St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

190- كيف تكون العذراء مريم "والدة الإله" وهيَ لم تعطه الألوهة؟ ومادام السيد المسيح أخذ جسده من العذراء مريم فقط، فلماذا يُشرِك قانون الإيمان الروح القدس مع مريم العذراء: "وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس"؟

 

س190: كيف تكون العذراء مريم "والدة الإله" وهيَ لم تعطه الألوهة؟ ومادام السيد المسيح أخذ جسده من العذراء مريم فقط، فلماذا يُشرِك قانون الإيمان الروح القدس مع مريم العذراء: "وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس"؟

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: Madonna of the Rose (St. Mary and Jesus Christ) (image 2), statue commissioned by Arte dei Medici e Speziali (the Guild of Physicians and Apothecaries) in 1399, by Piero di Giovanni Tedesco - Orsanmichele Church of St. Michael, Florence (Firenze), Italy. It was founded in 1337, and its was completed in 1380 circa. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال عذراء الورود (القديسة مريم والطفل يسوع) (صورة 2)، تفويض من طائفة الأطباء والصيادلة عام 1399 م.، عمل الفنان بيرو دي جيوفاني تيديسكو - صور كنيسة الملاك ميخائيل (كييسا أورسانميشيل)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد تم تأسيسها عام 1337 م.، وانتهى بنائها عام 1380 تقريبًا. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 سبتمبر 2014 م.

St-Takla.org Image: Madonna of the Rose (St. Mary and Jesus Christ) (image 2), statue commissioned by Arte dei Medici e Speziali (the Guild of Physicians and Apothecaries) in 1399, by Piero di Giovanni Tedesco - Orsanmichele Church of St. Michael, Florence (Firenze), Italy. It was founded in 1337, and its was completed in 1380 circa. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال عذراء الورود (القديسة مريم والطفل يسوع) (صورة 2)، تفويض من طائفة الأطباء والصيادلة عام 1399 م.، عمل الفنان بيرو دي جيوفاني تيديسكو - صور كنيسة الملاك ميخائيل (كييسا أورسانميشيل)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد تم تأسيسها عام 1337 م.، وانتهى بنائها عام 1380 تقريبًا. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 سبتمبر 2014 م.

ج: 1ــ إدَّعى الأسقف ثيؤدور المبسويستي معلم نسطور: " إن مريم ولدت يسوع لا الكلمة، لأن الكلمة كان ولا يزال حاضرًا في كل مكان، وأنه سكن منذ البداءة يسوع بطريقة خاصة" فأخذ منه نسطور بطريرك القسطنطينية نفس الفكر مدّعيًا أن العذراء ولدت يسوع المسيح الإنسان، وفيما بعد صاحبه ورافقه اللاهوت، فهيَ أم المسيح (الإنسان) وليست "والدة الإله"، وأبىَ أن يدعو العذراء مريم بوالدة الإله، وحكم على المجوس بالخطأ لأنهم سجدوا لطفل صغير مجرد إنسان، وتبادل معه البابا كيرلس الكبير الرسائل لعله يتفهم هذه الأمور الإيمانية، وإذ امتلأ كبرياء رفض كل رسائل البابا كيرلس مصرًّا على هرطقته، إذ جعل للمسيح أقنومين وطبيعتين وشخصين منفصلين، فانعقد بسببه المجمع المسكوني الثالث في مدينة أفسس سنة 431م بدعوة الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير، وبحضور مائتي أسقف من أرجاء المعمورة برئاسة البابا كيرلس البطريرك (24) من بطاركة الإسكندرية.

فأوضح مجمع أفسس وأكد على حقيقة أن المسيح في ألوهيته هو من جوهر واحد مع الآب، وفي بشريته من جوهر واحد معنا، له ذات واحدة، فيه إتحد اللاهوت بالناسوت بدون إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير ولا إنفصال، وبدأ هذا الإتحاد في بطن العذراء "معمل الإتحاد" في اللحظة الأولى التي تلقت فيها العذراء البشارة، ومنذ اللحظة الأولى التي تكوَّن فيها الناسوت كجنين وجد اللاهوت فاتحًا أحضانه له، ولذلك تدعى العذراء مريم "والدة الإله" بالحقيقة لأن المولود منها هو اللَّه المتجسد، وليس مجرد إنسان كقول ثيؤدور ونسطور. وليس معنى هذا أن العذراء مريم وهبت ابنها الطبيعة الإلهيَّة، أو أن الطبيعة الإلهيَّة بدأت في أحشاء العذراء مريم، ولكن بمعنى أن العذراء مريم أعطت ابنها الناسوت الكامل، الذي صار واحدًا مع اللاهوت، طبيعة واحدة من طبيعتين: " وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا" (يو 1: 14).

وتعبير "ثيؤطوكوس" أي والدة الإله لم يكن وليد مجمع أفسس، بل أن الكتاب المقدَّس أخبرنا جليًا بهذه الحقيقة، فإشعياء النبي قبل الميلاد بأكثر من سبعمائة عام نطق بنبؤته (إش 7: 14) التي أيدها القديس متى قائلًا: " لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ اَللهُ مَعَنَا" (مت 1: 22، 23)، فالتي تلد عمانوئيل ماذا ندعوها؟.. أنها بلا شك أم عمانوئيل... أم اللَّه، وقد تحقَّقت بشارة الملاك لها: " فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لو 1: 35).. فمن هو القدوس غير اللَّه؟!.. وما دامت هيَ ولدت القدوس فماذا ندعوها؟.. بلا شك هيَ أم القدوس، ولهذا صرخت أليصابات التي أشرق عليها الروح القدس وقالت: " فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ" (لو 1: 43)، وبالحقيقة قال بولس الرسول: " وَلكِنْ لَمَّا جَـاءَ مِـلْءُ الزَّمَانِ أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَة" (غل 4: 4).

وقال "القديس أغناطيوس الأنطاكي": " الإله سيدنا يسوع المسيح قد حُبِل به في بطن أمه مريم حسب التدبير الإلهي وهو مولود من دم داود ومن الروح القدس" (رسالة أفسس 3: 18)، واستخدم "البابا الكسندروس" التاسع عشر من بطاركة الإسكندرية عبارة "ثيؤطوكوس" في رسالته في المجمع الذي انعقد للحكم على أريوس سنة 320م قبل مجمع نيقية بخمس سنوات، كما استخدم هذا التعبير "البابا أثناسيوس الرسولي" في عظتين ضد الأريوسيين (عظة 3: 14، 29، 33، وعظة 4: 32) وأيضًا استخدمها "القديس غريغوريوس النزينزي"، و"البابا كيرلس الكبير" في أول حرم من حروماته الاثني عشر قال: " ومن لا يعترف أن عمانوئيل هو اللَّه بالحقيقية، وبالتالي لا يعترف أن العذراء القديسة هيَ والدة الإله لأنها ولدت جسديًا كلمة اللَّه المتجسد فليكن محرومًا". وأكد مجمع أفسس على هذه الحقيقة وأوضحها. أما البابا كيرلس فقد دعى جميع كنائس مصر بِاسم العذراء والدة الإله بالإضافة إلى اسم شفيعها، كما نظَّم سبع ثيؤطوكيات تصلي بها الكنيسة على مدار الأسبوع. أما عن تداول الاسم في اللغات المختلفة فيمكن الرجوع إلى "موقع هولي بايبل" Holy-bible-I.

 

2ــ يقول "البابا كيرلس الكبير": " وُلِد الكلمة من الآب بطريقة لا ندركها بل هيَ فوق مستوى الإدراك، لكنه في الزمان الأخير تجسد (اللَّه الكلمة) ووُلِد من امرأة حسب الجسد، والذي حدث أنه أخذ من العذراء القديسة جسدًا وإتحد به إتحادًا حقيقيًا، لذلك نعتقد أن العذراء القديسة هيَ والدة الإله، لأنها ولدته حسب الجسد، لكنه مولود في ذات الوقت من الآب قبل كل الدهور... لا يضطرب أحد عندما يسمع أن العذراء هيَ والدة الإله... أبناء اليونانيين (الأمم) عندما يسمعون تعاليم الكنيسة أن اللَّه وُلِد من امرأة يضحكون... أما بالنسبة لنا نحن الذي نعرفه هو سر الخلاص الذي يستحق كل إعجاب... إذا كان أحد ما يتجرأ أو يُعلّم أن الجسد الترابي (إشارة للعذراء مريم) هو الذي ولد الطبيعة الإلهيَّة غير الجسدية فإن هذا هو الجنون بعينه... الجسد لا يمكن أن يلد الذي لا بداية له... الكلمة هو اللَّه لكنه تجسَّد وأيضًا وُلِد حسب الجسد وبطريقة بشرية، لذلك تُدعى التي ولدته والدة الإله.

إذا لم تكن العذراء قد ولدت اللَّه فلا يجب أن نسمي المولود منها اللَّه، ولكن حيث أن الكتب المُوحى بها تدعوه اللَّه المتجسد... فكيف لا نسمي التي ولدته والدة الإله؟" (251).

 

3ــ في قانون الإيمان نقول: " وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس"، وذلك كقول الملاك للعذراء مريم: " اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ الله" (لو 1: 35) فقد حلَّ الروح القدس على مريم العذراء حلولًا أقنوميًا، وهيَ حالة استثنائية لم تحدث مع أي شخص آخر على مدار التاريخ البشري كله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ونحن ندرك ونعي أن اللَّه الكلمة في تجسده لم يتخذ أي نوع من أنواع المادة من الروح القدس الذي حلَّ على العذراء مريم، كما ندرك ونعي أنه من المستحيل أن عذراء تحبل وتلد بدون زرع بشر، ولكن ما حدث هنا فهو بقوة الروح القدس الذي أعطى عذراء أن تلد بدون زرع بشر، من خلال معجزة فريدة لا مثيل لها على الإطلاق في التاريخ كله، فالروح القدس هو الذي هيئ الجسد المقدَّس للَّه الكلمة، ولذلك نقول في قانون الإيمان: "وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس".

ويقول قداسة المتنيح "البابا شنودة الثالث": " كلمة (تجسد) تعني أنه إتخذ جسدًا... ولكن كيف أخذ هذا الجسد؟ ومن أي مصدر؟ لذلك قيل بعد ذلك:

من الروح القدس ومن مريم العذراء

العذراء وحدها ما كان ممكنًا أن تلد طفلًا وهيَ لا تعرف رجلًا (لو 1: 34). لذلك قال لها الملاك مفسّرًا الأمر: " اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِـلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ" (لو 1: 35).

حلول الروح القدس في بطنها كان حلولًا أقنوميا. أنها حالة استثنائية، فالبشر لا يحل عليهم الروح القدس حلولًا أقنوميًا. وقد حلَّ الروح القدس على مريم العذراء لسببين:

أولًا: لكي يكوّن في بطنها جسد المسيح بدون زرع بشر.

وثانيًا: لكي يقدس مستودعها، بحيث أن المولود منها لا يرث الخطية الأصلية... عبارة (تجسَّد) لا تعني فقط أنه أخذ جسدًا بشريًَّا، بل طبيعة بشرية كاملة، من جسد وروح... لذلك لم يكتفِ قانون الإيمان بكلمة تجسد، إنما أضاف عليها (وتأنس) أي صار إنسانًا"(252).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(251) شرح تجسد الابن الوحيد ص48 - 50.

(252) شرح قانون الإيمان ص54، 55.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/190.html

تقصير الرابط:
tak.la/jf9rh39