 8) وفعلًا تمَّم التلاميذ هذا السر "ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم" (مر6: 13). واعتادت الكنيسة الأولى على إقامة هذا السر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولذلك يقول معلمنا يعقوب الرسول " أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب. وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يع 5: 14، 15) وكان يسبق السر سر التوبة والاعتراف الذي يقدمه المريض للأب الكاهن لذلك قال معلمنا يعقوب " اعترفوا بعضكم لبعض" (يع5: 16)، ويظهر من الكتاب المقدس ما هو الداعي لإقامة السر؟ وما هو الهدف منه؟ فالداعي لإقامة السر هو مرض الإنسان، والهدف منه الشفاء وهذا الهدف واضح جدًا في صلوات السر السبعة، وهذا ما يقرُّ به مجمع الكنائس الشرقية " ترافق مسحة المرضى صلاة لشفائهم. معنى تلك الصلاة مرتبط جوهريا بصفتها علامة تعبر عن شفاء الشخص بالكامل، وعن رأفة الأب السماوي التي ينعم بها على الإنسان المبتلي في جسده وفي نفسه بالمرض والخطيئة... يعنى زيت المرضى إذًا الدواء الروحي الذي تُنعِم به الرحمة الإلهية على الإنسان الذي تُلُّم به ويلات الحياة الكثيرة... ميزة المسحة الخاصة في الطقوس الشرقية... يتضرع (الكاهن) إلى الرب أن يمنح المريض خلاص الجسد والنفس، سواء أكان في الوقت الحاضر أم في آخر الأزمنة... " (491)
ولكن عندما تؤجل الكنيسة الكاثوليكية هذه المسحة إلى وقت الموت، فماذا تكون مشاعر المريض وهو يرى الأب الكاهن مقبلًا عليه وكأنه ملاك الموت الذي حضر ليقبض روحه، واترك الأب فاضل سيداروس اليسوعي للتعبير عن هذا شاكرين الله أنه شهد شاهد من أهلها حيث يقول "أن سر مسحة المرضى قد أصبح في مفهوم الناس، مرادفًا للمسحة التي يتقبلها المسيحي وهو على فراش موته، بوعي أو في حالة غيبوبة، حتى أن أسرته لا تريد استدعاء القسيس ليمنحه إياه خوفًا من أن يفهم المريض أنه في حالة خطر، بل أنه مشرف على الموت.
ولكن الحقيقة تختلف هنا كل الاختلاف، فقد أراد يسوع شفاء المرضي أيام حياته الأرضيَّة، كما أراد أن تواصل الكنيسة من بعده هذه الخدمة الخلاصية ولكن هذا السر أصبح مع مرور الزمن سر الموت لا سر الشفاء... هناك خدمة خاصة بشفاء المرضى مارسها يسوع وأوصي بها تلاميذه الرسل، ومارستها الكنيسة الأولى من بعده منذ بدايتها. وهذا ما جعل الكنيسة تعترف في ما بعد، بأن هناك سرَّا خاصًا بشفاء المرضى... أن سر مسحة المرضى هو سر شفاء الجسد. فكلام يسوع ويعقوب صريح ولا يقبل الشك فيه "يضعون أيديهم على المرضي فيتعافون" (مر6: 18) "الرب يعافيه... صلوا بعضكم لبعض لكي تشفوا" (يع 5: 15، 16).. هذا ما أُهمل طوال حقبات من تاريخ الكنيسة شرقًا وغربًا، إذ أصبح السر سرّ الموت، بدل أن يبقى كما قصده ومارسه يسوع والكنيسة الناشئة من بعده سرّ الشفاء. لقد فهمت الكنيسة هذا المعنى الجسدي حتى حوالي القرن العاشر" (492)
_____
(488) وثائق المجمع الفاتيكاني - عن الطقوس الدينية (73) ص526.
(489) مجمع الكنائس الشرقية-توجيه لتطبيق المبادئ الليترجية الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقية ص125.
(490) مختصر اللاهوت الأدبي الكاثوليكي ص543.
(491) مجمع الكنائس الشرقية - توجيه لتطبيق المبادئ الليترجية الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقية ص124-126.
(492) سر مسحة المرضى ص5-18.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/sacraments-unction.html
تقصير الرابط:
tak.la/sjag97t