St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

327- هل عندما قال السيد المسيح: "وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" (مت 10: 38) أدرك السامعون معناها ومغزاها؟ وما معنى: "مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ" (مت 10: 41)؟

 

س327: هل عندما قال السيد المسيح: "وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" (مت 10: 38) أدرك السامعون معناها ومغزاها؟ وما معنى: "مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ" (مت 10: 41)؟

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: Take up His Cross, a man thinking of carrying a cross with Jesus صورة في موقع الأنبا تكلا: احمل صليبه، شخص يفكر في حمل الصليب مع يسوع

St-Takla.org Image: Take up His Cross, a man thinking of carrying a cross with Jesus.

صورة في موقع الأنبا تكلا: احمل صليبه، شخص يفكر في حمل الصليب مع يسوع.

ج: 1ــ هذه هيَ المرة الأولى التي يتحدث فيها السيد المسيح عن الصليب الذي سيحمله المؤمنون بِاسمه، وكان الصليب عقوبة معروفة في الدولة الرومانية يمارس مع من لا يحملون الجنسية الرومانية، فتعبير "يحمل صليبه" لم يكن تعبيرًا غامضًا، بل الجميع يعرفونه ويدركونه لأنهم دائمًا يشاهدون المحكوم عليهم بالصلب وهم يحملون صلبانهم إلى مكان صلبهم، كل منهم يتقدمه جندي يحمل لافتة مكتوب عليها الجُرم الذي قاده إلى موت الصليب، وكان الحكم بالصلب من أقسى وأشنع وأرذل أنواع الأحكام بالإعدام، فالعذاب الذي يقاسيه المصلوب يفوق عذابات من يُلقى للوحوش الضارية، أو من يُحكم عليه بالحرق حيًا، لأنه سريعًا ما تنتهي حياته، أما المصلوب فقد يظل مُعلقًا على الصليب عدة أيام، وربما الطيور الجارحة تنهش جسده، ولا يستطيع أن يزجرها. وعندما أشعل يهوذا الجليلي الثورة في الجليل، وأخمدها القائد الروماني فاروز Varus أمر بصلب ألفي رجل من رجال اليهود في الجليل على جانبي الطريق، وعندما قال السيد المسيح: "وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" قصد أن ينبه أتباعه للآلام التي سيتعرضون لها، وأقصاها موت الصليب، فحمل الصليب كناية قوية عن الألم والخزي والموت، والمعادلة صعبة للغاية، فهل يقبل الإنسان التضحية مهما بلغت قسوتها من أجل طاعة وصايا المسيح؟! أم أنه يفضل الراحة والنجاة عن طاعة الوصايا الإلهيَّة؟! وقد بلوَّر السيد المسيح هذه المعادلة بقوله: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِـنْ أَجْلِي فَهذَا يُخَلِّصُهَا" (لو 9: 23، 24).

وبعد أن حمل السيد المسيح الصليب وعُلِق عليه صار المعنى الذي قصده الرب يسوع واضحًا جليًا، وعلى مدار الأجيال حمل الكثيرون صلبانهم في موكب جليل نحو الجلجثة وهم في ملء الثقة أن بعد الجلجثة نصرة أكيدة وقيامة مجيدة... لقد صار الصليب شركة مع المسيح المصلوب القائم، يرضى به المؤمنون بل يفرحون به ويشكرون اللَّه عليه. ويقول "مارديوناسيوس يعقوب ابن الصليبي": "من لا يميت نفسه عن محبة العالم، ويتعرى عن كل مقتنياته وأفراحه، ولا يحيا للَّه وحده محتملًا كل عار واحتقار حبًا به تعالى لا يستحق الجزاء الموعود به أبناؤه، فإن المراد بحمل الصليب هو احتمال الآلام والشتائم والمشقات والتجرد من بهرجة هذا العالم وأباطيله" (843).

 

2ــ يقول "بيرسون" A. T. Pierson: "كان اليهود يعتبرون أجر النبي أنه الأعظم، فبينما كان الملك يحكم بِاسم الرب والكاهن يخدم بِاسم الرب، كان النبي يأتي من عند الرب ويعطي التعليمات للكاهن والملك معًا" (844). ومعنى قول السيد المسيح " مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا" أي يقبل رسالة النبي ونبوته، فأنه يأخذ مكافأة النبي، ومعنى قوله " وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا" أي يقبل حياة البار فيحيا ويسلك مثله، فيأخذ المكافأة التي سيحصل عليها البار... وللأسف فإن هناك من هم دائمي النقد لخدام الرب، بينما لو قبلوهم وقبلوا رسالتهم لقبلوا المسيح شخصيًا، ولأخذوا مكافأة تضارع مكافأة هؤلاء الخدام، وقد قال السيد المسيح صراحة في نفس الموضع: "مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي" (مت 10: 40)، فرسل المسيح هم سفراء عن المسيح يتكلمون بِاسمه، كقول معلمنا بولس الرسول: "إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ كَأَنَّ اللَّه يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللَّه" (2 كو 5: 20). إذًا من يقبل رسل المسيح يقبل المسيح ذاته، ومن يحب المسيح يفرح برسله، لأن الرسول هو "في المسيح" سفير ونائب وممثل للمسيح، وعن طريقه يدخل اللَّه إلى المنزل وإلى القلب.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(843) الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ص263.

(844) أورده وليم ماكدونالد - تفسير الكتاب المقدَّس لمؤمن - العهد الجديد جـ1 ص81، 82.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/327.html

تقصير الرابط:
tak.la/7gf9a5w