St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

90- إلى أي حد تخبّط الفلاسفة العقلانيون في فهمهم لشخصية يسوع المسيح؟

 

س90: إلى أي حد تخبّط الفلاسفة العقلانيون في فهمهم لشخصية يسوع المسيح؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج : تخبّط الفلاسفة العقلانيون في فهمهم لشخصية يسوع المسيح، حتى أن الناقد نفسه تراه تارة يعترف بألوهية المسيح، وتارة أخرى ينكرها، أو بعد أن ينكر ألوهية المسيح يعود ويعترف بها بطريقة أو بأخرى، وأيضًا بعض النُقَّاد أنكروا شخصية يسوع التاريخ، في الوقت الذي نجد فيه فيلسوفًا يهوديًا وهو "باروخ سبينوزا" Spinoza سنة 1670م يعترف بأن صوت يسوع هو صوت الله ومع هذا يظل على يهوديته، فيقول: " نقدر أن نقول أن صوت المسيح هو صوت الله، مثل ذاك الصوت الذي سمعه موسى سابقًا، وأن حكمة الله الفائقة القدرة قد تجسَّدت بالمسيح واتخذت هيئة بشرية، وأن المسيح أصبح ثمة طريق الخلاص للبشر. وبالجملة أن المسيح قد وقف على أسرار الله ومكنوناته وسبر غورها وعبَّر عنها بطريقة سامية نستطيع عندها أن ندعوه لا نبيًا بل فم الله نفسه"(678).

 ودعنا يا صديقي نعرض باختصار شديد لآراء عينات من هؤلاء الذين ناقضوا أنفسهم في فهمهم لشخصية يسوع المسيح، متذكرين قول الرب يسوع لليهود: " الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى ذلِكَ الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ" (لو 20 : 17، 18):

1ــ فولتير
2ــ جان جاك رسو
ديدرو
4ــ فريدريك شليرماخر
5ــ أوغست سباتييه
6ــ أرنست رينان
رودلف بولتمان

 

1ــ فولتير Voltaire (1694 - 1778م):

وهو أديب فرنسي لامع، صاحب آراء متعددة الجوانب، حتى أنه سقط في التناقض، فأنك تستطيع أن ترى في أقواله إنسانًا مؤمنًا، فقال: "إن لم يكن الله موجودًا، فمن الضروري أن نخترعه، لكن الطبيعة كلها تصرخ بأنه موجود"(679). كما قال: " كنت الليلة الماضية أُفكر مليًا، مستغرقًا في تأمل الطبيعة. امتلأت بالدهشة لضخامتها ومنظر النجوم في مساراتها، وأُعجبت كثيرًا بالعقل الذي يحكم كل هذا المخطط الهائل، قلت في نفسي لا بد أن يكون أعمى ذلك الإنسان الذي لا ينبهر بهذا المشهد، ويكون أحمق ذلك الذي لا يعترف بخالقه، ومجنونًا ذاك الـذي لا يسجـد له ويعبده"(680). هذا بينما تراه يهاجم الكتاب المقدَّس والكنيسة بعنف، حتى أنه قال: " تصرف بولس، قصص الأناجيل الخرافية، قانونية أو غير قانونية، أساطير الشهداء والمعجزات، واستراتيجية استغلال الكهنة لسذاجة الفقراء الممتلئين بالأمل. على كل هذه الأمور مجتمعة قامت الكنيسة المسيحية"(681).

 ونظر فولتير للسيد المسيح على أنه رجل قروي من الجليل بفلسطين، عاش في حضارة متأخرة شأن معاصريه، ولكنه كان يتمتع بذكاء كبير ونفاذ البصيرة، أراد أن يؤسّس بدعة دينية جديدة على غرار الأسينيين والفريسيين، فأتخذ له تلاميذ أخلصوا له، ثم حُكم عليه بالموت صلبًا، ولكن من التناقض المضحك في حياة فولتير أنه بعد حربه الشعواء على المسيحية لما دنت ساعة رحيله من هذا العالم توسل بإلحاح إلى تلاميذه وذويه أن يحضروا له كاهنًا مسيحيًا ليمارس سر التوبة والاعتراف الذي رسمه المسيح نفسه (راجع الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح شخصيته - تعاليمه ص 126).

 

2ــ جان جاك رسو (1702 - 1778م):

والمتناقضات في حياته أشد وأعمق مما كانت في حياة فولتير، رغم كلماته الرائعة المملؤة بالحكمة والتي حفظها التاريخ لنا، فهو آمن بألوهية المسيح وفي نفس الوقت أنكر هذه الألوهية، فقال: " الأناجيل هيَ من صنع البشر، لكن بطل الإنجيل يسوع المسيح فهو فوق البشر... وإذا كانت حياة سقراط وميتته هيَ حياة فيلسوف حكيم وميتته، فحياة يسوع وميتته هما حياة إله وميتته" (682).

 

St-Takla.org Image: Christ Pantocrator, art by Samy Hennes - St. Mary & St. Joseph Coptic Orthodox Church, Smouha, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, December 6, 2019. صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح الضابط الكل، رسم الفنان سامي حنس - من صور كنيسة العذراء مريم والقديس يوسف، سموحة، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 6 ديسمبر 2019 م.

St-Takla.org Image: Christ Pantocrator, art by Samy Hennes - St. Mary & St. Joseph Coptic Orthodox Church, Smouha, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, December 6, 2019.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح الضابط الكل، رسم الفنان سامي حنس - من صور كنيسة العذراء مريم والقديس يوسف، سموحة، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 6 ديسمبر 2019 م.

ديدرو Diderat (1713 - 1773م):

وُلِد في فرنسا، وكان صديقًا لفولتير، وهاجم الكتاب المقدَّس والمسيحية ورجال الدين فقال: " ليس كافيًا أن نعرف أكثر مما يعرف اللاهوتيون بل يجب أن نريهم أننا أفضل، وأن الفلسفة تجعل الرجال شرفاء أكثر مما تفعله نعمة الكنيسة الفعالة... أن الديانة المسيحية في ذهني أسخف وأبشع ما تكون في عقائدها فهيَ أكثر الديانات غموضًا وأكثرها استغراقًا فيما وراء الطبيعة، أكثرها تعقيدًا وإعتامًا، ومن ثمَّ فهي أكثرها تعرضًا للانقسامات والقطاعات والشقاقات والهرطقات، وأكثرها حقدًا وإساءة للأمن والأمان العام، وأخطرها على الملوك بزعاماتها الدينية، واضطهاداتها وأنظمتها، أكثرها تفاهة، أكثرها كآبة، أكثرها تشاؤمًا في احتفالاتها، أكثرها صبيانية وانطوائية على مبادئها الأخلاقية، وأكثر الكل تعصبًا" (683). وبعد أن هاجم "ديدرو" المسيحية بهذه الصورة البشعة، أرسل ابنته لتتعلم في مدرسة راهبات، وعندما سُئل عن هذا التناقض قال: " أنني لا أؤمن بالمسيح وكنيسته، ولكني شديد الإعجاب بطهارة أخلاق الراهبات وأريد أن تكون ابنتي يومًا امرأة شريفة ولهذا لا أرى بدًا من تثقيفها وتنشئتها طبقًا لمبادئ الإنجيل"(684).

 

4ــ فريدريك شليرماخر Friedrich Sehelermacher (1768 - 1834م):

هو ابن أحد قسوس الجيش الألماني، تأثر بآراء "باروخ سبينوزا"، و "إيمانويل كانط"، وقادة الحركـة الرومانسية "فينتوريني" (1768 - 1848م)، و "باهرو" (1741-1792م) وكليهما كان يعتقد أن يسوع كان عضوًا في شيعة الأسينيين، وعندما عُلِق على الصليب لم يمـت، إنمـا أُنزل وهــو فاقد الوعي وعالجه الأطباء الأسينيون، وبينما جعل "إيمانويل كانت" الأخلاق نقطة الانطلاق نحو الدين جعل شليرماخر نقطة الانطلاق هيَ الشعور والوعي بالله، وقال أن هذا الشعور شائع في كل الأديان، ولكن المسيحية تمتلك الإعلان الاسمي عن الله، فالمسيح هو الوسيط بين الإنسان والله، وبذلك لا يحتاج الإنسان للإعلان التاريخي في الكتاب المقدَّس، فالأمر الجوهري في حياة المسيح ليس معجزاته ولا أقواله بل هو الفداء، وقال في كتابه "المعتقد المسيحي": " أن المسيح هو من متطلبات العقل الروحاني ومن مقتضيات الاختبار الديني، وأن المعتقد ليس سوى تعبير رمزي عن ذاك الاختبار. إلاَّ أنه من ناحية أخرى يحترم المسيح ويجله ويرى فيه أسمى طريق للوصول إلى الله"(685).

 

5ــ أوغست سباتييه:

وهو فيلسوف فرنسي، من مؤلفاته "شهادة المسيح عن شخصه" سنة 1863م، و "يسوع الناصري" سنة 1867م، و "فلسفة الدين حسب سيكولوجية التاريخ" سنة 1899م الذي أوضح فيه أن الديانة من لوازم الإنسان الضرورية التي لا يستطيع أن يقتلعها إلاَّ إذا قرَّر الانفصال عن نفسه والتخلي عن الخصائص الإنسانية، ومن أقواله: "هل المسيح إنسان فقط؟ إن اعتقدنا أنه إنسان فقط - ومهما قلنا أنه متفوق بالسمو الروحاني - أحلنا المسيحية عند ذاك إلى فلسفة لا غير، وأفقدناها طابعها الروحاني كحقيقة مطلقة. وإن كان المسيح ابن الله، تبقى المسيحية وحيًّا إلهيًا، ولهذا بعد تفكير طويل وتبحر دقيق مِلتُ نهائيًا إلى جانب الرسل، وأراني أعترف وأقول للمسيح مع رسوله بطرس: "أنت ابن الله الحي " (مت 16 : 16) (686). وبعد أن تأثر سباتييه بالفلسفة العقلانية وأراء "جـورج هيجل" ناقض نفسه في كتابه "فلسفة الدين" وأنكر ألوهية المسيح ووصفه أنه رائد كبير من رواد البشرية ونبي عظيم يقود البشر إلى الله، فيه ظهرت أصفى صورة للإنسان المثالي الذي تلألأت فيه روح الله، فدُعي شيخ المحدثين.

 

6ــ أرنست رينان Ernest Renan (1823 - 1892):

وُلِد في فرنسا، وأتم دراسته في باريس، فهو فيلسوف ومؤرخ وكاتب، ومستشرق حصل على الأستاذية سنة 1848م، وعلى الدكتوراه سنة 1852م في "ابن رشد والرشدية"، وفي سنة 1860م أوفده نابليون بونابرت إلى سوريا وفلسطين ليقوم بالتنقيب الأثري، وانشغل بالنقد التاريخي، فوضع مؤلَّفه "تاريخ نشأة المسيحية" في سبعة أجزاء، أشهرها الجزء الأول وهو "حياة يسوع" الذي أصدره سنة 1863م، وحاول الفصل بين العناصر التاريخية وما حسبه أساطير في الكتاب المقدَّس، واهتم بالنواحي التاريخية أكثر من اهتمامه بالعقائد، وناقض "رينان" نفسه أكثر من مرة، وفي أكثر من موضوع في كتابه "حياة يسوع"، فتارة ينكر لاهوت المسيح إنكار تام ثم يرجع ويعترف بألوهية المسيح، وأظهر إعجابه الشديد بقول السيد المسيح للمرأة السامرية: "لأَنَّ اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا" (يو 4 : 21)، ومن أقواله:

+ "حقًا بدأ يسوع هنا ابن الله لأنه نطق لأول مرة بالكلمة التي يرسخ عليها أسَّس الدين الخالد. لقد وطَّد أساس العبادة النقية التي تتسامى فوق الأزمان والأوطان والتي سوف تتمرس بها النفوس الرفيعة إلى منتهى الدهر، وقد أصبح دينه منذ ذاك، لا دين البشرية وحسب بل الدين على الإطلاق وأن يكن ثمة كواكب آهلة بأناس ذوي عقول وأخلاق، ما عدا الأرض، فلا سبيل لهم أن يدينوا بدين يفوق سموًا ذاك الدين الذي أعلنه يسوع المسيح على بئر يعقوب (حياة يسوع - طبعة رابعة ص 234 - 235) (687).

· "أن الدين الحقيقي يبقى أبدًا من صنع يسوع المسيح وليس للبشر فيما بعد إلاَّ أن يشرحوا ما فاه به من مبادئ وتعاليم" (حياة يسوع ص 445) (688).

· "سوف يبقى يسوع المسيح مبعث يقظة أخلاقية للبشرية لا يخبو نورها. لأن الفلسفة وحدها لا تكفي معظم البشر فأنهـم بحاجـة إلــى القداســـة" (حياة يسوع ص 551)(689).

· "هتف بإعجاب نحو يسوع المصلوب قائلًا: "ألا أُرقد الآن هانئًا في مجدك يا ولينا السامي إلى الله! أما الآن وقد تحرَّرت من قيود الضعف ستشهد من أعالي مقرَّك الإلهي نتائج أعمالك اللامتناهية. أن العالم سيبقى مدينًا لك إلى آلاف السنين. فيا علم التناقض ستكون الراية التي ستدور حولها أشد المعارك عنفًا. سوف تبقى حبًّا محبوبًا بعد موتك أكثر مما كنت في حياتك على الأرض. سوف تبقى حجر الزاوية من البشرية بحيث يستحيل محو اسمك من العالم دون أن يتزعزع الكون وينهار. فيا قاهر الموت ألا استلم زمام ملكوتك حيث سبقك من الآن على الطريق الملوكي الذي شققته. آلاف من عبادك"(حياة يسوع ص 426)(690).

ويعلّق "الأب بولس إلياس اليسوعي" علـى موقـف وأقــوال رينان، فيقول: " فهتافات مثل هذا النوع، ومتناقضات من هذا الشكل، هيَ ذاتها تفند مزاعم رينان وتظهر بطلانها. وكذا قل عن مزاعم غوغيل وشتراوس ولوازي وأتباع المدرسة الأسطورية الذين ينسبون حياة يسوع وأعماله إلى الأساطير والخرافات"(691).

 

رودلف بولتمان Rudolf Bultmann (1884 - 1976م):

وهو لاهوتي بروتستانتي سبق الحديث عنه (راجع س87)، وقال أن الكتاب المقدَّس صوَّر الكون تصوير أسطوري فقال إن السماء فوق والجحيم تحت والأرض هيَ مسرح الأحداث الطبيعية وغير الطبيعية أيضًا، وتكلّم عن الأرواح والملائكة والتجسد الإلهي بأسلوب أسطوري وميثولوجي وقال البعض أن بولتمان لم يقصد في كتاباته بالأساطير أي الخرافات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بل قصد بها ما هو بعيد عن الحواس والتجارب العلمية، فيقول "الأب بولس إلياس اليسوعي": " قبل أن نبدي رأينا بمذهب بولتمان اللاهوتي يجب أن ننصفه أولًا بأن سبق وأعلن أنـه لا يستعمـل كلمة "أسطورة" و "أسطوري" بمعنى الخرافات، عندما يتكلم عن الإنجيل، بل للدلالة على كل ما لا يقع تحت ناموس التجربة العلمية. وفي عرفه أن كل تمثيل يظهر فيـه غير المرئي مرئيًا، والإلهي بشريًّا، والمتسامي والمتعالي حاضرًا يُدعـى أسطوريًا" (692). بينما يرى "كارل بارت" Karl Barth : "أن بولتمان يفرغ الإيمان من محتواه، وهنا يجـدر بنا القول: لقد أخذوا الرب ولست أدري أين وضعوه" (693).. ويقــول "القس صموئيل مشرقي": "لكن المدرسة الحديثة أعلنت أن الأسطورة لا تعني بالضرورة خرافة أو شيئًا لم يحدث، بل تعني لغة خاصة يعبَّر بها عن حقائق معينة عندما تعجز اللغة العادية التي نتكلم بها... فأنكرت ليس فقط ما هو مُعلن في الكتاب المقدَّس عن تكوين الكون، بل حتى الإعلان الذي جاء به المسيح اعتبرته أسطوريًا، فكل معلناته تراها بعيدة عن اللغة العادية، ومما لا يمكن فهمه ولا قبوله ولا تقديمه في العصر الحديث بسبب أسطوريته أي لغته التي لا تتفق مع الأسلوب العلمي"(694).

 وسواء هذا الرأي أو ذاك حول فكر بولتمان إلاَّ أنه من الثابت أنه فَصَلَ بين "يسوع التاريخ" و "مسيح الإيمان"، وبلا شك أن هذا الفصل يقود الإنسان إلى إنكار ألوهية المسيح كما أنه أنكر قيامة المسيح من الموت قائلًا: " أية حقيقة تاريخية تتضمن فكرة القيامة تكون غير قابلة للتصديق" ويقول "الخوري جان عزَّام" أن: "أن مشكلة Bultmann هو فصله عن نتاج الإيمان والتاريخ، مع أن الحقيقة البديهية في علم الكتاب المقدَّس تفترض معرفة أن إيمان الكتاب المقدَّس كله هو إيمان تاريخي، أي أنه قائم على أحداث تاريخية، وإن كان الذين نقلوها في صيغتها الشفهية أولًا وكل الذين كتبوها قد عبَّروا عن هذه الأحداث التاريخية الإيمانية بأنواع أدبية وأساليب تعبيرية مختلفة، وزادوا عليها خبرتهم الخاصة، وأصدروها بطريقة تحاكي الناس الذين يوجهونها إليهم لإيصال هذا الاختيار التاريخـي الإيماني لهم أيضًا...

 وهنا أذكر قولًا لـ Christian Duquoc عندما يؤكد: "أن نص العهد الجديد ليس محضرًا من شرطي يصف الحدث، بل هو نتاج عمل أدبي يهدف إلى إنارة معنى الأحداث والوقائع والكلمات (الخاصة بيسوع) والتي يمكن أن تصبح، من غير هذا الجهد الأدبي الدرامي، مجرد صور أو قصص خرافية لا قيمة لها".. والارتكاز على رأي كاتب آخر J. Moingt، فإن: " يسوع التاريخي هو الذي تحدد وجوده القصص الإنجيلية التي يجب قبولها كشهادات تاريخية، حتى ولم تتم معرفتها بحسب المنهجيات الخاصة بعلم النقد التاريخي أو البحث التاريخي.." (695).

 ويعلق "الأب بولس إلياس اليسوعي" على أولئك الذين رأوا في يسوع التاريخ نبيًا عظيمًا ولم يروا أنه هو الله المتجسد، فيقول: " أما جوابنا لهؤلاء فهو هذا: إن كان المسيح نبيًا وأعظم حلقة في سلسلة الأنبياء وقادة الفكر والروح فقط فليس من المنطق بشيء أن يتوقف عنده التاريخ بل قد يمكن أن يقوم من البشرية روَّاد وأنبياء كثيرون في كل عصر ومصر إلى ما شاء الله، يكونون أعظم منه، ولماذا لا يكون ذلك إن كنا لا نرى فيه الحقيقة المطلقة التي ينتهي عندها كل شيء، الإله المتأنس، العناية والجوُدة والمحبة والرفق المتجسد"(696).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(678) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح شخصيته - تعاليمه ص 124.

(679) أورده د. ق جون لوريمر - ترجمة عزرا مرجان - تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 44.

(680) المرجع السابق ص 44.

(681) المرجع السابق جـ 5 ص 44.

(682) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح شخصيته - تعاليمه ص 127.

(683) أورده الدكتور القس جون لوريمر - ترجمة عزرا مرجان - تاريخ الكنيسة جـ 5 ص 45، 46.

(684) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيحية - شخصيته - تعاليمه ص 127.

 (685) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيحية - شخصيته - تعاليمه ص 128.

(686) المرجع السابق ص 128.

(687) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيحية - شخصيته - تعاليمه ص 130.

(688) المرجع السابق ص 130.

(689) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 130.

(690) المرجع السابق ص 130.

(691) أورده الأب بولس إلياس اليسوعي - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 130.

(692) المرجع السابق ص 137.

(693) المرجع السابق ص 141.

(694) مصادر الكتاب المقدَّس ص 60، 61.

(695) يسوع التاريخي - محاضرات ومقالات نسّقها وقدّم لها الأب أيوب شهوان ص 296، 297.

(696) يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 129.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/90.html

تقصير الرابط:
tak.la/pn9x92g