س بدون: لماذا ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويرحلوا (مر 6: 45)؟ وأين الحرية الشخصية؟ وإن كان التلاميذ في بيت صيدا (لو 9: 10) فكيف يتجهون "إِلَى الْعَبْرِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا" (مر 6: 45)؟ وهل ما جاء في (مر 6: 47 - 51) عن هياج البحر هو نفس المعجزة التي ذُكرت من قبل (مر 4: 37 - 41)؟
ج: سبق الإجابة على هذه التساؤلات، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد ج 4 س 354. نعم لقد وهب الله الإنسان حرية الإرادة، ويحترم جدًا هذه الحرية، ولكن فات على الناقد أنه من مبادئ التلمذة أن يطيع التلميذ معلمه ويخضع له لأنه أكثر منه خبرة وعلمًا ومعرفة، وعندما ألزم السيد المسيح تلاميذه ليستقلوا السفينة ويقلعوا، فذلك كان له أسبابه:
(1) كانت الجموع التي شاهدت معجزة إشباع الجموع من خمس خبزات وسمكتين تريد أن تُملّك يسوع ملكًا على إسرائيل (يو 6: 15)، وحتى لا يتعاطف التلاميذ مع هذه الجموع الهادرة ألزمهم أن يتركوا المكان ويرحلوا قبله، وهذا عكس ما اعتاد عليه التلاميذ إذ كانوا دائمًا يتبعونه ويلازمونه. لقد نجاهم من هذا الفخ، فأن الحركات الجماهيرية تفتقر للعقل والحكمة والبصيرة الروحية والتصرفات الرزينة، والفرد أمام الجموع الهادرة المتأججة المشاعر الجامحة يتصرف كما يتصرفون، ويفعل ما يفعلون بدون حكمة ولا روية، فلئلا ينجرف التلاميذ في هذا التيار ألزمهم معلمهم الصالح أن يسبقون إلى الجانب الآخر من البحيرة.
(2) لا بد أن هياج البحر سيهدئ حماس التلاميذ، وعندما يسكت السيد المسيح البحر الهائج سيساعدهم على اكتشاف هويته.
(3) قصد السيد المسيح أن يُدخِل التلاميذ في هذه الضيقة إذ يهيج البحر عليهم يريد ابتلاعهم، وهو ليس معهم، ففي المرة السابقة عندما هاج البحر عليهم كان معهم في السفينة نائمًا فأيقظوه (مر 4: 35 - 41) أما هذه المرة فسيمنحهم خبرة جديدة، وهيَ أنه مهما كان بعيد عنهم، فأنه عالِم بكل شيء، وفي وقت الشدة يكون قريب منهم جدًا، لا يتخلى عنهم أبدًا... لقد أمضى التلاميذ نحو (6 - 9) ساعات حتى الهزيع الرابع، لم يتخطوا نحو ثلاثة أميال وشبح الموت يحيط بهم في وسط البحيرة، بالرغم من أنهم كانوا ينفذون إرادة معلمهم وليس إرادتهم الخاصة، فظلوا معذبين من الأمواج حتى أتاهم ماشيًا على البحر (مر 6: 48) لعلهم يدركون أنه هو الذي قال عنه آساف المرنم: " فِي الْبَحْرِ طَرِيقُكَ وَسُبُلُكَ فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ وَآثارُكَ لَمْ تُعْرَفْ" (مز 77: 19).
(4) كان السيد المسيح يحتاج لوقت لينفرد فيه ويصلي بعد هذه الخدمة الناجحة التي اجتذبت الآلاف حوله، وحوَّلت الأرض إلى سماء، والكلمة المستخدمة للصلاة في الأصل اليوناني προσευξασθαι وهيَ تصف الصلاة بحرارة (الأفكار الرئيسية للعظات الكتابية ص 113) حيث يسكب الإنسان مشاعره وكل كيانه أمام الله، فصلى السيد المسيح هكذا بحرارة بالرغم من التعب والوهن الذي لحق بجسده من جراء خدمة الآلاف من المتحمسين. كما أن الوقت حان ليترك هذه المنطقة ويكرز في مناطق أخرى هيَ في أشد الاحتياج إليه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/511f.html
تقصير الرابط:
tak.la/kk4kb95