س3: ألا تحوز المسيحية كل الحقيقة؟
للأسف الشديد، ومن منظار خلاص غير المؤمنين وصل التحرر الكاثوليكي إلى فقدان الثقة في المسيحية على أنها تحوز الحقيقة كل الحقيقة، وفقدان البصيرة الروحية حتى تساوت في أعينهم المسيحية مع أي عقيدة أخرى حتى لو كانت عبادة الأوثان، فيقول الأب عزيز الحلاق اليسوعي في محاضرته التعدَّدية الدينية وعلم لاهوت الأديان:
"أن وجود الآخر المغاير في آرائه ومعتقداته يحرّر من الادعاء الخادع بامتلاك الحقيقة، ويُذكّر بأن لا أحد يمكنه التبجح بحيازة كلية الحقيقة، فلا تلاقي حقيقيًا مع الآخر دون الإقرار بإمكانية الاغتناء منه... فالحوار بين الأديان أصبح ضرورة ملحّة لعالم اليوم... أن الحوار بين الأديان له عدَّة مستويات، ولكن يجب أن يقود في نهاية المطاف إلى طرح التساؤل عن المصير الإنساني الذي يشغل جوهر رسالة كل دين، والذي يعبر عنه الفكر اللاهوتي المسيحي بقضية الخلاص، أي هل هنالك خلاص خارج حدود المسيحية، وهل تقود الأديان الأخرى إتباعها نحو الخلاص..؟
ومما يجدر ذكره أن ذهنية القرون الوسطى كانت تقسم المجتمعات والناس على أساس ديني، وكان كل يدعى أن إيمانه هو الإيمان الصحيح ودينه هو الدين الحق بينما يقبع الآخرون في ضلال مبين...
ولكن مع إطلالة القرن السادس عشر انفتح الأفق على قارات وأقوام لم تكن معروفة من قبل مما طرح مجدَّدًا وبإلحاح على الفكر اللاهوتي في قضية التعددية الدينية في العالم ومسألة خلاص غير المسيحيين، كما أن احتكاك المُرسَلين بمجتمعات لها تراث ديني عريق جعلهم يكتشفون قيمًا روحيَّة لا يرقى لها الشك... ولنا في رسول الصين "ريتْشِي" خير مثل إذ أصبح يُضرب به المثل كنموذج للانفتاح والحوارية مع الأديان الأخرى...
ولكن العقبة الكاداء التي تعطَّل كل حوار هو ادعاء احتكار الحقيقة الإلهية وتكفير الآخرين، إذ من اليسير على الإنسان أن يدَّعى امتلاك كلية الحقيقة مُنصّبا ذاته أميرًا عليها، وكابتًا التساؤلات التي يثيرها وجود الآخر الذي يخالفه الرأي أو الدين، لأن ذلك يعطيه طمأنينة نفسيَّة وتفوقًا وهميًّا على الآخر، ولكن قبول التساؤلات الآتية من الآخر معناه التحرر من الاكتفاء الذاتي والاعتراف بوجود سر يفوق الإدراك والفهم الإنساني أي أن الحقيقة ليست ملكية خاصة تفصل البشر بعضهم عن بعض، بل هي نداء يدعو كل إنسان إلى السير نحوها برفقة الآخرين والحوار معهم لأن سرّ الله فوق الجميع " (570)
توضيح:
عجبًا هل يا عزيزي المسيحية ينقصها شيء وتحتاج أن تستكمله من اليهودية أو الوثنية أو غيرها؟! وما هو هذا الشيء الذي تجده لدى الآخرين ولا تجده في المسيحية؟!
تُرى هل المسيح صار فقيرًا، فأصبحت عروسه الكنيسة فقيرة معدمة، فذهب أبناؤها يلتمسون الغنى من عبدَّة الأصنام؟!
وإن كنت يا عزيزي تعتبر أن اعتقاد الكنيسة بأنها مؤسَّسة على صخر الدهور والمسيح كائن بمجده في وسطها وسور نار حولها، وأنها حازت الحقيقة كل الحقيقة... أن كنت تعتبر هذا نوع من التبجح، فقل لي وأخبرني أين ستجد الحقيقة خارج نطاق المسيحية؟ قل لي من يؤمن بأن المسيح هو الله المتجسد من أجل خلاص البشرية غير المسيحيين؟ أم أنك تشك في هذه الحقائق ولذلك تلتمس بقية الحقيقة من البوذيَّة أو الهندوسيَّة؟!
_____
(570) هل من خلاص لغير المسيحيين - مؤتمر حول " لاهوت الأديان " ص339-342.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/non-believers-salvation-christianity.html
تقصير الرابط:
tak.la/vmw2qq6