س149: هل الإصحاحين الأول والثاني من صميم إنجيل متى أم أنهما أُلحقا به بعد كتابته؟ وهل كتب إنجيل متى ثلاثة أشخاص، متى واحد منهم؟ وهل جرت تنقيحات عديدة على إنجيل متى حتى وصل إلينا بهذه الصورة؟
قال بعض النُقَّاد أن الإصحاحين الأول والثاني من إنجيل متى دخيلان على النص لأن هناك فاصل زمني كبير بين نهاية الأصحاح الثاني وبداية الثالث: " وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ" (مت 3: 1) وهذا يعني أن النص الأصلي لإنجيل متى يبدأ بكرازة يوحنا المعمدان. وبداية إنجيل متى بوضعه الحالي يتناقض مع بداية إنجيل مرقس، كما أن الأصحاح الثاني من إنجيل متى لا تجد له شبيه في الأناجيل أو الأسفار الأخرى الخاصة بالعهد الجديد، وأن ما جاء في (مت 1: 1 ــ 17) من سلسلة الأنساب يخالف ما جاء في (لو 3: 23 - 38) وهذا ما دعى الأسقف نورتون للقول بأن هذين الإصحاحين ليسا من متن إنجيل متى (راجع السيد سلامة غنمي - التوراة والأناجيل بين التناقض والأساطير ص332، وموقع الحقيقة Alhakekah).
ج: أولًا: وضع الإصحاحين الأول والثاني من إنجيل متى:
1ــ يتوافق الإصحاحان الأول والثاني من إنجيل متى مع الهدف الأساسي لهذا الإنجيل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو التأكيد على أن يسوع هو المسيح، هو المسيا المنتظر الآتي من نسل داود والوارث عرشه، ولذلك بدأ الإنجيل بتقديم أوراق اعتماد السيد المسيح من خلال سلسلة الأنساب التي تثبت أن يسوع المسيح هو ابن داود ابن إبراهيم، هو الوحيد الوارث وعد اللَّه لإبراهيم عندما قال له اللَّه أنه بنسلك تتبارك جميع الأمم، وهو الوحيد أيضًا الوارث وعد اللَّه لداود، إذ وعده اللَّه بأن ابنه يملك على عرشه إلى الأبد ولا يكون لمُلكه نهاية: "هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ... كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتًا إِلَى الأَبَدِ" (2 صم 7: 13، 16)، وفيه وحده تتحقق نبوءة دانيال النبي: " وَفِي أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا" (دا 2: 44) (راجع أيضًا دا 7: 14، 27). وضم الإصحاحان أحداث هامة لا غنى عنها عن ميلاد المسيح العذراوي، وزيارة المجوس له إذ رأوا نجمه في المشرق فأوصلهم النجم إلى مكانه، وإضطراب هيرودس وأورشليم، وهروب الصبي مع أبيه وأمه إلى مصر، ومذبحة أطفال بيت لحم، وعودة الصبي يسوع مع العائلة المقدَّسة، وسكناه في الناصرة.
2ــ الذي إدَّعي أن هذين الإصحاحين منفصلين عن متن الإنجيل لم يذكر الأدلة الكتابية والعقلية والمنطقية المقنعة التي إعتمد عليها في قوله هذا، وقول الناقد بأن هناك فاصل زمني كبير بين نهاية الأصحاح الثاني وبداية الأصحاح الثالث، فذلك مردود عليه لأن القديس متى لم يهدف من إنجيله تسجيل السيرة الذاتية للسيد المسيح، ولهذا لم يتَّتبع حياة المسيح مرحلة مرحلة، من المهد إلى الطفولة، إلى الصبوة، إلى الشباب المبكر، إلى الرجولة، إنما كان هدفه هو تقديم يسوع المسيح المسيا المخلص مشتهى الأجيال، والذي فيه تكتمل نبؤات العهد القديم، فكتب الأصحاح الأول ليُثبِت أنه من نسل داود الملك وإبراهيم أب الآباء، ففيه تحقَّقت وعود اللَّه لإبراهيم أن بنسله تتبارك كل قبائل الأرض، ولداود بأن مملكته ستثبت إلى الأبد، كما سجل الميلاد المعجزي للسيد المسيح، وفي الأصحاح الثاني سجل قبول الأمم له في شخص المجوس الذين جاءوا من المشرق، وذكر هروبه إلى مصر ليوضح أنه قد تحمل الصليب منذ طفوليته.
كما أن قول الناقد بأن الأصحاح الثاني من إنجيل متى ليس له شبيه في الأناجيل الأخرى ولذلك يجب رفضه، فهذه حجة واهية، لأننا لو اتبعنا نفس المنطق فإننا سنستبعد الإصحاحين الأول والثاني من إنجيل لوقا اللذان جاء فيهما بشارة الملاك لزكريا الكاهن وللعذراء مريم، وزيارة العذراء لأليصابات، وتسبحة العذراء، وولادة يوحنا وتسمية زكريا، وزيارة الرعاة لطفل المزود... إلخ بحجة أن ليس لهما شبيه في الأناجيل الأخرى، وأيضًا نستبعد الصلاة الوداعية من إنجيل يوحنا لأن ليس لها شبيه، وباختصار شديد نستبعد كل ما إنفرد به كل إنجيل من الأناجيل الأربعة لأن ليس له شبيه... هل هذا منطق صحيح؟!!
وأيضًا قول الناقد بأنه يجب رفض الإصحاحين الأولين من إنجيل متى لأن سلسلة أنساب متى (مت 1: 1 - 17) خالفت سلسلة أنساب (لو 3: 23 - 38)، فإن هذه الخلافات الظاهرية ستكون محور دراستنا في هذا الكتاب بنعمة المسيح.
3ــ تناول الإصحاحان الأولان من إنجيل متى نفس الشخصية الرئيسية في الإنجيل وهيَ شخصية السيد المسيح، والأسلوب النبوي المستخدم في كتابتهما هو ذات الأسلوب النبوي المستخدم في بقية الإنجيل، ولا يوجد أي سبب يجعلهما شاذين عن بقية الإنجيل، مما يستدعي فصلهما والتغافل عنهما. عجبًا!!.. هل كل من أفتى فتوة من وحي خياله المريض ننساق وراءه؟!!.. وما رأيك لو جاء ناقد آخر وقال أن الإصحاحات السبعة الأولى ليست من متن الإنجيل لأنه لم يرد فيهما شيء من معجزات السيد المسيح التي أجراها؟!.. وما رأيك لو جاء ناقد ثالث وقال أن هذا الإنجيل كله ليس بإنجيل، وكاتبه ليس بمتى؟!!
4ــ لو كان هذان الإصحاحان الأولان منفصلان عن متن الإنجيل، وأُلحقا به في وقت متأخر، فكيف وُجِدا في المخطوطات القديمة، والترجمات القديمة، وأقتبس منهما الآباء الأول؟!!.. جاء في "دائرة المعارف الكتابية": "ولم تكن وحدة هذا الإنجيل وصحته محل تساؤل على الإطلاق في العصور الأولى، وتثبت شهادة المخطوطات والترجمات وأقوال الآباء بالإجماع صحة الإصحاحين الأول والثاني على وجه الخصوص - أي قصة ميلاد يسوع من العذراء وطفولته - كجزء أساسي من الإنجيل منذ البداية، ولذلك فأن حذف هذا الجزء من إنجيل الأبيونيين الهرطوقي، لا أساس له، ولا معنى" (57).
5ــ يقول "الدكتور القس منيس عبد النور": "(1) يدل أول إصحاح (3) على أنه مرتبط بكلام سابق. فهو ليس بدء كلام بل هو متصل بكلام يسبقه. وزد على هذا أن متى أستشهد في إصحاحي 1، 2 بالنبؤات، وهيَ طريقته المعهودة. فإن قلنا أن إنجيله خالٍ من نسب المسيح كان ذلك نقصًا، لأنه كتب إنجيله للمسيحيين من أصل يهودي، وكلام اللَّه منزَّه عن النقص.
(2) جاء (مت 1، 2) في جميع النسخ القديمة بدون إستثناء مثل نسخة الفاتيكان، ونسخة كامبردج، ونسخة كودكس، وتاريخ هذه النسخ هو قبل القرن الخامس، فهي منذ 1500 سنة، وكذلك نسخة الباشيتا (الترجمة السريانية)، وكذلك النسخة الإيطالية القديمة (الترجمة اللاتينية) والنسخة القبطية، وغيرها من النسخ القديمة.
(3) تكلم علماء الدين الأقدمون على هذين الإصحاحين، فتكلم أكليمنضس السكندري سنة 194م عن نسب المسيح المذكور في مت (1)، ولوقا (3). وقال هيجسيوس سنة 173م عبارة ذكرها يوسابيوس أن الأمبراطور دوميتيان فتش عن ذرية داود، فأُحضر أمامه إثنان منهم. قال المؤرخ: "لأنه خاف من مجيء المسيح كما جزع وخاف هيرودس قبله". فأشار بهذا الكلام إلى مت (2) الذي يقول أن هيرودس جزع وفزع من المسيح. وذكر يوستين الشهيد (سنة 140م) كل الحوادث المذكورة في هذين الإصحاحين، بل ذكر ذات عبارات البشير. وقال أغناطيوس (سنة 107م) في رسالته إلى أهل أفسس: " وُلِد المسيح بمعجزة من مريم العذراء. وذكر ظهور النجم الذي دلَّ على مولده، ولا يخفى أن أغناطيوس اُستشهد بعد وفاة البشير يوحنا بست سنين، فشهادته لها منزلة رفيعة عند العلماء. وهناك شهادات أيرينيؤس وباقي الآباء الذين آمنوا بعد ذلك، والجميع مسلّمون بها. وهناك شهادات أعداء الديانة المسيحية، ومنهم الأمبراطور يوليان الذي كان في منتصف القرن الرابع، وبوقيري الذي كان في القرن الثالث. ومع أن مؤلفاتهم فُقدت، إلاَّ أن أئمة الدين المسيحي ذكروا إعتراضاتهم في أثناء الرد عليها، وأشار جميعهم إلى ميلاد المسيح كما هو مذكور في مت (1)، (2). وقد أقام علماء الدين المسيحي البراهين على صحة كل حادثة ذُكرت في هذين الإصحاحين" (58). وقد أوضح "الأسقف إيسيذورس" أن أقدم الآباء مثل أيرينيؤس ويوستين وترتليان اقتبسوا من هذين الإصحاحين، وإن وُجِدت مخطوطات قليلة جدًا جدًا خلت من هذين الإصحاحين، فهيَ التي كانت في يد الأبيونيين الذين أنكروا تجسد ابن اللَّه وولادته من مريم العذراء (راجع مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص450، 451 رقم 180).
ثانيًا: هل إنجيل متى مكوَّن من ثلاثة كتب، وكتبه ثلاثة أشخاص؟
1ــ قال أحد النُقَّاد أن إنجيل متى يُعد تجميع لثلاثة كتب كُتبت بواسطة ثلاثة أشخاص، والقديس متى واحد منهم، ووضع تصوُّرًا لهذه الأناجيل الثلاثة التي تكوَّن منها إنجيل متى كالآتي:
أ - الإنجيل الأصلي (ص 1 - 10، 13): وقال أن هذا الإنجيل يهودي النشأة، كُتِب في أرض فلسطين، يتميز بوحدة التأليف، أي أن مؤلفه شخص واحد، يجيد تصميم المواضيع والتبويب، ولذلك يمكن تقسيمه إلى عدة أبواب:
الباب الأول: كتاب نسب يسوع المسيح (ص 1، 2).
الباب الثاني: باب ظهور السيد المسيح (ص 3، 4).
الباب الثالث: باب تعاليم المسيح (ص 5 - 7).
الباب الرابع: باب أعماله الخارقة (ص 8، 9).
الباب الخامس: يضاف كملحق وهو باب الأمثال (ص 13).
الباب السادس: باب الأثنى عشر (ص 10).
ب - الإنجيل المتدارك (ص11 - 25 باستثناء ص13): وفي هذا الإنجيل تجد صعوبة في التبويب ووضع عناوين رئيسية، ولذلك تكثر فيه أدوات الربط مثل "في ذلك الزمان"، و"حينئذ"، "انتقل من هناك"، وقالوا أن كاتب هذا الإنجيل إعتمد على مصدرين، أحدهما مصدر أممي يدعو للتحرر من عبودية اليهودية، والثاني مصدر يهودي أممي يحض على التآخي بين اليهود وبقية الشعوب، وكتب الجزء الأول من هذا الإنجيل (ص11 - 19) خارج أرض فلسطين، فهو وليد بيئة يهودية فينيقية مثل صور وصيدا، فهو يكشف عيوب اليهود، ويُحرّض على الثورة ضد التقاليد الموروثة، مثل غسل الأيدي قبل الأكل والمفهوم الخاطئ لحفظ السبت. ويُصوّر الإنجيل المتدارك السيد المسيح على أنه يهودي النسب، ولكنه مسكوني الفكر منفتح على الجميع، ويقول "فيكتور حداد" عن هذا الإنجيل: "وإن هذا السفر (الإنجيل المتدارك) بقسميه، الأممي واليهودي الأممي، ليس سوى مجموعة أناشيد ضعيفة التصميم مستقلة الفكرة والأسلوب، نسَّقها أحدهم وألحقها بـ "الإنجيل الأصلي" لذلك سميناها "الإنجيل المتدارك".." (59).
جـ - إنجيل أولى البشارات (ص 26 - 28): كُتب في فلسطين ويحكي قصة موت المسيح وقيامته التي تمثل نقطة الإنطلاق لبشارة المسيح.
ويقول "فيكتور حداد" عن إنجيل متى: "الإنجيل بحسب متى هوذا كتاب واحد مؤلَّف من ثلاثة أسفار، يتميّز أحدهما عن الآخر بخصائص فكرية وإنشائية، فبينما "الإنجيل الأصلي" يشدد على إظهار يسوع قد تمم الشريعة والأنبياء، جاء "الإنجيل المتدارك" ليظهره المُعلم الثائر على مفهوم للشريعة ضيق وعلى تقاليد قبلية إنعزالية ويظهره كذلك مسيحًا لليهود وملكًا للأمم في الوقت عينه. ثم جاء "الإنجيل أولى البشارات" ليقدمه فادي الإنسان و"ابن الإنسان"، سيد الشعوب قاطبة" (60).
2ــ لم يذكر الناقد شيئًا عن تواريخ كتابة الأسفار الثلاثة التي تصوَّر أنها تُكوّن إنجيل متى، ولم يذكر من الذي قام بتجميع هذه الكتب الثلاث في كتاب واحد؟ ومتى تم هذا؟ ولماذا صمت التاريخ عن ذكر ذلك، والحقيقة أن هذا التقسيم مبني على رأي شخصي، ولو طرح الموضوع على مجموعة تؤمن بنفس الفكر، فحتمًا ستنقسم الآراء وتتضارب، وخير دليل على ذلك أن أحد النُقَّاد رأى أن الإصحاحين الأولين ليسا من صميم إنجيل متى، كما رأينا منذ قليل، ورأى "ستيندال" K. Stendahl أن إنجيل متى من نتاج ليس ثلاثة أشخاص فقط، بل من نتاج مدرسة تفسير مثل مجتمع قمران.
3ــ يقول "ر. ت. فرانس": "ومع ظهور عملية نقد الصياغة Redaction Criticism زاد الإتجاه نحو اعتبار إنجيل متى من إنتاج كاتب واحد لا فكر مدرسة، ولقد أصبح من المُسلم به أن التشابه الأدبي بين تفسير مخطوطات وادي قمران للنصوص الكتابية وبين تعليقات متى الكتابية وبراعته في سرد قصة حياة السيد المسيح، هيَ أبعد ما تكون من الإقناع. إلاَّ أن ما قام به ستيندال من جذب الإنتباه إلى خصائص طريقة متى ولا سيما الحرية التي تناول بها نصوص العهد القديم في صيغة الاقتباسات الخاصة به كان له أهمية بالنسبة للدراسات اللاحقة" (61).
4ــ الذين يؤمنون بهذا الفكر هم في الحقيقة ينكرون صراحة أو ضمنًا الوحي الإلهي، ويُخضِعون الإنجيل للدراسة والفحص والتمحيص والنقد والتشريح، مثله مثل أي مؤلَّف أدبي، حتى أن "فيكتور حداد" الذي عرض هذا الفكر أفصح عن اعتقاده بأن الإنجيل خليط من الآية اليهودية والحكمة اليونانية والقصة الرومانية، والأساطير والأمثال الشعبية، وعوضًا عن التقسيم الثلاثي لإنجيل متى الذي عرضه ذكر أنه يتكوَّن من أربع لوحات، وهو عبارة عن قصائد عديدة نظمها عدد من الشعراء، فقال في ظهر غلاف كتاب "يسوع كما في متى":
" إنما الإنجيل بحسب متى
· بشارات أنشدتها جماعة الأولين،
· وديوان يضم أربع لوحات متكاملة متمايزة.
· وتنسيق لقصائد نظمها شعراء ملهمون.
· غنُّوا يسوع ابن تربتهم المشرقية...
· وصورة مصغَّرة لشرقنا الفُسيفسائي.
تمتزج فيها
الآية اليهودية بالحكمة اليونانية بالفقه الروماني.
بالتفتُّح الفينيقي بالأسطورة المحلية بالمثل الشعبي.
بالماورائية المسيحية الطالعة،
وإنما "يسوع" كما في متى "منتهى تلك البشارات".
5ــ الذين درسوا إنجيل متى دراسة تفصيلية أمينة أكدوا على وحدة الإنجيل، فمثلًا:
أ - يعتبر إنجيل متى إنجيلًا دفاعيًا، ففي بدايته تجده يدافع عن بتولية العذراء مريم، وفي نهايته يدافع عن القيامة، ويذكر مصدر الشائعة الكاذبة بسرقة جسد المسيح، والرشوة التي دفعها رؤساء الكهنة للجنود، حتى دعى "R. V.G. Tasher" هذا الإنجيل بالدفاع المسيحي المُبكر (راجع القمص تادرس يعقوب - تفسير إنجيل ص 30).
ب - اعتمد الكاتب في تكوين إنجيله على خمس عظات مطولة، تجدها على إمتداد الإنجيل، تبدأ بالعظة على الجبل (ص 5 - 7) وقد وضع فيها الأساس الروحي لكل إنسان مسيحي، وعظة الإرسالية (ص 10) ووضع فيها الأساس الروحي لأعمدة الكنيسة، وعظة الأمثال التي تركز على ملكوت السموات (ص 13)، وعظة الرعاية (ص 18) ووضع فيها القواعد التي تضبط الرعاية من أجل إستكمال البناء الكنسي، وعظة المجيء الثاني والدينونة (ص 24، 25) التي أوضح فيها علامات المجيء الثاني والدينونة والأبدية.
جـ - عندما نتعرف على أهداف إنجيل متى، وملامحه وسماته من خلال السؤالين القادمين سنكتشف أن هذه الأهداف وتلك السمات تتخلل نسيج الإنجيل كله، وتؤكد لنا وحدة الإنجيل، وأن كاتبه شخص واحد، هو القديس متى الرسول.
ثالثًا: هل جرت على إنجيل متى تنقيحات متوالية حتى وصل إلينا بهذه الصورة؟
ج: هذا الإتهام الذي قال به "أيخهورن" و"مارش" في 1801م يفتقر للدليل، لأن المخطوطات القديمة التي تم إكتشافها، وبعضها يرجع للقرن الأول الميلادي، في زمن قريب جدًا من زمن كتابة الإنجيل، لا يوجد بها أية إختلافات عن الإنجيل الحالي، وكذلك الترجمات القديمة، وأيضًا اقتباسات الآباء الأول كما رأينا من قبل. وهل يُعقَل أن تحدث تنقيحات وتعديلات في الإنجيل ويصمت التاريخ، ويقف المسيحيون مكتوفي الأيدي، وهم الذين ضحوا بدمائهم رخيصة من أجل الإيمان المسلَّم مرة للقديسين، وواجهوا كل عذابات الشيطات متمثلة في اليهود والرومان والفلاسفة وغيرهم؟!.. ألم يتحرك واحد منهم ويناهض تلك التعديلات والتنقيحات؟!. وهذا لا يمنع من التنقيح المستمر للترجمات، لأن اللغة حيَّة، يدخلها مفردات ويخرج منها مفردات، فللحفاظ على نفس المعنى الذي قصده الكاتب بالضبط قد تتغير بعض الألفاظ التي تعطي معنى أعمق وأسهل.
_____
(57) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص454.
(58) شبهات وهمية حول الكتاب المقدَّس ص270، 271.
(59) يسوع كما في متى ص13.
(60) يسوع كما في متى ص15.
(61) ترجمة أديبة شكري - التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - عهد جديد - إنجيل متى ص13.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/149.html
تقصير الرابط:
tak.la/gzahd82