س239: هل سكن يسوع في كفرناحوم (مت 4: 13) قبل اختيار بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا (مت 4: 18 - 22)، أم أنه سكن فيها بعد اختيار التلاميذ الأربعة (يو 1: 16 - 21)؟ وهل دعا يسوع هؤلاء الأربعة بعد سجن المعمدان عندما كان بطرس وأندراوس يلقيان الشباك، ويعقوب ويوحنا يصلحان الشباك مع أبيهما زبدي عند بحر الجليل (مت 4: 18 - 22)، أم قبل سجن المعمدان إذ كان أندراوس تلميذًا للمعمدان وسمعه قرب عبر الأردن يشهد للمسيح بأنه حمل الله، فتبعه، ثم أحضر أخيه بطرس (يو 1: 35 - 46)؟ أم أن يسوع دعا الاثني عشر عندما صعد إلى الجبل (مر 3: 13، 14)؟
يقول "علاء أبو بكر": "س271: متى دخل يسوع كفرناحوم؟ هل قبل دعوة أندراوس وبطرس أم بعدها؟. قبلها... (مت 4: 12 - 22). بعدها... (مر 1: 16 - 21)" (483). (راجع أيضًا علاء أبو بكر - البهريز جـ 2 س263 ص238، 239، جـ 4 س243 ص151، 152).
ج: 1- هل سكن يسوع في كفرناحوم (مت 4: 13) قبل اختيار بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا (مت 4: 18 - 22)، أو أنه سكن فيها بعد اختيار التلاميذ الأربعة (مر 1: 16 - 21)؟
لقد ذكر القديس مرقس أن السيد المسيح وهو يمشي عند بحر الجليل أبصر سمعان وأندراوس يلقيان شبكة في البحر فدعاهما لتبعيته فتركا شباكهما وتبعاه. ثم اجتاز فرأى يعقوب ويوحنا يصلحان الشبك فدعاهما فتركا أباهما زبدي مع الأجراء وذهبا وراءه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ثم يقول: " ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ" (مر 1: 21). فقد تكون الدعوة قد حدثت في أطراف مدينة كفرناحوم، ثم اتجهوا تجاه المجمع داخل المدينة وهذا لا ينفي سكنى يسوع في كفرناحوم، بمعنى أن يسوع عندما ترك الناصرة سكن في كفرناحوم، وذات يوم خرج يتمشى عند بحر الجليل، فدعا أربعة من تلاميذه، وهم أيضًا من سكان كفرناحوم وقد سبق لهم التعرف به فتبعوه، ودخلوا جميعهم إلى كفرناحوم، ولم يقل أحد أن أحدًا من هؤلاء التلاميذ الأربعة لم يكن ساكنا في كفرناحوم ثم سكن فيها بعد الدعوة، فلماذا خص الناقد السيد المسيح بهذا القول؟!. مع أن ما ينطبق على التلاميذ الأربعة ينطبق على السيد المسيح، فالخمسة دخلوا إلى كفرناحوم، فهل يجوز أن نقول أن أربعة منهم كانوا يقطنون كفرناحوم وعادوا إلى بلدتهم، أما السيد المسيح فلا ينطبق عليه هذا؟!!
2- هل دعوة يسوع للتلاميذ الأربعة جاءت بعد سجن يوحنا (مت 4: 12 - 22)، أم قبل سجن يوحنا (يو 1: 35 - 42)؟. وهل دعا يسوع بطرس وأندراوس عندما كانا يُلقيان الشباك عند بحر الجليل (مت 4: 18 - 20)، أم أن أندراوس تبع يسوع بعد سماع شهادة معلمه المعمدان بالقرب من عبر الأردن، ثم دعا أخيه بطرس (يو 1: 35 - 42)؟. وهل دعا يسوع بعض تلاميذه عند بحر الجليل (مت 4: 18 - 22)، أم بالقرب من عبر الأردن (يو 1: 35 - 50)، أم دعا الاثني عشر على الجبل (مر 3: 13، 14)؟
والإجابة على الأسئلة السابقة تتمحوَّر حول فهمنا لمراحل دعوة السيد المسيح لتلاميذه، فهذه الدعوة مرت بثلاث مراحل، فأولًا: تعرف السيد المسيح على تلاميذه أو قل أنه أتاح لهم الفرصة للتعرُّف عليه، وثانيًا: دعاهم ليتركوا أعمالهم وأسرهم ويتبعوه، وثالثًا: دعاهم وأقام منهم الاثني عشر ليكونوا معه. فنجد المرحلة الأولى سبقت سجن يوحنا، بينما جاءت المرحلتين الثانية والثالث بعد سجن يوحنا. أما عن هذه المراحل الثلاث، فهيَ كالآتي:
المرحلة الأولى: انفرد بذكرها الإنجيلي (يو 1: 35 - 42) عندما كان يوحنا المعمدان واقفًا مع اثنين من تلاميذه أحدهما أندراوس، بالقرب من عبر الأردن، وأبصر يسوع ماشيًا فأشار إليه قائلًا: " هُوَذَا حَمَلُ اللَّه. فَسَمِعَهُ التِّلْمِيذَانِ يَتَكَلَّمُ فَتَبِعَا يَسُوعَ" (يو 1: 36، 37)، ومكث التلميذان ذاك اليوم مع يسوع، ثم رأى أندراوس أخيه بطرس فأخبره بأنهم وجدوا المسيا، وجاء به إلى يسوع الذي قال له: " أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا الَّذِي تَفْسِيرُهُ بُطْرُسُ" (يو 1: 42)، وهذا اللقاء الأول تم فيه التعارف، حيث مكثا مع يسوع يومًا واحدًا، ثم عادوا إلى أشغالهم وبيوتهم.
المرحلة الثانية: مرحلة الدعوة للتفرغ للخدمة، وترك أعمالهم، وهذه المرحلة التي جرت عند بحر الجليل وذكرها القديس متى، فبينما كان سمعان وأندراوس يلقيان شبكة دعاهما يسوع فتبعاه، وبينما كان يعقوب ويوحنا يصلحان الشباك دعاهما يسوع فتركا أبيهما مع الأجرى وتبعاه أيضًا (مت 4: 18 - 22).
المرحلة الثالثة: مرحلة تعيين الرسل الاثني عشر، وإرسالهم للكرازة، وقد ذكرها مارمرقس: " ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ" (مر 3: 13، 14)، كما ذكرها القديس متى (مت 10: 1 - 14)، وأيضًا القديس لوقا: " وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ. وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا رُسُلًا" (لو 6: 12، 13).
3ــ يقول "نيافة المتنيح الأسقف ايسيذوروس": " قلنا أن الاختلاف يستلزم اتحاد الزمان والمكان، والحال أنه لا يوجد هنا اختلاف فيهما، فيلزم أن نفهم من ذلك أن يوحنا يروي حادثة، ومتى ومرقس يرويان حادثة أخرى. فإن الأول يقص ما شاهده في عبر الأردن، والآخران يقصان ما حدث عند بحر الجليل. ثم أن مقابلة التلاميذ للمسيح في المكان الأول كانت قاصرة على التعرُّف به المعرفة البسيطة وكانت وقتية استغرقت يومًا واحدًا فقط، وأما في المكان الثاني، وطبعًا كان في زمن متأخر عن الزمن الأول فكانت الدعوة الرسولية والتلمذة الدائمة للمسيح كما يُفهَم من قوله لبطرس وأخيه " هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ ". والظاهر من ذلك أن التلاميذ المذكورين ماعدا يعقوب قابلوا المسيح لأول مرة في عبر الأردن ومكثوا معه نهارًا ثم غادروه وانقطعوا إلى أشغالهم إلى صيد السمك، ثم إنطلق إليهم ودعاهم ليلازموه فلبُّوا الدعوة وتركوا مهنتهم ولازموه" (484).
ويقول "المشرقي": " لا يوجد اختلاف لأن السيد المسيح دعا أندراوس وبطرس كما دوَّن متى فالتصقا به والدليل على ذلك:
1- إن يوحنا قال أنه دعاهما قبل حبس يوحنا المعمدان، أما متى فيقول بعده.
2- إن يوحنا يقول إنهما أقاما عنده يومًا، أما متى فيقول أنهما تركا كل شيء وتبعاه.
3- اختلاف المكان في الدعوتين" (485).
_____
(483) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 4 ص284، 285.
(484) مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 454.
(485) أورده القس يوسف البراموسي - تساؤلات حول إنجيل متى ص 45.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/239.html
تقصير الرابط:
tak.la/c7jn85f