" رابعًا: إعلان اتحاد الأقباط بروما في عهد البطريرك غبريال الثامن (1587-1603):
في 20 إبريل سنة 1590م كتب البابا سكستس الخامس إلى البطريرك غبريال الثامن يدعوه إلى الإتحاد الذي كان قد شرع فيه سلفه الكريم. كما وجَّه أيضًا رسالة أخرى في اليوم نفسه إلى القمص يوحنا وكيل البطريركية بالإسكندرية والذي كان قد تلقى دروسه العليا في جامعات إيطالية، وكان يسعى في اتحاد الأقباط بروما، فكتب إليه البابا طالبًا أن يعمل بجد لدى البطريرك لتحقيق هذه الرغبة. وما أن ارتقى البابا اكلمنضس الثامن السدة البطرسية حتى واصل محاولات البابا سكستس الخامس لدى البطريرك جبرائيل الثامن، فكتب البطريرك إقرار الإتحاد بالكنيسة الكاثوليكية، وكتب هذا الإقرار في يناير سنة 1597م بالإصالة عن نفسه وبالنيابة عن الإكليروس والشعب القبطي، ووقَّعه بإمضائه وخاتمه، ووقَّعه أيضًا من الأساقفة. أسقف الفيوم والبهنسة وأسقف إسنا وعدد كبير من القمامصة والكهنة والشعب.
ولما وصل وفد الأقباط إلى روما دُرِست المسألة جيدًا، وأُعدَّت وثيقة الإتحاد، وكتب البابا اكليمنضس الثاني إلى البطريرك غبريال الثامن، وأعلن كذلك قبوله في إنشاء مدرسة قبطية في روما، وخُصّص دير القديس اسطفانوس داخل أسوار الفاتيكان ليكون قصرًا لهذه المدرسة وهبة دائمة للأقباط.
ولكن البطريرك كان قد تُوفّى أثناء ذلك في 24/5/1603م وأُنتخب خلفًا له على الكرسي الإسكندري الأنبا مرقس الخامس (البابا 98) (1603-1619) الذي ظل زمنًا متحدًا بروما ولكنه بعد ذلك غيرَّ تصرفاته تجاه القطيع الصغير من الأقباط الكاثوليك المتحدّين بروما " (170)
توضيح:
في عصر البابا غبريال الثامن رقم (95؟ (97)) أرسل بابا روما رسله وأوصاهم بالتودُّد إلى بابا الإسكندرية ليقبل الخضوع إلى بابا روما الذي يريد أن يبسط سلطانه على جميع كنائس المسكونة فجاوبهم البابا بهدوء وسلام فظنوا أنها موافقة واستكانة.
وقد كتب البطريرك الخلقيدوني للإسكندرية سيزيل لوكار (1594-1613) لسفير روما في لاهاي يقول:
"لقد بذل البابا كليمنت الثامن الشيء الكثير كما احتمل الشيء الكثير ليصل إلى اتفاق معهم (مع الأقباط) وستضحك يا سيدي لو أنك عرفت الدهاء الذي استعمله القبط في هذا الشأن وإلى أي مدى انطلى على البابا" (171)
أما البابا مرقس الخامس فقد تصدى لبعض الأقباط الذين اتخذوا زوجات غير شرعيات ولمطران دمياط الذي جاهر بأن تعدُّد الزيجات لا يتعارض مع الإنجيل فحرمه البابا وأصدر منشورًا يحرم فيه تعدُّد الزيجات، فقام هذا الفريق بشكوى البابا للحاكم جعفر باشا الذي وجدها فرصة لإذلال الأقباط في صورة باباهم، فدعا البابا وأمر بضربه ضربًا مبرحًا حتى أشرف على الموت وحبسه في برج الإسكندرية إلى أن تحرك مسيحيو القاهرة والصعيد يتشفعون له عند الوالي حتى أطلقه... فانظر يا صديقي إن كان شخصًا مثل هذا يضع حياته من أجل وصية الإنجيل تُرىَ هل يتخلى عن عقيدته ويخضع لبابا روما؟!!
بل أنه حدث العكس لأن الكنيسة القبطية اهتمت بمقاومة الإرساليات الكاثوليكية إلى بلاد الحبشة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فقد أرسل بابا روما الراهب اليسوعي " بيدو بايز " الذي تعلم لغة البلاد فشاع اسمه حتى استدعاه الإمبراطور "زادنجل عسفاف" وأُعجب به وبعظاته فاعتنق المذهب الكاثوليكي هو ورجاله ولم يصغِ إلى نصيحة " خريستو دوللو " مطران الحبشة الأرثوذكسي فاضطر المطران إلى حرمه فثار عليه شعبه وجرت المعارك التي انتهت بقتله ووقوع فتنة أهليه، ولم يكتف الراهب الجيزويتي بهذا بل استمال الإمبراطور الجديد الذي أراد أن يرسل وفدًا إلى الفاتيكان ليعلن خضوع كنيسة الحبشة لبابا روما، فاضطر المطران الأرثوذكسي لاستخدام سلطانه وحكم بالحرم على كل من ينحاز للمذهب الكاثوليكي فحدث انشقاق وهياج لم يهدأ إلاَّ بعد موت بيدو بايز.
وترد مدام بوتشر على القائلين بأن الكنيسة القبطية خضعت حينًا من الزمن لكنيسة روما فتقول "لو كانت الكنيسة القبطية خاضعه له (بابا روما) من قبل كما يقولون لما كان يُعّين بطريركًا خاصًا له (ملكاني) في ابروشية الإسكندرية ذاتها التي فيها البطريرك القبطي مما يثبت صحة الانفصال وعدم الخضوع " (172)
_____
(170) المرجع السابق س174.
(171) قصة الكنيسة القبطية ح4 ص23.
(172) أورده تاريخ الكنيسة القبطية القس منسي يوحنا ص459.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/gabriel-viii.html
تقصير الرابط:
tak.la/ps7psq9