[2] عقيدة المطهر ضد عقيدة الخلاص:
نقتطف بعض الفقرات مما كتبه قداسة البابا شنودة الثالث "دم المسيح هو المطهر الوحيد الذي نؤمن به بالمعنى اللاهوتي السليم... {دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية} (1يو1: 17) وعبارة (كل خطية) عبارة شاملة، تشمل كل أنواع الخطايا التي يذكرها أخوتنا الكاثوليك: الخطايا العارضة، والخطايا المميتة...الخطايا الطفيفة، والخطايا الثقيلة... {هو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا، يطهرنا من كل آثم} (1يو1: 9).. {إذ لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا} (أف1: 7) ولذلك اشترانا الرب بدمه الكريم، ولذلك غنَّى أمامه الأربعة والعشرون كاهنًا في سفر الرؤيا، وقالوا له {اشتريتنا لله بدمك. من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة} (رؤ5: 9، 10).
من أجل هذا نحب الصليب، الذي عليه دفع ثمن خطايانا. أما وجود المطهر فهو إهانة لعمل الصليب. لذلك عجبت لأناس يًكرِمون الصليب ويؤمنون بالمطهر...
لاشك أن الذين ينادون بالمطهر وبمفهوم وفاء الإنسان للعدل الإلهي إنما يقدمون للأسف عقيدة جديدة، وهي المناداة بالخلاص الجزئي! كما لو كان الخلاص الذي جاء به المسيح هو فقط خلاص من وصمة الخطيئة، وليس خلاصًا من عقوبة الخطية!!.. خلاصًا من الخطايا التي قام التائب بوفاء قصاصها، وليس خلاصًا من الخطايا التي لم يكمل القصاص عنها!!.. {فمن ثم يقدر أن يُخلِص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله} (عب7: 25) {يُخلِص إلى التمام}.. أي أنه خلاص تام كامل، ليست فيه على الإنسان بقية من قصاص... لقد دفع السيد المسيح الثمن كاملًا للعدل الإلهي وشهد على الصليب قائلًا {قَدْ أُكْمِلَ} (يو19: 30).. إذن ليس هناك نقص نكمله نحن في وفاء العدل الإلهي... أن المطهر وعذاباته إهانة صريحة لكمال كفارة المسيح!!! وكأن (المُعذَبين في المطهر) يصرخون إلى السيد المسيح قائلين: أين خلاصك وها نحن نتعذب؟! أين الثمن الذي دفعته عنا وها نحن ندفع الثمن؟!
أن المطهر هو تناقض صريح مع بشرى الخلاص المفرحة... (لو1: 9-11) وكأنَّى بأخوتنا الكاثوليك يعاتبون هذا الملاك قائلين: ما هو هذا الفرح العظيم الذي تبشرنا به؟! وكيف لا نخاف ونيران المطهر وعذاباته تهددنا، كأن لا خلاص ولا مُخلِص؟!!.. أما يقدر هذا الذي خلص المؤمنين من {البحيرة المتقدة بالنار والكبريت} أن يخلص أيضًا من هذا المدعو (المطهر)؟! أما يقدر هذا الذي خلص العالم كله من خطاياه أن يخلص أيضًا من هذه التي تُسمى خطايا عرضية، ومن الخطايا الأخرى التي غُفرت ولم تستوفِ قصاصًا من الكنيسة..؟!
هل يعتقد أي أخ كاثوليكي أن المسيح قد خلَّصه، بينما نار المطهر تتهدده حتى لو تاب؟
وذلك لأن نار المطهر، يدخلها الأبرار محبوا الله الذين لهم خطايا عرضية، وخطايا مميتة قد غفرت بالتوبة ولكن لم تستوف قصاصها بعد. ولذلك يقول الأب لويس برسوم في كتابه المطهر (ص5) أن المطهر هو لحالة {هي الأغلبية الساحقة من البشر}.. وكما يقول كتاب التعليم المسيحي (الكاتشزم) الذي يتعلمه أولادنا في المدارس الكاثوليكية تحت رقم 417 {أن النفس البارة، بعد الدينونة الخاصة غالبًا تدخل المطهر، وهو عذاب أليم، به تفي النفس ما تبقى عليها من عقاب زمني} لاحظوا هنا أن الذي ينال العذاب الأليم هي النفس البارة! " (355)
ويقول الأنبا اسطفانوس الثاني أن عذاب المطهر للمختارين "تؤمن الكنيسة بأن هناك تطهيرًا للمختارين يسبق المشاهدة الطوباوية لله" (356)
أما الأب مكسيموس كابس فيعلق على أقوال قداسة البابا قائلًا "يقول قداسة البابا أن الكاثوليك باعترافهم بالمطهر يعترفون بأن الخلاص جزئي وهذا ضد عقيدة الخلاص. ونحن نسأله هل اعترافه بوجود مكان اضطراب وحزن وقلق وكآبة وعدم برودة كما يذكر في صلوات الموتى ليس هو خلاص جزئي؟ أنه كما يشبّه هؤلاء بمثل التلاميذ الذين جازوا الامتحان وهم في حالة قلق حتى تظهر النتيجة. فكيف يكون في مفهومه الخلاص من القلق والحزن والكآبة والتنهد؟ هل هو خلاص كامل أم خلاص جزئي... لماذا لا يقول المتألمون في هذا الدهر للسيد المسيح أين هو خلاصك الذي خلصتنا به مادامت الآلام والأحزان تلاحقنا؟ ولماذا لا يقول المائتون للسيد المسيح أين خلاصك الذي خلصتنا به مادام الموت الذي هو نتيجة الخطيئة يعمل فينا؟
فإن كان الأحياء لا يستطيعون قول مثل هذه السخافات فلا يمكن أن يقولها الذين في المطهر لأنهم يعلمون أنهم مُخلَصون بدم السيد المسيح الذي سفك على الصليب، وأنهم لا بُد أن يشاركوه آلامه حتى يستحقوا مشاركته في مجده" (357)
توضيح:
ويمكن تلخيص قول الأب مكسيموس كابس في الآتي:
أ- أنه يرى قول الأرثوذكس بوجود اضطراب وحزن وقلق في مكان الانتظار والصلاة من أجل راحة مثل هذه النفوس يعتبر اعتراف بعقيدة الخلاص الجزئي.
ب- لماذا لا يقول المتألمون في هذا العالم أين خلاصك يا رب؟
ح- الذين في المطهر يشاركون المسيح آلامه لكيما يشاركوه أمجاده.
والحقيقة أننا نعترف بأن بعض الأنفس من الممكن أن تعانى من بعض القلق والاضطراب في حالة انتظار الدينونة، وأننا نتوسل لله أن يعلن رحمته لهذه الأنفس فتجد راحة ولا تجزع من العدل الإلهي، ولكننا لا نؤمن بأنه بواسطة الحزن والقلق والاضطراب تخلص النفس من خطاياها كما يقول الأخوة الكاثوليك بخلاص النفس من خطاياها العرضية بنيران المطهر، وبذلك فنحن لا نؤمن بعقيدة الخلاص الجزئي.
وهل يمكن مقارنة حالة القلق التي تنتاب بعض الأنفس التي تنتظر الدينونة بنيران المطهر الجهنمية؟!
وهل يمكن مقارنة آلام الزمان الحاضر أو الموت الجسدي بعذابات المطهر الأليمة؟! وعندما قال معلمنا بولس الرسول "فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا" (رو8: 18) لماذا لم يصارحنا ويشير للمطهر فيكمل قوله "كما أحسب أن آلام المطهر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا".. نحن نشارك المسيح آلامه وسط هذا العالم ولكن عندما نترك العالم نترك الآلام، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. كقول الإنجيل "طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم" (رؤ14: 13).
_____
(356) مجلة الصلاح - عدد إبريل سنة 1991م.
(357) إيماننا القويم ج2 لماذا نؤمن بالمطهر؟ ص88، 89.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/purgatory-salvation.html
تقصير الرابط:
tak.la/c62cnjk