St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

221- كيف يقيم اللَّه من الحجارة أولادًا لإبراهيم (مت 3: 9) وإبراهيم قد مات منذ أكثر من ثمانية عشر قرنًا قبل الميلاد؟ وما معنى قول يوحنا المعمدان عن المسيح: "هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ" (مت 3: 11)؟ ولماذا لم يعمد يسوع أحدًا بالنار؟ وهل رأى أحد السيد المسيح وهو يعمد بالنار؟! وهل النار تُعمّد أم تُحرق وتلتهم؟

 

س221: كيف يقيم اللَّه من الحجارة أولادًا لإبراهيم (مت 3: 9) وإبراهيم قد مات منذ أكثر من ثمانية عشر قرنًا قبل الميلاد؟ وما معنى قول يوحنا المعمدان عن المسيح: " هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ" (مت 3: 11)؟ ولماذا لم يعمد يسوع أحدًا بالنار؟ وهل رأى أحد السيد المسيح وهو يعمد بالنار؟! وهل النار تُعمّد أم تُحرق وتلتهم؟(1)

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: Abraham: Father Abraham and Sarah his wife (details 1), private collection, Egypt, 1730 A.M. (2013-2014 - which corresponds with the year 6255 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer). صورة في موقع الأنبا تكلا: إبراهيم: أيقونة أبوينا إبراهيم وسارة (تفاصيل 1)، مقتنيات خاصة، مصر، 1730 ش. (2013-2014 م. - والذي يوافق سنة 6255 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية.

St-Takla.org Image: Abraham: Father Abraham and Sarah his wife (details 1), private collection, Egypt, 1730 A.M. (2013-2014 - which corresponds with the year 6255 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer).

صورة في موقع الأنبا تكلا: إبراهيم: أيقونة أبوينا إبراهيم وسارة (تفاصيل 1)، مقتنيات خاصة، مصر، 1730 ش. (2013-2014 م. - والذي يوافق سنة 6255 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية.

ج: 1ــ أولًا: هل اللَّه الذي خلق الإنسان من تراب الأرض (تك 2: 7) لا يستطيع أن يخلق بشر من الحجارة؟.. بلا شك أن إيماننا بقدرة اللَّه اللانهائية توجب علينا الإيمان بأن اللَّه قادر أن يخلق من الحجارة بشرًا، وقديمًا قال اللَّه على لسان إشعياء النبي: " اِسْمَعُوا لِي أَيُّهَا التَّابِعُونَ الْبِرَّ الطَّالِبُونَ الرَّبَّ. انْظُرُوا إِلَى الصَّخْرِ الَّذِي مِنْهُ قُطِعْتُمْ وَإِلَى نُقْرَةِ الْجُبِّ الَّتِي مِنْهَا حُفِرْتُمُ. انْظُرُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَبِيكُمْ وَإِلَى سَارَةَ الَّتِي وَلَدَتْكُمْ. لأَنِّي دَعَوْتُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَبَارَكْتُهُ وَأَكْثَرْتُهُ" (إش 51: 1، 2).. لقد ظن اليهود أنهم ببنوتهم لإبراهيم وختانهم قد حازوا إشارة العبور للسماء، حتى قيل في التقليد اليهودي أن إبراهيم سيجلس أمام الباب المؤدي للجحيم، فلا يسمح لأحد من نسله المختنين بالإنحدار للجحيم، فأراد يوحنا المعمدان أن يوضح لهم أن بنوتهم لإبراهيم لن تفيدهم في شيء مادامت أعمالهم شريرة، بل أن الحجارة أفضل منهم، لأن منها يستطيع اللَّه أن يقيم أبناءً لإبراهيم.

ثانيًا: اليهود الذين يتحدث إليهم يوحنا المعمدان هم أولاد إبراهيم ليس مباشرة، ولكن عن طريق التناسل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأن إبراهيم لم ينجب جميعهم، وأوضح السيد المسيح أنه ليس كل الذين من نسل إبراهيم هم أبناء إبراهيم، ولكن الذي يعملون أعمال إبراهيم: " لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ" (يو 8: 39)، وأوضح بولس الرسول أن الذين يؤمنون بإيمان إبراهيم هم أولاد إبراهيم، حتى ولو لم يكونوا من نسله: " كَمَا آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا. اعْلَمُوا إِذًا أَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَـانِ أُولئِكَ هُمْ بَنُو إِبْرَاهِيمَ" (غل 3: 6، 7).. " فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ" (غل 3: 29). إذًا اللَّه قادر أن يخلق من الحجارة بشر يستحقوا أن يُدعَون أبناء إبراهيم، والمعنى الخفي للنص أن اللَّه قادر أن يرد الأمم ذوي القلوب الحجرية وهم يعبدون الأصنام الحجرية إلى معرفته، فيصيرون أبناء إبراهيم أي لهم إيمان إبراهيم.

ويقول "القديس أوغسطينوس": "يقصد بالحجارة كل الأمم ليس من أجل قدرتهم على الاحتمال كالحجر الذي رفضه البناؤون وإنما من أجل غباوتهم وبلادتهم الباطلة، فصاروا كالأشياء التي اعتادوا أن يعبدوها... لكنهم إذ بدأوا يعبدون اللَّه، ماذا سمعوا بخصوصهم؟ " لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (مت 5: 45)، إذ يصير الإنسان مشابهًا لما يعبده. إذًا ماذا يقصد بالقول: "اللَّه قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ" (مت 3: 9)؟.. أن نصير أولادًا لإبراهيم بإمتثالنا بإيمانه وليس بميلادنا من جسده" (393).

ويقول "القديس جيروم": " يستطيع اللَّه أن يجعل من الحجارة أولادًا لإبراهيم، يشير هنا إلى الأمم، إذ هم حجارة بسبب قسوة قلوبهم. لنقرأ: " وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ" (حز 36: 26). فالحجر صورة القسوة، واللحم رمز اللطف. لقد أراد أن يظهر قوة اللَّه القادر أن يخلق من الحجارة الجامدة شعبًا مؤمنًا" (394).

 

2ــ قال يوحنا المعمدان: " أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ. وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي... هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ" (مت 3: 11) وليس معنى هذا أن الروح القدس شيء والنار شيء آخر، فالروح القدس هو روح اللَّه، ومكتوب: " لأَنَّ إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ" (عب 12: 29). إذًا المقصود بالنار نار الروح القدس، وعندما ظهر اللَّه في العليقة اشتعلت بالنيران ولم تحترق (خر 3: 2)، وعندما قاد اللَّه شعبه قادهم بعمود السحاب نهارًا وعمود النار ليلًا: "وَكَانَ الرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَارًا فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَلَيْلًا فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ" (خر 13: 21)، وعندما قدم هرون الذبيحة " وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ عَلَى الْمَذْبَحِ الْمُحْرَقَةَ وَالشَّحْمَ" (لا 9: 24) وإستجاب اللَّه لصلاة إيليا: " فَسَقَطَتْ نَارُ الرَّبِّ وَأَكَلَتِ الْمُحْرَقَةَ وَالْحَطَبَ وَالْحِجَارَةَ وَالتُّرَابَ وَلَحَسَتِ الْمِيَاهَ الَّتِي فِي الْقَنَاة" (1 مل 18: 38). وفي يوم الخمسين حلَّ الروح القدس على التلاميد: " وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُس" (أع 2: 3، 4)، فكما أن النار تحرق وتلتهم كل شيء، هكذا الروح القدس يحرق ويلاشي أدناس خطايانا وآثامنا، وكما تضئ النيران المكان هكذا يكشف الروح القدس خبايا النفس، وكما تحمل النار لنا الدفء هكذا الروح القدس يحمل الدفء للنفوس البشرية ويحمينا من جليد الخطية.

ويقول "مستر جورج أسوان": " بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ: الواو هنا عطفية وصفية، فالنار تصف عمل الروح القدس في التنقية، والإلهاب، والإنارة، كما ظهر عمله في يوم الخمسين (أع 2: 39) كذلك سُمي الروح القدس في العهد القديم " رُوحِ الإِحْرَاقِ" (إش 4: 4)" (395).

ويقول "باسل أتكنسون" Basi F. C. Atkinson: " الروح القدس والنار شيء واحد. أنه نار اللَّه التي تحرق الحثالة في حياة المؤمن وتلهبه من أجل اللَّه، وقد حلَّ الروح على الكنيسة كلها في يوم الخمسين" (396).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) راجع البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ3 س16 ص23.

(393) أورده القمص تادرس يعقوب - تفسير إنجيل متى ص 72.

(394) المرجع السابق ص 72.

(395) المرشد الأمين في شرح الإنجيل المبين جـ1 شرح بشارة متى ص37.

(396) مركز المطبوعات المسيحية جـ 5 ص20.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/221.html

تقصير الرابط:
tak.la/nrc4dyn