س181: كيف يتم الحبل بالإله القدوس (مت 1: 20) وسط دم المرأة ونجاستها؟ وكيف يتخذ اللَّه شكل الحيوان المنوي المشابه لثعبان الكوبرا، مثل الثعبان الذي تحدث مع حواء؟ وكيف يتجسد الله من امرأة تحمل الخطية الجديَّة؟ وهل ورَّثت مريم ابنها هذه الخطية؟ وإن قيل أن الروح القدس طهَّر مريم من الخطية الجديَّة، فلماذا لم يفعل ذلك مع سائر البشر عوضًا عن التجسد والبهدلة والصلب والعري والموت؟
يقول "علاء أبو بكر": "س147: هل يليق بجلال اللَّه وقداسته أن يكون حيوانًا منويًا لا يُرى بالعين المجردة، ثم يكون نطفة فعلقة فمضغة؟.
س148: ما هيَ القداسة التي ترونها في الإله الذي يخرج من... (بطن) أمه من بين فرث ودم؟" (212).
كما يقول "علاء أبو بكر": "س226... والإله الذي تحمله زوجته كحيوان منوي في رحمها هو الإله نفسه الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات! أي إما صغُر الإله وأصبح في حجم الحيوان المنوي لا يُرى بالعين المجردة، أو كبر رحم أمه وأصبح أكبر من عرض السموات ليسع الإله!.. هل تعرف أن الحيوان المنوي تحت المجهر شكله مثل الثعبان الكوبرا؟ فهل قبلتَ أن يتشبه إلهك الذي تعبده بالثعبان الذي تشبه به الشيطان لآدم وحواء" (213) (راجع أيضًا علاء أبو بكر - البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 3 س537 ص289).
وأيضًا يقول "علاء أبو بكر": "س351: تقولون بتجسد الإله من امرأة عذراء، وهذه المرأة مخلوقة ومولودة من بشر، فإن كانت خطية آدم تتوارث، فهيَ إذًا قد ورثت الخطية، وأورثتها ابنها وزوجها الإله، فكيف لمخطئ وارث الخطيئة أن يمحو الخطايا" (214).
وكذلك يقول: "س120... قد يقول قائل: إن الروح القدس قد نزل عليها وهو هنا قد طهرها... فإذا كان اللَّه يملك غفران الخطايا بدون صلب، فلماذا تخلص من نفسه أو من ابنه بالصلب إذًا؟.." (215).
ج: 1ــ ما بال الناقد يخلط بين أعضاء الجهاز الهضمي وأعضاء الجهاز الدوري وأعضاء الجهاز التناسلي، فالفرث يخص الجهاز الهضمي، وجاء في قواميس اللغة: " الفَرْثُ: الفُراثَةُ، بقايا الطعام في الكرش، طعام مهضوم في القناة الهاضمة من المعدة والأمعاء"، والدم يخص الجهاز الدوري، أما الناقد فيخلط بين هذا وذاك ونحن في عصر العلم والتكنولوجيا الحديثة... يا ليته يدقّق فيما يكتب... لماذا لم يسأل نفسه: هل حقًا أحشاء الأم ودمها يعتبر نجاسة؟ ولو كان دم المرأة نجاسة فكيف يخلقها اللَّه بهذا التركيب النجس؟!، وهل يمكن أن اللَّه القدوس يخلق شيئًا نجسًا؟!!.
إن النجاسة تأتي من الخطية، وقال الرب يسوع: " لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ... لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ قَتْلٌ زِنىً فِسْقٌ سِرْقَةٌ شَهَادَةُ زُورٍ تَجْدِيفٌ. هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ" (مت 15: 11 - 20).. وقد تغافل الناقد مدى قداسة وطهارة العذراء مريم التي لم يجد اللَّه مثلها قط نظير، فاصطفاها على نساء العالمين، فالروح القدس حلَّ عليها فقدَّس وطهر ونقى مستودعها من الخطية الجديَّة أو أي خطية أخرى، ولذلك فالجسد الذي إتخذه الرب يسوع منها هو جسد مقدَّس، ويقول "القديس كيرلس الأورشليمي": "لا يوجد في الهيكل البشري شيء دنس ما لم يدنسه الإنسان نفسه بالزنى والنجاسة، فالذي خلق آدم خلق حواء، ويد اللَّه هيَ التي خلقت الذكر والأنثى، والأعضاء التي خُلِقت منذ البدء ليست نجسة على الإطلاق... فلنتذكر ما قاله بولس الرسول: " أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ" (1 كو 6: 19) (مقالة 12 للموعوظين)" (216).
2ــ إن اللَّه عندما خلق الإنسان خلقه في أروع صورة، الصورة التي يرتضي اللَّه أن يتخذها لنفسه في تجسده، خلقه على صورته ومثاله، وجاء في القرآن: " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" (التين 95: 4) وقال ابن العربي: " ليس للَّه تعالى خلق هو أحسن من الإنسان، فإن اللَّه خلقه حيًّا، عالمًا، قادرًا، مريدًا، متكلمًا، سميعًا، بصيرًا، مدبرًا، حكيمًا، وهذه صفات الرب، وعنها عبر بعض العلماء، وقع البيان بقوله { إن اللَّه خلق آدم على صورته }. يعني على صفاته التي قدمناها" (Library. Islamweb.net). فهل يحق للناقد أن يشوّه صورة الأم العذراء القديسة الطاهرة مريم؟!!. وإن كنا نعلم أن اللَّه أمسك بالطين وشكَّله على شكل إنسان ونفخ فيه نسمة حياة، ثم أخذ ضلعًا من آدم وصوَّر منه حواء، وجاء في سورة الحجر: " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ" (الحجر 15: 28)، وفسر الجلالين الحما المسنون بالطين الأسود، فهل نقبل أن اللَّه يلمس الطين الأسود، ولا نقبل حلوله في أحشاء العذراء القديسة الطاهرة مريم التي إصطفاها على نساء العالمين؟!!. أما عن تهكم الناقد على الوسيلة التي أودعها اللَّه للإنسان للتكاثر، ومقارنته غير المقبولة بين الحيوان المنوي، وثعبان الكوبرا، والحيَّة التي تحدثت إلى حواء، فلا حاجة لنا في الرد على مثل هذه المهاترات.
3ــ دعنا يا صديقي نسأل الناقد: هل تؤمن أن اللَّه كائن في كل مكان ولا يخلو منه مكان؟!.. هل تؤمن أن اللَّه كائن في أماكن الشر والقمامة وحظائر الخنازيز وقاعات الفجور؟!. إن قلت أنك لا تؤمن بهذا فإذًا أنت تؤمن بإله محدود، له تواجد في أماكن دون الأخرى، أما نحن فنؤمن أن اللَّه كائن في كل زمان ومكان ولا يخلو منه مكان، يؤثر ولا يتأثر... انظر إلى الشمس عندما تُشرِق على الأماكن المظلمة فتنيرها، والأماكن الملوثة بالميكروبات فتطهرها، فإن كان هذا حال شمسنا المؤقتة، وأنها تؤثر ولا تتأثر، فما بالك بخالق الشمس، وإن أقتنعتم بأن اللَّه له تواجد في كل مكان، فكيف تقبلون وجود اللَّه في أكوام القمامة والقاذورات والفجور... إلخ وترفضون حلوله في أحشاء العذراء الطاهرة مريم؟!!
4ــ لعل الناقد يؤمن بأن القرآن هو كلمة اللَّه الأزلية القائم بذات جوهر اللَّه، ولا يقبل الإنفكاك أو الإنفصال عن اللَّه، ومع هذا فإنه جاء في الحديث عن عائشة: " كان النبي يتكئ في حضني وأن حائض ثم يقرأ القرآن" (البخاري 1: 44).. فكيف تقبل أيها الناقد تلاوة النبي لكلام اللَّه القائم بذات جوهر اللَّه في حضن عائشة وهيَ حائض، وتستنكر حلول اللَّه في أحشاء الطاهرة البتول مريم بعد أن حلَّ عليها روح اللَّه القدوس وقدَّسها وطهرها ونقاها؟!!
5ــ لقد ورثت العذراء مريم الخطية الجديَّة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن عندما حلَّ الروح القدس عليها طهر مستودعها، فعمل الروح القدس عمل "الفلتر" القوي الذى لا يسمح بعبور أي خطية للجسد المقدَّس، فوُلِد يسوع بدون أي خطية، فهو القدوس وحده الذي بلا خطية وحده، وقد شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها، وهذا ما نطق به الملاك: " اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لو 1: 35)، فقوله " الْقُدُّوسُ" دليل قاطع على عدم وراثة يسوع الخطية الجديَّة، وهو لم يرث الخطية لأنه وُلِد من عذراء، ومع أن العذراء نفسها حملت الطبيعة الساقطة، ولكن بسبب حلول الروح القدس عليها وتطهير مستودعها ولدت القدوس الذي بلا خطية وحده. فيجب أن نعلم أن الروح القدس عندما حلَّ على العذراء مريم لم ينزع عنها الخطية الجديَّة، ولهذا أعلنت حاجتها لخلاص المصلوب إذ قالت: " تَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي" (لو 1: 47)، وقد يتساءل البعض كيف تكون العذراء حاملة الخطية الجديَّة ومستودعها طاهر من الخطية في نفس الوقت؟.. هذا يشبه المستشفى التي تحوي في أحشائها حجرة العمليات المعقَّمة تمامًا، بينما بقية مبنى المستشفى غير معقَّم، هكذا عقَّم وطهر وقدَّس ونقى الروح القدس مستودع العذراء، وفي نفس الوقت لم تخلو العذراء من هذه الخطية، ولذلك أعلنت إحتياجها للخلاص.
6ــ إن كان "علاء أبو بكر" ينظر للصليب وكأن اللَّه يتخلص من نفسه أو من ابنه بالصلب، فهيَ نظرة خاطئة تمامًا، وكثيرون مثله يظهرون تعاطفًا مخادعًا إذ يتساءلون كيف تتم التضحية بالبرئ (يسوع المسيح) من أجل نجاة المذنب (الإنسان)؟!.. مثل هؤلاء لم يتذوقوا قط شيئًا من المحبة الإلهيَّة التي أعلنت عن نفسها: " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 3: 16). ثم أن الصلب لم يكن نهاية المطاف، إنما نهاية المطاف في قيامة المسيح وانتصاره على الموت والظلم والشيطان والخطية، ويكتمل المطاف بقيامتنا كلنا ومُلكِنا معه في الملكوت السمائي... ليفتح اللَّه عيون أذهانهم وقلوبهم ليبصروا عظمة نعمة الخلاص، والتي بدونها من المستحيل أن ينجو الإنسان من جهنم النار.
_____
(212) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 2 ص146.
(213) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ3 ص145.
(214) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ4 ص398.
(215) المرجع السابق ص97.
(216) الكلمة صار جسدًا ص33.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/181.html
تقصير الرابط:
tak.la/5s6z7gf