St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

184- هل جاء السيد المسيح من أجل خلاص شعبه اليهودي كقول الملاك ليوسف (مت 1: 21)، أم أنه جاء من أجل خلاص العالم كله كقول السيد المسيح لتلاميذه (مت 28: 18، 19)؟

 

س184: هل جاء السيد المسيح من أجل خلاص شعبه اليهودي كقول الملاك ليوسف (مت 1: 21)، أم أنه جاء من أجل خلاص العالم كله كقول السيد المسيح لتلاميذه (مت 28: 18، 19)؟

يقول "علاء أبو بكر": "س234: هل أُرسل يسوع إلى قومه من اليهود أم إلى العالمين؟

أُرسل إلى بني إسرائيل فقط، والأدلة على ذلك كثيرة...

أولًا نزل ملاك الرب إلى يوسف وأعلمه أن مريم ستلد ابنًا يُدعى يسوع وسوف يخلص شعبه: " فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (مت 1: 21). ولما ُولِد جاء المجوس من المشرق وسألوا عن ملك اليهود قائلين: " أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ" (مت 2: 2) واستشهد متى بنوءة من العهد القديم... " لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ" (مت 2: 6). وأعلنها يسوع صراحة أنه جاء مؤيدًا للناموس عاملًا به... (مت 5: 17 - 19)، وحينما أرسل تلاميذه أرسلهم إلى خراف بيت إسرائيل فقط... (مت 10: 5، 6)، وأصرَّ أن دعوتهم سوف تكون لبني إسرائيل فقط... (مت 10: 23).

وقال للمرأة الكنعانية: " لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.." (مت 15: 24 - 26)، ولم تتجاوز دعوته مناطق إسرائيل في الجليل واليهودية وتخومها... (مت 19: 1 - 2)، وعندما سأله بطرس عن جزائهم في الآخرة أجابه قائلًا: ".. تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ" (مت 19: 28).. وكان معروفًا عند الناس أنه نبي اليهود وبني إسرائيل: ".. السَّلاَمُ يَامَلِكَ الْيَهُودِ... أما قوله: ".. دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِـي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ.." (مت 28: 18 - 19)، فهو يناقض كل النصوص المذكورة، ويثبت أنه كان في حياته مُرسَلًا لليهود.." (220).

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

ج: 1ــ كون أن اللَّه جاء ليفتدي شعبه، فهذا لا يعني أبدًا أنه لن يفتدي العالم كله، فعندما قال الملاك ليوسف: " لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (مت 1: 21) لم يقل له أنه لن يخلص أحد قط غير شعبه، وسيترك العالم يهلك، وهل روح الكتاب المقدَّس تنُم عن هذا المفهوم أم أنه تعلُّل فارغ، لماذا لا يضع الناقد بجوار هذه الآية بعض الآيات الأخرى التي تدور في فلك الموضوع مثل قول المرنم عنه: " لِكَيْ يُعْرَفَ فِي الأَرْضِ طَرِيقُكَ، وَفِي كُلِّ الأُمَمِ خَلاَصُكَ" (مز 67: 2) ونبوءة دانيال النبي عنه: " لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ" (دا 7: 14) " هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ.." (يو 3: 16) وأيضًا قول السيد المسيح: " تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِـي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (مت 11: 28) وقال بولس الرسول صراحة: " أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ. أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا. بَلَى لِلأُمَمِ أَيْضًا" (رو 3: 29).. إذًا السيد المسيح جاء ليخلص شعبه وأيضًا ليخلص كل العالم، والحقيقة أنه ليس كل شعبه اليهودي تمتع بالخلاص، بل قليلون هم الذين قبلوه، وآمنوا به واعتمدوا بِاسمه، وكثيرون هم الذين رفضوه وهلكوا، وقال الإنجيل: " إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.." (يو 1: 11 - 13). وأيضًا النظرة الأعم والأشمل أن جميع الذين قبلوه من كل قبيلة ولسان وأمة هم شعبه، الذين ينعمون بخلاصه، وكل الذين يرفضونه حتى لو كان لهم الشكل أنهم من شعبه، ففي الحقيقة ليسوا هم من شعبه.

 

St-Takla.org Image: Announcing the coming of Christ (or the nativity, incarnation of Jesus Christ) and the Salvation (the cross, crucifixion) (Genesis 3:15) - edited image صورة في موقع الأنبا تكلا: إنباء بمجيء السيد المسيح (أو ميلاد يسوع المسيح) والفداء (الخلاص والصليب) (تكوين 3: 15) - صورة معدلة

St-Takla.org Image: Announcing the coming of Christ (or the nativity, incarnation of Jesus Christ) and the Salvation (the cross, crucifixion) (Genesis 3:15) - edited image.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إنباء بمجيء السيد المسيح (أو ميلاد يسوع المسيح) والفداء (الخلاص والصليب) (تكوين 3: 15) - صورة معدلة.

2ــ جاء المجوس من بلاد المشرق وسألوا: " أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ" (مت 2: 2)، فهو ملك اليهود لأنه جاء من نسل يهوذا، وهو ابن داود الوارث عرش داود إلى الأبد، وهو ملك اليهود الذي جاء من أجل خلاص العالم كله، وقد بشر الملاك الرعاة اليهود بميلاده قائلًا: " أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُـوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لو 2: 11)، كما بشر النجم المجوس وهم من الأمم بميلاده أيضًا. وعند قدمي يسوع اجتمع اليهود والأمم، صانعًا الصلح بينهم بدم صليبه: " وَلكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلًا بَعِيدِينَ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ. لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ" (أف 2: 13، 14).

 

3ــ قال القديس متى: " وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ" (مت 2: 6).. ذكر إسرائيل هنا لأنه يتحدث عن قرية من قرى إسرائيل وُلِد فيها المخلص، وهيَ قرية بيت لحم، وكونه يرعى شعبه إسرائيل لا يعني أنه يهمل ويرفض بقية الشعوب، فهو الذي جاء من أجل حياة العالم كله (يو 3: 16). وكما قلنا سابقًا أن مفهوم عبارة " شَعْبِي إِسْرَائِيلَ" بالمعنى الواسع والأشمل تشمل كل المفديين، ولذلك قال بولس الرسول: " وَعَلَى إِسْرَائِيلِ اللهِ" (غل 6: 16)، وبنفس المفهوم قال السيد المسيح لتلاميذه: " مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلـَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ" (مت 19: 28).

 

4ــ عندما قال السيد المسيح: " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ" كان يتحدث عن جميع أسفار العهد القديم المتمثلة في الناموس والأنبياء، وبلا شك أن السيد المسيح لم يأتِ لينقضها لأنه هو مصدرها، إنما جاء ليُكمّلها لأنها هو مشرّعها، ولذلك فإن العهدين القديم والجديد هما كتاب واحد، الجديد مستور في القديم، والقديم مشروح في الجديد، العهد القديم يمثل أساسات المبنى والجديد يمثل المبنى الشاهق، وأيضًا العهد القديم يمثل جذور الشجرة، والجديد هيَ الشجرة الممتدة أغصانها إلى السماء، وبنعمة المسيح لنا عودة لهذا الموضوع في موضعه.

 

5ــ عندما أرسل السيد المسيح تلاميذه للكرازة: " وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. بَـلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ" ( مت 10: 5، 6).. فلماذا منعهم السيد المسيح دخول مدن الأمم والسامرة؟

أ - لأن التلاميذ كانوا في هذه الكرازة يقومون بمرحلة تمهيدية تدريبية، لم يشتد عودهم بعد، فحتى لا يقابلوا بجفاء زائد وسخرية تؤثر عليهم، أو يتعرضوا لمتاعب أكثر من طاقتهم فيفشلون في خدمتهم.

ب - لم يكن الروح القدس قد حلَّ عليهم، ولم يمتلؤا بعد من الروح القدس.

جـ عندما يكرزون لليهود فإن هناك عوامل مشتركة وأرضية مشتركة وهيَ جميع أسفار العهد القديم بما تحويه من كنوز النبوات والرموز للسيد المسيح.

د - لو دخل التلاميذ لمدن الأمم والسامرة في هذه المرحلة فأنهم سيصبحون عثرة لليهود، ويجرون على أنفسهم كراهية اليهود الذين لا يطيقون الأمم، ولذلك كان من الحكمة أن تتم كرازة الرسل أولًا لليهود، حتى يجمعوا أبناء الملكوت منهم، وعندما يتعرضون لرفض اليهود يحق لهم الذهاب للأمم، وهذا ما إعتاد أن يفعله بولس الرسول، إذ في كل مدينة كان يذهب ليكرز فيها كان يبحث أولًا عن مجمع اليهود ليكرز لهم، ومتى رفضوه يذهب إلى الأمم.

وبعد الصلب والقيامة وقبل الصعود أوصى السيد المسيح تلاميذه ليكونوا شهودًا له: " فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أع 1: 8)، ولك أن تلاحظ التدرج في الخدمة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالبداية في أورشليم والنهاية إلى أقصاء الأرض، فمن الحكمة أن تبدأ كرازتنا بمن نعرفهم ونعرف لغتهم ومعتقداتهم وتقاليدهم. ثم نمتد إلى من هم مختلفون عنا تمامًا: " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْـمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (مت 28: 19)، وبنعمة المسيح لنا عودة لهذا الأمر ثانية.

 

6ــ قال السيد المسيح لتلاميذه: " وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ" (مت 10: 23)، والمقصود بهذه الآية أن التلاميذ لن يستكملوا الكرازة في مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان، أي يقوم من الأموات، ولا علاقة لهذه الآية بقصر الكرازة على مدن إسرائيل، فإن كان قصر الكرازة على مدن إسرائيل قبل الصلب والقيامة والصعود، لكن بعد حلول الروح القدس كانت الأوامر صريحة ومباشرة بالكرازة للخليقة كلها، وفعلًا كرز الآباء الرسل الأطهار، وفيهم تحقَّقت النبؤة: " فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ" (مز 19: 4)، وبنعمة المسيح لنا عودة لهذا الموضوع ثانية.

 

7ــ عندما صرخت المرأة الكنعانية للسيد المسيح، وطلب التلاميذ منه أن يصرفها بسبب صياحها قال لهم: " لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّة" (مت 15: 24)، بل قال لها: " لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب" (مت 15: 26)، فهذا كان لكشف إيمانها العظيم المختبئ وإظهاره للعيان، وليس معنى هذا أن السيد المسيح تفوَّه بكلام خاطئ، إنما هو بالحقيقة لم يأتِ إلاَّ إلى خراف بيت إسرائيل كمرحلة أولى في الكرازة، ومع هذا فقد قَبِل الكنعانية وإمتدحها ومنحها سُئل قلبها فشفيت ابنتها من تلك الساعة، وأيضًا قبل السيد المسيح قائد المئة الوثني وإمتدح إيمانه وأعطاه سُئل قلبه أيضًا، فشُفي عبده في تلك الساعة أيضًا، وكرز السيد المسيح في مدن صور وصيدا وهيَ ليست من مدن إسرائيل، وعندما أرسل إليه "أبجر الخامس" ملك أديسا أو الرها ليأتي ويشفيه من برصه، رد عليه ووعده بأنه بعد قيامته سيرسل له تلميذه، وفعلًا حدث هذا، ونال أبجر سُئل قلبه، إذ شُفي من برصه.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(220) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 2 ص204 - 206.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/184.html

تقصير الرابط:
tak.la/b7k83s9