St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

513- هل عبارة "إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ" (مر 7: 16) مضافة للنص لأن ليس لها وجود في المخطوطة السينائية؟ ولماذا نسب السيد المسيح كل الخطايا إلى القلب (مر 7: 19 - 21)؟ وما الداعي لتكرار الألفاظ مثل الزنى والعهارة، والخُبث والمُكر (مر 7: 21، 22)؟ وهل عبارة "وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ" (مر 7: 19) لم ينطق بها السيد المسيح إنما هيَ إضافة من مرقس الرسول؟

 

س513: هل عبارة "إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ" (مر 7: 16) مضافة للنص لأن ليس لها وجود في المخطوطة السينائية؟ ولماذا نسب السيد المسيح كل الخطايا إلى القلب (مر 7: 19 - 21)؟ وما الداعي لتكرار الألفاظ مثل الزنى والعهارة، والخُبث والمُكر (مر 7: 21، 22)؟ وهل عبارة "وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ" (مر 7: 19) لم ينطق بها السيد المسيح إنما هيَ إضافة من مرقس الرسول؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Ancient Egyptian limestone and wooden ears - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: آذان من مصر القديمة مصنوعة من الحجر الجيري والخشب - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014 م.

St-Takla.org Image: Ancient Egyptian limestone and wooden ears - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: آذان من مصر القديمة مصنوعة من الحجر الجيري والخشب - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014 م.

ج: 1- هل عبارة: " إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ" (مر 7: 16) مضافة للنص لأن ليس لها وجود في المخطوطة السينائية؟.. هذه العبارة وردت في معظم الترجمات العربية، مثل "ترجمة فاندايك": " إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ"، وفي ترجمة "الحياة": " مَنْ له أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ"، وفي "السارة": " مَنْ كَانْ لَهُ أُذْنَانِ تَسمعَان فَلْيَسْمَعْ"، وفي "البولسية": " مَنْ له أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ"، بينما خلت الترجمة اليسوعية والترجمة الكاثوليكية من هذه العبارة. ووردت الآية في معظم التراجم الإنجليزية وحذفتها التراجم النقدية، وكذلك وردت الآية في الكثير من النسخ اليونانية وحُذفت في القليل منها، وجاءت في المخطوطة الإسكندرية، ومخطوطة واشنطن، ومخطوطة بيزا، وفي الكثير من مخطوطات الخط الكبير والخط الصغير، ومئات المخطوطات البيزنطية، والقراءات الكنسية، ووردت في الترجمات القديمة اللاتينية، والفولجاتا، والسريانية البشيطا، والقبطية، والدياتسرون، واقتبسها الآباء الأوائل مثل القديس أغسطينوس.

أما عن "الأدلة الداخلية" فيقول "دكتور غالي": "هذا التعبير استخدمه مرقس الرسول عدة مرات، فأورده بنفس الطريقة في (مر 4: 9، 34)، فهو تعبير شائع لمرقس الرسول، وبناءً على قاعدة:

The reading most in accord with the author's style (and vocabulary) is best.

أي: "القراءة التي تتماشى مع أسلوب الكاتب هيَ الأفضل".

فهذا يؤكد أصالتها. أيضًا لو العدد غير أصيل فلا يوجد سبب لإضافته، ولكن لو العدد أصلي فحذفه سهل من قبَل النساخ الذين كانوا يميلون للحذف السماعي من النص الإسكندري. وبناءً على قاعدة:

The reading which could most easily have given rise to the other reading is best.

أي: "القراءة التي هو بوضوح السبب في بقية القراءات هيَ الأصل".

ولهذا فأن قواعد التحليل الداخلي تشهد لأصالة العدد، فالأدلة الخارجية والداخلية تؤكد أصالته. أما عن لماذا حُذف من السينائية؟ لأنها مليئة بالأخطاء، ففيها 14000 خطأ لأنه أشترك في العهد الجديد ثلاثة نسَّاخ كانوا مسرعين وغير مدققين، لأن السينائية والفاتيكانية من الخمسين نسخة التي قام بنسخها نسَّاخ تحت إشراف يوسابيوس القيصري بسرعة شديدة تلبية لأوامر الإمبراطور قسطنطين" (شبهات نقد نصي في إنجيل مرقس).

 

2- لماذا نسب السيد المسيح كل الخطايا إلى القلب (مر 7: 19، 21)؟.. رد السيد المسيح على الكتبة والفريسيين بأن الطعام لا يُنجس الإنسان: " لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ" (مر 7: 19)، فليس ما يدخل فم الإنسان يُنجسه، بل ما يخرج من القلب: " لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ.." (مر 7: 21 - 23) فالخطية تنبع من القلب، ثم تصل إلى فكر الإنسان. ثم تُترجم إلى أفعال الشر، فالخطية تنبع من الداخل وليس من الخارج، من القلب قبل أن تكون من الجسد. فالمجتمع يحكم على الإنسان بحسب الفعل وليس بحسب الفكر والنية، وطالما أن الإنسان لم يكسر القانون الذي يحرّم الفعل فهو في نظر القانون والمجتمع بريء، بينما سوس الخطية ينخر في عظامه، ولذلك يركز السيد المسيح على قلب الإنسان:

(1) فهو يُعبّر عن الكيان العاطفي: " وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ" (مر 2: 6).

(2) وهو يُعبّر عن إحساس الإنسان: " لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ" (مت 13: 15).. " فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ" (أع 2: 37).

(3) وهو يُعبّر عن فكر الإنسان: " فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ. فَقَالَ لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ " (مت 9: 4).

(4) القلب مركز الإيمان: " مَنْ قَالَ لِهذَا الْجَبَلِ انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ بَلْ يُؤْمِنُ" (مر 11 23).

(5) القلب يُعبّر عن الإرادة: " وَلكِنَّكُمْ أَطَعْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا" (رو 6: 17).

(6) هو مصدر المشاعر والعاطفة: " وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ" (يو 16: 22).

(7) يُعبّر عن مصدر الرغبات: " كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا" (مت 5: 28).

(8) القلب مصدر الأفعال خيرًا كانت أو شرًا: " وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُر" (مت 15: 18).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

ويقول "الأب متى المسكين": "هنا نقل المسيح النجاسة ومنبعها ومصدرها من خارج الإنسان إلى داخله، بمعنى أن الإنسان أصبح هو المسئول عن النجاسة وهو نفسه مصدرها. فالزنا مثلًا، وهو أشد أنواع النجاسة، هو عمل داخلي يختص بالقلب والضمير، وهو فعل يتم بالنيَّة قبل أن يتم بالجسد، والفعل مصدره القلب والنية وليس الجسد... إذًا فالزنا لم يدخل الجسد بل خرج منه أي من الضمير والقلب. لذلك انتقلت الخطية في المسيحية إلى النية والضمير، لذلك انتقل التطهير من الجسد إلى القلب والضمير. فإن كان في العهد القديم يُحاسب الإنسان على الفعل فقط، فأنه في العهد الجديد يُحاسب على النية والضمير، وهو ما قبل الفعل والسبب له. لذلك ربما يدخل إنسان مسيحي إلى محاكمة فيخرج براءة لأن المحكمة تحكم على الفعل، ولكنه لا يُبرَّأ أمام الله إذ يخرج محكومًا عليه من ضميره هو. لذلك أصبح الضمير هو المحكمة العليا التي نُحاكم أمامها الآن وأمام الله يوم الدينونة" (356).

 

3- ما الداعي لتكرار الألفاظ مثل الزنى والعهارة، والخبث والمكر (مر 7: 21، 22)؟.. واضح أن هناك فرق بين الزنى والعهارة، فالزنى ربما يحدث مرة واحدة، أما العهارة فهي الاعتياد على خطية الزنا. "الزنى" هو العلاقات المحرَّمة التي نهت عنها الوصية السابعة " لاَ تَزْنِ" (خر 20: 14) والوصية تقصد الزنى الفعلي، والمسيحية أعتبرت النظرة الشريرة نوع من الزنى: " كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ" (مت 5: 28). أما "العهارة" فهيَ ممارسة رذيلة الزنى بلا خجل، حتى أن الإنسان الذي سلك في مثل هذا الطريق لا يعد يهتم بسمعته، ولا بآراء الآخرين ولا أقوالهم عنه ولا نظراتهم إليه، وإن كان الزاني يمارس خطيته سرًّا ويرتعب من كشف أمره، فأن العاهر أو العاهرة يستبيح الخطية في كبرياء وغطرسة (2 كو 12: 21، غل 5: 19، أف 4: 19، 1بط 4: 3، 2 بط 2: 18، يه 4).

وأيضًا هناك فرق بين "الخبث" و"المكر"، فالخبث هو محاولة أذية الآخرين في الخفاء، فهو ينبع من إنسان سيء النية، يفيض بالكراهية، يسعى لأذية الآخرين أو لإغوائهم للسقوط في الخطأ (أم 4: 16). أما المُكر فهو ينطوي على الخداع والتضليل: "هو نصب الفخاخ والشراك، التضليل والخداع، المُكر، التضليل وإعطاء انطباعات كاذبة بالقول أو بالفعل أو التأثير. أنها تحوير الإنسان للحق والتآمر لتحقيق غرضه. هو أن يخطط الإنسان ويخدع ويفعل كل ما يمكنه عمله لكي يحصل على ما يريد" (357).

 ويقول "متى هنري": ثانيًا: "خبث" أي حقد، وضغينة، وسوء نية، ورغبة في عمل الشر والتلذذ بعمل الشر.

ثالثًا: "مُكر" أي شر مستتر ومتنكر، لكي يرتكب بأمان، واطمئنان، وفاعلية.

رابعًا: "عهارة" أي "القباحة وكلام السفاهة" (أف 5: 4)، والعيون (الفاسقة) (2 بط 2: 14) وكل الشهوات الدنسة" (358).

 

4- هل عبارة: " وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ" (مر 7: 19) لم ينطق بها السيد المسيح، إنما هيَ إضافة من مرقس الرسول؟.. يقول "دكتور موريس تاوضروس": "هذه العبارة لا تدخل ضمن كلمات السيد المسيح المذكورة في هذا الأصحاح، ولكنها مدخل تفسيري من القديس مرقس لكلمات السيد المسيح، فالقديس مرقس يعلق على كلمات السيد المسيح ويقول: "جاعلًا كل الأطعمة طاهرة، أو معلنًا كل الأطعمة طاهرة" (359).

والنص واضح بالأكثر في الأصل اليوناني، ولو أضفنا كلمة "هكذا" للترجمة العربية لاتضح المعنى، فيقول "دكتور موريس تاوضروس": " يمكن الإبقاء على هذه العبارة في موضعها المقابل مع النص اليوناني، ولكن للتوضيح تُضاف كلمة "هكذا" فيُقال: هكذا جاعلًا كل الأطعمة طاهرة... أن عبارة "يطهر كل الأطعمة" ليست من كلمات السيد المسيح بل من كلمات القديس مرقس، ولذلك فأن بعض الترجمات تضع مثل هذه العبارة للتوضيح التالي: "قال هذا"، فيكون النص بالكامل على النحو التالي: قال هذا، جاعلًا الأطعمة كلها طاهرة. والقديس يوحنا ذهبي الفم أشار إلى هذا فأوضح أن القديس مرقس علَّق على كلمات السيد المسيح بهذه العبارة، وليست من نص كلمات السيد المسيح. وأكد هذا أيضًا القديس غريغوريوس العجائبي. وهذا التفسير يتناسب جدًا مع ما ذُكر في رؤيا الرسول بطرس في سفر الأعمال (ص 10) - حيث وردت العبارة التالية: "فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً مَا طَهَّرَهُ الله لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ" (أع 10: 15)" (360).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(356) الإنجيل بحسب القديس مرقس ص 350.

(357) الأفكار الرئيسية للعظات الكتابية ج 3 إنجيل مرقس ص 123.

(358) تفسير الكتاب المقدَّس - إنجيل مرقس ص 118.

(359) المدلولات اللاهوتية والروحية لكلمات الإنجيل بحسب القديس مرقس ص 59.

(360) المدلولات اللاهوتية والروحية لكلمات الإنجيل بحسب القديس مرقس ص 59، 60.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/513.html

تقصير الرابط:
tak.la/zpay767