St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

301- ما دام المسيح عالِم بكل شيء لماذا أمر تلاميذه بالذهاب إلى العبر (مت 8: 18) ووضعهم في هذا المأزق؟ وكيف يكون المسيح هو اللَّه وينام في السفينة، لا يشعر بالعاصفة المدوّية حتى أيقظوه (مت 8: 25)؟ وكيف يفزع التلاميذ كل هذا الفزع بعد أن شاهدوا معجزات المسيح العجيبة؟

 

St-Takla.org Image: Leaving the crowds behind they got into a boat and set off. (Luke 8: 22) (Matthew 8: 23) (Mark 4: 36) - "Jesus calms a storm" images set (Matthew 8:23-27, Mark 4:35-41, Luke 8:22-25): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأقلعوا" (لوقا 8: 22) - "ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه" (متى 8: 23) - "فصرفوا الجمع وأخذوه كما كان في السفينة. وكانت معه أيضا سفن أخرى صغيرة" (مرقس 4: 36) - مجموعة "يسوع يهدئ العاصفة" (متى 8: 23-27, مرقس 4: 35-41, لوقا 8: 22-25) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Leaving the crowds behind they got into a boat and set off. (Luke 8: 22) (Matthew 8: 23) (Mark 4: 36) - "Jesus calms a storm" images set (Matthew 8:23-27, Mark 4:35-41, Luke 8:22-25): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأقلعوا" (لوقا 8: 22) - "ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه" (متى 8: 23) - "فصرفوا الجمع وأخذوه كما كان في السفينة. وكانت معه أيضا سفن أخرى صغيرة" (مرقس 4: 36) - مجموعة "يسوع يهدئ العاصفة" (متى 8: 23-27, مرقس 4: 35-41, لوقا 8: 22-25) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

س301: ما دام المسيح عالِم بكل شيء لماذا أمر تلاميذه بالذهاب إلى العبر (مت 8: 18) ووضعهم في هذا المأزق؟ وكيف يكون المسيح هو اللَّه وينام في السفينة، لا يشعر بالعاصفة المدوّية حتى أيقظوه (مت 8: 25)؟ وكيف يفزع التلاميذ كل هذا الفزع بعد أن شاهدوا معجزات المسيح العجيبة؟

يقول "علاء أبو بكر": "س211: هل ينام الإله؟ ومن الذي نام فيهم: هل هو لاهوته أم ناسوته أم الثلاثة آلهة الذين لا ينفصلون طرفة عين؟ ومن الذي كان يتابع السيئ والصالح أثناء نومه؟ وفي أي ليل كان ينام، هل في الليل الذي يحل على أهل أفريقيا أم الليل الذي يحل على القارة الأمريكية في وقت إشراق الشمس على القارة الأفريقية (مت 8: 23 - 25)" (760).

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

ج: 1ــ كانت بعض السفن الشراعية الكبيرة تقطع بحر الجليل بعرض نحو عشرة كيلومترات، ويقع بحر الجليل في منطقة منخفضة عن سطح البحر بنحو 230 مترًا، ويصل عمقه إلى نحو خمسين مترًا، تحيطه الجبال، فجبل حرمون يقع شرق هذه البحيرة ويصل ارتفاعه إلى نحو 9200 قدم، ولهذا كانت تنقض على البحيرة الرياح السريعة العنيفة دون سابق إنذار، وترتفع الأمواج إلى ستة أمتار فتهدد السفن بالغرق، وعندما كانت تهب العاصفة كانوا يطوون الأشرعة حتى لا يفقدوا السيطرة على السفينة. ويقول "وليم باركلي": "وعلى الشاطئ الغربي للبحيرة جبال ذوات وديان وأخاديد، وعندما تهُب رياح باردة من الغرب تمر خلال تلك الوديان والأخاديد، فتنضغط فيها وتهب على البحيرة في صورة عواصف شديدة، تظهر فجأة هذه الظواهر، وكانت من خصائص بحر الجليل، فبينما تكون الشمس مشرقة والجو معتدلًا، إذ بالجو يتغير فجأة وتهُب الرياح العاصفة. وهذا ما حدث عندما كان يسوع وتلاميذه في السفينة، فقد هبت رياح وصفتها اللغة اليونانية الأصلية أنها رياح كالزلزال (seimos) حتى غطت المياه السفينة" (761).

وركب التلاميذ مع السيد المسيح سفينة كبيرة ليعبروا من الشط الغربي للشط الشرقي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالسيد المسيح لم يضعهم في مأزق وقد تركهم، إنما كان معهم في السفينة، ولكن بسبب ما بذله من جهد كبير والآلاف تزحمه وهو يعظ ويُعلّم ويتحنَّن على هذا الشعب الذي كان كخراف لا راعٍ لها، وتحنن على المرضى فشفاهم، فأُنهك جسديًا واحتاج قسطًا من الراحة، بالرغم من أن الرحلة تستغرق فقط نحو ساعتين من الزمن، نام وهو يعلم بما سيحدث، بل أن من المستحيل أن يحدث أي شيء بدون إرادته أو بدون سماحه... إذًا لماذا سمح الرب يسوع بهذه الأزمة القاسية التي أخفت وراءها شبح الموت؟ سمح بهذا لأنه هو المُعلم الصالح الذي كان يُدرّب أولاده على مواجهة الصعاب ومجابهة المخاطر، ويزرع فيهم روح الاتضاع وينزع منهم أي كبرياء بعد أن شاهدوا قوة وعظمة معلمهم. وقد سمح اللَّه بهذه التجربة هذه المرة وهو معهم في السفينة نائمًا فقام وأسكت العاصفة، كما سمح لهم مرة أخرى بنفس التجربة وهم وحدهم، وجاءهم في الهزيع الأخير ماشيًا على سطح المياه، ولما دخل السفينة سكتت الريح (مت 14: 24 - 32).. عندما تكون السماء صافية فأقل الملاحين كفاءة يستطيع أن يقود السفينة، ولكن عند هبوب العاصفة فإن السفينة تحتاج إلى ربان ماهر، فمن المستحيل أن تبتلع أمواج البحار والمحيطات سفينة تحمل الرب يسوع رب البحار والمحيطات والسماء والأرض.

 

2ــ بالرغم من أن التلاميذ إعتادوا مثل هذه العواصف، ولكن بحكم خبرتهم خافوا وفزعوا هذه المرة، لأنهم أدركوا أن هذه العاصفة أكثر من قدراتهم، فوقف شبح الموت يطاردهم، حتى أنساهم قوة النائم معهم، فارتعبوا لأنهم لم يدركوا أن معلمهم هو رب السماء والأرض والبحر، فقد أدركوا كيونان النبي أن: "الرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ" (يون 1: 9)، ولكنهم لم يتخيلوا قط أن الرب إله السماء هذا هو هو معلمهم الصالح الذي صنع البحر والبر، ولذلك عندما أسكت كبرياء البحر وأبكمه اندهشوا قائلين: "أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ" (مت 8: 27).. " فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَنْ هُوَ هذَا فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضًا وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ" (مر 4: 41).

 

St-Takla.org Image: The weather was calm when they set off and Jesus was very tired. He lay down to sleep on a cushion in the back of the boat. (Luke 8: 23) (Matthew 8: 24) (Mark 4: 38) - "Jesus calms a storm" images set (Matthew 8:23-27, Mark 4:35-41, Luke 8:22-25): image (4) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وفيما هم سائرون نام" (لوقا 8: 23) - "وكان هو نائما" (متى 8: 24) - "وكان هو في المؤخر على وسادة نائما" (مرقس 4: 38) - مجموعة "يسوع يهدئ العاصفة" (متى 8: 23-27, مرقس 4: 35-41, لوقا 8: 22-25) - صورة (4) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The weather was calm when they set off and Jesus was very tired. He lay down to sleep on a cushion in the back of the boat. (Luke 8: 23) (Matthew 8: 24) (Mark 4: 38) - "Jesus calms a storm" images set (Matthew 8:23-27, Mark 4:35-41, Luke 8:22-25): image (4) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وفيما هم سائرون نام" (لوقا 8: 23) - "وكان هو نائما" (متى 8: 24) - "وكان هو في المؤخر على وسادة نائما" (مرقس 4: 38) - مجموعة "يسوع يهدئ العاصفة" (متى 8: 23-27, مرقس 4: 35-41, لوقا 8: 22-25) - صورة (4) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

3ــ اللَّه لا ينعس ولا ينام: "لاَ يَنْعَسُ حَافِظُكَ. إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ" (مز 121: 3، 4)، ولكن عندما تجسَّد اللَّه وأخذ طبيعتنا البشرية، خضع لمطالب هذه الطبيعة التي تحتاج للطعام والشراب والراحة، فهو شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها، فجاع وعطش وتعب ونام وتألم ومات، كل هذا بحسب الناسوت، أما اللاهوت فهو منزَّه عن كل هذه الأمور... لقد رآه التلاميذ يأكل معهم ويشرب وينام فظنوه إنسانًا وتساءلوا: "أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟!!"، أما البحر فقد أفصح عن ألوهيته. ويقول "العلامة أوريجانوس": "لكن المخلص كان نائمًا يا له من أمر عظيم وعجيب! هل الذي لا ينام ينام الآن؟! الذي يدبر السماء والأرض هل ينام؟ نعم أنه ينام في جسده البشري لكنه ساهر بلاهوته... لقد أظهر أنه حمل جسدًا بشريًا حقيقيًا... لقد نام في جسده، وبلاهوته جعل البحر يضطرب كما أعاده إلى هدوءه، نام في جسده لكي يوقظ تلاميذه ويجعلهم ساهرين" (762).

ويقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": "لقد نام لكي يعطي فرصة لظهور خوفهم، ولكي يجعل فهمهم لما يحدث أكثر وضوحًا... لكنه لم يفعل هذا في حضرة الجماهير حتى لا يدانوا على قلة إيمانهم، وإنما إنفرد بهم وأصلح من شأنهم، وقبل أن يهدئ عاصفة المياه أنهى أولًا عاصفة نفوسهم موبخًا إياهم: لماذا شككتم يا قليلي الإيمان؟ معلمًا إياهم أيضًا أن الخوف سببه ليس إقتراب التجارب إنما ضعف ذهنهم" (763).

ويقول "متى هنري": "لم نقرأ قط عن نوم المسيح إلاَّ في هذه المرة، فأنه كان دائم السهر، كان يقضي الليل كله في الصلاة للَّه. لم يكن هذا نوم عدم الإكتراث، كنوم يونان وسط العاصفة، بل نوم الثقة المُطلقة. لقد نام لكي يبين أنه كان مثلنا في كل شيء ما عدا الخطية. فإن كثرة الأعمال التي يؤديها جعلته يتعب وينام، ولكن لأنه كان بلا خطية فقط كان بلا هم يزعجه أو يقلق راحته أو يقض مضجعه ويوقظه من نومه. إن الذين يستطيعون أن يضطجعوا على فراشهم بضمير طاهر يمكنهم أن يناموا نومًا هادئًا مريحًا وسط العاصفة (مز 4: 8) كبطرس (أع 12: 6)" (764).

ويقول "الأب متى المسكين": "بسبب الجموع التي أحاطت به ومنعته أن يذهب إلى بيته ولا إلى أي بيت ليستريح، إضطر أن يركب المركب ويتخلص من ضغط هذه الجموع. وهذا يؤكده أنه بعدما ركب السفينة دخل في خنّها الخلفي ونام واستغرق في نوم عميق بسبب التعب الشديد، حتى أنخ لم يحس بإضطراب البحر العاصف ولا حركة المركب وهيَ تتهاوى من أعلى إلى أسفل!!

الأمر المستغرب له أنه بمجرَّد أن دخل المسيح السفينة نام. ونام نومًا عميقًا لم يشعر بإضطراب البحر ولا بحركات السفينة العنيفة صعودًا وهبوطًا، إذ كان المسيح متعبًا من جهد وسهر وعدم وجود مكان يسند فيه رأسه" (765).

أما الذين يرفضون سر التجسُّد الإلهي فأنهم يتساءلون عما إذا كان اللَّه ينام بحسب التقويم الأفريقي أو التوقيت الأمريكي، بينما لو سألت طفلًا صغيرًا لأجابك أن اللَّه بلاهوته لا ينام، ولكن عندما إتخذ طبيعتنا وعاش بيننا كان ينام بحسب التوقيت المعمول به في أرض فلسطين التي عاش فيها.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(760) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 3 ص137.

(761) تفسير العهد الجديد جـ 1 ص187.

(763) المرجع السابق - تفسير إنجيل متى ص202.

(764) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير الكتاب المقدَّس - تفسير إنجيل متى ط1 ص268.

(765) الإنجيل بحسب القديس متى ص316 ، 318.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/301.html

تقصير الرابط:
tak.la/8fqqr93