س523: هل يُعقَل أن شابًا بهذه المواصفات الرائعة وقد أحبه يسوع يتركه يمضي مغمومًا (مر 10: 22)؟ وإن كان مثل هذا الشاب لا يدخل الملكوت فمن يدخله؟ وإن كان الغنى هبة من الله فكيف يُحرَم الأغنياء من دخول الملكوت (مر 10: 22)؟ وهل عبارة "حَامِلًا الصَّلِيبَ" (مر 10: 21) ليست من أصل النص لأن لا وجود لها في الترجمات اليسوعية والكاثوليكية وغيرهما؟ وهل عبارة "الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ" (مر 10: 24) مضافة للنص لأن لا وجود لها في عدة ترجمات؟
ج: 1- هل يُعقَل أن شابًا بهذه المواصفات الرائعة وقد أحبه يسوع يتركه يمضي مغمومًا (مر 10: 22)؟ وإن كان مثل هذا الشاب لا يدخل الملكوت فمن يدخله؟.. واضح أن هذا الشاب الغني وهو " رَئِيسِ" أحد المجامع اليهودية قد حاز صفات رائعة، فهو:
أ - حفظ الوصايا منذ حداثته (مر 10: 20)، ومن يحفظ الوصية تحفظه الوصية.
ب - شاب متضع حتى أنه عندما رأى السيد المسيح على الطريق ركض وجثا أمامه (مر 10: 17).
جـ - يسعى نحو المعرفة الروحية والحياة الأبدية: " أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ" (مر 10: 17).
ويقول عنه "متى هنري": "1- لقد جاء إلى المسيح راكضًا "وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ" الأمر الذي يدل على تواضعه. لقد خرج عن حدود اللياقة والكياسة كرئيس إذ جاء إلى المسيح. ويدل أيضًا على لهفته وغيرته المتأججة. لقد ركض كأنه في عجلة متلهفًا على التحدث مع المسيح.
2- وجاء إليه إذ كان في الطريق... لم يصبر على أن تعطى له الفرصة لحديث خاص، في الليل كما فعل نيقوديموس، مع أنه كان رئيسًا مثله...
3- "وَجَثَا لَهُ" علامة على تقديره العظيم له، واحترامه البالغ له... وعلامة على رغبته الصادقة في التعلم منه... لقد جثا له علامة على إخضاع نفسه له.
4- ووجه إليه الكلام بإمعان وترو "أَيُّها الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ"؟ كانت الحياة الأبدية مادة من مواد قانون إيمانه ولو أنكرها وقتئذ الصدوقيون...
يتساءل أغلب الناس عن الخير الذي يمكنهم من الحصول عليه في هذا العالم (مز 4: 6).. وهذا الشاب يتساءل عن الخير الذي يصنعه في هذا العالم لكي يتمتع بالخير العظيم في العالم الآخر...
والمسيح تحنن عليه "فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ" (ع 21). لقد سمح بأن يراه يعيش بلا عثرة، وسُر بأن يراه متلهفًا على أن يعيش حياة أفضل. يحب المسيح بصفة خاصة أن يرى الشبان والأغنياء يسألون عن الطريق إلى السماء ووجوههم متجهة إليها" (419).
لقد أحب السيد المسيح هذا الشاب لأنه حفظ الوصايا " طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ. أَيْضًا لاَ يَرْتَكِبُونَ إِثْمًا. فِي طُرُقِهِ يَسْلُكُونَ" (مز 119: 2 - 3)، وأراد الرب يسوع أن يدفع بهذا الشاب إلى حياة الكمال كقول القديس متى: " قَالَ لَهُ يَسُوعُ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي" (مت 19: 21) وفي إنجيل مرقس يقول: " وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلًا الصَّلِيبَ" (مر 10: 21). وعندما يعطي الله الوصية يعطي معها القوة لتنفيذها، ولكن تركيز هذا الشاب على ثروته وممتلكاته كان أكثر من تركيزه على ملكوت السموات، فهو يريد هذه ولا يريد ترك تلك، ولأنه من المستحيل الجمع بين محبة الله ومحبة المال، لذلك وقع هذا الشاب في صراع نفسي، حتى أنه مضى حزينًا مغمومًا. لم يذكر عن أحد التجأ للمسيح وخرج من حضرته حزينًا مغمومًا غير هذا الشاب الذي أمسكت به محبة المال وممتلكاته الكثيرة. وفعل "أغتم" في الأصل اليوناني يعطي صورة عاصفة سُحب كثيفة، دخل إليها هذا الشاب فلفته وحجبت عنه أشعة شمس البر، فمضى حزينًا مغمومًا.
ويقول "الأب متى المسكين": " فالشاب الغني كاد يبكي على حال غناه إذ جعله المسيح يقف موقفًا حاسمًا من نفسه: المال أم الملكوت؟ فأختار المال ومضى مغمومًا حزينًا!! وكأن المسيح يقول لهم بنظراته: أسمعتم ورأيتم كيف وقف المال عثرة كؤود في طريق الملكوت؟ وبعدها قال حكمه الإلهي: "مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله"..
أن ملكوت الله إذا وُزِنَ مع كل أموال العالم فأموال العالم تحتقر احتقارًا (نش 8: 7)، طالب المال هو طالب العالم، وطالب العالم لا يطلب الملكوت، لأن ملكوت الله هو ما فوق العالم وما بعد العالم... فكيف يطلب الملكوت من يطلب العالم وغناه" (420).
← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.
وهذا الشاب الغني كشف لنا عن المفهوم الذي كان سائدًا لدى اليهود وهو أن ملكوت السموات يُقتنى بالأعمال الصالحة، ولم يدرك أن ملكوت السموات هو هبة إلهيَّة، فالإنسان عاجز تمامًا عن خلاص نفسه، الله هو المخلص، الذي صنع لنا الخلاص بدم صليبه، ويقول "يوحنا كرافيذوبولس": " يفترض السؤال: "مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ" إن لدى السائل مفهومًا يهوديًا ألَّا وهو أن الحياة الأبدية تكتسب بالأعمال التي يعملها الإنسان. وهذا المفهوم مغاير للحقيقة المعلنة بيسوع المسيح والتي تقول: أن الحياة هبة من الله مقدمة إلى المؤمن في المسيح. "الحياة الأبدية" حسب اللاهوت اليهودي هيَ حياة الدهر الآتي البادئة بالقيامة، هذه الحياة يمنحها المسيح للمؤمنين، وهو لا يمنح الحياة المستقبلية فقط، بل الحاضرة أيضًا، لأن الحياة الحقيقية، الحياة بحسب الله تبدأ من الحاضر وتستمر في عالم القيامة المستقبلي دون أن تتأثر بحدث الموت البيولوجي" (421).
2- إن كان الغنى هبة من الله فكيف يُحرم الأغنياء من دخول الملكوت (مر 10: 23)؟.. نعم الغنى هبة من الله، وقد وهبنا الله إياه لنستخدمه استخدامًا حسنًا ولنصنع به خيرًا، ليس لتخزينه وتكديسه والتفاخر به والاعتماد عليه. والسيد المسيح لم يقل أن جميع الأغنياء سيهلكون وليس لهم نصيب في ملكوت السموات، لم يقل أن دخول الأغنياء للملكوت أمر مستحيل، إنما قال أنه أمر عسير وصعب: " مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله" (مر 10: 23) و" مَا أَعْسَرَ" صيغة تعجب تدل على الأسف، وعندما يكررها السيد المسيح للمرة الثانية يسبقها بكلمة تفيض بالحنان والعطف على هؤلاء الناس، وهي كلمة " يَا بَنِيَّ": " فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله" (مر 10: 24)، فهو ليس ضد هؤلاء الأغنياء إنما هو يُشفق عليهم، ويشجعهم على التحرر من هذه القيود. وقد تحيَّر التلاميذ لأن الفكر السائد لديهم أن الأغنياء هم المباركين من الله، فيقول "متى هنري": " فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ... لقد كانوا يعرفون مشاعر قادة اليهود العامة، الذين أكدوا أن روح الله يُفضّل أن يحلَّ في الأغنياء، بل كانوا يعرفون وفرة مواعيد العهد القديم بالخيرات الزمنية، وكانوا يعرفون أيضًا أنه إما أن يكون الجميع أغنياء، أو أن يتوقوا أن يكونوا أغنياء، وأن الأغنياء لديهم فرص أوسع لعمل الخير. ولذلك بُهتوا إذ سمعوا أنه يعسر دخول الأغنياء إلى السماء" (422).
الذين يحبون المال ويقدّسونه لا يضعون رجائهم في الله، إنما يتكلُّون على أموالهم، فهو معبودهم المفضل، وفيهم يتحقَّق قول مخلصنا الصالح: " لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ... لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا الله وَالْمَالَ" (مت 6: 24)، والذين يقدّسون المال يتقسى قلبهم على أخوتهم الفقراء والمحتاجين، مثلما تقسيَّ قلب الغني على لعازر البلايا (لو 16: 19 - 26) مع أنه لو أطعمه ما كان هذا الأمر يكلفه شيء يُذكَر، ولكن من يسيطر على قلبه وعقله محبة المال لا يعرف العطف والشفقة، بل يتملكه الشُح والبُخل حتى مع أفراد أسرته، ولا يقدم العشور لمستحقيها، فهو يسلب الله: " أَيَسْلُبُ الإِنْسَانُ الله. فَإِنَّكُمْ سَلَبْتُمُونِي. فَقُلْتُمْ بِمَ سَلَبْنَاكَ. فِي الْعُشُورِ وَالتَّقْدِمَةِ" (ملا 3: 8). أما الغني الذي يتحكَّم في المال، فهو يملك المال والمال لا يملكه، يتسيَّد على المال ولا يعبده، فهو يصير بركة لأسرته وكنيسته ومجتمعه، مثلما كان إبراهيم أب الآباء كريمًا مضيافًا، ومثلما كان أيوب البار الذي يقول: " لأَنِّي أَنْقَذْتُ الْمِسْكِينَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْيَتِيمَ... كُنْتُ عُيُونًا لِلْعُمْيِ وَأَرْجُلًا لِلْعُرْجِ... أَبٌ أَنَا لِلْفُقَرَاءِ" (أي 29: 12 - 16) فشهد له الله قائلًا: " لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي الله وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ" (أي 1: 8، 2: 3) والأمثلة عديدة من الذين ملكوا الغنى والغنى لم يملكهم من الكنيسة الأولى وتاريخ الكنيسة، وقد وضع القديس أكليمنضس السكندري كتابًا عن "الرجل الغني الذي يخلص" (راجع البابا شنوده الثالث - سنوات مع أسئلة الناس ج 1 ص 38 - 40).
ويقول "القديس أغسطينوس": " يا نفسي هذا هو البؤس الملازم للغنى أنه يُقتنى بكد ويُحافظ عليه بخوف. يُستمتع به بخطر ويضيع بالحزن، يصعب علينا أن ننال الخلاص إن كنا نملك مالًا، ويستحيل إن أحببناه، وقلما نحصل عليه، لكننا نحبه حبًا مفرطًا. لقّنا (علمنا) يا رب هذا الدرس الصعب، أن نتدبر ما نملك بضمير حي، وأن لا نطمع فيما لا نملكه" (الموعظة 203) (423).
3- هل عبارة " حَامِلًا الصَّلِيبَ" (مر 10: 21) ليست من أصل النص لأن لا وجود لها في الترجمات اليسوعية والكاثوليكية وغيرهما؟.. عبارة " حَامِلًا الصَّلِيبَ" جاءت في ترجمة فاندايك العربية: " فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ. وَقَالَ لَهُ يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلًا الصَّلِيبَ" (مر 10: 21)، بينما خلت الترجمات اليسوعية، والكاثوليكية، وترجمة كتاب الحياة، والترجمة العربية المشتركة، والبولسية من هذه العبارة، وربما يقفز للذهن أن ترجمة فاندايك هيَ التي أضافت عبارة " حَامِلًا الصَّلِيبَ" للنص لأن بقية الترجمات العربية خلت منها، لكننا نجد العبارة موجودة في أكثر من (45) ترجمة من الترجمات الإنجليزية، وفي عدد كبير من النسخ اليونانية التي تمثل النص التقليدي، وأيضًا وجدت العبارة في النسخة السكندرية، ومخطوطة واشنطن، ووجدت في عدد كبير من مخطوطات الخط الكبير والصغير، ومئات المخطوطات البيزنطية، ومخطوطات القراءات الكنسية، ووجدت كذلك في الترجمات القديمة مثل اللاتينية، والسريانية البشيتا والسريانية الأشورية التي ترجع إلى سنة 165م، وبعض الترجمات القبطية البحيري والصعيدي، والأرمنية.
بينما لا نجد عبارة " حَامِلًا الصَّلِيبَ" في نحو (11) ترجمة إنجليزية فقط، ولا نجدها في المخطوطات السينائية، والفاتيكانية، والأفرايمية، وبيزا، وخلت بعض النسخ اليونانية القليلة منها، وغالبًا تمثل النسخ التي تأثر نساخها بالآية كما جاءت في إنجيلي متى ولوقا (مت 19: 21، لو 18: 22) حيث خلت منهما عبارة " حَامِلًا الصَّلِيبَ". ويقول "دكتور غالي": " القراءة التي هيَ أقل توافقًا مع العبارات المماثلة هيَ الأفضل. وهذه القاعدة غالبًا تنطبق على الأناجيل الأربعة فقط، لأن كثير من النسَّاخ كانوا يميلون لجعل الأناجيل الأربعة متوافقة معًا، ولهذا لو وُجدت قراءتان، الأولى تتوافق مع قراءة إنجيل آخر، والثانية تختلف، فهي الأقرب للأصل. وقال "سودين" أن غالبية النسَّاخ كانوا يميلون لجعل الأناجيل تتشابه مع إنجيل متى، ولهذا فالقراءة التي لا تتوافق مع إنجيل متى هيَ الأفضل" (موقع هوليبايبل - شبهات حول النقد النصي في إنجيل مرقس). وغني عن البيان أن هذه العبارة " حَامِلًا الصَّلِيبَ" تتوافق مع روح الإنجيل: "وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مر 8: 34) وجاءت في "الترجمة اليسوعية": " وَدَعَا الْجَمْعَ وتَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعْنِي. فليُزهِدْ في نفسه وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مر 8: 34) وفي ترجمة كتاب الحياة: " ثُمَ دَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ إن أَرَادَ واحد أَنْ يسير وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (مر 8: 34).. إلخ.
4- هل عبارة " الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ" (مر 10: 24) مضافة للنص لأن لا وجود لها في عدة ترجمات؟.. جاءت عبارة " الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ" في ترجمة فاندايك: " فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَقَالَ يَسُوعُ أَيْضًا يَابَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله" (مر 10: 24) وجاءت أيضًا في ترجمة كتاب الحياة، بينما خلت منها الترجمة اليسوعية: " فدهش التلاميذ لكلامه فأعاد يسوع لهم الكلام وقال يا بني ما أعسر دخول ملكوت الله" (مر 10: 24)، وأيضًا خلت منها الترجمة الكاثوليكية، والعربية المشتركة، والبولسية. وأورد "دكتور غالي" (55) ترجمة إنجليزية جاءت فيها عبارة " الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ"، بينما خلت من خمس تراجم فقط، وجاءت العبارة في الغالبية العظمى من النسخ اليونانية التي تمثل النص التقليدي، أما النسخ النقدية فخلت من هذه العبارة، وجاءت العبارة في المخطوطة السكندرية، ومخطوطة بيزا، والمخطوطة الأفرايمية، وكثير من مخطوطات الخط الكبير والخط الصغير اليوناني، والمخطوطات البيزنطية ومخطوطات القراءات الكنسية، وجاءت العبارة في الترجمات القديمة مثل اللاتينية، والفولجاتا، والسريانية البشيتا، والقبطية البحيري، والأرمنية والأثيوبية، وكتاب الدياتسرون الذي يرجع إلى سنة 160م، وأقتبس النص بعض الآباء الأول مثل أكليمنضس السكندري. بيما خلت منها المخطوطة السينائية والمخطوطة الفاتيكانية، والترجمة القبطي الصعيد.
ومن الأدلة الداخلية على أصالة العبارة، أن حذفها يجعل المعنى غير متوافق، بينما نجده أكثر توافقًا عندما يحوي عبارة " الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ"، مثلما جاءت في ترجمة فاندايك: " فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله. فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ يَابَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله" (مر 10: 23 - 24). فعندما تحير التلاميذ عندما سمعوا عبارة " مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذوي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله" فجاء تفسير الموضوع: " يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله"، بينما لو حُذفت العبارة التفسيرية " الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ" فكأن السيد المسيح يكرر نفسه. ويبدو أن النسَّاخ الذين حذفوا هذه العبارة، كان بهدف أن يأتي النص متوافقًا لما جاء في إنجيل متى ولوقا (مت 19: 23، لو 18: 24) (راجع موقع هوليبايبل - شبهات النقد النصي في إنجيل مرقس).
_____
(419) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير الكتاب المقدَّس - إنجيل مرقس ص 174 - 176.
(420) الإنجيل بحسب القديس مرقس ص 447.
(421) تعريب الأرشمندريت أفرام كرياكوس - إنجيل مرقس قراءة وتعليق ص 99.
(422) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير الكتاب المقدَّس - إنجيل مرقس ص 180.
(423) التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدَّس - العهد الجديد (2) الإنجيل كما دوَّنه مرقس ص 216.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/523.html
تقصير الرابط:
tak.la/69c3q2q