St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

573- كيف يقول الإنجيل عن أصدقاء المفلوج: "فَلَمَّا رَأَى إِيمَانَهُمْ" (لو 5: 20) مع أنهم لم ينطقوا ببنت شفة؟ وهل عندما قال السيد المسيح للمفلوج "مَغْفُورَةٌ" (لو 5: 20) في صيغة المبني للمجهول يعني أن اللَّه هو الذي غفر الخطية وليس هو؟ وهل احتج اليهود على السيد المسيح عندما قال للرجل: "مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ" (لو 5: 20) لأنه خلط بين المرض والخطية؟

 

س573: كيف يقول الإنجيل عن أصدقاء المفلوج: "فَلَمَّا رَأَى إِيمَانَهُمْ" (لو 5: 20) مع أنهم لم ينطقوا ببنت شفة؟ وهل عندما قال السيد المسيح للمفلوج "مَغْفُورَةٌ" (لو 5: 20) في صيغة المبني للمجهول يعني أن اللَّه هو الذي غفر الخطية وليس هو؟ وهل احتج اليهود على السيد المسيح عندما قال للرجل: "مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ" (لو 5: 20) لأنه خلط بين المرض والخطية؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- كيف يقول الإنجيل عن أصدقاء المفلوج: "فَلَمَّا رَأَى إِيمَانَهُمْ" (لو 5: 20) مع أنهم لم ينطقوا ببنت شفة..؟ السيد المسيح هو الإله المتجسد، العالِم بكل شيء، وبكل خفايا القلوب والأفكار، وهناك أمثلة عديدة التي توضح هذه الحقيقة (راجع كتابنا أسئلة هو ألوهية المسيح - الباب الأول - سابعًا)، فهو لم يكن محتاجًا أن يسمع كلامهم ليعاين إيمانهم لأنه هو العالِم بكل شيء. كما أن هؤلاء الأصدقاء تكلموا ونطقوا عن طريق أعمالهم. أعمالهم أعلنت إيمانهم، فأعمالهم صارت دليل قوي على قوة إيمانهم. ولولا إيمانهم الثابت بأن السيد المسيح سيُقيم المفلوج ما كانوا تجشموا مشقة حمله لأعلى البيت عن طريق السلالم الخارجية، وأن يكشفوا السقف ويدلون المريض بفراشه أمام السيد المسيح. هذا هو " الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ" (غل 5: 6)، وهذا هو الإيمان الذي قال عنه يعقوب الرسول: "وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (يع 2: 18) وليس إيمانًا أجوف. وأيضًا هذا الرجل المفلوج المحمول لم يعدم الإيمان أيضًا، ولو لم يكن لديه إيمان ورجاء في الشفاء ما كان وافقهم أن يحملوه ويسيروا به حتى يأتي للبيت الذي فيه يسوع، وعندما وجدوه مزاحمًا لم يطلب منهم أن يعودوا أدراجهم بل وافقهم على فكرتهم أن ينقبوا السقف ويدلونه بحبال وكأنه جماد، ولم يبال بمخاطر السقوط، ولم يهتم بمنظره أمام الجمع المحتشد في البيت. إذًا السيد المسيح أعلن عن إيمان أصدقاء المفلوج وأيضًا إيمان المفلوج معهم.

 

St-Takla.org Image: Jesus Heals a Paralytic: The paralytic picks up his mat and heads home after being healed by Jesus. His friends can be seen through the hole they created on the roof: (Luke 5) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع يشفي مشلولا: المفلوج يحمل فراشه ويعود إلى منزله بعد أن شفاه الرب يسوع. ويمكن رؤية أصدقائه من خلال الحفرة التي أحدثوها على السطح: (لوقا 5) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1695 م.

St-Takla.org Image: Jesus Heals a Paralytic: The paralytic picks up his mat and heads home after being healed by Jesus. His friends can be seen through the hole they created on the roof: (Luke 5) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع يشفي مشلولا: المفلوج يحمل فراشه ويعود إلى منزله بعد أن شفاه الرب يسوع. ويمكن رؤية أصدقائه من خلال الحفرة التي أحدثوها على السطح: (لوقا 5) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1695 م.

2- هل عندما قال السيد المسيح للمفلوج " مَغْفُورَةٌ" (لو 5: 20) في صيغة المبني للمجهول يعني أن الله هو الذي غفر الخطية وليس هو..؟ ومن قال أن السيد المسيح غير اللَّه؟! وهل يوجد إنسان مسيحي يقول أن المسيح هو غير اللَّه؟!.! أن الإيمان المسيحي مبني على حقيقة التجسد الإلهي، فالسيد المسيح هو اللَّه المتجسد المتأنس. وأيضًا بلا شك أن السيد المسيح عندما قال للرجل: "أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ" كان يقصد أنه وهو الذي غفر له خطاياه، والأدلة على ذلك عديدة، مثل:

أ– هذا ما فهمه وأدركه الكتبة والفريسيون: "فَابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُفَكِّرُونَ قَائِلِينَ مَنْ هذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ. مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفر خَطَايَا إِلاَّ الله وَحْدَهُ" (لو 5: 21).

ب- أكد السيد المسيح للكتبة والفريسيين أنه عندما غفر خطايا المفلوج لم يجدف، وجعل إقامة المفلوج دليل على صدق مغفرته للخطايا: "وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا قَالَ لِلْمَفْلُوجِ لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ" (لو 5: 24).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

3- هل احتج اليهود على السيد المسيح عندما قال للرجل: "مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ" (لو 5: 20) لأنه خلط بين المرض والخطية..؟ لم يحتج اليهود لأن السيد المسيح ربط بين مرض الرجل وخطيته، لأنه في الفكر اليهودي أن المرض من نتائج الخطية، فعندما رأى التلاميذ المولود أعمى سألوه: "يَا مُعَلِّمُ مَنْ أَخْطَأَ هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى" (يو 9: 2) وقال أحد اليهود: "لا يُشفى مريض من مرضه إلاَّ بعد أن تُغفر جميع خطاياه" (156). ولكن سبب احتجاج اليهود أنهم نظروا للسيد المسيح على أنه مجرد إنسان، مهما بلغت عظمته، فكيف يغفر الخطايا..؟ " فَابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُفَكِّرُونَ قَائِلِينَ مَنْ هذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ الله وَحْدَهُ؟" (لو 5: 21). أما السيد المسيح الذي عرف أن سبب مرض الرجل المفلوج خطاياه، عرف أيضًا أفكارهم دون أن ينطقوا ببنت شفة، وكشفها ورد عليهم، ولا يعرف الأفكار إلاَّ علاَّم الغيوب، وأيضًا السيد المسيح أظهر سلطانه على المرض إذ أقام المفلوج وأعاد له صحته حتى أنه حمل فراشه وذهب إلى بيته... أما اليهود المتعصبين فقد انطمست عيون قلوبهم، فلم يستدلوا من كل ما حدث على ألوهية المسيح. ويقول "القديس كيرلس الكبير": "فإن كنت أيها الفريسي تقول من يستطيع أن يغفر الخطايا إلاَّ اللَّه وحده، فإني أقول لك أيضًا من يقدر أن يعرف القلوب ويرى الأفكار المختفية في أعماق العقل إلاَّ اللَّه وحده؟ لأنه هو نفسه يقول في موضع آخر بصوت الأنبياء: "أَنَا الرَّبُّ فَاحِصُ الْقَلْبِ مُخْتَبِرُ الْكُلَى" (إر 17: 10)، ويقول داود أيضًا: "الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا" (مز 33: 15) لذلك فالذي هو كإله يعرف القلوب والكُلى فهو كإله أيضًا يغفر الخطايا"(157).

وهنا ملاحظة هامة وهيَ أن السيد المسيح أول مرة في إنجيل لوقا يستخدم لقب " ابْنَ الإِنْسَانِ" وقد أورد القديس لوقا هذا اللقب في إنجيله أكثر مما ورد في أي إنجيل آخر، وهو اللقب المُحبَّب لدى السيد المسيح، فهو الذي أطلقه على نفسه، لم يُطلقه عليه أحد ولم يخاطبه به أحد، وقد نطق به السيد المسيح مرات عديدة أكثر بكثير مما دعى نفسه ابن اللَّه (قال المسيح عن نفسه أنه ابن اللَّه في مت 26: 63، 64، لو 22: 70، يو 5: 25، 9: 35، 10: 36، 11: 4). بينما لقب نفسه بابن الإنسان عشرات المرات، وفي اللقب إشارة إلى نبوءة دانيال (دا 7: 13، 14) وإشارة إلى ناسوت المسيح. وكثيرًا ما كان ينسب السيد المسيح ما يخُص طبيعته الإلهيَّة لطبيعته البشرية (ابن الإنسان) مثلما نسب غفران الخطايا هنا لابن الإنسان، وذلك ليؤكد على الاتحاد الكامل بين اللاهوت والناسوت، أيضًا مغفرة الخطايا علامة من علامات مجيء المسيا (ابن الإنسان) (إش 40: 2، يؤ 2: 32، مي 7: 18، 19، زك 13: 1).. إن معجزة شفاء المفلوج بعد مغفرة خطاياه حققت أهدافها، وهيَ:

أ– شهادة لصحة رسالة السيد المسيح.

ب- شهادة لمحبة اللَّه اللانهائية وتحننه على المتألمين.

جـ- شهادة على سلطان ابن الإنسان الإلهي.

د– إعلانًا عن هوية يسوع المسيح.

واحتجاج اليهود عمن يغفر الخطايا يمثل الجدال الأول بين القيادات الدينية والسيد المسيح، هو أحد المجادلات الخمسة التي أُثيرت في إنجيل لوقا، في بداية خدمة يسوع المسيح، وهيَ:

أ– جدال بشأن من يغفر الخطايا (لو 5: 20-24).

ب– جدال بشأن أكل السيد المسيح مع العشارين والخطاة (لو 5: 30-32).

جـ- جدال من أجل الصوم (لو 5: 33-39).

د – جدال بشأن أكل التلاميذ من الحقل (لو 16: 1-5).

هـ- جدال بشأن شفاء ذو اليد اليابسة في يوم سبت (لو 6: 6-11).

كما أنه هناك خمسة جدالات أثارتها القيادات الدينية مع السيد المسيح في قرب نهاية كرازته، وهيَ:

أ– جدال بشأن سلطان يسوع في تطهير الهيكل (لو 20: 1-8).

ب- جدال بشأن الجزية (لو 20: 20-26).

جـ- جدال بشأن قيامة الأموات (لو 20: 27-40).

د– جدال بشأن الوصية الأولى والعظمى (لو 10: 25-28).

هـ- جدال بشأن أصل المسيح وعلاقته بداود (لو 20: 41-44).

(راجع الخوري بولس الفغالي - إنجيل لوقا جـ 1 - ظهور الكلمة والرسالة في الجليل).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(156) القس ليوم موريس - التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - العهد الجديد - إنجيل لوقا، ص119.

(157) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الإسكندري، ص108.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/573.html

تقصير الرابط:
tak.la/hqw844b