St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

381- ما هو الهدف من مَثَل الفعلة (مت 20: 1 ـ 16)؟ وعندما يُعطي رب الكرم الذين عملوا منذ الصباح الباكر في كرمه نفس الدينار الذي منحه لمن عملوا ساعة واحدة، أليس هذا ظُلم بيّن حتى أنهم قالوا: "هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ" (مت 20: 12)؟ وإن كان هذا المَثَل يشير لملكوت السموات، فهل يوجد في السماء من يتذمر ويضجر: "وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ" (مت 20: 11)؟ وهل يوجد في السماء تذمر وضجر؟ وهل لا يوجد أي تفاوت في مكافأة الأبرار في ملكوت السموات مع أن اللَّه سيجازي كل واحد بحسب عمله؟

 

س381: ما هو الهدف من مَثَل الفعلة (مت 20: 1 ـ 16)؟ وعندما يُعطي رب الكرم الذين عملوا منذ الصباح الباكر في كرمه نفس الدينار الذي منحه لمن عملوا ساعة واحدة، أليس هذا ظُلم بيّن حتى أنهم قالوا: "هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ" (مت 20: 12)؟ وإن كان هذا المَثَل يشير لملكوت السموات، فهل يوجد في السماء من يتذمر ويضجر: "وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ" (مت 20: 11)؟ وهل يوجد في السماء تذمر وضجر؟ وهل لا يوجد أي تفاوت في مكافأة الأبرار في ملكوت السموات مع أن اللَّه سيجازي كل واحد بحسب عمله؟

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

ج: 1ــ هذا المَثَل يكشف صلاح اللَّه الذي يعطي بحسب غناه في المجد، مقابل تذمر الإنسان على أخيه وحسده له لأنه نال نعمة لا يستحقها، وهذا المَثَل مرتبط بنهاية الأصحاح السابق، وكلمة " فَإِنَّ" التي بدأ بها المَثَل: "فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ" في الأصل اليوناني تربط ما جاء في هذا المَثَل بما سبقه، وجاء المَثَل ردًا على قول بطرس: "هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا" (مت 19: 27)، وقد أوضح المَثَل قول السيد المسيح السالف: "وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ" (مت 19: 30) وانتهى المَثَل بنفس العبارة: "هكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ" (مت 20: 16)، وظن التلاميذ أنهم الوحيدون الذين تركوا كل شيء من أجل المسيح، فأراد السيد المسيح أن يوضح لهم أن ملكوت السموات لا يُعطى مقابل عمل الإنسان، لكنه هو هبة إلهيَّة، فالذين عملوا ساعة واحدة قد أنعم اللَّه عليهم بملكوته كالذين عملوا منذ الصباح الباكر، وقد وهب اللَّه ملكوته ليوحنا المعمدان الذي قدم فترة قصيرة كما وهبه ليوحنا الحبيب الذي قدم سنين هذه عددها، بل أن الذين لم تسعفهم الحياة أن يفعلوا شيئًا على الإطلاق مثل اللص اليمين لم يحرمهم اللَّه من ملكوته، والذي يشتهون أن يعملوا وليس في مقدرتهم أن يعلموا يحسبهم اللَّه ضمن العاملين، ولذلك تُصلي الكنيسة: "نذور عبيدك أقبلها إليك، أصحاب الكثير وأصحاب القليل، الخفيات والظاهرات. والذين يريدون أن يقدموا لك وليس لهم، والذين قدموا لك في هذا اليوم هذه القرابين. أعطهم الباقيات عوضًا عن الفانيات، السمائيات عوض الأرضيات، الأبديات عوض الزمنيات، بيوتهم ومخازنهم أملأها من كل الخيرات. أحطهم يارب بقوة ملائكتك الأطهار.." (أوشية القرابين).

ويقول "الأب متى المسكين": "وقصد المسيح (بهذا المَثَل) أن يرد على دعوى ق. بطرس أنهم كتلاميذ أصحاب فضل في أنهم تركوا كل شيء وتبعوه منذ البدء. فلو أنه وعدهم بالمكان الأعلى في الدينونة ليدينوا ويقضوا لإسرائيل بأسباطه الاثني عشر، إلاَّ أن هذا لا يعود إلى الأحقية بل إلى محبة المسيح لهم وصلاح الآب السماوي. بعد ذلك ليس لإنسان أن يفترض في نفسه الأفضلية في المعاملة لدى الآب السماوي، ولا الأكثرية في الجزاء، إذ أن هذا يعتمد أساسًا على ميزان اللَّه وصلاحه، الذي يعلو ويسمو فوق إدراك أحكم بني البشر... هو اللَّه. يقول فيكون ولا راد لقضائه، يُنعم من غنى صلاحه ولا أحد يغاير أو يزن أو يكيل، فإنعامه فائق الحد والعد!! وبالنهاية لن يقف واحد أمام اللَّه يستصغر نصيبه أو يستكثر نصيب غيره حينما تنفتح العيون وتتلاشى الأطماع. فاللَّه لا يُعطي إلاَّ بالكيل الفائض! ولا يُحاسب إلاَّ بإسقاط الديون وإختزال الحسابات، حتى ليكاد الإنسان يصرخ: وأين ذهبت عيوبي وآثامي، وأين اختفت خطاياي، وكيف نسى اللَّه فجوري!! هكذا يخرج الإنسان من أمام اللَّه لابسًا إكليله وهو يضرب كفًا على كف! هذا هو اللَّه" (1055).

 

St-Takla.org Image: Parable of the Laborers in the Vineyard: A rendering of the Parable of the Laborers in the Vineyard: (Matthew 20) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الفعلة في الكرم: (متى 20) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1695 م.

St-Takla.org Image: Parable of the Laborers in the Vineyard: A rendering of the Parable of the Laborers in the Vineyard: (Matthew 20) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الفعلة في الكرم: (متى 20) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1695 م.

2ــ كانت زراعة الكروم منتشرة في أرض فلسطين، وكان يعتبر محصول رئيسي يُجمع في أواخر سبتمبر قبل سقوط الأمطار، ففي هذه الفترة تكون الحاجة شديدة للأيدي العاملة، فكانوا يرحبون بمن يريد أن يعمل ولو لساعات قليلة من النهار، وكانت أجرة العامل في اليوم دينارًا واحدًا، وكان العمال يقفون صباحًا بأدواتهم في سوق العمل منتظرين أن يستأجرهم أحد، وإذا لم يجدوا من يستأجرهم ينتظرون على رجاء أن يأتي أحد ليستأجرهم ولو نصف النهار، والأمر العجيب أن البعض كانوا في حاجة للأجرة ليطعموا أولادهم ولذلك ظلوا للساعة الحادية عشر لم يغادروا مكان الإنتظار وصدق ظنهم وجاء رجل طيب وكريم وغني ليستأجرهم ساعة واحدة، وفي نهاية يوم العمل جاء الوكيل وساوى بين جميع العمال الذين جاءوا في ساعات مختلفة في الأجرة، فتذمر من عملوا اليوم كله، وهنا يأتي السؤال: هل ظلم صاحب الكرم أصحاب الساعات الأولى؟ كلاَّ... لم يظلمهم بل أعطاهم أجرًا كاملًا بحسب الإتفاق، والعقد شريعة المتعاقدين، فقد إتفق معهم على دينار ولم يبخثهم حقهم، بل وافاهم أجرتهم، لكل واحد دينار، وعندما تذمروا: "فَأجَابَ (صاحب الكرم) وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَا صَاحِبُ مَا ظَلَمْتُكَ أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ" (مت 20: 13).. لم يغضب منه ولم يغضب عليه، بل دعاه بالصاحب، فهو لم يضمر له أي عداء ولم يظلمه، وإن كان هؤلاء عملوا اليوم كله فيكفيهم شرفًا أنهم عملوا في كرم الرب، ولابد أنهم تمتعوا بكرم ضيافته.

ويقول "وليم ماكدونالد": "عرف رب البيت أن كل هؤلاء الرجال كانوا يحتاجون إلى المال، فدفع لهم بحسب احتياجهم، لا بحسب طمعهم. هذا ولم يتقاضَ أي منهم أقل من استحقاقه، بل أخذ الجميع ما احتاجوا لنفوسهم وعائلاتهم. ويلخّص "جيمس ستيوارت" الدرس المتضمن في هذا المَثَل قائلًا: "لن يفلح من يساوم مع اللَّه حول المكافأت الأبدية البتة، فمراحم الرب ستكون لها دائمًا كلمة الفصل النهائي". وكلما أمعنا النظر في هذا المَثَل أدركنا أنه ليس عادلًا فحسب بل هو مَثَل جميل جدًا، فكان ينبغي على الذين أُستُؤجروا في الساعة السادسة صباحًا أن يعتبروا خدمتهم امتيازًا عظيمًا لهم إذ قد خدموا سيدًا رائعًا اليوم كله" (1056).

وكان على العمال الذين تذمروا أن يفرحوا من أجل الأجراء رفاقهم لأنهم وجدوا قوتًا لأسرهم عوضًا أن يتهموا العدالة الإلهيَّة التي تتحدى العدالة البشرية. لم يتذمروا لأن السيد بخس أجرتهم إنما لأن إخوتهم نالوا أكثر مما يستحقون. ويقول "وليم باركلي": "عندما نقرأ المَثَل بعد قرون من النطق به، نستطيع أن نجد فيه مبادئ عامة رائعة:

(1) فنحن نرى الترحيب الإلهي بالإنسان، وسواء دخل الإنسان إلى الملكوت مبكّرًا أو متأخرًا، في فجر الشباب، أو في قوة الرجولة، أو في خريف العمر ومسائه، فالجميع يتمتعون بالإعزاز عينه عند اللَّه...

(2) ونحن نرى هنا شفقة اللَّه غير المتناهية، ففي هذا المَثَل نرى لمسة رقيقة، فليس هناك في الحياة شيء أشد إيلامًا من البطالة... ومن رؤية إنسان تصدأ مواهبه لأنه لا يجد ما يعمله... وهناك في السوق، في فلسطين، وقف أولئك العمال بطالين، لأنهم لم يجدوا من يستخدمهم... لذلك أشفق عليهم السيد وأرسلهم إلى كرمه، لأنه لم يحتمل رؤيتهم بطالين دون عمل، لأن قلبه تأثر من حالتهم... السيد أدرك أن الدينار في اليوم لم يكن أجرًا كبيرًا، وعرف أنه لو رجع ذلك العامل إلى بيته بأقل من دينار، فسيكون هناك حزن لأولاده الصغار وزوجته المنتظرة المضطربة...

(3) ونحن نرى في هذا المَثَل: النعمة والسماء... أن هؤلاء الرجال لم يقوموا جميعًا بنفس القدر من العمل، لكنهم نالوا نفس الأجر... إن اللَّه كثيرًا ما ينظر لا إلى مقدار ما نعمل، ولكن إلى الروح التي نعمل بها... فقد يقدم غنى من فضلته مئات الجنيهات، لكن عطية طفل من القروش القليلة يقدمها بجهد، تفوق في نظر اللَّه العطية الكبيرة في قيمتها.." (1057).

 

3ــ ولما كان المساء قال صاحب الكرم لوكيله ادع الفعلة وأعطهم الأجر مبتدئًا من الآخرين إلى الأولين، والمساء هو نهاية يوم العمل، وهو يُعبّر أيضًا عن نهاية الحياة، سواء حياة الإنسان أو حياة العالم كله، وقد أعطى الوكيل أصحاب الساعة الحادية عشر كل منهم دينارًا، أولئك الذين عملوا ساعة واحدة في ألطف جو من النهار، وفرح بقية الفعلة وبدأ الأمل يداعبهم في الحصول على أضعاف الأجرة المتفق عليها، وعندما أخذ الأولون دينارًا فقط: "وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ" (مت 20: 11) وهذا لا يعني أنه سيكون في السماء تذمُر وضجر وضيق وكد، وما جاء في المَثَل يشير إلى مشاعر اليهود الذين دعاهم الرب للعمل في كرمه منذ الساعات الأولى من الصباح، فعندما أبصروا الأمم وقد جاءوا في الساعة الحادية عشر ونالوا الملكوت تذمروا وضجروا، بل أن الأمم الذين قبلوا الإيمان بحرارة وحماس سبقوهم للملكوت، وأيضًا هذه المشاعر تشير لمشاعر الابن الأكبر الذي كان ناقمًا على أخيه الأصغر الذي عاد للمنزل بعد أن بذَّر ماله بعيش مُسرف وإذ بأبيه يُحسن استقباله ويعيد له كل بركات السماء، وقال الابن الأكبر: "هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هذَا عَدَدُهَا" (لو 15: 29) فهيَ ذات مشاعر أصحاب الساعة الأولى: "نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ" (مت 20: 12).

 

4ــ لا يصلح أن نأخذ مثلًا من أمثال كثيرة نطق بها مخلصنا الصالح، ونطبقه على جميع جوانب الحياة في الأرض وفي السماء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهذا المفهوم الخاطئ هو الذي دعى الناقد للقول بأنه ليس هناك تفاوت في الملكوت وهذا ضد قول الكتاب بأن اللَّه سيجازي كل واحد بحسب أعماله، والحقيقة أن مفتاح هذا المَثَل هو الدينار، فالدينار رمز للحياة الأبدية، وكون أن كل عامل أخذ دينار فهذا يشير إلى أن الجميع نالوا الملكوت السمائي، ولكن المكافأة في الملكوت تختلف من شخص إلى آخر بحسب تعب كل إنسان وجهاده وصبره وأمانته، فمجد الشهداء أكثر من مجد القديسين، ومجد القديسين الذي أمضوا حياتهم في النُسك والتقشف يزيد عن مجد الناس العاديين، وفي مَثَل آخر أوضح السيد المسيح أن الثمار تختلف من إنسان إلى آخر، فالبعض أثمر ثلاثين والبعض ستين والبعض مئة، وبالتبعية فإن مكافأة كل واحد تختلف عن الآخر، ويتميَّز أصحاب الخمس وزنات في مكافأتهم عن أصحاب الوزنتين، فأصحاب الخمس وزنات ربح كل منهم خمس وزنات، وأصحاب الوزنتين ربح كل منهم وزنتين، ويقول "القديس أغسطينوس": "في هذا الأجر نتساوى جميعًا، يكون الأول كالآخر، والآخر كالأول، لأن ذلك الدينار هو الحياة الأبدية، وفي الحياة الأبدية الكل متساوون. بالرغم من اختلاف ما يبلغ إليه القديسون فيضيء البعض أكثر والآخر أقل. إلاَّ أن عطية الحياة الأبدية متساوية للجميع، فلا تكون طويلة لواحد وقصيرة لآخر هذه التي هيَ أبدية للجميع بلا نهاية" (1058).

ونصوص الكتاب توضح أن كل إنسان سينال أجرته بحسب أعماله، فجاء في سفر أيوب: "لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ" (أي 34: 11)، وقال داود النبي: "وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِه" (مز 62: 12)، وجاء في سفر إرمياء النبي: "أَنَا الرَّبُّ فَاحِصُ الْقَلْبِ مُخْتَبِرُ الْكُلَى لأُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ حَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ" (إر 17: 10)، وصلى إرمياء: "عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِه" (إر 32: 19)، وقال الرب يسوع: "فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِه" (مت 16: 27) وقال بولس الرسول: "الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَـبَ أَعْمَالِه" (رو 2: 6).. " وَالْغَارِسُ وَالسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِه" (1 كو 3: 8)، وجاء في سفر الرؤيا: "فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِه" (رؤ 2: 23).. " وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ" (رؤ 20: 12).. " وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ" (رؤ 22: 12). وواضح جدًا اختلاف المكافأة من إنسان إلى آخر: "لأَنَّ نَجْمًا يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ" (1 كو 15: 41)، فلو تصوَّرنا أن هناك آنية لا حصر لها مختلفة الأحجام والأشكال والألوان وجميعها مملوءة بالمياه كلٍ بحسب سعته، فالكل يشعر بالإمتلاء، وهذا يشبه الجموع التي أكلت من الخبز والسمك الذي قدمه الرب يسوع فالطفل أكل وشبع وكذلك الرجل الناضج، كل منهم أكل بحسب طاقته، والجميع أحسوا بالشبع والإمتلاء.

بل وأيضًا واضح من الكتاب أن العقوبة تختلف من إنسان إلى آخر كقول الرب يسوع: "سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَـةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَة" (مت 10: 15)، وقال السيد المسيح لبيلاطس عن يهوذا: "الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ" (يو 19: 11) ويقول "قداسة البابا شنوده الثالث": "واختلاف العقوبة والثواب، أمر يناسب العدل الإلهي... إذًا ما معنى أن الكل أخذ دينارًا، بالتساوي، في هذا المَثَل؟ إنما يتساوون في دخول الملكوت، وليس في الدرجة. الكل يدخل الملكوت، حتى الذي تاب في آخر لحظة من حياته. ولكن داخل الملكوت كل واحد ينال حسب عمله. الذي أعطى مائة، والذي أعطى ستين، والذي أعطى ثلاثين كل واحد حسب عمله" (1059).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1055) الإنجيل بحسب القديس متى ص558، 559.

(1056) تفسير الكتاب المقدَّس - العهد الجديد جـ 1 ص135.

(1057) تفسير العهد الجديد جـ 1 ص363، 364.

(1059) سنوات مع أسئلة الناس - أسئلة خاصة بالكتاب المقدَّس ص99.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/381.html

تقصير الرابط:
tak.la/jgj2nf4